رام الله – «القدس العربي»: أعلن عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن أربعين أسيراً جديداً انضموا للإضراب المفتوح عن الطعام في سجن ريمون العسكري الذي دخل الأسبوع الثاني، في حين يتواصل الإضراب لأكثر من ألف وخمسمئة أسير لتحقيق مطالب إنسانية بالدرجة الأولى تضمن لهم الكرامة. وكشف في حديث مع «القدس العربي» أن الأسرى غير المضربين بدأوا خطوات مساندة لإخوتهم المضربين عبر إعادة وجبات الطعام لسلطات السجون ثلاث مرات أسبوعيًا كخطوة احتجاجية أولى ضد الاحتلال وتضامناً مع الأسرى في السجون الأخرى، مؤكداً أن هناك خطوات تصعيدية أخرى لبقية الأسرى خلال الأيام المقبلة.
وأكدت اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة أن إدارة سجون الاحتلال، تواصل منع وعرقلة المحامين من زيارة الأسرى المضربين منذ بدء الإضراب، وذلك باستثناء سجن عوفر الذي تمكنت المؤسسات فيه من زيارة ثلاثة أسرى مضربين.
وأوضحت أن هذا المنع تواجهه المؤسسات بجهود قانونية مستمرة، تتمثل بتقديم شكاوى والتحضير للتوجه بالتماس للمحكمة العليا ضد قرار المنع. وبينت أن المحامين تلقوا ردوداً من سجون عدة حول طلبات كانوا قد تقدموا بها لزيارة الأسرى المضربين، وفيها مُنع غالبيتهم من الزيارة، بينما سُمح في بعض السجون زيارة أسرى غير مضربين، واختلقت بعض الإدارات ذرائع ومبررات أدت إلى عرقلة الزيارة، منها أنه جرى نقل الأسير لسجن آخر.
وواصلت إدارة مصلحة سجون الاحتلال فرض إجراءات عقابية لمواجهة الأسرى المضربين لا سيما قادة الإضراب وذلك منذ يومهم الأول، ومن بين تلك الإجراءات: عمليات التنقيل المستمرّة للأسرى المضربين وعزلهم انفرادياً وتحويل بعض الأقسام إلى أقسام عزل جماعية، بعد مصادرة ممتلكاتهم وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط، وحرمانهم من مشاهدة التلفاز والاطّلاع على الأوضاع خارج جدران السّجن وتقليص مدة الفورة اليومية إضافة إلى حرمانهم من «الكانتينا».
وأكدت اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة أن تدهوراً خطيراً طرأ على الوضع الصحي للأسير مروان البرغوثي النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح وقائد الإضراب الجماعي. واستدعى هذا التدهور طلب مدير سجن الجلمة منه بأخذ علاج فوري، ولكن الأسير البرغوثي رفض ذلك قطعياً، كما طلب أيضاً من الأسير المضرب ناصر أبو حميد إقناع الأسير البرغوثي بتلقّي العلاج إِلَّا أنه رفض الانصياع، مصرّحاً أنه إذا ما فقد الأسير البرغوثي الحياة فإنه سيموت شهيداً. وعلى إثر موقفه ذلك قامت إدارة السجن بنقل الأسير أبو حميد من الجلمة إلى سجن ايشل.
على الجانب الآخر تواصل إسرائيل حرب الشائعات في محاولة لحرف مسار الإضراب قدر الامكان، وتواصل الحديث عن خلافات داخل حركة فتح على وجه الخصوص فيما يتعلق بالإضراب وقيادته. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن عشرات الفلسطينيين شاركوا في مظاهرة انطلقت من رام الله باتجاه حاجز بيت ايل، دعما للأسرى المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية. ودعا نادي الأسير الفلسطيني إلى تنظيم مسيرات وتظاهرات دعم للأسرى في جميع أنحاء الضفة، فيما دعت اللجنة الوطنية الجمهور الفلسطيني إلى إعلان «يوم غضب» والاحتكاك مع قوات الجيش على الحواجز. وأعلنت حركة فتح الإضراب العام يوم الخميس المقبل في الضفة ويوم غضب في اليوم التالي الجمعة.
وتقود هذه التظاهرات والمسيرات حسب المصدر ذاته إلى نقاش داخلي في حركة فتح والسلطة الفلسطينية حول اتجاه الاحتجاج والتضامن مع الأسرى. وقالت صحيفة «هآرتس» إن السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن والاستخبارات بشكل خاص، تمتنع عن التدخل حاليا بشكل مباشر في المظاهرات لكي لا تتسبب بالتصعيد والمواجهات.
وقال مسؤول في فتح مقرب من أجهزة الأمن للصحيفة إن الرئيس محمود عباس بدأ بالاستعداد لزيارته إلى واشنطن في الثالث من مايو/ ايار المقبل، وانه معني بسريان الهدوء في المناطق عشية اللقاء المرتقب مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب.
وفي المقابل يؤمن شبان فتح بأن التصعيد الميداني يمكنه بالذات خدمة مصالح القيادة الفلسطينية ومساعدتها على التوضيح لترامب أن الشعب الفلسطيني لا ينوي البقاء غير مبال في مسألة الأسرى.
وقال مدير نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن «حركة شعبية مثل فتح لا يمكنها عدم المبالاة ازاء التطورات في الشارع الفلسطيني في مسألة الأسرى». وأضاف «الشارع الفلسطيني يصغي للتصريحات الآتية من إسرائيل ولا شك أن هذا يزيد من التوتر، وإذا كانت إسرائيل معنية بعدم تصعيد الأمور، فمن المناسب أن تبدأ بمفاوضات مع قيادة الأسرى».
وقال نادي الأسير إنه على الرغم من تصريح جهات في سلطة السجون أنها لا تمنع الأسرى الأمنيين من التقاء المحامين إلا أن قسما كبيرا من المحامين لم يتمكنوا من زيارة المضربين خاصة قادة الإضراب. وقال المحامي تميم يونس شقيق الأسير كريم يونس إنه لم يسمح له بزيارة شقيقه والأسير مروان البرغوثي في سجن الجلمة. وتابع القول إنه بعد انتظاره لمدة ست ساعات قيل له إنه لا يمكنه التقاء الأسيرين بسبب حالتهما الصحية، لكنه لم يتلق أي معلومات حول حالتهما. وقالت سلطة السجون معقبة على ذلك إن «سلطة السجون تعمل وفقا للنظم والقانون».
وعقد المجلس الوزاري السياسي الأمني الإسرائيلي، جلسة لمناقشة موضوع إضراب الأسرى. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في بداية الجلسة: «نحن نقود سياسة حازمة ومسؤولة حسب المعايير الدولية وليس حسب إملاءات الأسرى ووصفهم بـ»المخربين». وأضاف أن «على السلطة الفلسطينية وقف تمويل عائلات الأسرى الذين يجلسون في السجون ووقف تمويل عائلات الشهداء الذين قتلوا خلال تنفيذ «جرائمهم». هذا اختبار بسيط لرغبة الفلسطينيين بالسلام».
ورد نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية على الشائعات الإسرائيلية بالقول «إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقود حملة ممولة للتشويش على لقاء الرئيس محمود عباس بنظيره الأمريكي دونالد ترامب وإفشال أهداف اللقاء».
وأضاف في تصريحات صحافية «أن نتنياهو يكيل الاتهامات للأسرى وللسلطة ويسعى إلى تفادي المتطلبات منه وفق الاتفاقيات الموقعة. وأكد أن «الأسرى هم شموع حرية الشعب الفلسطيني ومطالبهم التي أثيرت عبر إضرابهم الجماعي إنسانية عادلة، وعدم الاستجابة لها جريمة حرب». وأكد ضرورة مواجهة التصعيد الإسرائيلي الخطير ضد قضية الأسرى، بالأرقام والمعلومات استناداً للقانون الدولي وبإسناد الأسرى جماهيرياً وسياسياً وعبر تكثيف الحراك الدولي.
فادي أبو سعدى