قنوات عربية لبث الكراهية «الرسمية» مريضة بكساح الحكومات… و«الخاصة» اللبنانية تتفوق على الدولة

على الموقع الرسمي لشركة «نايل سات» نقرأ التالي كمقدمة للشركة تتحدث فيها هي بنفسها عن نفسها فتقول: «منذ إنشاء النايل سات 1996 وهو يحرص على تقديم خدمات عالية الجودة ومحتوى إعلامي يعكس إيمانه بأهمية الارتقاء بمضمون ودقة وشفافية الرسالة الإعلامية، التي تحترم عقل ووجدان الإنسان في كل مكان وزمان… رسالة إعلامية ترفض الكراهية والدعوة للعنف والتطرف تحترم كل الأديان… رسالة حب ورسالة سلام».
ما دفعني إلى الذهاب إلى موقع الشركة الرسمي على الانترنت، والمفتوح للعامة هو محاولة البحث عن إجابات لزخم من شهب الأسئلة المتساقطة في الخاطر بعد متابعة إخبارية مستمرة لقنوات عربية «إخبارية وغيرها» على ذلك القمر العربي الكبير.
القنوات العربية بمعظمها، كانت في ذروة تغطيتها لمعركة الموصل وغيرها من معارك وحروب طاحنة في العالم العربي تقدم وجهات نظرها بالصوت والصورة على خلفية نزاع طائفي لم يعد مخفيا تدور رحاه في العالم العربي، في مشرقه تحديدا، حيث مسرح الجريمة التاريخي القديم والحي – لا يزال – منذ معركتي «الجمل» و«صفين» ومأساة كربلاء.
في القرن الواحد والعشرين، كانت فضائيات عربية تقدم بالصوت والصورة نضحا مباشرا لكل الكراهية والحقد الدفينين منذ رفع معاوية قميص عثمان، الذي وصله ببريد مسجل من المدينة المنورة إلى دمشق الشام.
قنوات عربية منها ما لم يخف توجهاته المذهبية، سواء كان شيعيا أو سنيا، وقنوات عربية دينية تصطاد في برزخ الماء العكر بين المذاهب الإسلامية، وأغلبها يبث على قمر «نايل سات»!
أتابع مثلا، قنوات عراقية تغطي بحماس «مذهبي» متطرف الهجوم على «داعش» بصور دموية مبثوثة ترسخ ثقافة الدم والقتل لدى المشاهد، فلا تتوانى عن بث مشاهد بشعة ترضي بها غرائز مشاهديها، كما تقوم قنوات عربية بالمقابل ببث صور دموية موجعة تضع تنظيما مسخا مثل «داعش» في مشهد الضحية!
كله على قمر «نايل سات»، الذي يؤكد القائمون عليه أنهم يحملون «.. رسالة إعلامية ترفض الكراهية والدعوة للعنف والتطرف تحترم كل الأديان… رسالة حب ورسالة سلام».
بكل بساطة، نحن نعيد إنتاج مرابدنا و«عكاظاتنا» التحريضية بسرقة تقنية العصر الحديث، التي لا يد لنا فيها، وكل ما فعلناه اليوم أننا استبدلنا السيوف، التي تقطر دما، بتكنولوجيا رقمية متشربة بالدم المسفوح على جوانب الشرف الرفيع.
فعن أي سلام نتحدث، وعن أي عولمة نريد اللحاق بركبها، وعن أي مستقبل لنا ولاطفالنا ننتظر؟!

انصاف المزارع البلجيكي

وبينما أتابع أخبار مشرقنا الدامي والحزين، أتابع أخبار «الوطن البلجيكي» في منظومة البيت الأوروبي، الذي يحتويني وأسرتي وملايين العرب والمسلمين، فكل تفاصيله تعنيني في معاشي وحياتي.
الجدل يدور في محطاتنا البلجيكية والأوروبية حول اتفاقية سيتا (CETA)، وهي مختصر اتفاقية الاقتصاد والتجارة الشاملة بين كندا والاتحاد الأوروبي، حيث تواجه معضلة الرفض البلجيكي لها، والذي أعلنه رئيس الوزراء علنا، بناء على رفض «مقاطعات» بلجيكية محلية للاتفاقية الضخمة.
ليس هذا مقاما مناسبا لموضوع الاتفاقية، وأنا لست متخصصا بتحليل أبعادها ولا أدعي المعرفة الشاملة بتفاصيلها، لكن توقفت مليا أمام الرفض البلجيكي على لسان رئيس الوزراء الذي لا يبدي شخصيا معارضة للاتفاقية، لكنه حمل اعتراض «مقاطعات» محلية في بلاده للاتفاقية واحترمها فتبنت الدولة هذا الاعتراض المحلي وصار موقفها الرسمي، الذي انعكس على الاتحاد الأوروبي كله.
بمعنى..أن محافظات، وبلديات محلية تبحث عن صالح مواطنيها أولا، رفعت صوتها بديمقراطية لا مركزية تحترم الرأي والرأي الآخر، فرفضت الاتفاقية، التي رأت فيها ضررا يصيب مصالح المزارع المحلي في بعض تلك المقاطعات، ونجحت بذلك بسهولة.
المزارع الذي يرعى شؤون أبقاره في مزرعته، وينتج منها ما يبيعه كسلع في السوق المحلية، مطمئن دوما في أنظمة ديمقراطية شفافة إلى مصالحه، لأن تلك الأنظمة تحترمها، والإعلام التلفزيوني هنا حمل الجدل والمناظرات على هوائه في حوارات استوديو استضافت على طاولة الحوار ذاته مزارعا يربي الأبقار والدواجن إلى جانب اقتصادي بربطة عنق أنيقة ومعهما السياسي ذو المصطلحات الكبيرة، لكن الكل استمع بانتباه وأصغى باحترام لمربي البقر والدواجن.
كنت فخورا أن بيض المائدة أو اللحم الذي أشتريه لأسرتي هو موضوع حوار في الاقتصاد الدولي، أشاهده على أكثر من محطة، وكنت موجوعا أن عالمنا العربي، الذي أنتمي وجدانيا إليه، أشاهد الكثير من محطاته العربية، فأراها قد وضعت مواطنها على المائدة وقد هيأته للذبح وامتصاص الدماء.

«الشروق» الخاصة
تنجح في ما أخفقت فيه «السودانية»

ورغم أن قناة السودان الفضائية الرسمية لا تزال تحتل موقعها في قائمة المفضلات عند الكثيرين تحت اسم «قائمة القضاء على الأرق» لقدرتها المذهلة على السحب نحو أعماق النوم الثقيل بدقائق. إلا أنني أسجل إعجابي بقناة «الشروق» السودانية الخاصة التي استطاعت أن تحتل مكانا لافتا تحت اسم «قنوات مهمة» والتي نتابعها بشغف وفيها ساعات مشاهدة ثابتة.
لا أخفي الآن أني أتعرف على وجه جميل وثري للسودان غير الصورة النمطية التي ترسخها القناة الرسمية، ومحطة «الشروق» استطاعت ذلك وجعلتنا نضع السودان نفسه ضمن قائمة البلدان التي نرغب بزيارتها قريبا.
هذا التفاوت بين قناتين على جغرافيا واحدة يجعلنا نتساءل عن سر فشل الاعلام الرسمي المحكوم ببيروقراطية موظف الدولة، أمام نجاح إعلام مواز له يعتمد فكرة السوق والعرض والطلب.
تلك الفكرة ليست مقتصرة على السودان، فالأردن فيه قناة رسمية وطنية يسخر منها الأردنيون كثيرا في المناسبات والأحداث مما جعلها لدى الظرفاء مثلا، الراعي الرسمي للميرمية، وهناك قناة خاصة اسمها «رؤيا» استطاعت أن تجذب إليها الأردنيين ومشاهدين عربا أيضا، تقدم ما يمكن وصفه أحيانا بالممتاز من إنتاج برامجي خاص بها. أستثني الكوميديا فيها التي يبدو أنها سطحية.
تلفزيون لبنان الرسمي أيضا، لا يزال ينام في عسل السبعينات بالأداء، بينما قنوات لبنان الخاصة «بعيدا عن أجنداتها» قادرة على جذب العالم كله إلى برامجها الصباحية.
باختصار، التلفزيونات الرسمية العربية، انعكاس للحكومات العربية!

إعلامي أردني يقيم في بروكسل

قنوات عربية لبث الكراهية «الرسمية» مريضة بكساح الحكومات… و«الخاصة» اللبنانية تتفوق على الدولة

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر-:

    السلام عليكم
    نتمنى من الله عز وجل أن تكون “شحرورة فلسطين بكل خير وعافية..
    نـــــــــــــــــداء:
    الرجاء من كل من لديه وسيلة إتصال أن يتصل بالأخية غادة الشاويش وعلى رأسهم “جريدتنا الغراء القدس العربي”وبحكم أنّ لديها معلومات شخصية وفيرة عن “غادة الشاويش” فعليها-القدس العربي-من باب الإنسانية أولا ثمّ من باب أنّها قلم من أقلامها ثمّ من باب أنهّا من روادها المخلصين أن تبحث عنها بوسائلها الخاصة ونكون جنودا مخلصين لك ثمّ لا ننسى جميل خدمتك إتجاه هذه القضية لفتاة فلسطينية تحب” القدس” وتحب” جريدة القدس”..
    أنشروا هذا النداء عبر جميع المواقع ولنتصل بكل زملائنا عبر العالم تحت صوت واحد:(( نريد غادة الشاويش بسلامة))
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الل

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء 21 تشرين الأول/أكتوبر 2016
    cetaبروكسل – بعد أن أصبح توقيعه أولوية بالنسبة للأوروبيين، تتركز الضغوط الأوروبية على الحكومة الوالونية (جنوب بلجيكا – الناطق بالفرنسية)، لإقناعها بإعطاء الضوء الأخضر لتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع كندا، باعتبارها الطرف الأوروبي الوحيد الذي يقف عثرة في هذا الطريق.
    وقد بدا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، متشائماً بعض الشيء، ولكنه رفض التكهن بما ستسفر عنه محادثات اليوم، قائلا إن “مفاوضات تجري حالياً بين الطرف الكندي والحكومة الوالونية بناء على طلب الأخيرة لحل بعض الخلافات”.
    ورفض في تصريحات على هامش اليوم الثاني للقمة الأوروبية، الحديث عن مأزق أوروبي مع الطرف الكندي بسبب الرفض الوالوني، فـ”طالما أن المفاوضات مستمرة، لا يمكن الحديث عن مأزق أو طريق مسدود”.
    وأشار الى أن المفوضية الأوروبية قد أرسلت أمس تعديلات واقتراحات لحكومة والونيا من أجل الرد على مخاوفها بشأن الاتفاق المأمول توقيعه مع كندا في الـ27 من الشهر الجاري.
    واعتبر يونكر، ومعه كافة الأطراف الأوروبية، أن اتفاق التجارة الحرة مع كندا هو من أفضل الاتفاقيات التي تفاوض عليها الاتحاد مع الأطراف الدولية.
    أما رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، فقد هاجم الحكومة الوالونية بسبب ما وصفه بـ”تطرف “، مواقفها تجاه الاتفاق.
    ويشعر ميشيل بالحرج أمام بقية الدول الأوروبية، إذا أن بلجيكا، ستكون المسؤولة عن فشل الاتفاق في حال تعثر الحصول على موافقه الحكومة الوالونية، ما سيعطي صورة سيئة عن بلاده.
    وتعكس تصريحات ميشيل الخلاف الداخلي بين الحكومة الوالونية (إشتراكية) والحكومة الفيدرالية (ائتلاف من تيارات اليمين).

    هذا وفيما يستمر رئيس الحكومة الوالونية بول مانيت، في التعبير عن رفضه للاتفاق، يشير مراقبون أن السيناريو الأقرب حالياً هو القبول بتوقيع شرطي للاتفاق في الموعد المقرر، مع تعهدات باستمرار الحوار مع مانيت لاقناعه باعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ الاتفاق لاحقاً.
    – وكالة آكي AKI الإيطالية للأنباء –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول سامح // الاردن:

    * لا شك فيه أن (الوطن العربي ) من محيطه
    الى خليجه يعيش في حروب ومآسي
    وظلم وفقر لا تسر عدو ولا صديق.
    * العوض ع الله
    *حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم
    وفاسد .
    سلام

  4. يقول سامح // الاردن:

    * أكيد القطاع( الخاص ) أنجح من القطاع العام
    (الحكومي ) لأن الأول له (أصحابه) يتابعونه
    لحظة بلحظة حرصا على فلوسهم
    بينما في القطاع الحكومي كله ( نائم بالعسل )
    إلا من رحم ربي وصاحب ضمير .
    سلام

  5. يقول سامح // الاردن:

    *عندنا ف الاردن للأسف ;-
    معظم المؤسسات والشركات الحكومية
    تخسر بسبب ( الروتين والفساد) بينما تجد
    الشركات الخاصة تربح وشايلة البلد .
    * قس على ذلك معظم الدول العربية.
    * الأمثلة كثيرة سأكتفي بمثل واحد
    *شركات( الإتصالات) بالمجمل ناجحة
    ورائدة لأنها غير حكومية ..
    سلام

  6. يقول سليم الاردن:

    استاذ مالك،
    ما يقوم به بول مانيت ليس حباً في المواطن الاوروبي او الوالوني، انما هو انتقام الـ PS من شارل ميشيل وحكومته التي أقصت اليسار. PS و CDH وغيرها من الأحزاب الوالونية كان لديها 7 سنوات لمناقشة الاتفاقية وتعديل بنودها، خصوصاً عندما كان دي روبو رئيساً للوزراء.
    القصة ببساطة لعبة سياسية وكيد نسا حزبي.

  7. يقول ردا على سامح- الأردن:

    القطاع الخاص في الإعلام العربي هو المسؤول عن زرع الحقد وال\طائفية ..ويتم تمويله من جهات غير معروفة في معظمها ..بينما اعلام الحكومات – على ضعفه وقلة امكاناته – فهو ما زال بمنطقة الحياد ..وهو ينحاز للأوطان . على الأقل يلتزم الاعلام الرسمي العربي بمواثيق الشرف الإعلامية .. فلا يمكن بيوم من الأيام أن يقدم التلفزيون الاردني خطابا طائفيا ..في الوقت الذي تروج “قناة رؤيا ” فيه للطائفية ولكن بطريقة مبطنة ومغلفة بقوالب كوميدية .لكن لم يعد يخفى أمر الا على غير المدقق !

  8. يقول سامح // الاردن:

    رد على رد;-
    *يا طيب انا تكلمت عن القطاع الخاص الشامل
    و(الإعلام) جزء وليس الكل ومع عوراته يبقى
    أفضل ألف مرة من الإعلام ( الرسمي ) الممل
    والفاشل .
    * حاليا; أشك في حدا بتابع نشرات الأخبار
    عبر الإعلام الرسمي؟؟؟
    * لولا فاعلية ونشاط القطاع (الخاص)
    ف الأردن ومعظم الدول العربية
    في دعم ( الدخل القومي) والخزينة
    لأفلست الدول العربية من زمان
    وربما (انقرضت )..
    سلام

  9. يقول محمد حسنات:

    شكرآ ،مالك،وأنت في الغربة،وموجوع بجذورك ،حتى وحكوماتها تضع مواطنها،على هامش الهامش،قبل وبعد
    ربيعه،الذي إكتشفت أنظمة الحكم ،أنه مؤامرة وإرهاب !.
    وعادت حليمة لعادتها القديمة،قمع بوليسي،وتضليل رسمي!

إشترك في قائمتنا البريدية