قانون الولاية الأمريكية على العالم

حجم الخط
33

تلقّى الرئيس الأمريكي باراك أوباما صفعة كبيرة بعد تصويت البرلمان الأمريكي (الكونغرس) بغرفتيه (الشيوخ والنواب) بتجاوز «الفيتو» الذي وضعه على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» وهو ما سيفتح الباب بالتالي لعائلات ضحايا الإرهاب الأمريكيين لرفع دعاوى قضائية ضد حكومات أجنبية.
القانون يبدو مفصّلاً على العرب وبالتحديد المملكة العربية السعودية فكلّ الإشارات تقول إن المشرعين الأمريكيين اشتغلوا على هذا القانون وفي ذهنهم هجوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 الذي اتهم به تنظيم «القاعدة»، ويعتمدون تقارير سرّية تربط بين المهاجمين ومسؤولين سعوديين، وبما أن المقصود من القانون هو الحصول على تعويضات ماليّة فإن المعادلة ستستند على ابتزاز المملكة لدفع تعويضات لضحايا الهجوم.
يبدو هذا القانون تصعيداً أقصى في طريقة فهم المشرّعين الأمريكيين لبلدهم ليس باعتباره القوّة العظمى فحسب بل باعتباره البلد المثال القادر على سنّ قوانين تتجاوز بلادهم (كما تفعل طائرات «الدرون») وعلى إلزام العالم بالامتثال لهذه القوانين، وهو أمر قد يكون مفهوماً لولا ثبوت أن هذه القوّة العظمى، رغم جبروتها النووي والعسكري والاقتصاديّ، لم تعد قادرة على التحكّم في العالم، الذي اتسعت خروقه على الراتق، وهو معنى لجوئها إلى الاتفاق النووي مع إيران، وحيرتها في مواجهة كوريا الشمالية، الجائعة والمحاصرة ولكن المرعبة نووياً.
يصحّ القول إذن إن المطلوب من القانون هو استخدامه للابتزاز المالي للسعودية، على خلفية أن هذه المملكة لديها مئات المليارات (تقدّر بـ750 ملياراً في الولايات المتحدة وحدها)، وأن هذا الابتزاز سيضطرها للاستغناء عن بعض ثرواتها (كما فعلت ليبيا القذافي في السابق)، تعويضاً عن إرهاب ليست هي مسؤولة عنه (بل كانت وما تزال تتعرّض لنيرانه).
وإذا ضربنا صفحاً عن أن الكثير من الأمريكيين يعتقدون أن هجمات 11 أيلول/سبتمبر كانت مؤامرة دبّرتها السلطات الأمريكية نفسها، فإننا لا نستطيع أبداً أن نتجاوز ما فعلته واشنطن من محاسبة لمن اعتبرتهم المسؤولين وذلك بمهاجمة «القاعدة» في مركزه، أفغانستان، لكن الطامّة الكبرى كانت في استخدام هجوم 11/9 ذريعة لاحتلال بلد عربي مسلم آخر («على البيعة») هو العراق.
وإذا سلّمنا بعلاقة أفغانستان، باعتبارها مركز وجود «القاعدة»، بالهجوم على نيويورك، فإن احتلال العراق، الذي لا علاقة له أبداً بالهجوم، وتداعيات هذا الاحتلال، الذي بني على الكذب والخديعة والتآمر، كرّس مبدأ إرهاب الدول للشعوب، وأنتج موجة هائلة لم تنته بعد من الإرهاب المضاد للإرهاب الأمريكي (ولإرهاب إيران وتوابعها العراقية الذي جاء بعده)، وقد انداحت هذه الموجة من العراق إلى سوريا وامتدتّ إلى كافة أنحاء الأرض.
فوق ذلك كلّه، فقد أدّى «انتقام» أمريكا المزعوم لضحايا هجوم 11 أيلول/سبتمبر إلى فتح المجال لانتشار النفوذ الإيراني في ربوع المنطقة العربية كلّها، وهكذا، مع نشر الإرهاب، وتمكين إيران من المنطقة العربية، قلبت الولايات المتحدة الأمريكية المعادلات التاريخية والجغرافية في المنطقة وزعزعت المنظومة العربيّة وشكّلت تهديداً وجوديّاً هائلا للسعودية نفسها التي وجدت نفسها مواجهة من إيران والعراق واليمن وسوريا ولبنان… والتنظيمات الإرهابية التي ساهمت واشنطن وحلفاؤها في وجودها.
المضحك أن هناك تشابهات بين قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، الذي يجعل لأمريكا ولاية قضائية على العالم، ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية صاحبة نظرية «الوليّ الفقيه» الذي يعتبر نفسه وليّاً على المسلمين في العالم.
كلا الوليّين يبعدان مسؤوليتهما عن الجريمة الشنيعة التي تفتك بالوطن العربيّ، والتي تشاركا في رعايتها، واشنطن من خلال احتلالها الإجراميّ للعراق، والثانية في تثبيتها أركان الطائفيّة فيه، وبعد الانتقام الشنيع ونتائجه الكارثية ها هما يطلبان الثمن مجدّداً من السعودية ومن دماء أهل العراق وسوريا واليمن ولبنان.

قانون الولاية الأمريكية على العالم

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعيد الغامدي:

    سيقوم المحامون ألأمريكان المعروفين بجشعهم و عدوانيتهم يشكوي السعوديه و بعد السعوديه سيأتي دور الأمارات و مصر و الكويت و الباكستان و لبنان لأن مواطنيهم أما مشاركين في الهجمات او قاده في القاعده- يجب الحذر

    1. يقول ماء مبلول:

      يا سعيد الغامدي:
      كلهم سيدفعون طواعية أو رغما عن أنوفهم و الأيام بيننا و أرجح أن هؤلاء سيدفعون طواعية و طالبين العفو و المغفرة و الإعتذار .

    2. يقول حكيم. ن:

      السعودية غير ملزمة بتطبيق أحكام وقرارات صادرة عن محاكم أومجالس نواب بلدان أجنبية فهناك هيئات دولية يمكن اللجوء إليها في حال نشوب نزاع من هذا القبيل. لكن المشكلة تكمن في الأرصدة التي أودعتها بالولايات المتحدة ولم تسحبها قبل فوات الآوان, فالخطوة الأولى التي ستتخذها السلطات الأمريكية بعد قرار الكونغرس ستكون تجميد 750 مليار والإستحواذ عليها فيما بعد تحت ذرائع معروفة.

  2. يقول عبد الوهاب عليوات- الجزائر:

    آلآن قد علم من كان يجهل بشاعة أمريكا؟؟ آلآن وما زال هناك من يستقوى بأمريكا على سوريا بعد أن استقوى بها على خراب العراق وليبيا؟؟ آلآن ولا زال بعض العرب يطعن في بعض العرض لأجل عيون أمريكا؟؟

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة
    1- كتب علينا القتال أي الجهاد لدفع الظلم ونحن تركنا الجهاد وأصبحنا نعيش بالذل
    2- نعم إقرار هذا القانون هو خير لنا حتى نستثمر في بلادنا الإسلامية
    3- متى سنعتمد على أنفسنا من بعد الإعتماد بالله سبحانه
    4- متى سنزيح الطغاة الخاضعين للغرب
    5- علينا البدء بأنفسنا وأهلنا
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول آدم س د:

      #كتب علينا القتال أي الجهاد لدفع الظلم ونحن تركنا الجهاد وأصبحنا نعيش بالذل# هل تقصد بهذا القول حال الذين فروا من أوطانهم خوفا بدل دفع الظلم ولجؤوا الى بلدان تمن عليهم أن أطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف؟ أرجو أن يبسط لنا الأخ كروي النرويج في الموضوع حتى نفهم مرمى الحديث!!

  4. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    يبدوا ان من مولوا الإرهاب بالقنوات التلفزية..و الفتاوى المدفوعة الأجر…و بمليارات الدولارات قد حان وقت حسابهم…الايام القادمة صعبة جداً لهؤﻻء و اول قضية قد رفعت من مواطنة امريكية قتل زوجها في البنتاغون….تحيا تونس تحيا الجمهورية

    1. يقول أحمد المهجر:

      يا أخ بن الجمهورية لا يجوز التشفي في الإخوة الأشقاء مهما بلغت خلافاتنا مع بعضنا البعض. “أكلنا يوم أكل الثور الأبيض” بدأوا بالعراق ثم أتبعوها بسوريا والدور على السعودية ونحن بين متفرج وخائن وشامت و…

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه {قانون الولاية الأمريكية على العالم}

    { تلقّى الرئيس الأمريكي باراك أوباما صفعة كبيرة بعد تصويت البرلمان الأمريكي (الكونغرس) بغرفتيه (الشيوخ والنواب) بتجاوز «الفيتو» الذي وضعه على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» وهو ما سيفتح الباب بالتالي لعائلات ضحايا الإرهاب الأمريكيين لرفع دعاوى قضائية ضد حكومات أجنبية.}
    قانون الغاب هذا مفصل {للابتزاز المالي للسعودية } ذات فائض ٧٥٠ مليار دولار في امريكا وحدها وهو يكرس هيمنة امريكا على العالم بفزاعة الارهاب ؛هذا الارهاب الذي خرج من تحت العباءة الصهيوامريكية وضموا اليهم ايران بعد احتلال العراق واشركوا معهم روسيا في لعبة الموت في سوريا. والسعودية كانت وما تزال تتعرّض لنيران هذا الارهاالوسايب تبدو متناقضة في ظاهرها لكنها في الحقيقة متناغمة بين اركان الرباعي الاجرامي اعلاه.
    و{ المضحك أن هناك تشابهات بين قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، الذي يجعل لأمريكا ولاية قضائية على العالم، ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية صاحبة نظرية «الوليّ الفقيه» الذي يعتبر نفسه وليّاً على المسلمين في العالم.كلا الوليّين يبعدان مسؤوليتهما عن الجريمة الشنيعة التي تفتك بالوطن العربيّ، والتي تشاركا في رعايتها، واشنطن من خلال احتلالها الإجراميّ للعراق، والثانية في تثبيتها أركان الطائفيّة فيه، وبعد الانتقام الشنيع ونتائجه الكارثية ها هما يطلبان الثمن مجدّداً من السعودية ومن دماء أهل العراق وسوريا واليمن ولبنان.}
    ومطلوب من السعودية ان تفكر مليا في امرها وتتمرد على الوصاية الامريكية وتساند المجاهدين المخلصين لامتهم ودينهم بكل الوسائل المتاحةلهزيمةالبلطجةالصهيو امريكيةالصفوية الروسية،كما هزمت البلطجة الروسية في افغانستان في اواخر القرن الماضي.وبغير ذلك، فهي الهدف التالي للرباعي المتغطرس الباغي اعلاه

  6. يقول حسن:

    الفساد الأمريكي أضفى في النهاية إلى السيطرة على العالم وإدارة شؤونه وفق ما تريد الولايات الأمريكية المتحدة. ذلك وبعد أن استولت العصابات التي أصولها أوروبية على أمريكا حيث أبادت سكانها من الهنود دون حسيب ولا رقيب تعدى عداؤها إلى العالم وفق قانون سطرته تلك العصابات بعد أن ” تنظمت ” وفق دستور أعدته لتنفيذ ما خططت إنجازه للنفوذ على العالم.

  7. يقول Yakoub, Italia:

    السلام عليكم والرحمة، هذا المقال يجب ان يرسل الى السعوديين دون غيرهم ليفهموا ان استغوالهم للاسف على الكثير من الشعوب العربية ومحاولة زحزحة سواء انظمتها او تقاليدها الدينية باعتبارها القوة الاقتصادية الاكبر،هو بطريقة اخرى ماتفعله معها امريكا باعتبارها القوة العسكرية الاقواء والاكبر، كما تفعل كذلك ايران حاليا في العراق وسوريا والدوائر تدور، فللاسف لا السعودية كسبت حبنا واحترامنا لها بسبب عنهجيتها،، ولا انبطاحها لامريكا اوصلها الى قلوب الامريكيين، نتاسف لحال دول عربية كبرى تصل الى هذا المازق، ونتمنى ان تراجع كل سياستها اولا وقبل كل شئ مع الدول العربية وتنتهي من الشعور بالعظمة، فالعظيم هو الله وحده ولاغيره…!!

  8. يقول سامح // الاردن:

    * مرة اخرى شبيحة وزعران واشرار العالم;
    ( أمريكا/ إسرائيل/ روسيا / ايران ).
    * من هذا المنطلق لا عجب في اصدار قرار
    او قانون ( أمريكي ) يمتص خيرات العرب وخاصة
    دول الخليج العربي الثرية.
    * حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم وفاجر وفاسد .
    سلام

  9. يقول ماء مبلول:

    لا تلام الولايات المتحدة بما ترتكبه في حق العرب خاصة و إنما يقع اللوم كله على العرب أنفسهم الذين يخونون أنفسهم و يخونون بعضهم البعض و إلا لم نجح الإيرانيون و الكوريون الشماليون رغم أن هذين البلدين بصغر مساحة و أقل عددا من العرب كلهم.
    أيضا:
    كيف للعرب أن يثقوا بالعدو ؟!
    العرب لا عقل لهم .
    أموال العرب المنهوبة من قبل حكام العرب من شعوبهم مرمية في بنوك و شركات الغرب الذي يبيد العرب بها !!! كيف تريدون فهم هذه المعادلة؟!
    ذل ما بعده ذل , تطبع عليه العرب منذ القدم إلا الذين آمنوا و إتبعوا ما جاء في دين الله و هذا الذل لن يرفع عنهم و السعودية ستسوي الأمر مع أسر الضحايا بطريقة ما و ستدفع لهم ضعف ما سيطلبه الأمريكان و البقشيش فوقه و من ظن أن السعودية لن تدفع عليه مراجعة أقرب مصحة عقلية.

  10. يقول ماهر:

    مقال رائع. أروع ما فيه الجزء الأخير.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية