قسوة الأطباء والدروس الخصوصية تلهب جيوب الأسر المصرية وشركات المحمول ترفع أسعار الكروت بنسبة 36٪

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول اهتماماتها على القضايا والمشاكل التي أوضحها تعداد السكان، وكيفية علاجها، خاصة تفشي ظاهرة زواج القاصرات، ومطالبة الدولة باتخاذ إجراءات رادعة لوقفها. وألقت النيابة الإدارية القبض على إمام مسجد الأربعين في قرية في مدينة المحلة الكبرى لتقديمه إلى محاكمة عاجلة بتهمة تزويجه سبعا وعشرين فتاة قاصراً بعقود زواج عرفية، إلى أن يبلغن السن القانونية، ويتم عقد قرانهن أمام المأذون، ويحصل مقابل ذلك على إيصالات أمانة بمبالغ مالية من العرسان.
وعقد الرئيس السيسي عدة اجتماعات لبحث المشروعات التي سيتم افتتاحها في الاحتفالات بانتصارات أكتوبر يوم الخميس المقبل، وتقع في عدد من المحافظات، ونظام التأمين الصحي الجديد، وتواصل الاهتمام الجماهيري بارتفاعات الأسعار، ومباريات كرة القدم وهزيمة الأهلي أمام النجم الساحلي التونسي، وترقب مباراتهما المقبلة في مصر، والزيادة التي حدثت على كروت الشحن. ومطالبة الحكومة بالتدخل لوقف الفوضى في الإعلام وعمليات بيع وشراء الفضائيات وضرورة تقوية التلفزيون الحكومي. وفوجئ الناس بحادثة غريبة بعد أن هدأت ضجة قوم لوط وفرقة «مشروع ليلى» بقيام طالب وطالبة في كلية الحقوق في جامعة طنطا بإعلان خطوبتهما في حرم الكلية وتبادل القبلات مع تصفيق وتهليل من زملائهما. واستمرت الانتقادات للحكومة والمصائب التي جلبتها على الناس. كما لوحظ أن الاهتمامات بذكرى وفاة عبد الناصر لا تزال كما هي قوية ومتشعبة وتمثل نسبة كبيرة من المقالات. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة.

هيكل وعبد الناصر والسيسي

ونبدأ بالرئيس عبد الفتاح السيسي ورأي المرحوم محمد حسنين هيكل فيه، الذي قاله لعدد من أصدقائه قبل وفاته بحوالي أربعة أشهر، وهو ما أورده في «الشروق» محمد سعد عبد الحفيظ في عموده «حالة» تحت عنوان «هيكل والسيسي وصدقي وناصر» وقوله فيه: «لا تستطيع أن تستعيد سلطة وشعبية جمال عبدالناصر بسياسات إسماعيل صدقي». جاءت هذه الكلمات في ختام الحوار الأخير للكاتب الصحافي الأستاذ محمد حسنين هيكل، رحمه الله، مع عدد من أصدقائه وتلاميذه ومحبيه الذين تجمعوا في مكتبه على ضفاف نيل الجيزة، للاحتفال بعيد ميلاده الأخير نهاية سبتمبر/أيلول 2015. كلمات الأستاذ كانت تشير إلى سياسات النظام الحالي التي، حسب تقديره، تقترب من سياسات وتوجهات إسماعيل صدقي باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، الذي حكم البلاد بالحديد والنار، وانقلب على دستور 1923 وأصدر دستور 1930، وعطّل عمل البرلمان، وانقض على خصومه وسيطر على الجهاز الإداري للدولة ليضمن تزوير الانتخابات لصالح حزبه، فضلا عن اعتداءاته المتكررة على الصحافة. كان الأستاذ من أكبر الداعمين والمؤيدين لترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسي، في وقت كانت تشعر فيه النخب المثقفة بأن الدولة المصرية في خطر، وأن الهزات العنيفة التي تتعرض لها تحتاج إلى رجل مدعوم من مؤسسات القوة. أطلق هيكل على السيسي قبيل انتخابات رئاسة 2014 وصف مرشح الضرورة، ورأى أن خلفيته العسكرية هي الأنسب لمصر، وقال في حوار تلفزيوني آنذاك: «إن السيسي قادم من المؤسسة العسكرية، التي تعد المؤسسة الوحيدة القادرة على مواجهة المخاطر في اللحظة الراهنة». لكن ظني أن تجربة ما يقرب من عام ونصف العام من الحكم، كانت كافية لأن يراجع الأستاذ موقفه، فالمقارنة بين مشروعي صدقي وعبدالناصر كانت لها دلالتها. هيكل وجّه رسالته الأخيرة بأن السيسي لن يستطيع أن يملك ما كان لناصر من سلطة مستندة إلى شعبية حقيقية، صنعتها قرارات وتوجهات منحازة للشعب، بسياسات صدقي باشا المعادية لغالبية التوجهات الشعبية. التعبير لخص كيف كان ينظر الأستاذ إلى تجربة الرئيس الجديد. رحل هيكل بعد هذا الحوار بنحو 4 شهور، في هذا التوقيت لم تكن ديون مصر الخارجية تجاوزت الـ50 مليار دولار بعد، وسعر الدولار الرسمي لم يتخط حدود الـ9 جنيهات، لا أعلم لو أمد الله في عمره وعاش حتى يرى الدين الخارجي وهو يقترب من 80 مليارا والداخلي يقترب من 3 تريليونات جنيه والدولار وصل إلى 17.6 رسميا ماذا كان سيقول؟».

عصر متميز

وعن عبد الناصر قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في القاهرة الدكتور جلال أمين في مقاله الأسبوعي في «الأهرام» تحت عنوان «هل كان عبد الناصر سعيد الحظ»: «مع مرور الزمن والتفكير من جديد في التجربة الناصرية، أميل أيضا إلى اعتبار جمال عبدالناصر رجلا سعيد الحظ كانت للرجل السمات المطلوبة في زعيم شعبي، إذ كان يتمتع بجاذبية شخصيته وقوة الإرادة وثقة عالية في النفس، ولكنه أيضا كان رئيسا في عصر متميز بدوره، عصر نهرو وسوكارنو وبن بيلا ونيكروما، وهذا هو ما أقصده بالقول بأنه كان رجلا سعيد الحظ. لقد وصفت تلك الفترة من القرن العشرين (الخمسينيات وأوائل الستينيات) في مقال سابق في هذه الجريدة، بأنها اتسمت بما يمكن تسميته «بقوة الالتزام الخلقي»، أي بقوة الشعور بأن على الفرد مسؤولية اجتماعية إلى جانب العمل لمصلحته الشخصية والعائلية، لا يمكن الزعم بأن هذا الشعور قد انتهى بانتهاء الستينيات، ولكنني أزعم أنه منذ سبعينيات القرن العشرين اشتد الاهتمام بالصعود والترقي الفردي في صورة زيادة دخل الفرد، والارتفاع بمستوى معيشته على حساب الانشغال بالصالح العام. قرأت مؤخرا عن استطلاع للرأي جرى لطلبة مدارس في إنكلترا في سنة 1949 تبين منه أن ارتفاع مستوى الذكاء يقترن بطموح التلاميذ إلى العمل في وظائف يحققون فيها شخصياتهم، أكثر من طموحهم إلى وظائف ذات مكافأة مادية عالية، مقارنة بما يلاحظ الآن من تفضيلهم للمكافآت الأعلى، وبالمقارنة بنوع العمل الذي يقومون به. لم يشهد عبد الناصر ما حدث في السبعينيات وما بعدها، ومن ثم لم يكن مسؤولا عن هذه الأحداث، بعكس ما يعتقده كثيرون من أن ما حدث في السبعينيات من تدهور كان رد فعل لما فعله أمثال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات. إني لا أتفق مع هذا الرأي وأعتقد أن فيه كثيرا من الظلم لعبد الناصر وأمثاله. ربما جاز إذن اعتبار جمال عبد الناصر رجلا سعيد الحظ ولو لهذا السبب وحده أي لأنه لم يشهد ما حدث بعد وفاته».

فوضى الإعلام

وإلى الشكوى من فوضى الإعلام والمناقشات التي قال عنها في «الأهرام» رئيس مجلس إدارتها الأسبق ورئيس تحرير جريدة «الأهرام المسائي» الأسبق مرسي عطا الله في عموده اليومي «كل يوم» تحت عنوان «كفى تحطيما للفوانيس»: «أعتقد أنه آن الأوان لكي نوقف كل مظاهر اللغط السياسي والإعلامي الذي ترتفع نبرته وتتدنى ألفاظه في معظم البرامج الحوارية. إن بعض هذا اللغط قد يكون فيه جانب من الصحة، لكنه للأسف الشديد يفتقر إلى الأدلة والبراهين، ومن ثم يؤدي إلى وقوع المشاهدين والمستمعين في حالة من الحيرة والبلبلة والعجز عن فهم ما يجري لدى الرأي العام، وبذلك نقع في المحظور، ونجاري بدون أن ندري ما تفعله قنوات الفتنة والتحريض، التي يديرها حلف الكراهية من الدوحة واسطنبول. إن أكثر ما يغيب عن المشهد الراهن، إنه إذا كانت الحرية تعني حق إبداء الرأي فإنها في الوقت ذاته لا تعني حق استباحة توجيه الاتهامات بغير دليل أو الادعاء بدون قرينة، وأي مجتمع يسمح بضياع الخط الفاصل بين الحرية والفوضى هو مجتمع يحكم على نفسه مسبقا بالشقاق والصراع واستهلاك الجهد والوقت، بعيدا عن القضايا والتحديات الأساسية. وفي ما يبدو فإن الذين يصرون على تغييب المنهجية اللازمة لأصول وقواعد لغة الحوار، يفعلون ذلك عمدا حتى تسود الفوضى الكلامية التي تتغلب فيها لغة الحناجر على لغة العقول وتصبح مفردات الجدل والعناد هي المفردات السائدة لكي يختلط الحابل بالنابل وتتشتت الاتجاهات والمصالح وتشتعل نيران الصراعات والمكايدات».

بيع وشراء الفضائيات

وأكمل الموضوع زميله أحمد عبد الحكم في «الأهرام» في بابه «كلام في السياسة» عن الصفقات الغامضة لشراء الفضائيات وقال: «ما يحدث في سوق الفضائيات حاليا من صفقات بيع وشراء وتنازلات عن الرخص، يبقى حتى الآن أمورا غامضة تثير الريبة والتساؤلات حول البائعين والملاك الجدد من هؤلاء؟ ومن أين أتت المليارات التي ستمول هذه الصفقات الضخمة؟ سوق الإعلام بالغ الحساسية، يجب عدم معاملته كأسواق الخضر والفاكهة. نعم الإعلام صناعة ضخمة له مكوناته وأدواته ومستهلكوه، الذين هم جمهور المتلقين. الخطير في الإعلام أن الهدف ليس دائما تحقيق الأرباح، لكن التأثير في الرأي العام ومحاولات إقناعه بسياسات وتوجهات تخدم أهداف صانعيها. أين المجلس الأعلى للإعلام من هذه الصفقات التي لا يكفي فيها موافقات وتحريات الأجهزة الأمنية؟ الملف خطير بالفعل وأكثر ما يثير الدهشة هو تسارع حركة البيع والشراء لثلاث أو أربع شبكات فضائية في وقت متقارب، قد تكون الأوضاع الاقتصادية الطارئة سببا رئيسيا في التطورات الأخيرة، خصوصا أن الإعلام صناعة باهظة التكاليف. ويبقى الشق السياسي والأمني هو الأولى بالبحث والتنقيب في هذا الملف الشائك. ليس سرا إن حروب الجيل الرابع وربما الخامس أيضا سلاحها الإعلام، وما سميت بثورات الربيع العربي، كان الإعلام مفجرها. التحدي الأكبر الآن كيف يصمد إعلام الدولة في مواجهة هذه القفزات المجهولة؟ وكيف يطور أدواته وبرامجه وسياساته ومحتواه وتفاعلاته في هذا السوق المفتوح؟ بالتأكيد يحتاج إعلامنا الرسمي إلى هزة عنيفة تحرره من قيود كثيرة مفروضة عليه، ويفرضها هو على نفسه، لكن مع التطورات الجديدة لم تعد هناك رفاهية لإضاعة الوقت، سيظل الإعلام الرسمي سند الدولة في الفصل الجديد من الحروب».

جامعة عبد الناصر وجامعات الأسرة المالكة

ومن الإعلام إلى الجامعات، حيث قدم لنا الدكتور نصار عبد الله الاستاذ في جامعة المنيا معلومات عن إنشاء جامعة أسيوط في مقاله في «المصري اليوم» تحت عنوان «ستون عاما على جامعة أسيوط» قال فيه: «في أكتوبر/تشرين الأول 1957 بدأت الدراسة في أول جامعة أنشئت في صعيد مصر، ونعني بها جامعة أسيوط، التي كانت في الوقت نفسه رابع جامعة تنشأ على مستوى مصر في الكامل، إذ سبقتها ثلاث جامعات هي: جامعة فؤاد الأول (القاهرة في ما بعد) جامعة فاروق (الإسكندرية) جامعة إبراهيم (عين شمس). وقد كان غريبا أن كل واحدة من الجامعات الثلاث كانت تحمل اسم واحد من أسرة محمد علي باشا، بينما محمد علي نفسه مؤسس الأسرة ومؤسس مصر الحديثة، لا توجد جامعة باسمه. ويبدو إن هذه المفارقة التفتت إليها لجنة الاحتفالات القومية في وزارة المعارف العمومية، عندما كانت تعد العدة للاحتفال في عام 1949 بالذكرى المئوية لرحيل مؤسس الأسرة العلوية، ومن ثم فقد تقدمت إلى مجلس الوزراء بمشروع لإنشاء جامعة في مديرية أسيوط يطلق عليها جامعة محمد علي، وقد وافق مجلس الوزراء على المشروع، وأصدر المرسوم بقانون رقم 156 لسنة 1949 الذي نص على فترة تحضير تتراوح بين أربع وسبع سنوات لتجهيز الإمكانات اللازمة لبدء الدراسة في الجامعة، التي كان من المفترض في قانون إنشائها أنها سوف تتكون من سبع كليات هي: الآداب- التجارة – الحقوق – الزراعة – الطب – العلوم والهندسة. ومع هذا فحينما بدأت الدراسة في عام 1957 كانت الجامعة مكونة من كليتين فقط هما، العلوم والهندسة. أما أسرة محمد علي التي أنشئت الجامعة تخليدا لاسم مؤسسها، فقد أطيح بها في أعقاب استيلاء الضباط الأحرار على الحكم في يوليو/تموز 1952 بقيادة ضابط شاب من أبناء مديرية أسيوط ذاتها».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة وما كشف عنه الإحصاء الأخير من مشاكل قال عنها الدكتور نصر محمد عارف في مقاله في «الأهرام» تحت عنوان «الإحصاء كشف الغطاء»: «أولا: لم تكن مصر في حاجة إلى إحصاء شامل لمعرفة أن هناك عشرة ملايين وحدة سكنية مغلقة، فالأمر لم يكن يحتاج إلا إلى تجميع معلومات جهات ترخيص المباني، مع معلومات المياه والكهرباء، وربطها برقم القيد العائلي للأفراد، لمعرفة عدد الوحدات التي تملكها كل أسرة، ولكن لأن جميع هذه الجهات تدار بطريقة بدائية ورقية، ولأنها مشتتة ولا تنظمها جهة مركزية، ولأن الفساد ينخر في أعماقها وعدم الكفاءة منهجها وشعارها، لم تعرف الدولة هذا الرقم من الوحدات السكنية الفارغة، ولو عرفت؟ هل كانت ستبني عاصمة جديدة؟ وهل كانت الدولة ستبني مئات الآلاف من الوحدات المتوسطة؟ أم أنها كانت ستركز على بناء مليون وحدة سكنية لتحرير مليوني أسرة مصرية من استخدام حمام مشترك ومطبخ مشترك؛ حماية للأعراض؛ ووقاية لكرامة البشر وحيائهم من أن يهدر كل يوم عدة مرات؟ ثانيا: الرقم المخيف لزواج القاصرات في مصر يثبت أن عدة وزارات وهيئات تهدر جهدها وميزانياتها في قضايا هامشية، فبدلا من أكشاك الفتوى تلك الفكرة الساذجة المهينة للدين المبتذلة للفقه، بتحويله إلى سلعة رخيصة على قارعة الطريق، فمن يحتاج لفتوى يذهب إلى أقرب مسجد، كان الأولى بوزارة الأوقاف أن تركز على تصحيح الوعي ومعالجة الأزمات الحقيقية، مثل زواج القاصرات، ولكن للأسف للوزارة أهداف سياسية لا علاقة لها بالشعب. كذلك وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات المسؤولة عن السكان التي انشغلت بختان الإناث طبقا لما تريده الأجندة الدولية وتجاهلت ضياع البنات وتدمير حياتهن في سن الطفولة، تركت للسلفيين تفريغ كل عقد الصحراء في أطفال مصر».

«رؤية الغد وليست 2030»

وفي الصفحة الثانية عشرة من «المصري اليوم» قالت أمينة خيري في مقال عنوانه «رؤية الغد وليست 2030»: «بعيدا عن شحن المواطنين سلبا أو إيجابا والتلاعب بحياتنا يمينا أو يسارا واتخاذ القرارات التي تصب في «مصلحتنا» أو أذانا، لا يسعني سوى التساؤل عن مصير ما يسمى الطبقة المتوسطة، وهي تلك الطبقة التي باتت هلامية التعريف ضبابية المحتوى وبمعنى أدق في مهب الريح! قيل لنا في عصور تاريخية مضت إن هذه الطبقة «رمانة الميزان» و«ترمومتر الأوطان» و«ميزان ذهب أطوار التقدم والاستقرار». فما هو المتوقع لها هذه الأيام؟ المطلوب ليس تصريحات عن مراقبة الأسواق أو نصائح عن عشر طرق لخفض النفقات أو دروسا في كيف يعيش المواطن في الغرب بدولار، أو تلويحا بخطورة الإرهاب أو تصريحا يفيد بأن «هو كده وخلاص»، كثيرون في مصر لديهم استعداد لتحمُّل المصاعب وابتلاع المشقات واستيعاب الخبطات، شرط أن تكون في نهاية النفق شمعة ولا أقول ضوءا وضَّاحا. والشمعة هنا ليست تصريحات وردية أو مشاعر خزعبلية، لكنها تصور واضح وصريح ومنطقي يشرح لحمَّالي الهبدات المتتالية الخطة الموضوعة من خطوات وإجراءات وأهداف وتصور زمني لها. أما الاعتماد على «ليل الخميس» لامتصاص الصدمات وصباح الجمعة للهري والهري المضاد، ونهار السبت للاستفاقة والاستعداد ويوم الأحد ليكون نقطة ومن أول السطر، فقد هرم السطر وخارت قوى النقطة. جيد جدا أن تكون لدينا رؤية 2030 لكننا أيضا في حاجة إلى رؤية للغد وبعد الغد».
أما فاروق جويدة فقال في عموده « هوامش حرة « في «الأهرام» تحت عنوان «أفيدونا أفادكم الله» وهو في حيرة من أمره: «ما الذي ينقص شركات المحمول من الأموال والانتشار حتى ترفع أسعار كروت الشحن بنسبة 36٪؟ وما الذي ينقص تجارة الحديد في مصر حتى يرتفع سعره بنسبة أكثر من 100٪ ليزيد سعر الطن على 12 ألف جنيه، وهو في الأسواق العالمية أقل من سبعة آلاف جنيه؟ وما الذي ينقص أعضاء مجلس الشعب حتى يتفرغوا لبيع تأشيرات الحج للمواطنين الغلابة بسعر يتراوح بين 50 و90 ألف جنيه؟ ما الذي ينقص الحكومة حتى تشتري المحاصيل الزراعية بنصف ثمنها في الأسواق العالمية، بينما تبيع البذور والمبيدات والأسمدة بأسعارها العالمية نفسها؟ هناك تناقض شديد بين نظرة الحكومة للشعب ونظرتها للأعباء التي تفرضها بقسوة على المواطنين. هناك إحساس غامض لدى الحكومة بأن الشعب المصري لديه أموال كثيرة، أي أنه شعب غني، والدليل أنها تفرض الأعباء عليه، بدون دراسة أو تقدير للظروف، وربما وصلت الحكومة إلى هذه النتائج حين زادت مدخرات المصريين في البنوك، أو حين ارتفعت أسعار الأراضي التي تعرضها في المزادات عن كل الاحتمالات، لكن المؤكد أن الحكومة لا تفهم الشعب الذي تدير شؤونه، ولهذا ترفع أسعار الحديد للتجار بهذه النسب المخيفة، وتقلب كل موازين العقارات في مصر بيعا وشراء وتجارة، ثم ترفع أسعار كروت الشحن بنسبة 36٪ مرة واحدة، رغم أن التليفون المحمول أصبح من ضروريات الحياة، ليس في مصر ولكن في كل بقاع الدنيا. والأغرب في هذه القصة إننا لا نسمع صوتا لمجلس الشعب ابتداء في ما يخصه، وهو تجارة التأشيرات وانتهاء بما يخص المواطنين في تجارة مكالمات المحمول وتجارة الحديد. والسؤال لماذا لا تقول لنا الحكومة عن النسبة التي ستحصل عليها من هذه الزيادات، وهل تدخل أرباح شركات المحمول في ميزانية الدولة؟ أم إنها أرباح خاصة؟ وهل الزيادة في أسعار الحديد ستحصل الحكومة على جزء منها؟ والرجاء من وزارة المالية أن تبشرنا بأن كذا مليونا من الحديد وكذا مليونا من المحمول قد دخلت الميزانية من هذه القرارات العجيبة، خاصة أن آخر أرقام الدين الخارجي على أبواب 80 مليار دولار افيدونا أفادكم الله».

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات، حيث أثار محمد الهواري في «الأخبار» في عموده «قضايا وأفكار» قضيتي أجور الكشف عند الأطباء والدروس الخصوصية، وهي تشكل أعباء كبيرة على المرضى وأولياء الأمور وقال وهو يناشدهم الرحمة: «قسوة الأطباء والدروس الخصوصية تلهب جيوب الأسر المصرية، فالمغالاة في تحديد أسعار الكشوف في العيادات الخاصة التي تجاوزت ألف جنيه في بعض العيادات، إضافة لتحويل الاستشارة إلى كشف يسدد فيه المريض ما يسدده في الكشف نفسه، رغم استغراق الكشف لدقائق معدودة، لا شك أن هذه المغالاة أزالت عن مهنة الطب إنسانيتها. أما الدروس الخصوصية التي بدأ موسمها وارتفاع ما يسدده الطالب في الدروس الخصوصية، سواء في التعليم قبل الجامعي أو التعليم الجامعي في بعض التخصصات مقابل ضخم تسدده الأسرة المصرية للعمل على نجاح أبنائها في مراحل التعليم المختلفة».

عمود الخيمة

وعن الموضوع نفسه كتب جمال سلطان في «المصريون» عن أسباب انهيار التعليم قائلا:
«المعلم هو عمود الخيمة في العملية التعليمية بكاملها، يمكنك أن تستغني عن المدير والغفير وعن الوزير نفسه، بل حتى عن المدرسة وجدرانها وتستمر العملية التعليمية ولو بصعوبات، لكن المعلم، المدرس، لا يمكنك الاستغناء عنه أبدا، ويستحيل أن تمضي العملية التعليمية بدونه، ومع ذلك هو الأكثر غبنا وظلما في المنظومة كلها، إداريا وماليا وحتى معنويا، لا يسمع له أحد، ويتعامل معه «الكبار» باستهتار وتهميش، ولو أنهم استمعوا لهم، وخصصوا لجانا على أعلى مستوى للاستماع إليهم، لتغير وجه التعليم في مصر، لأنهم الأدرى بكل تفاصيله اليومية الدقيقة ومشاكله المستعصية. هذه الرسالة وصلتني من مدرس ثانوي في إدارة «زفتي» التعليمية في محافظة الغربية، وأرسلها ممهورة باسمه الكامل ورقم هاتفه، ولكني لن أنشر ذلك حماية له، لأننا نعيش أجواء تستبيح كل ناصح، وتنكل بكل من يحاول خدمة الوطن بالتنبيه على «أمراضه» المستعصية التي يخفيها كبار المسؤولين، يقول القارئ /المدرس الأستاذ (م.ع.ن) في رسالته : الأستاذ جمال سلطان بعد التحية، يؤسفني أن أتحدث عن حال التعليم الذي لا يخفى على أحد إلا على المسؤولين المتغافلين المنتفعين الذين ينكرون ضوء الشمس لأنهم يستفيدون من الظلام، لقد زار مدرستنا في أول ساعات العام الدراسي مسؤول كبير بصحبته وفد رفيع المستوى فتوقعت أن المسألة فيها ما فيها وسيقفون على كل كبيرة وصغيرة في المدرسة، وأن النية فعلا متجهة لإصلاح التعليم ولكن! وآه من لكن وما بعدها، لقد بحثوا عن شعار الوزارة (معا ننهض بالمدرسة) والحمد لله أطمأنوا أنه مُعلق في مدخل المدرسة وبالتالي التقطوا معه صورا تذكارية وانصرفوا لمدرسة أخرى وهكذا، بينما الفوضى تعم المكان. وعلى بعد خطوات منهم طلاب يجلسون على مقاعد الدراسة، وفي وقت المدرسة يأخذون دروسا خصوصية من معلمي المدرسة تحت ستار مجموعات تقوية لسنوات النقل (أول وثاني ثانوي) ومحاضرات (مجانية) لطلاب ثالث ثانوي، كذب في كذب وغش فاق الوصف والسادة المسؤولون مشغولون بالتصوير وبدلات النقل ومكافآت الزيارات الخارجية الصورية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. إن نكبة التعليم تأتي من قرارات غير مدروسة ومن مسؤولين ليسوا أهلا للمسؤولية ثم من بعض المعلمين الذين وجدوا مرتعا طفيليا وتربة خصبة للتدريس الموازي (داخل المدرسة) وهم يقدمون خدمة لمديري المدارس حتى لا تنكشف مدارسهم، وتخلوا عن الطلاب، فحمدوا الله أن أعانهم ووفقهم بفئة تعيد لهم الطلاب، وإن كانت عودتهم ليست حبا في المدرسة، بل إرغاما على الدروس الخصوصية، وهؤلاء حمدوا الله أن وفر لهم المديرون حماية من مطاردات الوزير السابق لإغلاق السنتر وتحويل المعلمين للتحقيق، فما أجمل أن تختفي في المكان الذي لا يمكن لأحد أن يكشفك فيه. إنني على أتم استعداد لأن تفوز «المصريون» بسبق صحافي كفيل بعزل كل المسؤولين بدءا من الوزير فما دونه لهول ما سيكشفونه للرأي العام حفظ الله بلادنا من معدومي الضمير ووفقكم لكشفهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة الإهمال الجسيم المتسبب في نكبة التعليم في مصر، والله المستعان
(م.ع.ن)، معلم ثانــــوي، إدارة زفتى التعليمية، محافظة الغربية. انتهت رسالة هذا المعلم الشريف، وأنصحه بأن يعد مذكرة تفصيلية ويتقدم بها إلى هيئة الرقابة الإدارية في منطقته، فهي الأكثر جدية والأنشط حاليا في متابعة مثل هذه الملفات التي تتماس مع الفساد وإهدار مقدرات الدولة».

أشرف مروان

لو صحت رواية تسفي زامير بأن أشرف مروان زوج ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أبلغهم بدقة يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول 1973 بموعد الهجوم المصري السوري في اليوم التالي لكانت الحرب ونتائجها الأولى المتمثلة في العبور الناجح والضربات الجوية السورية المؤثرة في العمق الإسرائيلي غير التي حدثت بالفعل. هذا ما كتب لنا عنه فراج إسماعيل في «المصريون» مواصلا رأيه، رئيس الموساد أثناء حرب 1973 الذي بلغ عمره الثانية والتسعين، تحدث في مقابلة أجرتها معه صحيفة «ميكور ريشون» الإسرائيلية عن ظروف تجنيد أشرف مروان لصالح جهازه، وقال إنه كان أفضل مصدر استخباري لهم في ذلك الوقت.
الملاحظة هنا أن هذه المزاعم غير الجديدة تتكرر سنويا حول مروان من قيادات الموساد الإسرائيلي، في التوقيت نفسه الذي يفصل بين ذكرى وفاة عبدالناصر كزعيم تاريخي قومي عربي، يعتبر أكثر من عادى إسرائيل وكرهها من الوريد إلى الوريد، وتحمل هي المشاعر نفسها تجاهه، وبين ذكرى الانتصار الوحيد للمصريين عليها في 6 أكتوبر 1973. ورغم عشرات المقالات والتأكيدات الإسرائيلية التي ورد بعضها في كتب خصصت لتجنيد مروان، الذي كان مستشارا مقربا جدا من الرئيس الراحل أنور السادات عام 1973، فإن مصر لاذت بالصمت ولم يصدر منها ما يفند تلك المزاعم والادعاءات، التي جاءت ردا على المسلسل الشهير رأفت الهجان أو «الجمال» الذي نجحت المخابرات المصرية في زرعه في قلب القيادات الإسرائيلية. ربما كان الرئيس حسني مبارك هو الوحيد الذي أشار للأمر بعبارة مختصرة تؤكد أن مروان لعب دورا بطوليا لصالح بلاده، لكنه لم يزد على ذلك حرفا واحدا، ربما لأنه اعتقد أن الوقت المناسب لم يأت بعد. أظن أن هذا الوقت أصبح مناسبا جدا منذ مصرعه في حادث غامض في لندن وفي ظروف توحي بأنه تعرض لانتقام ما وليس قضاء وقدرا. يقول تسفي زامير «لقد بدا علينا في قيادة الجهاز التأثر والانفعال، لأننا تمكنا من تجنيد عميل نوعي يتبوأ موقعا مهما في القيادة المصرية». ويوضح أنه كان شخصيا من يتواصل معه ويطلب منه معلومات محددة، والتقاه في لندن في الخامس من أكتوبر 1973، حيث أطلعه على قرار الحرب المصري في اليوم التالي، وأنه ـ أي زامير ـ اتصل فورا برئيسة الوزراء غولدا مائير وطالب المؤسسة العسكرية بالاستعداد للحرب، لكن إيلي زاعيرا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية استخف بالمعلومات التي جلبها مروان وادعى أنها غير صادقة. ويرى زامير أنه لو تعاملت إسرائيل بسرعة مع المعلومات التي نقلها مروان لكان في الإمكان تجنب سقوط المئات من الجنود الإسرائيليين في الحرب. نقاط الضعف كثيرة في كلام زامير. أنا هنا لست في معرض تكذيبه أو الدفاع عن زوج ابنة عبدالناصر. لكن أجهزة المخابرات خصوصا ـ الموساد ـ لا تتعامل بتلك السذاجة مع معلومة حرب جلبها رجل مهم جدا يجلس جنبا إلى جنب مع السادات، ويحضر اجتماعاته مع كبار القادة العسكريين. معلومة كهذه كانت كفيلة بإفشال ما هو أهم من مقتل المئات من الجنود الإسرائيليين، وهو عبور المصريين لمانع قناة السويس الصعب وتحطيم خط بارليف، أصعب الخطوط المحصنة في تاريخ الحروب – خلال ساعات قليلة. الموساد لا يريد أن ينسى أنه المهزوم الأول في تلك الحرب، وأن المخابرات المصرية والسورية ضحكت عليه وسقته «حاجة اصفر» فكان مغيبا تماما عن خطة الهجوم وتجهيزه وساعته الحاسمة. حتى «الملك العربي الشهير» الذي أمدها بمعلومات قبل ذلك سهلت لها هزيمة مصر وسوريا في حرب يونيو/حزيران 1967 لم يكن يعرف شيئا. كان كالأطرش في الزفة. المحاكمات التي جرت في إسرائيل بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول حملت معظم الذنب لجهاز الموساد، فقد ثبت أن كل المعلومات التي أمد بها قياداته العسكرية وعلى رأسها موشيه ديان وزير الدفاع حينئذ، معلومات مشوهة عديمة القيمة. ما يبوح به قادته الآن هو من قبيل غسل الوجه. واتخاذ أشرف مروان هدفا سنويا لمزاعمهم قد يشير إلى أنهم مجروحون منه أو مصدومون وقد يكون مصرعه الثمن الذي دفعه شخصيا انتقاما منه».

قسوة الأطباء والدروس الخصوصية تلهب جيوب الأسر المصرية وشركات المحمول ترفع أسعار الكروت بنسبة 36٪

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية