كثير من «الـــــــرز» مع مصــر لم يفعل شيئا، قليله مع تونس كان يمكن أن يفعل الكثيــــر.
المقصود بــ «الرز» هنا طبعا هو أموال دول الخليج العربية بعد أن اشتهر هذا اللفظ من تسريب لمحادثة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع أحد مساعديه استعمل فيها هو هذه الكلمة لوصف وفرة هذه الأموال لدى هذه الدول التي وقف معظمها مع انقلابه مؤازرا بالهبات والقروض والاستثمارات والودائع.
عشرات المليارات من الدولارات لم تغير قليلا أو كثيرا في اقتصاد مصر وبالتأكيد في عيش المصريين الذي يزداد ضنكا، كما يقولون هم أنفسهم قبل غيرهم. هذه المبالغ، التي ضختها بالخصوص المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، بدت كمن سكب عطرا أراد به تغيير رائحة البحر فخسر عطره وظل البحر على حاله.
لم تفعل هذه الدول الخليجية مع تونس عُـشـُــر ما فعلته مع مصر، رغم أنه ما كان لمصر أن تقارن بتونس أهمية استراتيجية بالنسبة لهؤلاء. ومع ذلك، كان بإمكان هذا العشر أن يغير وجه تونس ويخرجها من ضائقتها الحالية. خمسة مليارات مثلا كانت يمكن أن تنعش فعلا بلدا أنهكته هذه السنوات الأخيرة واضـطراباتها السياسيـة و الاجتماعية المتلاحقة.
ثم إن للموضوع وجها آخر مشبعا بالدلالات، فالهروع الخليجي لمد يد العون لنظام انقلب على الشرعية مقابل التردد أو الإحجام عن مساعدة آخر تجاوز كل الامتحانات الانتخابية بشفافية وأمّن انتقالا سلسا وسلميا من أغلبية برلمانية إلى أخرى ومن رئيس إلى آخر، ما كان ليُـــفهم، من قطاع واسع من الرأي العام على الأقل، سوى أنه دعم للديكتاتوريات وتوجس من التحولات الديمقراطية التي جاء بها «الربيع العربي»، وبالأساس في تونس دون غيرها.
في تسجيل أخير وضع على شبكات التواصل الاجتماعي في تونس، نحت باللائمة شخصية عامة تونسية هي السيد عمر صحابو، الذي أكرر هنا أن الصحافة خسرته والسياسة لم تكسبه، على ثلاث دول خليجية سماها بالاسم هي السعودية و الإمارات و قطر. قال إن الأولى لم يرجع من الزيارة الرسمية التي أداها إليها الرئيس قايد السبسي سوى بشيء رمزي للغاية، أما الثانية فلم تعد تقدم شيئا بعد أن خذلها قايد السبسي في مطلبها الملح بإزاحة حركة «النهضة» من المشهد التونسي، أما الثالثة فقال إنها لا تساعد إلا الجمعيات الخيرية وليس الدولة.
وبغض النظر عن مدى دقة ما قاله السيد صحابو، و ضرورة تحري الأرقام الرسمية في هذا الشأن والتي من بينها ما قاله الرئيس التونسي في زيارته الأخيرة إلى الدوحة من أن قطر هي المستثمر الأول في بلاده، فإن هناك أسئلة لم يطرحها لا السيد صحابو و لا غيره و هي متعلقة كلها بالخذلان الحقيقي لتونس الذي أبدته دول غربية ذات علاقة تقليدية عريقة معها أولها فرنسا ثم إيطاليا و ألمانيا والولايات المتحدة. هذه الدول جميعها لم تقف مع تونس الوقفة التي كان يتمناها أهلها ومسؤولوها خاصة وأنه يُفترض، فعلا يُـفترض، أن هذه الدول متحمسة للتغيير الديمقراطي الذي تشهده تونس أكثر من الدول العربية والخليجية أساسا التي لم يقدم معظمها نفسه على أنه نصير الحريات وحقوق الانسان عكس أصدقاء تونس الغربيين الذين دخل بعضهم في إشكالات مع نظام بن علي حــــول هذه القضايا تحديدا.
لا أحد في تونس إرتفع صوته مقرّعا فرنسا وغيرها من الدول الغربية في تقصيرها الجلي عن مساعدة تونس جديا، رغم أن هذه الدول هي الأكثر وعيا أن من بين أسباب جنوح الشباب التونسيين إلى الهجرة غير النظامية وحتى الالتحاق بالجماعات الدينية الإرهابية هو تعثر التنمية وغياب الأمل في تحسن الأحوال ووضع حد لحالة البطالة والحرمان و التهميش. ومثلما سارعت معظم دول الخليج العربية لنجدة نظام السيسي اقتصاديا لاعتقادها الراسخ بأن أمن الخليج من أمن مصر و أن مصر القوية صمام أمان لهم في المنطقة، و هو ما أمتـــُــحن سلبيا في أكثر من مناسبة، كان يـٌـــنتظر من الدول الغربية أن تفعل الشيء ذاته مع جارتهم الصغيرة في جنوب المتوسط، مع أن هذه الدول الغربية نفسها لم تتأخر عن دعم مصر، لاعتبارات مختلفة من دولة إلى أخرى، وإن كانت إسرائيل وأمنها نقطة يشترك فيها الكل.
و كما قال الرئيس التونسي في زيارته الأخيرة إلى واشنطن قبل أشهر قليلة: «نقول لجميع أصدقائنا الذين لا ينفكّون يشكروننا على إنجازاتنا ونجاحاتنا: حسناً، ما زلنا شديدي الهشاشة، وسوف تنهار هذه الإنجازات والنجاحات إذا لم يتحسّن الوضع الاقتصادي. سوف نُخرِج تونس من هذا الوضع الصعب، ونأمل بأنها لن تكون وحيدة. في هذه المرحلة التي نواجه فيها صعوبات، هل تريدون أن يقف الجميع مكتوفي الأيدي ويتفرّج علينا؟»… إلى حد الآن، هذا هو الحاصل فعلا للأسف.
٭ كاتب وإعلامي تونسي
محمد كريشان
مشكلة تونس هي أن الربيع العربي نجح فيها وبإمتياز ولهذا لا تريد الأنظمة العربية إستمرار هذا النجاح لإنه سيرتد عليها
هذه الأنظمة تساعد في خراب بلدان الربيع العربي حتى يتمنى المواطن العربي فيها إستمرار هذه الأنظمة على الخراب
ألم يخربوا سوريا بوعودهم للثوار بالأسلحة ثم أخلفوا
ألم يخربوا مصر بتأييدهم إنقلاباً عسكرياً دموياً
ألم يخربوا اليمن بتواطئهم مع صالح وإبنه
ألم يخربوا ليبيا بتسليحهم جماعة حفتر
ألم يخربوا العراق بتركه لإيران
ولا حول ولا قوة الا بالله
فرنسا لم تقدم شيءا الا الكلام المعسول والمانيا قدمت قرضا هزيلا جدا بعد محادثاث مع الحكومات المتعاقبة دامت لاكثر من ثلاث سنوات والقرض اصلا للبنوك التونسية. لم يعطى القرض الا بعد ان حصلت المانيا على ظمان من الحكومة التونسية بسداد الدين في حال تعثر البنوك في السداد. المؤسسات المالية الدولية قدمت قروضا متواضعة لدعم الاقتصاد التونسي ومنعه من الوقوع. قطر كانت قدمت قرضا لحكومة النهضة مباشرة بعد الثورة لمدة سنتين يتم الدفع مرة واحدة في نهاية المدة بطبيعة الحال مع الفواىد. هذا القرض تم صرفه في اشياء استهلاكية ولم يتم صرفه في تعزيز البنية التحتية للبلاد.
الارهاب اضر بالبلد حيث كان يضرب الشريان الريسي السياحة بعد كل انتعاشة طفيفة.
حسب معرفتي بالاقتصاد التونسي وتونس التي اعرفها جيدا اتنبىء لهذا البلد بمستقبل زاهر سياسيا واقتصاديا انشاء الله.
واقول للاستاذ كريشان ربما خير ان الدول الخليجية لم تساعد.
إن شاء الله يا عزيزي أكرم حفظكم الله وليس إنشاء الله
مع تحياتي ومحبتي وإحترامي لك وللجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
ليس من العدل القول ان مساعدات دول الخليج لم تفعل شيئا في مصر . اثنين تريليون جنيه تم صرفهم حتى الان في مشاريع بنيه تحتيه عملاقه مما يجعل ما يسمى رز الخليج يبدو كاْنه حبات ملح على طبق فول . تسليح للجيش المصري جعله من اكبر عشر جيوش في العالم و لا تقل لى ان الجيش لا يحتاج كل هذا . انظر الى ايران. لم نسمع إيرانيا واحدا يقول لبلاده كفى تسليحا .
اضخم شبكه طرق في تاريخ مصر الحديثة . محطات كهربا وحدها تكلفت مائه مليار جنيه . حفر انفاق تحت قناه السويس بمعدل صرف مليار جنيه في كل كيلومتر في النفق الواحد . بناء مدن جديده للتوسع العمراني مثل الإسماعلية الجديدة و السويس الجديدة و المنيا الجديدة و قنا الجديدة ناهيك عن مدينه توشكى الجديدة و العاصمة الإدارية الجديدة التي اوشكت المرحلة الأولى فيها على الانتهاء بعد تكمله البنيه التحتية فيها . المشكلة ان رجل الشارع يبدو غير معنى بكل هذا و كاْن الحكومة تبنى لسكان كوكب اخر!!
الشىْ الاخر هو ان الفساد في تونس لا يقل عن مثيله في مصر كما هو معروف للجميع فمن يدرى ان قليل من المساعدات كان سيفعل الكثير ؟
الى الاخ Soliman. اولا من الخطىء القول ان الفساد في تونس هو على نفس الدرجه من مثيله في مصر. الفساد في هذه الاخيرة بلغ مراحل متقدمة جدا. وعن المشاريع الكبيرة التي تكلمت عليها وان المواطن البسيط غير معني فهذا بعينه بيت القصيد. السيسي ومن خلفه ليس لهم علاقة بالتسيير الجيد للاقتصاد حيث ان هذه المشاريع العملاقة ليس وقتها بامتياز في وجود عجز حاد في كل الميادين. ليست هناك خطة اقتصادية حقيقية وعليك بالرجوع الى مقال الايكونميست اذا اردت تفاصييل اكتر. المشكلة الاخرى والاكبر ان ليست هناك سياسة ومعارضة حقيقية لوقف هذه المهزلة والشعب يحكم بعقلية الثكنة.
تونس على العكس من ذالك نجحت الى حد ما في السياسة وتجنبت فتن لاحصر لها والكل كان يريد الايقاع بها في هذا المستنقع. وانشاء الله المشاكل الاقتصادية ستحل مع الحكومة الجديدية.
اخي كريشان
كل التحيه لتونس شعبا وارضا وحكومة
اغناكم الله عن هذه الاموال القذره . فلا بركه بها فهي تذهب ادراج الرياح
وعلى التونسيون ان يعملوا ليل نهار لبناء اقتصاد ذاتي قوي وهم اهلا لذلك
لكم الله يا اهل تونس٠
للاسف الغرب و الشرق يريد معاقبتكم لانكم انتم من زرع الامل فى قلوب العرب و فى قلوب الشعوب المضطهدة بان الفجر ات لا محالة و ان ارادة الشعوب اقوى من كل الدكتاتوريات و اسيادها٠
فاصمدوا و قاوموا لان نجاحكم هو اخر امل للشعوب المضطهدة٠
منذ قيام ثورات الربيع العربي لم ينم للدول الخليجية جفن.. اصبحت تفقر فاها مندهشه مما يحدث..
كيف يزال حكم قائم…
فخافت علي عروشها وتخيلت ان يدث لها ما حدث… لا تريد لي بلد حدثت فيه ثوره ان ينجح..
فلم تبخل بأموالها علي زعزعة بلاد الثورات وتفشيلها…
حتي تونس لم تسلم من اياديهم لكن الله سلم…
بوعي ابناءه وقوتهم علي مجابهة اعتي عواصف التشتيت والتشرزم…
حفظك الله تونس
ونصرك بأبناءك
وكفاك شر المسأله
نعم ثم نعم للشعب العربي التونسي. الشعب والقياده الحكيمه مع الشعب ستنهض تونس اخذ تركيا كمثل من حاله الانهيار وافلاس الدوله الى النهوض والتقدم اما أموال الخليج او اوربا فلا خير فيها شرها اكبر من خيرها ستنهض تونس المعطاء بفضل ابنائها خططوا واعملوا .. اسفي ثم اسفي على الاستثمارات الخليجيه في امريكا سيأتي تسونامي اقتصادي وتذهب مع الريح . اعملوا فسيرى الله عملكم
السلام عليكم ورحمة الله.
أرى تجاهل الأخ الكاتب للأخت الكبرى غرباً “الجزائر” ومافعلته من مساعدة أثناء حكم الترويكا وبعده، بقدر إمكانياتها “بالطبع ليس لها الإمكانيات المادية لدول الخليج”، ناهيك عن المساعدة العسكرية في مواجهة فلول التكفير، وكذا تحفيز الجزائريين لإنقاذ السياحة التونسية، فعلى تونس أن ترى أن بعدها الإستراتيجي والجغرافي مع الجزائر لاغير، إذا لمآ ترتمي بعيدا،سواء الخليج أو الغرب، فكلهم يرهنك بمصالح.
فلنحاول أن نكون موضوعيين بعض الشيء، تقبلو مني هذا النقد.
التونسيون حكومة و شعبا يعرفون جيدا ان علاقة تونس بالجزائر الشقيقة هي علاقة إستراتيجية . الكاتب يتحدث فقط عن الدول التي خذلت تونس و يبقى في الآخر رأيه فقط
اعتقد ان الفوضى التي تعيشها البلاد والتطاول على الدولة من بعض المنضمات والاطراف خلق عدم استقرار سياسي واجتماعي اخذته هذه الدول ذريعة لاقاف المساعدات التنموية لتونس.
تحية لأستاذي كريشان
فرق كبير بين الثورة والثورة المضادة
جريمة تونس أنها أدخلت الأمل في قلوب ملايين العرب بالحرية والديموقرطية ،
وجريمتها أنها لم تذبح أبنائها في الميادين والساحات بيد من هو مفروض أن يحميها ،
ذنبها أن جيشها ليس للإيجار وأرضها ليست للبيع ،
مشكلة تونس أنها تتلمس الطريق الصحيح وإن تعثرت فهي تكمل المسير .
لكل هذا وغيره حرام عليها رز الخليج
وإن كانت الثورة المضادة قد ربحت جولة
فالحرب جولات
والشعوب تنتصر