لندن ـ «القدس العربي»: ظهر القلق في السعودية بشكل واضح مؤخراً من وسائل «الإعلام الجديد» وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي التي باتت مصدراً أساسيا للأخبار في السعودية، وفي مختلف دول العالم، فيما يتزامن القلق السعودي من هذه الوسائل الإعلامية مع الإجراءات الاقتصادية الجديدة التي تشهدها المملكة والتي يبدو أنها تسبب حالة من الغضب في الشارع السعودي.
ورفعت السلطات في السعودية أسعار العديد من السلع، بما فيها الوقود، كما رفعت الدعم عن سلع أساسية لم يكن قد تم المساس بها من قبل، فيما تضمنت الإجراءات الحكومية رفع الرسوم الحكومية على العديد من الخدمات بما فيها اصدار التأشيرات والاقامات وتجديدها بالنسبة للعمالة الوافدة.
وتجلى القلق من شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد في تحذير أطلقه إمام المسجد الحرام خلال خطبة الجمعة في مكة المكرمة من «الأخبار الكاذبة» التي تنشر عبر الإنترنت.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ عبد الرحمن السديس، في خطبة استمعت لها «القدس العربي»، إلى أن الإسراع في نقل الأحداث عبر وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى «إيقاظ الفتن وإيقاع الخصومة بين الناس» ونشر «الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة دون تمحيص». وأضاف: «كم من حدث لو حصل لدفن في مهده لولا استغلال» البعض لهذه المواقع؟» واصفاً من يقومون بذلك بـ«الخوارج».
ومن المعروف أن علماء الدين في السعودية يقصدون بـ«الخوارج» المعارضين السياسيين الذين يطالبون بإصلاحات في المملكة بين الحين والآخر، وهو مصطلح شرعي يراد منه تشبيه الحكام الحاليين في البلاد بالخلفاء المسلمين خلال العهد الأول للإسلام.
وعادة ما تكون خطبة صلاة الجمعة في الحرمين الشريفين معبرة عن مواقف رسمية في السعودية، كما أنها كثيراً ما تتناول أحداثاً وتوجيهات ترغب بها الحكومة، فيما يقول البعض إنها تأتي مكتوبة من الجهات الحكومية المعنية وإن الخطيب في المسجد الحرام أو المسجد النبوي يقوم بقراءتها على الناس فقط.
وقبل خطبة السديس في مكة المكرمة بأسبوع واحد انتقد إمام المسجد النبوي في المدينة المنورة الشيخ سعود الشريم وسائل التواصل الاجتماعي وقال إنها أفرزت «ممارسات غريبة من اللامبالاة بالآداب والأعراف».
وكانت السعودية أعلنت في نيسان/أبريل من العام الماضي تبنيها لخطة «رؤية السعودية 2030» وهي الخطة الاقتصادية الطموحة التي روجت لها وسائل الإعلام في السعودية بأنها ستؤدي إلى الاستغناء عن الاعتماد على النفط في الاقتصاد المحلي، فيما فوجئ السعوديون بعدها بسلسلة من القرارات الحكومية التي أثارت غضباً واسعاً من بينها رفع أسعار الكهرباء والمياه والوقود والعديد من السلع الأساسية، كما فوجئ المقيمون من العمالة الوافدة بارتفاع كبير في رسوم العديد من الخدمات الحكومية، وهو ما دفع الكثيرين إلى انتقاد الإجراءات.
وكشف ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عند إعلان «رؤية السعودية 2030» عن أن المملكة كادت تدخل في أزمة مالية خلال ثلاث سنوات لولا هذه الإجراءات، فيما ينتظر السعوديون بترقب أيضا عملية خصخصة لأضخم شركة نفط في العالم وهي شركة «أرامكو» المملوكة حالياً بالكامل للحكومة في الرياض، وهي العملية التي ستؤدي إلى نشوء أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، وستصل قيمة الصندوق إلى تريليوني دولار أمريكي.
هؤلاء الخطباء يعطون حججا دامغة للذين يدعون أن الدين فعلا في خدمة الساسة وللمحافظة عليه يجب تحريره و إنتهاج نظام لائكي يبعده عن صراعات الحكم