قمة مرتقبة بين أردوغان وقادة أوروبا

حجم الخط
2

إسطنبول ـ «القدس العربي»: استبقت تركيا موعد القمة المنتظرة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وقادة أوروبا المقررة الشهر المقبل، بالإعلان عن استكمالها الإجراءات اللازمة بشأن إلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى الاتحاد الأوروبي، وقامت بتسليم الملفات اللازمة في هذا الإطار إلى رئاسة المفوضية الأوروبية.
وهدفت تركيا من خلال هذا الإجراء الاستباقي لقياس رد فعل الاتحاد ودوله اتجاه ما تقول تركيا إنه التزام الاتحاد بتعهده السابق بإلغاء تأشيرة الدخول والذي جاء في إطار اتفاق إعادة المهاجرين الموقع بين أنقرة وبروكسل، وهددت تركيا بإلغائه «ما لم يوفي الاتحاد بتعهداته».
في المقابل، لا يرى المراقبون نية أو مؤشرات لدى دول الاتحاد لتطبيق هذا التعهد، لا سيما في ظل تصاعد الخلافات بين الجانبين طوال الأشهر الماضية، والاتهامات لتركيا بالابتعاد أكثر عن قيم الاتحاد الأوروبي والقيام بانتهاكات واسعة ضد حقوق الإنسان في إطار الحرب على تنظيم فتح الله غولن المتهم بمحاولة الانقلاب، والحرب على الإرهاب التي تمثلت مؤخراً في عملية «غصن الزيتون» التي يخوضها الجيش التركي ضد الوحدات الكردية في عفرين بسوريا.
وأول من أمس الأربعاء، سَلّم السفير التركي الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فاروق قايماقجي، خطة العمل التركية حول رفع التأشيرات وملحقاتها إلى النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانس. وقالت المصادر التركية إن بنود خطة العمل ستنفذ في حال تلقت إشارات إيجابية من المفوضية الأوروبية التي قالت إن خبرائها سوف يبدأون دراسة خطة العمل التركية فوراً. وشدّد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، على أنّ تفعيل رفع تأشيرة الدخول بين تركيا والاتحاد الأوروبي خلال 2018، سيُكسب العلاقات القائمة بين الجانبين زخمًا جديدًا، على حد تعبيره.
لكن التصريحات الرسمية التركية رافقها نوع من الغموض، فأنقرة لم تلبِ بعد جميع الشروط الأوروبية من أجل استكمال إجراءات رفع التأشيرة. وبحسب وزير الخارجية التركي، فإن أنقرة استكملت 67 معياراً من أصل 72 لرفع التأشيرة، فيما بقيت بعض النقاط الخلافية التي يطالب الاتحاد بتنفيذها. وتقول تركيا إنها لن تستطيع الإيفاء بها حالياً لأسباب متعددة.
والجديد في هذا الإطار، تقديم تركيا «خطة عمل» من أجل التفاوض على تنفيذ باقي الشروط. وفي حال التوافق عليها تقول تركيا إنها ستبدأ بتلبيتها «فوراً». ومن أبرز النقاط التي ما زالت محل خلاف بين الجانبين، طلب الاتحاد من تركيا تغيير القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي يقول إنها «فضفاضة» وتستخدمها السلطة لقمع المعارضين.
وبحسب صحيفة «حرييت» التركية، فإن الرد الأخير الذي تم تسليمه إلى الاتحاد شمل توضيحاً موسعاً لحاجة تركيا في هذه الفترة لمواصلة الحرب على الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية القادمة من داخل وخارج البلاد، مع تقديم تعهدات بتغيير بعض القوانين التي تحد من التأثير على الحريات العامة بداعي مكافحة الإرهاب. وفي ما يتعلق بشرط الاتحاد تحديث جوازات السفر التركية وإصدار نسخة أحدث تتلاءم مع المعايير الأمنية والتقنية للاتحاد الأوروبي، أشارت الوثيقة، بحسب حرييت، إلى أن تركيا قطعت شوطاً طويلاً في هذا الجانب، وأنها سوف تنتهي من إجراءات تحديث جوازات السفر التركية خلال شهر أبريل المقبل.
أما فيما يتعلق بشرط انضمام تركيا إلى نظام الشرطة الأوروبية الموحدة «أوروبول» فإن تركيا أخبرت الاتحاد في الوثيقة أنها مستعدة للقيام بهذه الخطوة في أسرع وقت، وأنه يجري إعداد مشروع قانون يمكن عرضه بشكل سريع على البرلمان للموافقة عليه في حال تلقت أنقرة إشارات إيجابية من جانب المفوضية الأوروبية.
إلى جانب ذلك، أبلغت تركيا الاتحاد الأوروبي أنها على استعداد لتعديلات قانونية لتلبية شروط الاتحاد المتعلقة بمكافحة الفساد، وأن وزارة العدل التركية أعدت مشروع قانون يُمكن عرضه في أقرب وقت على البرلمان لإقراره كي تكون القوانين التركية أكثر صرامة في محاربة الفساد، لا سيما المتعلق بتمويل الأحزاب السياسية، إلى جانب تعديلات قانونية أخرى تتعلق بجعل آلية وسرية «البيانات الشخصية» للمواطنين الأتراك تتطابق مع معايير الاتحاد، والتعاون في مجال مكافحة الجريمة، وهو ما تعهدت تركيا بالقيام به، بحسب الصحيفة.
كما تعهدت تركيا في الوثيقة بإكمال البنود المتعلقة باتفاقية إعادة قبول اللاجئين ولكن ذلك سيكون بالتزامن مع بدء الاتحاد الأوروبي بتطبيق قرار رفع التأشيرة، وتقول الصحيفة إن وزارة الخارجية التركية ووزارة شؤون الاتحاد الأوروبي تبني آمالا كبيرة على احتمال التوصل إلى توافق للقيام بهذه الإجراءات وصولاً لتطبيق قرار رفع التأشيرة.
ومن المقرر أن تستضيف بلغاريا في 26 مارس/ آذار المقبل لقاءً رباعيا يجمع قادة أوروبيين بأردوغان، يشارك فيه كل من رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، ورئيس البرلمان الأوروبي جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء البلغاري الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي بويكو بوريسوف، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي أن «الاجتماع يشكل فرصة جيدة من حيث تحديد المصالح المشتركة، وتناول المستجدات الأخيرة في تركيا، وأنه سيساهم في كيفية تحديد سبل نقل العلاقات إلى مستوى أعلى»، فيما اعتبر قالن أن «هذه القمم لها دور مهم للغاية في تعزيز علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي».
ورغم «التفاؤل» التركي، إلا أن التطورات الأخيرة لا تدعم هذا التوجه خاصة وأن ألمانيا وفرنسا أكبر دولتين في الاتحاد ما زالتا تعارضان بشدة قرار رفع التأشيرة أو التقدم في ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد.
فرغم أن أردوغان أوقف منذ بداية العام الجاري خطاباته الحادة ضد الاتحاد وبدأ السنة الجديدة بزيارة فرنسا، إلا أن نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون اقترح «شراكة مع الاتحاد الأوروبي» بدلاً عن الانضمام والعضوية الكاملة، وهو ما رفضه الأخير بشكل مطلق.
وبينما زار أردوغان إيطاليا والفاتيكان قبل أيام في إطار الروح التصالحية الجديدة مع الاتحاد، توصلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى اتفاق مع الاشتراكيين الديمقراطيين لبناء تحالف يُمكنها من تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة ولكن عقب تقديمها تعهدات بعدم التساهل مع تركيا في ملفات التأشيرة والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يبدد التفاؤل التركي بقدر كبير.

قمة مرتقبة بين أردوغان وقادة أوروبا
هل هناك أمل برفع التأشيرة وفتح ملفات انضمام تركيا للاتحاد؟
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dinars:

    لو أمكن لتركيا اختراق فرنسا وتفكيكها إلى دويلات. ثم السيطرة عليها فإن عالَما جديدا سيفتح لتركيا ترفع من خلالها اقتصادها فتزداد قوة. أو حتى روسيا أيضا لو ضمت لها فرنسا بعد حل ما يسمى بالإتحاد الأوروبي فإن روسيا تضاف لها قوة.
    لا بد من العمل على تنصيل الإتحاد الأوربي حيث لو تحقق ذلك فإن الدول المنتمية إليه ستتعرى ويظهر مدى ضعفها.
    فرتسا لا تريد تركيا في الإتحاد لأنها تخشى هيمنتها عليه.

  2. يقول BOUMEDIENNE:

    قدم اردوغان للغرب كل ما طلب منه غير منقوص، ولم يحصل حتى علي نزع التأشيرة للاتراك لدخول القضائ الاوروبي.اما دخول تركيا للاتحاد الازوبي، فذالك من المستحيلات، لعدة اسباب نذكر منها ان الغرب الذي المسيحي المتصهين، الدنيا ضاقة به من جرائ المسلمين الذين هم مواطنون غربيون لديه،وهذا الغرب هو في اجتهاد مستمر ومحموم، لتفعيل سباسات ماكرة للتضييق علي مسلميه، فكيف لهذا الغرب ان يقبل ب100مليون مسلم في فضائه الاروبي؟؟
    تركيا برهنة من خلال تعاونها الا مشروط مع الغرب، لتدمير الدول الوطنية ووضع مكانها عصاباة اجرامية كداعش، بانها تدعم الارهاب وتصنعه، وهذا ما تاكد للغرب. تامر الغرب علئ اردوغان للاطاحة به، لان مهمته انتهت بالنسبة للغرب، الشعب التركي اسقط المكيدة،اردوغان دافع عن نفسه، فصنفه الغرب كما صنف الاسد.ولهذا اردوغان سيتخلئ عنه الغرب الذي وصفه يوما ما بالرجل الذي اتت به الديموقراطية.وزيادة علي كل ما سبق، الغرب في باطنه ،لا يريد مسلمين يصنعون الحضارة كما صنعوها في الاندلس، بل يريدهم مدمرين واوطانهم، ليسهل عليه نهب خيراتهم، ولا يشكلون اي خطر عليه.

إشترك في قائمتنا البريدية