قانون يجيز لرئيس الجمهورية عزل رؤساء الهيئات الرقابية… وخلافات على اسم من سيصدر قرار عزله

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: امتلأت الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 14 يوليو/تموز بالكثير من الأخبار والموضوعات المهمة، ولم تهتم الأغلبية بالأكثر أهمية وخطورة، مثل بيان القوات المسلحة عن تمكن قوات الجيش الثالث من قتل إرهابي والقبض على زميله، بعد تبادل إطلاق النار معهما، أثناء محاولتهما دخول وسط سيناء، وهي ثاني حادثة في ظرف أسبوع يقوم فيها الجيش الثالث بمهاجمة سيارات للإرهابيين هاربة من شمال سيناء إلى وسطها وجنوبها، وللتذكرة فإن شرم الشيخ وطابا تقع في نطاق عمليات الجيش الثالث الميداني، وقد نجح إلى حد بعيد جدا مع قوات الشرطة في فرض طوق حد بري لمنع الإرهابيين من الوصول إليها، لتنفيذ عمليات ضد السائحين ومرتادي القرى السياحية، بحيث أصبحت العمليات مقتصرة أساسا على شمال سيناء وداخل البلاد.
ومن الأخبار المهمة جدا أيضا، ولم تحظ باهتمام شعبي كبير، قيام رئيس الوزراء إبراهيم محلب بافتتاح مركز جديد للشباب في حي المطرية، وتفقد عملية التطوير فيها ونظافتها، والأهمية هنا راجعة إلى أن ما يحدث في المطرية سبق وحدث في كرداسة وناهيا وإمبابة والوراق وفي حلوان، وهي المناطق التي للإخوان نفوذ جماهيري فيها، بسبب عملهم عشرات السنين، وذلك لسحب التأييد منهم بتقديم الخدمات لهذه المناطق التي ظلت محرومة منها عشرات السنين، وتساهم في إنجاز هذه المشروعات الهيئة الهندسية في الجيش ووزارات الإسكان والصحة ووزارة الداخلية، وحققت الخطة نجاحا ملحوظا، ظهر في عدم خروج المظاهرات إلى الشوارع الرئيسية واقتصارها على حوار وأزقة ضيقة وبمشاركة أعداد قليلة، معظمهم من الأطفال والنساء. كما قام محلب أيضا بزيارة لمقر القنصلية الإيطالية التي تعرضت لتفجير السيارة والاستماع إلى مطالب السكان وأصحاب المحلات الذين تضررت بيوتهم ودكاكينهم وتصريحاته الكثيرة عن حل المشاكل، لدرجة أن زميلنا الرسام في مجلة «آخر ساعة» القومية محمد عمر أخبرنا أنه شاهد بنفسه محلب وهو يطلق تصريحات من مدفع الإفطار ويصيح:
– مدفع التصريحات.. أضرررب.
كما تضاءل الاهتمام أيضا بالحادث الإرهابي ضد القنصلية، مع ضرورة التنبيه إلى أن هناك شعورا يتزايد بأن النظام لا يزال مترددا في استخدام كل الوسائل للخلاص من الإرهابيين، وأصبح الخطر هو أن يلجأ البعض إلى عمل تشكيلات تقوم بالقصاص بنفسها بحجة عجز الدولة. أما الموضوعات الأخرى التي تجذب اهتمامات الأغلبية فهي المسلسلات التلفزيونية وليلة القدر، وظهور نتيجة الطلبة الأوائل في الثانوية العامة وصورهم وأحاديث معهم ومع أهاليهم وإعلان النتيجة بشكل رسمي اليوم الأربعاء والاستعدادات لإجازة عيد الفطر وأسعار الكحك. وإلى بعض مما عندنا…

الإرهاب والصحافة

ونبدأ باستمرار ردود الأفعال على المادة 33 من مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الخاصة بالسجن عامين في قضايا النشر، واعتراض نقابة الصحافيين عليها ومعها الأغلبية الساحقة من الصحافيين والسياسيين، رغم تأييد الغالبية الشعبية لمشروع القانون، انطلاقا من التوجه الشعبي الكاسح الذي يدعو الدولة لأن تفعل أي شيء لمواجهة الإرهاب، لكن الحكومة سرعان ما تراجعت وأعلنت إلغاء بند الحبس من المادة استجابة لرغبة الصحافيين ولتعارضها مع الدستور، وتنتهي فجأة إلى أن في قانون العقوبات مواد أشد تستطيع اللجوء إليها لمواجهة الإرهاب والجريمة.
وأثار زميلنا في «الأهرام» محمد حبيب يوم الاثنين مشكلة مَنْ يا ترى كان وراء توريط الحكومة في مادة كهذه قلبت الدنيا فوق أم رأسها: «لا نعرف من العبقري الذي أضاف المادة 33 في مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الذي سرعان ما وافقت عليه الحكومة وأرسلته إلى رئيس الدولة لإصداره بهذه السرعة الفائقة، حيث استيقظ المواطنون صباحا على مادة قد تزج بهم جميعا إلى السجون، ولم يصدق المجتمع أن هذا ما زال يحدث في مصر، ولا ندري كيف يستطيع فرد توريط الدولة في نص بهذا الشكل، ويقودها إلى كارثة وعهود الأمر الواقع، ولديه هذه العقلية التي تقترب كثيرا من عقلية ترزية القوانين في العهود السابقة، وتذكرنا أيضا بما حدث من قبل في تعديلات أجريت ليلا عام 1995 ليستيقظ الصحافيون على كارثة بتعديل بعض نصوص القانون لحبسهم استخدمت فيها مسميات هي جديدة في كل شيء واضطرت بعدها الدولة إلى التعديل» .

المتحدث العسكري سيتواصل أكثر مع الصحافيين

ومن «الأهرام» إلى «الأسبوع» وزميلنا محمد السيسي وقوله وهو في غاية التعجب مثل زميله محمد حبيب: «فوجئت بالهجمة الشرسة التي يشنها البعض على الصحافيين في إطار الدفاع عن مشروع قانون مكافحة الإرهاب الجديد، ومحاولات تصوير الأمر وكأن نقابة الصحافيين ترفض صدور القانون، حتى وصل الأمر بالبعض إلى إلصاق تهمة الدفاع عن الإرهاب بالصحافة، وتوزيع الاتهامات بالخيانة ومساندة الإرهاب. كذلك فوجئت بموقف النظام الحاكم، ذلك الموقف المتزن الذي عبرت عنه تصريحات رئيس الوزراء ووزير العدل وقبلهما بيومين المتحدث باسم قواتنا المسلحة، وكشف عن وعي حقيقي بطبيعة المرحلة والمعركة التي تخوضها مصر ضد الإرهاب، وفي تقديري أن الجماعة الصحافية وعت الدرس جيدا عندما راحت بعض المواقع الإخبارية المصرية في المعركة الأخيرة التي دارت في سيناء تنقل عن المواقع الأجنبية فوجدت نفسها، من دون أن تدري تشارك وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة. وفي إطار الجيل الرابع من الحروب وحرب المعلومات وأعتقد أيضا أن المتحدث العسكري سيكون على تواصل أكثر مع الصحافيين، فيما هو مقبل لتفويت الفرصة على وسائل الإعلام المغرضة».

ضرب المعايير المهنية عرض الحائط

ونترك «الأسبوع» إلى «الشروق» لنكون مع زميلنا عماد الغزالي وقوله في عموده «صدى»: «حسنا فعلت الحكومة باستجابتها لرغبة الجماعة الصحافية بإلغاء الحبس وزيادة الغرامة التي أتمنى أن تكون رادعا لحالة الفوضى والعك التي تتزايد بإصرار مزعج، حتى بات الإعلام المصري مرادفا للبذاءة والعشوائية وفقدان المهنية. والحقيقة أننا ومنذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني نئن تحت وطأة حالة من القصف الإعلامي المتواصل، موجات متوالية من الشائعات والأكاذيب والحقائق المبتورة، للتذكرة الأمن يقصف المتظاهرين في محمد محمود بالأسلحة الكيميائية، فيقتل ويصيب تسعمئة منا، طبعا هناك مشكلة في حرية تداول المعلومات ومشكلة ثقة بين المصادر الرسمية والصحافيين، لكن ذلك لا يمكن أن يكون مبررا للضرب بالمعايير المهنية عرض الحائط والحديث عن أن كل الإعلاميين شرفاء، دعاية انتخابية قد يمارسها عضو نقابة بهدف حصد مزيد من الأصوات، أما نحن فنعلم أننا لسنا مجتمعا من الملائكة، كأي مهنة صار بيننا من يسعده تفجير محولات الكهرباء وقطع خطوط الغاز والمياه، وتنفرج أساريره شماتة في شهداء الوطن من جنود الجيش والشرطة والقضاء ممن يسقطون ضحايا لعمليات إرهابية خسيسة، وهذا فعل خيانة لا صلة له بنقد النظام أو معارضته».

صحافيون ينشرون ما يحلو لهم

ونغادر «الشروق» لنصل إلى «الأخبار» لنكون مع زميلتنا الجميلة مديحة عزب التي أيدت الحبس بقولها: «كم أتمنى ألا تخضع الحكومة لمطلب بعض الصحافيين بإلغاء عقوبة الحبس لمن ينشر أخبارا كاذبة، واستبدالها بالغرامة. والحقيقة أن هذا ابتزاز يمارسه الصحافيون، اعتقادا منهم بأن على رأسهم ريشة فهم يريدون أن ينشروا الأخبار كيفما يحلو لهم، حتى لو كانت غير مؤكدة جريا وراء السبق الصحافي، غير عابئين بما يمكن أن تحدثه من زعزعة للأمن والاستقرار في البلد. حكومتنا الرشيدة اثبتي على موقفك وأوعي تخضعي للابتزاز».

قوانين سيئة السمعة

لكن كان لزميلها وصديقنا رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وأمين الإعلام السابق لأمانة القاهرة في الحزب الوطني رفعت رشاد «ناصري» موقف آخر مختلف تماما هو: «شيحة في الأصل جمال الدين شيحة، الذي اشتهر في عصر الظاهر بيبرس بابتداع الحيل والنوادر واختلاق المواقف وتدبير المقالب، صار شخصية خيالية في المخيال المصري، يظهر في الأوقات التي تستخدم فيها الحيل والمكائد. ما ذكرني بشيحة قصة قوانين مكافحة الإرهاب، التي تنوي الحكومة إصدارها، لقد وصم عهد حسني مبارك بعهد القوانين سيئة السمعة، واستمرار قانون الطوارئ لزمن طويل، فما بال النظام الحالي وحكومته يعودان إلى زمن القوانين سيئة السمعة؟ ما بال النظام يستدعي القوى الداخلية والخارجية ؟ في الوقت الذي فشل فيه في الوصول إلى شخص واحد فقط تكون له علاقة بجريمة اغتيال النائب العام هشام بركات. التاريخ لن يذكر أن الحكومة تلاعبت كما كان يتلاعب شيحة، أو أنها أصدرت قوانين، إنما سيسند ذلك إلى الرئيس المنوط به ممارسة التشريع خلال غياب البرلمان، وهو الذي يوقع على القوانين، لذلك على الرئيس أن تكون عيناه على الحريات وعلى التاريخ وعلى صفحته التي نتمنى أن تستمر بيضاء لا تلوثها تشريعات تسجن أصحاب الرأي».

نجاح معارضي قانون 95 لسنة 1995

وأشار رفعت إلى مشاركته عام 1995 مع الصحافيين في معارضة القانون رقم 95 لسنة 1995، الذي صدر وقتها بتغليظ عقوبة السجن في قضايا النشر إلى خمس عشرة سنة، ووافق عليه مجلس الشعب برئاسة خفيف الظل الدكتور أحمد فتحي سرور الأشهر في المنطقة العربية في القانون الجنائي، ووزير تربية وتعليم قبل رئاسته للمجلس وعميد لكلية الحقوق في جامعة القاهرة وأثار القانون غضبا عارما من جميع الصحافيين بمن فيهم المنتمون إلى الحزب الوطني، الذي كان يرأسه مبارك نفسه. وأصدرت نقابة الصحافيين برئاسة زميلنا وصديقنا الموجود الآن في الخارج إبراهيم نافع، بيانات إدانة شديدة رافضة للقانون، ودعت إلى اجتماع مفتوح للجمعية العمومية لنقابة الصحافيين إلى أن يتم إسقاط القانون، وكان وزير الإعلام وقتها صديقنا صفوت الشريف متعاطفا مع الصحافيين، واتفق في مناسبة عيد الإعلاميين، الذي كان يقيمه كل عام في شهر مايو/أيار مع عدد من أعضاء مجلس النقابة على إثارة القضية مع الرئيس مبارك الذي كان يحرص على حضور المؤتمر. وتكلم سكرتير عام النقابة وقتها زميلنا ونائب رئيس تحرير «الأخبار» والمنتمي للحزب الوطني زميلنا وصديقنا المرحوم جلال عيسى وطالب مبارك بإلغاء القانون، ووجد مبارك نفسه في حالة إحراج شديد، وكان رده على جلال شديد الغرابة وصادما، قال «هو إحنا بنبيع ترمس»، لكنه بعد أشهر من الواقعة وبعد الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب الجديد، الذي يرأسه سرور أيضا صدر القرار بصدور القانون رقم 96 لسنة 1996 الذي ألغى القانون السابق وسط تهليل الأعضاء أنفسهم، الذين هللوا من قبل، ومن أراد الاطلاع على هذه الأحداث العجيبة سيجدها في تقارير «القدس العربي» في هذه الفترة. المهم أن من كتب مؤيدا للقانون 95 كانوا ثلاثة منهم صحافي واحد في «الأهرام» هو الأديب المرحوم ثروت أباظة والمحامي فريد الديب وكتب مقالا عنيفا ضد الصحافيين في «أخبار اليوم» وكان يشغل وقتها مستشارها القانوني، والثالث كان المحامي وأستاذ القانون وعضو مجلس الشورى المعين باستمرار الدكتور شوقي السيد، ومقالاتهم موجودة وأشرنا إليها في التقارير، ويستحيل إنكارها. بينما وقف الصحافيون على رأسهم مناصرو النظام مع المعارضين ضد القانون، لكن بالنسبة لمشروع القانون الحالي فهناك تغيير في المواقف، ذلك أن من أيده من الصحافيين عشرات والرأي العام الذي كان متضامنا مع الصحافيين أيام مبارك كان هذه المرة مع الحكومة بسبب الإرهاب وصدور القانون كان لمكافحته، وعلى كل حال فالمادة 33 حذفت والحكومة لم تعاند عند ظهور أول معارضة من النقابة وأبدت استعدادها للتراجع إذا كان الصحافيون يعترضون على مادة الحبس، وهو ما يحسب لها في سياستها بعدم الاصطدام مع أي نقابات أو أحزاب».

سوزان زكي: دورنا الصحافي الإنحياز دائما وأبدا للشعب

وآخر محطة ستكون في «جمهورية» الاثنين مع الجميلة زميلتنا سوزان زكي وقولها: «اعتراف رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أمام مجلس نقابة الصحافيين بـأنه كان يجب استطلاع رأي الصحافيين أنفسهم عند صياغة مواد قانون مكافحة الإرهاب التي تمس العمل الصحافي تطبيقا للدستور، كان أبلغ رد على الهجمات الشرسة التي أطلقتها أبواق المنافقين ومدعي البطولة الوطنية. وللأسف الشديد بينهم صحافيون وفئات عديدة ليس لها أي علاقة بالعمل الصحافي وربما لم تقرأ جريدة في حياتها، وجدتها فرصة للإعلان عن ولائها للنظام
بالتأكيد جميعنا نشعر بمسؤوليتنا تجاه التصدي للإرهاب، ولكننا أيضا ضد تقييد حرية الصحافة وتهديد أي صحافي تسول له نفسه البحث عن الحقيقة ونشرها لأن هذا يعني على أرض الواقع سلبا لحق المواطنين في معرفة الحقائق وسلبا أيضا لحقوق العديد من مؤسسات الدولة في الافصاح عن بياناتها بشفافية في مواجهة الفساد، التي طالما ساندتها الصحافة في مواقف وقضايا كادت تودي بها
من يعمل بالصحافة يعلم جيدا ضرورة استقاء المعلومات من أكثر من مصدر والتحقق من صدقها، بل والأكثر من ذلك أنه دائما وأبدا هناك تعليمات من مجلس تحرير الجريدة للصحافيين بعدم الاعتماد على البيانات الرسمية للمسؤولين، وأن دور الصحافي هو البحث عما وراء الخبر، واستقاء الحقائق من أكثر من مصدر، وأن الصحافي الفاشل هو الذي ينقل البيان الصادر عن المؤسسة أو الوزارة التي يقوم بتغطية أخبارها، من دون إضافة أو عمل تحريات عما يخفيه المسؤول وهذا يتعارض تماما مع نصوص قانون مكافحة الإرهاب الذي ينص على أن مصدر الأخبار أو المعلومات هو المتحدث الرسمي للوزارة أو المؤسسة، حتى لو ذكر معلومات مغلوطة علينا الالتزام بنشرها، وإذا تجرأ صحافي وحاول البحث عن الحقيقة وبذل جهدا للحصول على معلومات حقيقية، ولكنها مغايرة لما ذكره المتحدث الرسمي، فهو صحافي مجرم يستحق الحبس
تعلمنا أن دورنا الصحافي هو مراقبة الأداء الحكومي والإنحياز دائما وأبدا للشعب، فإذا كانت هناك سلبيات فدورنا كشفها وفضحها للرأي العام، وفي الوقت نفسه، إذا كانت هناك إيجابيات علينا الإعلان عنها ونشرها ليأخذ كل مسؤول حقه إذا أحسن وأجاد ويأخذ حقه أيضا من العقاب إذا تجاوز. أما ما جاء في قانون مكافحة الإرهاب فهو تكليف جديد للصحافيين لم نتعلمه في دراستنا للصحافة في الجامعة ولم نمارسه في صحفنا».

تشويش على الدور الوطني للصحافة المصرية

أما زميلها في «الجمهورية» السيد نعيم فقال: «الصحافيون هم الأعلى صوتا في الدفاع عن الوطن، عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي المصري، هكذا وصف المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الصحافيين في لقائه بنقيب الصحافيين يحيى قلاش ورؤساء تحرير الصحف، وإذا كان هذا رأي رئيس الوزراء، الذي من المؤكد أنه رأي رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في الدولة، فلماذا هذه الضجة المفتعلة والعاصفة الهوجاء والهجوم الشرس من جانب بعض الموتورين والفوضويين على شبكات التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» ضد الصحافة كلاب مسعورة أرادت بالصحف والصحافيين المصريين شرا كبيرا المصرية ونقابة الصحافيين وكافة الصحافيين في عموم المحروسة، ونظمت حملة غوغائية للتشويش على الدور الوطني للصحافة المصرية في مساندة الدولة والشعب في كل الأزمات والمشاكل والحروب التي خاضتها مصر، ماذا يريد هؤلاء الهمج من توصيل هذه الرسالة الضالة والمضللة عن الصحافيين المصريين للعالم كله؟ وتعمد هؤلاء واولئك أن يتجاهلوا تماما الحقيقة الراسخة الدافعة في أن نقابة الصحافيين لم ترفض أبدا قانون الإرهاب، بل شجعت على إقراراه واصداره وأنها تحفظت فقط على المادة 33 من القانون، التي وصفها نقيب الصحافيين بأن فيها عوارا دستوريا ووصاية على الصحافة، وهي أكبر خدمة للإرهاب وتخدم الإعلام المضاد».

الجثث تقدم لنا خريطة لتوزع الإرهاب بين القبائل

هذا في ما يختص بالصحافة، أما الإرهاب واللهم أحم مصر منه وعلى طريقة أغنية الفنان الراحل سيد مكاوي «الأرض بتتكلم عربي» كان مقال زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير «المقال» يوم الخميس الماضي عن الجثث بتتكلم في سينا قال: «في العمليات السابقة على معركة الشيخ زويد كانت الأجهزة تعثر على جثة الإرهابي متفحمة، حيث فجر نفسه في عربة مفخخة، بينما شركاؤه في الجريمة ينجحون في الهروب بموتاهم عقب الجريمة، هذه المرة الجثث تتكلم، هي كثيرة وعديدة، وأغلبها غير متفحم. من المؤكد أنها قدمت حصيلة وفيرة من المعلومات، لكن المفروض ألا تقتصر دوائر المعرفة على الأجهزة الأمنية فقط، فالحقيقة أن معرفة هؤلاء الإرهابيين تمكن لنا الإجابة عن أسئلة تظل مؤرقة حول مدى تورط أبناء القبائل في سيناء مع هذه التنظيمات الإرهابية، حيث لو أفصحت لنا الجثث عن أن مجملها هي للسيناوية فلابد أن نبني على هذه المعلومات حقائق وخطوات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتعامل وكأن الإرهاب وارد من الخارج فقط. معرفة مدى تورط أبناء سيناء وشبابها من خلال الجثث تقدم لنا خريطة لتوزع الإرهاب بين القبائل، ثم نفهم لماذا انضموا وكيف ومتى ومن خلال من ومؤهلاتهم التعليمية ووظائفهم أو حرفهم؟ فلوعرفنا كل هذه المعلومات نستطيع أن نبني عليها خطة الاحتواء والمواجهة، فقد عرفت بتدور فين الجثث. أيضا ستقول لنا حجم مشاركة الأجانب ومن هم ومن أين؟ وربما تقول لنا الجثث أنهم مصريون جميعا قادمون من الدلتا والصعيد عرفونا ماذا قالت الجثث؟».

التاريخ لا يقف عند السفاحين ولا يذكرهم

وإلى أن يعرف عيسى الحكاية ويخبرنا بها، نتوجه نحن إلى «أخبار اليوم» يوم السبت الماضي لنكون مع صديقنا المحامي الكبير وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان السابق مختار نوح لنستمع له وهو يحدثنا عن زاوية أخرى للإرهابيين قال: «السفاح دائما لا يقرأ بل تشغله أحقاده وحالته النفسية عن رؤية الحقيقة، ودائما ما يحاول السفاح أن يضع على ثوب جريمته هدفاً نبيلاً، كالانتصار للفقراء أو الانتصار للشريعة الإسلامية أو تحقيق العدالة، مع إنه في جميع هذه الحالات يكون غير مؤمن بما يقول، لكنه يغطي احتياجه النفسي وعقده بما يجعله مقبولاً أمام الناس والتاريخ لا يقف عند السفاحين ولا يذكرهم، فمن ذا الذي يذكر اسم قاتل الخازندار أو النقراشي أو حتى من شرع في قتل جمال عبد الناصر، ولا يذكر التاريخ أيضا من قتل الشيخ الذهبي، الذي راح ضحية الجهل من جماعة التكفير والهجرة، وقد قتلوه مقيداً مربوطا على السرير بعد أن خطفوه ثم أطلقوا عليه رصاصات لم ترحم عامه الثمانين، وكانت كل جريمته أنه اختلف معهم في الرأي، أثناء محاكمة شكري مصطفى في عام 76 سأله القاضي عن سبب تحريمه للتعليم فأجاب بعقلية بسيطة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، من أجل ذلك فيجب أن تكون أمة محمد كلها أمية، وذلك والله نص ما قيل في جلسة علنية من أشخاص قتلوا مدعين أنهم يسعون إلى تطبيق شرع الله، فالمسألة إذن لا فكر فيها وإنما يأتي الفكر عادة ليزين أوهام العقول، فرحم الله المستشار هشام بركات ومن معه من الشهداء».
ومختار يقصد الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف الأسبق وكان أحد أعضاء جماعة التكفير والهجرة قد قاموا قبل قتله بتعذيبه عذابا شديدا في شقته في منطقة حدائق حلوان جنوب القاهرة .

جنينة والزند

وإلى القضية التي برزت فجأة في القانون الجديد الذي خول لرئيس الجمهورية عزل رؤساء مؤسسات معينة، وقيل على الفور من جانب البعض أن وراءه المستشار أحمد الزند وزير العدل، ورئيس نادي القضاة السابق لتصفية حسابات مع المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لعزله من منصبه، ورغم كثرة ما نشر عن هذا في اليومين الماضيين فإنني فضلت الابتعاد عما كتبه صحافيون أو كتاب واقتصرت الإشارات إلى بعض ما قاله رجال القانون. ونشرت «الأخبار» القومية يوم الاثنين تحقيقا موسعا شارك في إعداده كل من زملائنا الجميلات الثلاث خديجة عفيفي وخديجة عبد الكريم وهناء بكري، أي خديجتان وهناء واحدة ومعهم زميلنا عزب مصطفى وقال فيه صديقنا: «يري د. محمد نور فرحات الفقيه الدستوري، أن القرار يتعارض جملة وتفصيلا مع الدستور المصري، حيث نصت المادة رقم 216 من الدستور على أن رئيس الجمهورية يعين رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة بعد موافقة أغلبية مجلس النواب. إنه يرى أن إجراءات التعيين لابد أن تتبع مع العزل أيضا من يملك التعيين يجب أن يملك العزل وإلا سنصل إلى نتيجة غير منطقية وغير مفهومة تتمثل في أن يعزل رئيس الجمهورية رئيس جهاز رقابي، وافق عليه مجلس النواب، ثم لا يوافق المجلس على ترشيح الرئيس الجديد الذي يعرضه رئيس الجمهورية، وهذا يعد نوعا من التصادم بين السلطات. وأن المادة 25 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات نصت على عدم عزل رئيس الجهاز، وهناك قاعدة قانونية معلومة للجميع هي أن القانون الخاص يقيد القانون العام، وبالتالي فإن عزل المستشار هشام جنينة رئيس جهاز المحاسبات يتطلب تعديل قانون الجهاز نفسه، هذا إذا صح ما رددته المواقع الإخبارية بأن هذا القرار يهدف إلى إقالة جنينة».

هدف قانون 89 هو إقصاء المستشار هشام جنينة

وإلى «المصري اليوم « عدد يوم الاثنين وتحقيق زميلنا مصطفى مخلوف الذي قال فيه صديقنا: «وصف عصام الإسلامبولى، الفقيه الدستوري، قرار الرئيس بالقانون رقم 89 لسنة 2015، بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، بـ«السلبي جدًا» «وفي غاية الخطورة»، موضحًا أنه يهدف لـ«تكريس سلطات الرئيس أكثر من اللازم»، وجاء مخالفًا لنصوص الدستور في مادتيه 215 و216، الخاصتين بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، التي أحالت تنظيم أمور كل هيئة أو جهة رقابية أو مستقلة إلى قانونها الخاص بها. إن صدور قانون بهذا الشكل في هذا التوقيت له دلالات سلبية، وغير مناسب، مشيرًا إلى أن هدف القانون هو إقصاء المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه، الذي صدر بعد تولي المستشار أحمد الزند، منصب وزير العدل، في ظل وجود خصومات قضائية بينهما، ما يجعل من القانون أنه «يصل لدرجة الانعدام لصدوره بانحراف في استعمال السلطة»، مضيفًا: «أتخيل أن القانون سيكون مصيره الطعن عليه».
وقال الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشورى السابق، عن مدى استهداف القانون رئيس هيئة بعينها، قائلا: «الأصل في التشريع أنه مجرد ويستهدف المصلحة العامة، ولو قصد شخصًا، يمثل انحرافًا في السلطة التشريعية، وهو مبدأ أقر عام 1953، وذلك إذا ثبت تحقيق مصلحة خاصة، أو مصلحة جماعة معينة، ولم يقصد به مصلحة عامة، وسيظهر كل ذلك عند تطبيق القانون، وهل هناك أمر ملح دفع رئيس هيئة ما للعزل من عدمه، مؤكدًا أن القانون الجديد ينسخ أي نص آخر في قوانين الهيئات المستقلة، لأنه تعديل تشريعي صريح. لماذا لم يأت ذكر هشام رامز، محافظ البنك المركزي، أو رئيس هيئة الرقابة المالية، وهناك من يتحدث عن شيخ الأزهر، وليس هشام جنينة فقط، ولذلك أدعو الجميع لعدم الالتفات للتخمينات والآراء الشخصية».

منصب جنينة غير قابل
للعزل منه وفق الدستور

أيضا نشرت «الوفد» في يوم الاثنين ذاته تحقيقا مطولا شارك في إعداده زملاؤنا محمود فايد وخالد عمار وحسن المنياوي ومحمود سعيد ومما جاء فيه: «عقّب المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، على القانون الصادر يوم السبت، بحالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، بأنه لا يخصه وليس له علاقة من بعيد أو قريب منه، خاصة أن منصبة غير قابل للعزل منه وفق القانون والدستور. إن قانون الجهاز ينص على أن يصدر بتعيين رئيس الجهاز قرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، متضمنا معاملة المالية، ويعامل من حيث المعاش وفقا لهذه المعاملة ولا يجوز إعفاؤه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية وتسري في شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز القواعد المقررة في قانون محاكمة الوزراء، مؤكدًا أن القانون الصادر أمس لا يتضمن إلغاء قانون الجهاز، وبالتالي لا يحق للرئيس إعفائي من منصبي وفق القانون».

مشهد بائس في جنازة عمر الشريف

وننهي الجولة لهذا اليوم في «الشروق» ومقال رئيس تحريرها عماد الدين حسين الذي حضر جنازة الممثل عمر الشريف وكتب لنا عنها قائلا: « لا أعرف إجابة واضحة عن سؤال بديهي: لماذا خرجت جنازة الفنان العالمي الكبير عمر الشريف بهذا الشكل البائس شديد التواضع؟. من المعلوم للكافة أننا لا نملك عشرين أو خمسين أو حتى اثنين من عينة عمر الشريف. لدينا عشرات الفنانين الكبار فعلا، لكن لا يوجد لدينا الكثير من عينة عمر الشريف، وقد يمر وقت طويل قبل أن يمن الله علينا بفنان مثله نطلق عليه فعلا لقب عالمي. هذا الراحل يعــــرفه كل العالم، وعندما توفي، تحدث عنه الجميع، غالبية وسائل الإعلام العالمية والمواقع الفنية الكبرى والفضائيات المشهورة والكبيرة أبرزت الخبر، وتحدثت عن مشواره الفني وأبرز الأفلام التي شارك فيها ونعاه العديد من نجوم الفن العالميين.
كان واجبا علينا أن نحتفى بالراحل بصورة مختلفة، هو قدم الكثير لمصر، هو أسعدنا جميعا بفنه وجعل اسم مصر يتردد فى المحافل الفنية الدولية، وكان سفيرا فعلا فوق العادة لبلده، وبالتالي كان ينبغي علينا أن نتعامل مع وفاته بصورة تليق بالرجل وبدوره ومشواره. وحتى من وجهة نظر نفعية براغماتية كان يمكن للحكومة وسائر الأجهزة المختصة والمعنية أن تستفيد من هذا الحدث عالميا.
الحد الأدنى كان يتمثل في تنظيم جنازة تليق بالرجل والتفكير في كل تفاصيلها، بحيث يكون اسم مصر موجودا بقوة في نشرات وبرامج وعناوين الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية ومطروحا بصورة إيجابية طوال الأيام التي تسبق وتلي التشييع، وأنها البلد الذي أنجب هذا الفنان العالمي، بدلا من كون اسم بلدنا صار مرتبطا للأسف بحوادث القتل والتفجير والإرهاب ومظاهرات المولوتوف.
عمر الشريف مات ظهر يوم الجمعة وعندما تم الإعلان عن أن تشييعه سيتم ظهر الأحد الماضي ــ أي بعد 48 ساعة كاملة ــ ظننا أن التأجيل مقصود به، ليس فقط انتظار عودة ابنه طارق، بل تنظيم جنازة تليق بالفقيد ودوره وتاريخه. وعندما تم الإعلان عن ان التشييع سيتم من مسجد المشير طنطاوي في التجمع الخامس زادت الآمال بأن هناك مستوى متميزا من الحضور يبعث برسالة للعالم أن مصر ليست فقط بلد الحضارة، بل بلد الفن أيضا والأهم أنه بلد ينجب نجوم الفن وليس قادة العنف والإرهاب. الذي حدث أن مشهد التشييع كان فقيرا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
كنت هناك حاضرا، وشاركت في صلاة الجنازة، ورأيت بعيني أن عدد الزملاء الإعلاميين والمصورين أكبر من عدد الذين أدوا الصلاة على الفقيد وحضروا تشييع جثمانه، ومستوى الحضور الرسمي والشعبي والفني لم يكن على المستوى اللائق. ناهيك بالطبع عن «الفوضى والهرجلة» التي صارت إحدى سماتنا المميزة، في السنوات الأخيرة، للدرجة التي دفعت إمام المسجد أن يرجو ويستعطف المصورين أكثر من مرة أن يراعوا حرمة المسجد وجثمان الفقيد، وهو الأمر الذي يتكرر دائما في سرادقات العزاء للشخصيات العامة، ويدفع أهل المتوفى أحيانا إلى منع دخول المصورين من الأساس. السؤال الأخير: مادام كبار المسؤولين لم يحضروا الجنازة، فلماذا كان التشييع من مسجد المشير طنطاوؤ، ولماذا لم يتم تشييعه من مسجد بوسط البلد حتى يتيح الفرصة لمشاركة المواطنين العاديين فؤ الجنازة؟!.
رحم الله عمر الشريف.. وعلى المسؤولين أن يستخلصوا العبر من مشهد التشييع البائس».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية