■ بدا لي كما لو كان «باباً في قانون العقوبات»، وليس مشروع قانون لإنشاء نقابة للإعلاميين؛ لتوسعه في عملية التجريم، حيث يأتي ليؤمم العمل الإعلامي، ويجعل من ممارسته أمراً عسرا.
لقد حلم الإعلاميون كثيراً بإنشاء نقابة خاصة بهم، وكان جدلاً يدور بين المتحمسين للفكرة، هل يكون اسمها نقابة الإعلاميين أم الإذاعيين، لكن الفكرة قوبلت بمعارضة شديدة من قبل وزير الإعلام صفوت الشريف، الذي قال: على جثتي. بيد أن الفكرة أعيدت للطرح مرة أخرى في بداية تولي أنس الفقي حقيبة الإعلام، لكنه كان يريدها نقابة تحت السيطرة، فطرحت الفكرة بنقيبها، وهو ما تصدينا له هنا، إذ كان النقيب المطروح هو في الأصل والفصل، «سمسار أراض»؛ حيث منحه يوسف والي أراضي الدولة بالكيلو، هبة منه، وكان التخصيص على أنها أراض زراعية، ثم أصدر والي قراراً تالياً بتحويلها لأرضي مبان، تباع بالسنتي!
بعد فترة، فتر حماس الفقي لفكرة نقابة الإعلاميين، ثم عاد الحديث عنها بعد ثورة يناير، لتصبح مشروع قانون ينتظر توقيع عبد الفتاح السيسي عليه لإقراره، ربما خلال هذه الأيام لأنه يجمع بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، دون اعتراض من الذين اعترضوا على جمع الرئيس مرسي بين السلطتين، لأنه جاء لمنصبه والبرلمان المنتخب تم حله بقرار مثير للجدل. وقالوا إن مرسي بهذا الجمع تحول إلى فرعون، لكن السيسي رغم الجمع «بين الأختين» هو موسي وليس فرعون، فقد وصفه أحد شيوخ السلطة بأنه كنبي الله موسى، وأن وزير داخليته هو «أخوه هارون»!
قديماً قالوا في الأمثال: «حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط»، والقوم كانوا يمسكون للرئيس مرسي «على الواحدة»، وإذا كان هناك من طالبوه بأن ينقل السلطة التشريعية للغرفة الثانية من البرلمان «مجلس الشورى»، فعندما فعل هذا، قالوا كيف يصبح حق التشريع بيد مجلس منتخب من قبل 7 في المائة فقط من الناخبين، والذين انتخبوه كانوا يعلمون أنه «مجلس زينة»، وليس برلماناً مكتمل الصلاحيات التشريعية.
في الصعيد، وللتأكيد على أن رضا الناس غاية لا تدرك، يحكون هذه الحكاية. فقد ركب رجل وابنه الحمار، فجعل من رأوهما يتعجبون لقسوة القلوب، التي دفعتهما لذلك دون أن تأخذهما رحمة بهذا الحمار المسكين. فأنزل الرجل ابنه، فتعجبوا لقسوة الرجل، الذي لم يرفق بصغيره. فلما فعل العكس، قالوا إنه بما فعل يقوم بتعليم ابنه سوء الأدب عندما يقبل على نفسه، أن يركب الحمار ويترك والده سائراً على قدميه. فما كان منه إلا أنه أنزل إبنه ليسيران معاً ويجران حمارهما، فأخذ الناس يضربون كفاً بكف على هذا الذي أصابه الجنون، إذ كيف يسير وابنه على أقدامهم ويتركون الحمار هكذا؟!
غارة إعلامية
بعد الحوادث التي وقعت مؤخراً استدعى البعض أداء الإعلاميين في عهد الرئيس محمد مرسي، عندما شنوا عليه غارة إعلامية، وأطلقوا عليه وابلاً من السباب بسبب حادث قطار الصعيد، ورموه بالضعف والفشل. وقارنوا بين هذا الأداء وأداؤهم المسالم الآن.. أحدهم قال إنه سيضع في فمه حذاء حتى لا ينتقد الحكومة. مع أن الحذاء موضوع ولا ينتظر منه أن يضعه، فلا أحد بإمكانه أن يتهم الحكومة بالتقصير، أو الفشل.. الحكومة وليس السيسي، وقد تعلم الجميع من رأس الذئب الطائر، فقد تم منع محمود سعد من دخول الأستوديو، إلا بعفو حكومي، وتم قطع البث على وائل الابرشي، ولم يعد لبرنامجه إلا بتدخل إبراهيم محلب رئيس الحكومة لدى صاحب «دريم»، لكي تكون رسالة للجميع أنه هو من بيده «عقد النكاح»!
هذه أجواء ليست مناسبة لتأسيس نقابة للإعلاميين، وعندما تتأسس فيها فإنه من الطبيعي أن يكون الهدف هو تأميم العمل الإعلامي، وليس إثراؤه بوجود نقابة تدافع عن حقوق أعضائها وتكفل لهم الحق في الحرية!
مشروع القانون، جاء ليعود بنا إلى أجواء الستينيات (وما أدراك ما الستينيات)، عندما كان توجه النظام هو تأميم الأرض ومن عليها لصالح السلطة، وأن يصبح الكيان النقابي هو أحد مواضع السيطرة والتحكم. فقد استدعي مشروع قانون إنشاء نقابة للإعلاميين، فلسفة التجريم والعقاب والتأميم من هذه المرحلة، التي عدنا لسيئاتها بالانقلاب العسكري، ولم نجد شيئاً من حسناتها.
لقد جرم مشروع القانون، العمل في الفضائيات لغير أعضاء نقابة الإعلاميين، ليتحكم في الأمور «من المنبع»، والعقوبة لمن يستخدم أحدا عنده في أي مجال من المجالات المنصوص عليها في القانون، من تقديم، وإعداد، وإخراج، وخلافه، هو إغلاق المؤسسة الإعلامية. وهي نصوص بالية، موجودة في قوانين النقابات المهنية الأخرى، ومن نقابة الصحافيين، إلى النقابات الفنية الثلاث.
وفي نقابة الصحافيين، ولضمان الولاء الكامل، فإن قانونها الذي وضع في عهد جمال عبد الناصر، وكان آخر قانون وقعه وأمر بنشره في الجريدة الرسمية قبيل وفاته مباشرة، وفي عهد وزير الإرشاد القومي محمد حسنين هيكل، يلحق مهنة الصحافة بالتنظيم السياسي القائم في البلاد، فلا يجوز لأحد أن يكون عضواً في النقابة ما لم يكن عضواً في «الاتحاد الاشتراكي»، ولا يمكن قبول الصحافي في عضوية النقابة ما لم يوافق على عضويته وزير الإرشاد القومي، ولا يعتبر العضو قد اكتسب عضويته في النقابة إلا بعد أن يقسم على احترام «الفكر الاشتراكي» ويعمل على الدعوة له.
وما زال القانون قائماً إلى الآن رغم طي مصر لمرحلة «الفكر الاشتراكي»، ورغم أنها انتقلت من نظام الحزب الواحد، «الاتحاد الاشتراكي» لتعدد الأحزاب!
نجوى إبراهيم نقيباً
وفي كل مرة يتم الحديث فيها عن ضرورة تعديل القانون الذي تمضمض عليه الزمان واستنشق، يكون الخوف من أن يعبث البرلمان بالقانون الجديد على نحو يمكن صفوت الشريف من السيطرة على النقابة، بتمكين العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون من عضويتها، والسيطرة بالتالي على جمعيتها العمومية وعلى مجلس إدارتها. وكان دائماً يُذكر اسم المذيعة نجوى إبراهيم نقيباً إذا جرى التعديل وجرت السيطرة، ولا أعرف لماذا نجوى إبراهيم بالذات؟ ربما لأنها كانت النموذج الأكثر استفزازاً في أدائها. فلم نكن قد توصلنا إلى زمن مقدمة «صبايا الخير»، واختراع المذيعة «ريهام سعيد»، التي تعد مشاهدة برنامجها نوعاً من البلاء الذي يكفر الله به الخطايا، وجبل النفس على فضيلة الصبر على المكاره!
قانون نقابة الصحافيين يجرم العمل في مجال الصحافة لغير الأعضاء، وقد وقعت نصوصه في تناقض، فيشترط لقيد الصحافي في جداول النقابة أن يكون صحافياً محترفاً. ومع ذلك يحظر القانون العمل في الصحافة لغير الأعضاء. وجاء مشروع قانون نقابة الإعلاميين ليكرر هذا التناقض. فلا يعمل في المجال الإعلامي غير أعضاء النقابة، ويشترط لقيد المتقدم لعضوية النقابة أن يكون عاملاً في المجال! وفلسفة التجريم لغير الأعضاء الممارسين للعمل الإعلامي، والتي تصل عقوبته لإغلاق الفضائية، مستقاه من زمن التأميم والاستبداد، فضلاً عن عملية فرض «أتاوة» على الإعلاميين الأجانب الذين جاءوا لمهام محددة، فهنا يكون على النقابة أن تفرض جباية مقدارها 5 في المائة من قيمة تعاقده لكي تمنح الإعلامي الترخيص لمزاولة المهنة في المدة المحددة حتى لا يقع تحت طائلة القانون! اللافت أن هذا العبث يوضع الآن بعد أن وضعت المحكمة الدستورية العليا في عصرها الذهبي، وفي رئاسة المستشار عوض المر، قواعد بددت فيها ما أقر في عصر الاستبداد الأول، عقب حركة الجيش في سنة 1952.
لا بأس فأجواء القمع والطغيان التي تم إقرار هذه النصوص في قوانين النقابات المهنية فيها، قد عدنا إليها في ظل الانقلاب. فقانون إنشاء نقابة الإعلاميين يليق ببلد يخضع لحكم العسكر.
أرض ـ جو
مدهشة مذيعة قناة «النايل دراما».. كانت تستضيف أحد الفنانين، الذي تحدث عن حلمه قبل أن يعمل بالتمثيل، وكيف أنه تمنى أن يكون صديقا لـ «الأستاذة» يسرا.. و»الأستاذ» محمد منير.. و»الأستاذ» محمد صبحي.. ولم يسعفه الحظ في تحقيق حلمه في العمل مع «الأستاذ» يوسف شاهين. المذيعة قاطعته معلقة: «مع حفظ الألقاب طبعاً».. كأنه رفع «التكليف» وكأن «الأستاذ» ليس لقباً ولكنه جزء من أسماء المذكورين على أساس أنها أسماء مركبة. إنها أزمة المذيعات اللاتي يدرن مقابلتهن وهن في قيلولة؛ ما بين اليقظة والنوم!
٭ صحافي من مصر
[email protected]
سليم عزوز
لا فض فوك استاذنا الفاضل …اعلام الانقلاب في حالة يرثى لها
كا العاده كل كلمه تكتبها حضرتك في مكانها الصحيح
مقال رائع بكل تفاصيله …
حسبنا الله ونعم الوكيل في حكم العسكر وفوضنا أمرنا لله ان الله بصير بالعباد
تحياتي اليك سليم ابن عزوز
ابتدأت الصباح بكلماتك الجميله اريد ان ابتعد قليلا عن التعليق السياسي.
في بلاد الشام تروى حكاية الحمار عن جحا…وفي اخرها يحمل جحا وابنه الحمار ويصبحون ضحكة للناس كيف يحملون الحمار بدلا من يحملهم.
شكرا على مقالتك فهي قهوة صباحي التي بدات بها اسبوع جديد في العمل.
ان اعتقد ان نظام ناصر رحمه الله لم يكن ديمقراطيا،وهذا صحيح،ولكن في ذالك الحقبة كان العالم الثالث في اغلبه غير ديمقراطي،هذا ليس تبريرا لعبد الناصر، ولكن ومع كل الفرق في التوقيت اليوم اصبحت الدول المتخلفة في معظمها ديمقراطية،ومع الأسف الدول العربية أكثرها استبدادية وشمولية،نحن الان في عصر النت والتكنلوجيا،نريد انتخابات حرة غير مزيفة مثل الذي يحصل في مصر وبقية العالم العربي،وهو شيء محزن ومخزي
استاذنا الفاضل المشكله في انظمة الحكم الفاسدة التي تجير كل ما حولها لها حتى القلم الحر تكسره وحيث ان رسالة الاعلام هي كشف الحقيقه للناس دون تدليس وكذب يخرج علينا اعلاميون فسدة يتقربون الى اسيادهم بفروض الولاء والطاعه طمعا بمركز مرموق او حفنة من مال .
سلمت يداك
لعل مطبلي إعلام الإنقلاب يترحمون سواء علانية أو في سرهم على أزهى حرية ربما لا مثيل لها في تاريخ الأمة العربية عاشتها مصر في عهد مرسي
اخي في. الاسلام عزوز و في قول الحق عزوز ، احمد. الله انك مازلت تقيم في بلد عربي و مسلم ما زال يسمح لساكنيه بقول شيئا من الحرية
اما مصرك وطنا و مصر الكثير من المصريين من الذين يقولون للابيض ابيضا و للاسود اسودا
و مصري انا هواءا فلم تعد كذالك كما نتمني ان تكون ، لا نها ابتليت بقمع و طغيان و ظلم ذوي الغربي و ظلم ذوي القربي و ظلم احفاد صناع ( سايكس ابيكو )
و صار ت مصر ينطبق عليها ما قلته انت يا اخي عزوز لمذيعة قناة ( نيل دراما ) انها في قيلولة ما بين اليقظة و الوم
نعم مصر القائدة صارت مفقودة يا اسفا في قيلولة ما بين اليقظة و النوم و نرجوا من اللطيف لطفا و من الفاتح فتحا و من المعز عزا و من اللطيف لطفا و من الفاتح فتحا و من العزيز عزا و من الرافع رفعة و من الحافظ حفظا و من الحق حقا ، لكل ابنائها من المسلمين اخوة او من غير المسلمين اخوة و كل الاخوة في الديانيات السماويات الاخري و شكرا اخي سليم و السلام عليكم
ابرا هيم السالم محمد مشنان