القاهرة ـ «القدس العربي»: الجديد في الصحف المصرية الصادرة أمس الأحد 4 يونيو/حزيران كان وصول وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور إلى مصر، وتسليمه رسالة للرئيس السيسي من الرئيس عمر البشير، والتأكيد على أن العلاقات بين البلدين متينة وأخوية، ولا يوجد ما يعكر صفوها. وكنا قد أكدنا من قبل أن لا مصر أو السودان يتحمل أي منهما وجود علاقات عدائية بينهما، أو بين شعبهما، وأن كل ما نشر من توقعات بأن مصر سوف تشن غارات جوية على معسكرات للإرهابيين داخل السودان، مثلما فعلت في ليبيا، استنتاجا من خطاب السيسي للشعب، وهو يبلغه بقيام الطائرات المصرية بضرب معسكرات الإرهابيين في ليبيا، الذين أتوا منها، وارتكبوا المذبحة المروعة ضد أشقائنا المسيحيين هو، كما أكدنا، استنتاجات خاطئة ولا يمكن أن تحدث، واستشهدنا بواقعة رفض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك شن ضربات جوية ضد السودان، بعد أن ثبت بالدليل أن الإرهابيين المصريين الذين حاولوا اغتياله في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، جاءوا من السودان، بل نذكر أن أزمة حدثت بين الرئيس البشير ومبارك عام 2005 عندما وقع البشير مع القائد الجنوبي الراحل جون قرنق على اتفاق بإجراء استفتاء في الجنوب على حق تقرير المصير، بعد ست سنوات، أي عام 2011 وهل يظل أهل الجنوب جزءا من السودان أو يختارون الاستقلال، وذلك عندما صرح مبارك علنا مهاجما الاتفاق لأنه سيؤدي لانفصال الجنوب، وهو ما اعتبره البشير والدكتور حسن الترابي وقتها تدخلا غير مقبول، وأن أهل الشمال تعبوا ويريدون التخلص من الجنوب وحروبه، التي بدأت منذ عام 1954 بحركة «أنا ينيا واحد» و»أنا نيانيا اتنين» وغيرهما.
وواصلت الأغلبية الاهتمام ببدء امتحانات الثانوية العامة أمس الأحد وكذلك الاهتمام بشهر رمضان، وإن كان زميلنا الرسام عبد الله قد أخبرنا أمس في «المصري اليوم» أنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد مقدمة برامج وهي تستمع لقول مواطن شديد البؤس: بصراحة ما باخدش بالي أن رمضان جيه علشان ببقى صايم طول السنة.
وواصلت الأغلبية أيضا متابعة المسلسلات والبرامج التلفزيونية، وانغماس الصحف في عرضها وتحليلها، وكذلك مشكلة البرج الذي مال على عمارة في حي الأزريطة في الإسكندرية. وإلي ما عندنا….
الأزهر والخلافة الإسلامية
ونبدأ بالأزهر وقانون مكافحة الكراهية والخلافة الإسلامية، وهي مجموعة القضايا التي أثارها يوم السبت في مجلة «روز اليوسف» الحكومية أسامة سلامة في مقاله بقوله: «أعلنت اللجنة المكلفة من قبل الأزهر بإعداد قانون «مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين» الانتهاء من مسودة القانون تمهيدا لعرضه على هيئة كبار العلماء في الأزهر لمناقشته قبل تقديمه في صورته النهائية لمجلس النواب. المبادرة الطيبة التي قام بها الأزهر لوضع هذا القانون جاءت عقب تصريحات الشيخ سالم عبد الجليل المسيئة للمسيحية، ورد القمص مكاري يونان عليها، الذي أساء للاسلام، ولكن هذه النوايا الحسنة التي تريد أن تطفئ نار الفتنة الطائفية، أخشى أن تقودنا إلى جهنم، فإذا كان هدف القانون هو مواجهة بعض الجماعات والتيارات المتشددة، التي تروج لأفكار وفتاوى تحض على التعصب وكراهية الآخر، ورفض العيش المشترك والمواطنة وعدم احترام العقائد الدينية، وهو الأمر الذي يعاني منه المسيحيون أكثر من المسلمين، فلديّ مخاوف أن تمتد نصوص القانون لتطول الباحثين والدارسين في الأديان، فمن السهل على راغبي الشهرة من المحامين والمحتسبين الجدد، استغلال مواد هذا القانون في تقديم بلاغات ضد المفكرين والباحثين، الذين يقدمون أفكارا جديدة ورؤى حديثة، واجتهادات عصرية قد تخالف ما هو موجود في بعض كتب التراث، أو بعض محتوياتها التي لم تعد تناسب العصر، وهو أمر كان موجودا قبل هذا القانون، ولكنه قد يزيد بعد صدوره. وليس بعيدا ما حدث مع إسلام البحيري وحبسه عامين بسبب كلامه حول كتاب «صحيح البخاري» ومناقشة بعض ما جاء فيه من أحاديث، يرى أنها منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأنها لا تتفق مع صحيح الإسلام، وهو في نهاية الأمر اجتهاد قد يخطئ أو يصيب، ولكنه من المفترض ألا يقوده إلى السجن. وقديما تم سحب شهادة العالمية من الشيخ علي عبد الرازق، بسبب كتابه المهم «الإسلام وأصول الحكم» الذي كشف فيه أن الخلافة ليست من أصول الإسلام، ما أثار غضب الملك فؤاد عليه، حيث كان يسعي لوراثة الخلافة العثمانية بعد سقوطها على يد أتاتورك، وهي الآراء التي أصبح الأزهر يتبناها اليوم، ولكن ليس معنى هذا أن نترك الأمر «سداح مداح» أمام المحرضين على العنف، الذين ينشرون الكراهية باسم الدين، وربما كان في نصوص القوانين الحالية ما يغني عن إصدار القانون الجديد، أو يكون قانون إنشاء مفوضية التمييز أجدى وأنفع. ولهذا أدعو إلى عدم التسرع في إصدار القانون، وإعطاء الفرصة لمناقشته باستفاضة، ومنح الفرصة للمفكرين والباحثين والأدباء وأساتذة الجامعات والجمعيات الأهلية المعنية بحرية الفكر والإبداع والصحافيين لإبداء رأيهم فيه، حتى لا يغلق القانون الطريق أمام التفكير ويخنق الإبداع ويصبح مثل الدبة التي قتلت صاحبها بدلا من حمايته».
مرض رفض الآخر
وإلى أبرز ردود الأفعال على قتل أشقائنا المسيحيين الذي قال عنه يوم السبت في «الأهرام» مريد صبحي في عموده «كلام والسلام» في الصفحة الخامسة عن الإرهابيين الذين ارتكبوا الجريمة: «فهل داخل أحشائهم قلوب تشعر تفرح وتحزن؟ أم هم من فصيلة «الضباع» المفترسة؟ لقد تناول كثير من الكتاب والإعلاميين الحادث بالرفض والاستنكار، حتى أن بعض الكيانات الإعلامية، طالبت فئات المجتمع بالتعبير عن الغضب لهذا الحادث المروع، أي الإعلان المجتمعي الصارخ لرفض هذه الجريمة النكراء، كما كان يحدث في تسعينيات القرن الماضي، ولكن يبدو أن المجتمع قد يغضب لخسارة مباراة كرة قدم، ولا يغضب لمثل هذه الأحداث الإرهابية الجسيمة، لأسباب كثيرة وسط موجات التحريض على العنف والكراهية من دعاة التكفير بين الحين والآخر، وهو ما يريده الإرهاب «تمزيق نسيج المجتمع المصري» فهل نسير في طريق الإرهاب لتحقيق هدفه؟ أم ما زال هناك أمل في الاستشفاء من مرض رفض الآخر الذي يبدأ بالكراهية ثم الإقصاء وأخير القتل على الهوية».
ضرب الوحدة الوطنية
وأمس الأحد قال يوسف سيدهم رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «وطني» القبطية التي تصدر كل أحد في مقاله في الصفحة الأولى: «المشهد المؤسف المؤلم متكرر، لكني لست أقول ذلك لأهون من بشاعته أو أستهين بضحاياه، إنما هو متكرر في بواعثه ومتكرر في مقاصده وأهدافه، التي تبغي استهداف الأقباط لضرب هذا الوطن ولشق الصف الوطني والتلاحم بين المصريين. مازال الإرهاب يراهن على تفجير العلاقة بين المصريين، كما سبق أن راهن على تفجير العلاقة بين الشعب وجيشه وشرطته، لكن كما خسر الرهان الأول حتما سوف يخسر الرهان الثاني، وستبقى مصر الدولة والشعب والجيش والشرطة بمسلميها ومسيحييها وحدة واحدة تستعصي على الضرب والتفتيت».
صحافة وصحافيون
وإلى التغييرات الصحافية التي تناولت رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف الحكومية ومشاكلها، وهل سيستطيع رؤساؤها الجدد حلها؟ أم أن الظروف أقوى منهم، بل قد يصل الأمر كما يتنبأ عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» إلى اتخاذ اجراءات تقشف قد تؤدي إلى تطورات سيئة تصيب العاملين في هذه المؤسسات إذ قال يوم السبت في عموده اليومي «علامة تعجب «: «كان الله في عون كل زميل جديد تولى منصب رئيس مجلس إدارة، أو رئيس تحرير في حركة التغييرات الشاملة، التي تم إعلانها يوم الأربعاء الماضي. أمام هؤلاء مهمات عمل شبه مستحيلة، بسبب صعوبة التحديات التي تواجههم. المؤسسات الصحافية القومية منذ سنوات تسير «بالستر وبركة دعاء الوالدين»، وذلك لم يعد كافيا الآن. المشكلات في الإعلام القومي بدأت بعد 2005 وظلت تسير بالدفع الذاتي حتى جاءت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. وبدأت الوقائع تتكشف، قبل ذلك كانت هذه المناصب مدعاة للوجاهة والنفوذ، كانت هناك بعض الصحف تحقق أرباحا، لكن المؤسسات في غالبيتها كانت تخسر بسبب التشغيل غير الاقتصادي، الصيغة نفسها كانت قائمة على أن الدولة تتكفل بدعم هذه المؤسسات بكل الطرق، مقابل أن تقوم هذه الصحف والتلفزيون الرسمي بترويج ودعم الحكومة إعلاميا، عبر حشد وتعبئة الرأي العام. تغير الامر حينما فقدت معظم هذه الصحف تأثيرها، لكنها ظلت تتلقى الدعم. وهكذا وصلنا إلى أن مديونية التلفزيون الحكومي زادت على 20 مليار جنيه، ويحتاج إلى أكثر من 220 مليون جنيه رواتب شهرية، في حين أن الإيرادات والإعلانات أقل بكثير. في السنوات الثلاث الماضية تلقت مؤسسة قومية 950 مليون جنيه، وتلقت مؤسسة ثانية 600 مليون جنيه دعما. تظل «الأهرام» و»الأخبار» أفضل حالا بكثير، لأن لديهما أصولا اقتصادية يمكنها مواجهة المشكلة، لكن المأساة الأكبر موجودة في «مؤسسات الجنوب» أي دار الهلال وروز اليوسف ودار المعارف والشركة القومية، التي لولا «أنسولين وكورتيزون» الحكومة لماتت بالسكتة القلبية منذ سنوات. أغلب الظن أن الحكومة ستطلب منهم أن يتخذوا قرارات صعبة كتلك التي اتخذتها الحكومة نفسها حينما عومت الجنيه ورفعت الأسعار ومشكلة رؤساء التحرير الجدد لا تقل خطورة أيضا، لأن هامش الحرية يضيق إلى حد كبير، وبالتالي فإن الرهان على الخيال والإبداع والانطلاق والإثارة لزيادة التوزيع والتأثير لم يعد موجودا بصورة كبيرة، بل إن غالبية رؤساء التحرير سيجدون أنفسهم مطالبين بإرضاء الحكومة أولا وثانيا، وبعدها القراء وهي صيغ ثبت أنها لا تجعل الصحف مؤثرة».
المرحلة المصيرية
لكن ناجي قمحة في «الجمهورية» أبدي في اليوم نفسه تفاؤلا بالتغييرات التي حدثت، وعبّر عن تفاءله بالقول في عموده «غدا أفضل»: «نستقبل بتفاؤل كبير التغييرات القيادية في المؤسسات الصحافية القومية التي دفعت بدماء جديدة في شرايين هذه المؤسسات، نأمل أن تجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الوطن والشعب في هذه المرحلة المصيرية، وهي استجابة لمطلب شعبي تزايدت حدته بعد ثورة 30 يونيو/حزيران، يريد لمؤسسات الإعلام والصحافة القومية في القلب منها شريكا فعالا في مواجهة تحديات ما بعد الثورة، وتحمل تكاليف معارك الحرب على الإرهاب والفساد، التي لابد منها لتحقيق الهدف الأسمى للثورة، وهو إقامة دولة حديثة قوية تقدمية، تضع مصر في موقعها المتميز الصحيح، وتوفر للشعب حياة حرة كريمة في الحاضر والمستقبل. ويستحق هذا الهدف النبيل من كل مؤسسات الدولة والصحافة خاصة، أداء رفيعا يلتزم بمعايير الوطنية والمهنية والوعي والصدق والثقة والانضباط وقدرة التحمل والتضحية، لتكتسب المصداقية اللازمة في مخاطبة الشعب ودعوته إلى العمل الجاد والحفاظ على وحدة الصف، وإغلاق الباب أمام الطابور الخامس من المشككين والمروجين للأكاذيب والمتآمرين على اغتيال الأمل الذي أطلقته ثورة 30 يونيو، وتمسكت به جماهير الشعب بكل طوائفها مهما تكلفت من دماء وشهداء يمهدون ويطهرون طريقنا للمستقبل».
ما هكذا تورد الإبل يا مكرم
لكن ناجي كان متفائلا أكثر من اللازم، إذ فوجئ الوسط الصحافي بنقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للاعلام مكرم محمد أحمد يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد إبراهيم عيسى صاحب ورئيس تحرير جريدة «المقال» اليومية، بسبب عدة مقالات حملت كما قال تهديدا للأمن، وهو ما استغربه حمدي رزق يوم السبت في «المصري اليوم»، وطالب مكرم بسحب هذه البلاغات فورا وقال في عموده اليومي «فصل الخطاب»: «أخشى أن أستاذنا مكرم محمد أحمد، قدم صفته رئيساً للمجلس الأعلى للإعلام على اسمه اللامع الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد عميد الصحافيين المصريين، وبصفته المستجدة على تاريخه الطويل، أبلغ النائب العام عن الزميل إبراهيم عيسى، بصفته ناشر صحيفة «المقال». ما هكذا تورد الإبل يا أستاذنا. متى كان الصحافى مُبلغاً ورقيباً؟ لو جت من سمير بلاغات، أقصد سمير صبري، لكانت فِعلاً مستنكراً، فما بالك بالأستاذ مكرم مسبوقاً باسمه وصفته في بلاغ. واسمه أكبر من صفته المستجدة وصفته الأصلية ككاتب صحافي أسبق وأعمق جذراً من الوصاية والرقابة العلوية. انقضى عهده وولى الرقيب الأدبار، كان يكفي الأستاذ أن يبلغ مجلس النقابة ويحمّل النقيب الأمانة، والأستاذ أستاذ ومدرسة ويملك على الجميع الولاية الروحية والسلطة الأبوية، معلمي وشيخي الذي علمنا كيف تكون أمانة الكلمة، ولكن أن يبلغ النائب العام مستبقاً النقابة، ماذا تبقى للنقابة، إذا شرع النائب العام في تحقيق بلاغ الأستاذ؟مع كامل التقدير والتوقير، لماذا فعلها الأستاذ وتاريخه يشهد بنضال محترم في سبيل حرية الكلمة؟ لو جاءت من محامٍ مدفوع لكانت طبيعية، كم من بلاغات تصل يومياً إلى مكتب النائب العام، ولكنها جاءت هذه المرة من الأستاذ، يا لها من كبيرة وددت لو تراجع عنها الأستاذ وسحب بلاغه وأعطى الفرصة لنقابة الصحافيين لتحقق الأمر، وليمتثل عيسى وينصاع لتحقيق النقابة احتراما وإجلالا لنقابته».
بين قلم السلطة وقلم الصحافي
وأمس الأحد شن محمد سعد عبد الحفيظ في عموده «حالة « في «الشروق» هجوما عنيفا على مكرم، وأحرجه إحراجا شديدا جدا، بأن ذكره بما كتبه في «الأهرام» في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، دفاعا عن إبراهيم عيسى وحقه في التعبير وملكاته الصحافية البارزة، ثم أضاف: «كتب نقيب الصحافيين الأسبق تلك الكلمات وهو متحرر من أي منصب رسمي، بعد عقود قضاها الرجل في بلاط السلطة قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني. بعدها بشهور نصب مكرم بقرار جمهوري رئيسًا للمجلس الأعلى للإعلام، فقصف قلم الصحافي وأخرج قلم رجل السلطة، وما أن أستقر على مكتب صفوت الشريف وزير إعلام مبارك، حتى خط بيمناه بلاغا للنائب العام يطالب فيه بالتحقيق مع عيسى لنشره 6 مقالات في «المقال» تثير الفتنة، وتؤكد للأقباط أن الدولة عاجزة عن حمايتهم». كما قدم خطابًا إلى نقابة الصحافيين يحمل المعنى نفسه. داس مكرم على العرف النقابي الشهير «النقابة قبل النيابة». وأصر على أن يثبت لمن نصبوه أنه سيكون قيمًا على الإعلام، مفتشًا في نوايا أصحاب الرأي، ناصبًا ميزان «ظروف البلاد» لكل من ينتقد أو يخرج عن سرب إعلام السلطة. البلاغ الذي قدمه مكرم بصفته الجديدة ضد زميلنا إبراهيم عيسى ليس «قرصة ودن» كما اعتبره عضو المجلس الأعلى للإعلام، وسكرتير عام نقابة الصحافيين حاتم زكريا، بل حفنة تراب نثرها راعىا «تصحيح المسار» على تاريخه المهني والنقابي. لقد أفضى الرجل إلى ما قدم، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها».
الحق في المعرفة
لكن الغريب في الأمر أنه منذ عدة أيام وبعض القنوات تذيع كلام عيسى عن الحق في المعرفة وأسلوبه في البحث عن الحقائق، وهي قنوات لا يمكن أن تكون قد تلقت مقابلا ماليا من عيسى، ولا يمكن أيضا تصور أن تتحدى النظام وقد فوجئت مساء السبت بأن الإعلان نفسه تذيعه القناة الأولى للتلفزيون المصري، أي أن هناك أمرا رسميا بذلك ومن سلطة عليا في البلاد، نتيجة تحذيرات جهات أمنية عديدة من خطورة تصرفات مكرم، وخلقه مشكلة للنظام هو في غنى عنها وتصرفه بعيدا عن مشورة هذه الجهات أو هكذا أعتقد، وإلا فهل لدى أحدكم تفسير لما يحدث؟ المهم أن مكرم رد أمس الأحد بطريق غير مباشر على الهجوم الذي تعرض له بالقول في عموده في «الأهرام» (نقطة نور) قائلا: «أظن أن على الذين تجاسروا على اتهام الدولة بالخذلان والعجز عن الدفاع عن مواطنيها الأقباط، أن يتواروا خجلاً وقد شهد العالم أجمع رد مصر القوي الفوري على عملية إرهاب المنيا الأخيرة، بقصف المواقع التي انطلق منها الجناة من منطقة درنة في الصحراء الليبية، على مسافة 80 ميلاً من الحدود المصرية «.
معارك وردود
وإلى المعارك والردود المتنوعة التي سنبدأها مع محمد أمين في «المصري اليوم»: لا ناصر ملك للناصريين، حتى يغضب الناصريون، ولا النحاس ملك للوفديين حتى يغضب الوفديون.. ناصر والنحاس ملك للمصريين، وملك للتاريخ.. الدفاع عن الزعماء لا يكون من خلال أبناء الطوائف والأحزاب.. وأنا أقدر مشاعر أنصار ناصر، كما أقدر مشاعر أنصار النحاس، لكن التاريخ تلزمه الوثائق، ومن يملك الوثائق بيده «حُجّة» على من لا يملكها. وقد تابعت الهجوم الوفدي الناصري على الكاتب وحيد حامد، لأن الرجل قال إن عبدالناصر كان إخوانياً، وإن النحاس كان يقبل يد الملك فاروق، وبعيداً عن صاحب «الجماعة» فقد سمعت ذلك كثيراً وقرأته فى مواضع كثيرة. وبالتأكيد وحيد حامد لم يكن هدفه من مسلسل «الجماعة» تزوير التاريخ، بقدر ما كان يريد تقديم رؤية تدعمها حقائق التاريخ قبل أي شيء. فأولاً وأخيراً السيناريست لا يكتب التاريخ، ولكنه يقدم رؤية درامية من خلال وقائع التاريخ وثوابته، وفي كل الأحوال نجح المسلسل فى تحريك المياه الراكدة، فالمعارك تحسب للعمل ولا تحسب عليه، أما ما قيل عن أن «ناصر» كان إخوانياً، فربما طموحات ناصر جعلته يدخل الجماعة، ليعرف من هؤلاء وقت اللزوم، وحين لعبوا بذيلهم قطع ذيولهم ووضعهم فى السجون. ولكن حكاية تقبيل النحاس يد الملك فيها كلام، خاصة أن زعيم الأمة «المنتخب» في ذلك الوقت لم يكن يقبل يد الملك، وإلا كانت صوره موجودة وموثقة، ولم يكن الأستاذ وحيد حامد في حاجة للدفاع عن نفسه، لكن بالتأكيد في ذلك الزمان كان تقبيل يد الملك عادة، وربما نوعاً من البركة من ولي النعم، وكان زعماء المنطقة وصولاً إلى إيران نفسها، يقبلون يد «ملك مصر». وعلى فكرة، فإن تقبيل يد الملك لم يكن مذلة أبداً.. كان الناس يقبلون يد الكبار بلا استثناء.. فما بالكم بالملك؟ وكانوا يقبلون يد العمد والمشايخ والمعلمين، هذه طبيعة عصر، فلا تقيسوا الأمور بمقاييسنا.. عندي صور لرئيس وزراء إيران يقبل يد الملك، ولم تعتبرها إيران إهانة، وكان الملك يجلس وأمراء الخليج وقوفاً، ولا يعنى ذلك إهانة، ربما تكريم وحفاوة. وما علينا من هذا التلاسن، فالأجيال القديمة تعرف ما أقول.. لكن ما شغلني في حوار وحيد حامد، الذي أجراه الزميل شريف عارف، أنه قال (محتاجين «مرشح قوي» ضد السيسي).. وهو كلام محترم من أحد كبار داعمي ومؤيدي الرئيس، وأنا أتفق معه تماماً، فلا يصح أن نهيل التراب على كل من «يفكر» في الترشح.. مهم جداً أن تكون «معركة انتخابية» وليس «تمثيلية». السؤال: من هذا «المرشح القوي»؟ ومن أي المشارب؟ هل اشتغل بالسياسة؟ فأين هو؟ هل يخرج من المؤسسة العسكرية؟ فأين هو؟ الأمر يتوقف على السيسي نفسه، ينبغي أن يوفر الرئيس مناخاً تنافسياً في ملاعب السياسة، لا تلعب وحدك، كما في ملاعب الكرة أيضاً».
القانون المغشوش
وثاني المعارك ستكون لفهمي هويدي في مقاله اليومي في الصفحة الأخيرة من «الشروق»:
« حين يصبح القانون مصدرا للخوف والقلق فإنه يفقد شرعيته ويجهض المراد منه. ذلك أننا نفهم أن القانون وسيلة غايتها تحقيق العدل، لكنه حين يكون غطاء لتكريس الظلم والعسف فإنه يصبح عبئا على المجتمع مشوبا بالفساد والبطلان. أتحدث عن قانون الجمعيات الأهلية الذي صدم الجميع حين أقر مجلس النواب مشروعه. ثم استراحوا حين تأجل إصداره شهرا بعد شهر، ثم فوجئنا بأن التأجيل كان بمثابة انحناءة مؤقتة أمام عاصفة الاحتجاج والغضب، وما إن هدأت العاصفة حتى صدر القانون وأصبح جزءا من المنظومة التشريعية المعمول بها.
ورغم أن العملية ما بين الإقرار والإصدار استغرقت ستة أشهر، إلا أننا لم ننس تفصيلاته التي نسجت محاولة تأميم العمل الأهلي وإلحاقه بالسلطة، وإخضاعه لإشراف وتوجيه الأجهزة الأمنية في نهاية المطاف. صحيح أن ذلك التوجه أصبح معلوما للكافة، لأن حملة الإخضاع والإلحاق تتم بخطى حثيثية طول الوقت، كما أن إجراءات تشديد القبضة وبسط هيمنة السلطة على مختلف أنشطة المجتمع ومؤسسات السلطة أصبحت تتم علانية تحت مسميات مختلفة، إلا أننا ظننا أن الجمعيات الأهلية التي كانت المتنفس الوحيد الذي يدافع المجتمع من خلاله عن حقوق الناس السياسية والاجتماعية سينجو من الاجتياح، على الأقل من باب تخفيف الضغط والإيهام بالتسامح وسعة الصدر، لكن الإصرار على إحكام إغلاق المجال العام كان أقوى من حسابات العقل والروية، كأنما أريد تجريد المجتمع من كل دفاعاته لتنفرد السلطة وحدها بإدارة كل الشأن العام، إذ لم تعد مكتفية بإدارة الشأن السياسي والاقتصادي والأمني، لكنها أيضا أرادت أن تدير الشأن الأهلي وتتحكم في مساره. أحيانا أقول إن اللاقانون أفضل من القانون المزور والمغشوش، أقله لأن الوضع الأول أكثر صراحة ووضوحا في إهانته للمجتمع، بحيث يمكن الغيورين من التعامل المباشر معه بلا عناء. أما القانون المغشوش فإنه قد يخدع البعض ويتطلب جهدا لإقناع الرأي العام بالعوار الكامن فيه، وقد يتهم الغيورون في هذه الحالة بإهانة السلطة وقانون الجمعيات الأهلية من ذلك الصنف الأخير».
الاسم برلمان والفعل حكومة
وعلى طريقة «كده وكده» وهو عنوان عمود محمد عمر في «أخبار اليوم» في الصفحة الثامنة ي قال عما يحدث من طرائف بين الحكومة ومجلس النواب للضحك على الشعب: «عندما «تهندس» الحكومة قانونا «زي الزفت» أو «ضد» جهة بعينها، ولا تريد أن ينسب إليها أو يكتب باسمها تحاشيا لملامة داخلية أو «تريقة» خارجية، فأمامها حل من اثنين، إما أن تستعمل أحد النواب «الكلينيكساية فاكره» ليتقدم به نيابة عنها وتريح دماغها من تبعاته، أو أن تلجأ لأسلوب المسرحية وتعد القانون «من مجاميعه» وتجهزه بكامل خوازيقه وترسله «درافت أو مسودة» للبرلمان سرا، وتتفق معاه مايجبش «سيرة» إنه موجود عنده وتبدأ المسرحية بالفصل الأول، ويعلن البرلمان للسذج أمثالنا أنه في انتظار قانون الحكومة «خلصي يا حاجة» وطبعا لا ترد الحكومة ولا يصل القانون، فيكرر البرلمان طلبه «هاتي القانون» عاوزين نلحق نخلصه، فتبرر الحكومة معلش يا أخويا لسه على النار «بيتسبك» ولا ترسله «فيتنرفز» البرلمان وبعد شهر أو اتنين أو تلاتة، يعلن البرلمان أنه سيناقش القانون الذي أعده البرلمان، دون انتظار لقانون الحكومة، وفجأة وفي إحدى الجلسات يعلن البرلمان أنه «خلاص» سيبدأ فورا في مناقشة القانون و»لتخبط» الحكومة رأسها في الحيط، ولا تمر إلا ساعات قليلة ويوافق عليه بالإجماع بشكل مبدئي، هنا يبدأ الفصل الثاني والثالث وتعترض الحكومة ويخرج منها من يسأل مش المفروض ووفقا للدستور والقانون أن ينتظر البرلمان قانون الحكومة، فيعقب البرلمان لا يا حلوين ده حقنا طب وليه الاستعجال، إحنا أحرار وتظل الحكومة تترجي البرلمان يستناها لكنه لا ينتظر، ويصر على إصدار القانون «كما أرادته الحكومة بحذافيره ودون تغيير كلمة واحدة» وليكون الاسم برلمان والفعل حكومة «بذمتك مش الفرجة على السياسة أفضل من المسلسلات».
استرداد الأراضي
وإلى مواصلة كل أجهزة الدولة من جيش وشرطة ومحافظين في تنفيذ تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي باستعادة الأراضي المنهوبة من الدولة، وإزالة المخالفات في الاعتداء على النيل بدون أي استثناءات، ورغم انتهاء المهلة التي حددها، فقد أمر بمواصلة العملية، وهو ما دعا صابر شوكت في «أخبار اليوم» إلى أن يقول عن جذور هذه المشكلة يوم السبت في عموده «بين الصحافة والسياسة» في الصفحة الثانية عشرة، في إشارة لاجتماعات يعقدها في منطقة التجمع الخامس عدد من الذين طالتهم هذه الإجراءات للتآمر على السيسي: «مضي أكثر من نصف قرن عندما استرد شعب مصر أراضيه المنهوبة من إقطاعيي ومفسدي زمن الملكية البغيضة، قبلها كان ملك مصر ينعم على من يرضى عنه من المفسدين بإقطاعية قد تصل لألف فدان، تؤول بمن عليها من أنعام وفلاحين إلى الإقطاعي، وبمرور الزمن صار المفسدون أسيادا، وجاء الزعيم الراحل عبدالناصر وحقق العدل المفقود واسترد أرض الشعب ووزعها على الفلاحين، وألغى الاقطاع البغيض، وحدد أقصى ملكية للأرض بمئة فدان للأسرة، وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي، تسلل المفسدون الجدد إلى دهاليز حكم مبارك ومعهم أحفاد الإقطاعيين الذين أنقدنا منهم عبدالناصر، ليثأروا لأجدادهم وزينوا لمبارك إلغاء قوانين تحديد ملكية الأرض واستعادة زمن الإقطاع، وبمرور الزمن في الخفاء عاد زمن «ولي النعم» بالاستيلاء على أراضي شعب مصر ومنحها للمفسدين من رموز رجال أعمال عهد مبارك وحاشيته من الوزراء ورؤساء الحكومات وتابعيهم من الأسر، حتى استولت أكثر من عشر أسر من أحفاد الإقطاع على آلاف الأفدنة، وجميع الوزراء والمسؤولين والأجهزة الرقابية والسيادية معهم، كل له حق في «أنجر فتة» أراضي شعب مصر استولوا عليها بالسرقة بدعوى الاستثمار، وتوفير فرص عمل لشباب مصر، وعادت الإقطاعية مستترة. الرجل الذي كلفه الرئيس السيسي «محلب» لاستعادة أراضي الشعب بالحسنى من هؤلاء المفسدين، وضع أصابعه في الشق، ولم يستطع تنفيذ المهمة. ومن خلال دوائر قريبة أكدوا لي أنه سلم الملف كاملاً للرئيس وفيه جميع التفصيلات، فقرر الرئيس خوض هذه المعركة المقدسة للقضاء على الإقطاع الجديد واسترداد أراضي الشعب إلى المصريين. المدهش أن يخرج خدامو هؤلاء المفسدين من كتاب وإعلاميين ويذرفون الدمع على قصور الاقطاعيين، التي نهدمها ونستعيد أراضينا منهم، والأكثر إدهاشاً إنهم يبتزون الرئيس ويخوفونه بأنه يغامر بشعبيته، الأخطر من ذلك ما يفعله منذ فترة وحالياً قادة المفسدين باجتماعاتهم في مثلث الرعب في قصور التجمع الخامس ليتحدوا الرئيس ومعركته وللحديث بقية أن كان بالعمر بقية».
حسنين كروم