قوات النظامين الروسي والسوري تواصل عدوانها على درعا وتقتل أكثر من 20 مدنياً

حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: على الرغم من مزاعمها بعدم الانسحاب من اتفاقية خفض التصعيد جنوبي البلاد، وتبرير هجماتها على محافظة درعا بـ»الرد على الإرهاب» حسب ما صرح به ممثل قاعدة «حميميم» الروسية في سوريا، الكسندر إيفانوف، تواصل القوات الروسية دعمها للنظام السوري على محاور عدة، لتطبيق خطة تقسيم المنطقة إلى جيوب، تبدأ من قطع الطريق الفاصل بين الريفين الشرقي والغربي لمحافظة درعا عبر محاولة انتزاع السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي في درعا البلد، ومتابعة الخرق الذي أحدثته القوات المتحالفة «الروسية جواً والقوات الإيرانية والسورية براً» في أعقاب سيطرتها على منطقة اللجاة وبلدات بصر الحرير ومليحة العطش وناحتة والمليحة الشرقية، واكمال مسيرها في شق المساحة الجغرافية باتجاه المناطق الجنوبية الشرقية، وصولاً إلى الحدود الأردنية.
كما عملت قوات النظام السوري على تعزيز هجمات قواتها بالتمهيد الناري أمام تقدم الوحدات العسكرية في القطاع الجنوبي الشرقي من مدينة درعا باتجاه منشآت الصوامع بهدف قطع طرق وخطوط إمداد فصائل المعارضة من الريف الشرقي إلى درعا البلد، ومنطقة طريق السد ودرعا البلد باتجاه الحدود الأردنية.
من جهتها ذكرت غرفة العمليات المركزية التابعة للجيش السوري الحر في درعا في بيان لها امس «أن حوران بمقاتليها وغرفة عمليّاتها العسكريّة ومؤسّساتها وهيئاتها اتّخذت قرارها بالثبات والصمود في وجه النظام وميليشيات إيران وطائرات روسيا» وأشارت الغرفة إلى تخلي الولايات المتحدة عن دعم فصائل المعارضة بقولها «تحقَّقت لنا الإرادة بعد أن تخلَّى العالم كلُّه عنّا، وتركنا لمواجهة النَّصر منذ ما يقارب 8 أيَّام حصل خلالها تقدّم في محاور عدّة في منطقة بصر الحرير ومليحة العطش كلَّفتهم الكثير وكبَّدتهم خسائر كبيرة».

سقوط مناطق

وأوضح البيان «أنَّ خوف الدول – التي لم تستطع حماية اتفاقاتها التي تنتهك على مرأى ومسمع العالم – وقلقها على الجنوب لا يترجم بفرضِ خيارات التَّفاوض، فالتَّرجمة الحقيقيَّة جاءت من الميدان حيث أعلنت حوران النَّفير العام في مختلف صفوفها وجنَّدت أبناءها ليكونوا تحت إمرة غرفة العمليات قيادة وتوجيهاً، وهذا الالتفاف من الحاضنة الشَّعبيَّة حول قيادتها العسكريَّة لهو مفتاح النَّصر».
وطالبت غرفة العمليات «العالم بتحمُّل مسؤوليَّاته والالتزام بتنفيذ قراراته التي تفضي لحلٍّ شاملٍ على مستوى سوريا، يقي البلاد حمم الحروب».
مدير المكتب الإعلامي لغرفة العمليات المركزية في الجنوب أوضح لـ «القدس العربي» ان «كلاً من بصر الحرير ومليحة العطش أصبحت كاملة تحت سيطرة ميليشيات النظام السوري، وتزامناً تحاول قوات النظام السوري اختراق «درعا المدينة» والتقدم نحو القاعدة الجوية في ريف درعا الغربي من أجل قطع الطريق الواصل بين درعا المدينة وريفها الغربي، حيث تم تدمير دبابة وصد هجماته». وأكد فشل النظام السوري في عمليته الأخيرة حيث «تم التنصت على أجهزة خاصة بميليشيا حزب الله بعد منتصف ليلة امس أثناء تسللهم إلى القاعدة الجوية غرب درعا واستهدافهم وجرح 3 منهم فيما طلب البقية مؤازرة جوية ومدفعية حتى تمكنوا من فك الحصار يوم الأربعاء».
وقالت «عمليات البنيان المرصوص» التابعة للغرفة المركزية إنها أفشلت محاولة تسلل لقوات النظام مساء الثلاثاء، جنوب غربي مدينة درعا، تمكنت خلالها الفصائل من قتل عشرة عناصر من قوات النظام والميليشيات المرافقة لها، واستمرت الاشتباكات لساعات عدة استهدفت خلالها قوات النظام مواقع الفصائل بكافة أنواع الأسلحة، مشيرة إلى ان فصائل المعارضة استهدفت مواقع قوات النظام في حي سجنة ومناطق سيطرته في غرب مدينة درعا بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ، ما أسفر عن مصرع وإصابة عدد من العناصر.
مصدر ميداني وصف لـ «القدس العربي» الوضع العسكري في ريف درعا الشرقي بالـ «سيئ» مبيناً أن قوات المعارضة السورية بدأت عقب خروج مناطق هامة من سيطرتها بتشكيل خطوط دفاعية جديدة في قلب الريف الشرقي، وتحدثت عن اتباع القوى المهاجمة لسياسة الأرض المحروقة ضد المناطق المكشوفة والتي تسيطر عليها التشكيلات العسكرية للمعارضة، الأمر الذي يجعل إمكانية المواجهات المباشرة ضعيفة، وخيار الحفاظ على المناطق مجازفة ستكلفها ثمناً باهظاً، مشيراً إلى أن الانسحاب للخطوط الخلفية كان خياراً لتفادي الخسائر البشرية في صفوفها.

الوضع الإنساني

وبلغت حصيلة قتلى الأربع وعشرين ساعة الفائتة نحو ثمانية عشر مدنياً بينهم أطفال في مدن وبلدات درعا. قتل 8 منهم يوم امس الأربعاء، بغارات جوية روسية على بلدات ريف درعا الشرقي في كل من الجيزة والمسيفرة والحراك وأصيب اضعافهم بجروح متفاوتة، تزامناً مع تواصل موجات نزوح عشرات العائلات من سكان شرق درعا، فيما وثقت جهات مدينة مقتل اكثر من 40 مديناً في درعا منذ بداية الحملة على المنطقة قبل نحو 10 أيام.
ووصف أحد أبناء المحافظة الجنوبية الناشط الإعلامي غياس الشرع، الأوضاع بالكارثية وقال في سؤال عن أحوال الاهالي «لا مكان آمناً في درعا حيث يستهدف الطيران الريفين الشرقي والغربي والمنطقة الوسطى مما أدى إلى سقوط الكثير من الشهداء والجرحى المدنيين وخروج المشافي الميدانية وفرق الدفاع المدني عن الخدمة مما ينذر بكارثة إنسانية في المنطقة».
وتداول ناشطون ميدانيون صوراً لخمسة أطفال في أحد المراكز الطبية، قضوا نتيجة قصف مقاتلات النظامين السوري الروسي الذي يستهدف منازلهم واحيائهم السكنية، فيما تروج وسائل إعلام موالية إلى ان التقدم العسكري في درعا يتزامن مع تقدم في «المصالحات الوطنية» وتسليم مدنيين ومقاتلين أنفسهم للنظام السوري، وزعم المصدر ان «الجهات المختصة بالتعاون مع لجان المصالحة المحلية في درعا سوت أوضاع 400 شخص في بلدات كريم الجنوبي وايب وجدل والرويسات بريف درعا الشمالي الشرقي، بينهم 31 مسلحاً سلموا أنفسهم وأسلحتهم و100 من المتخلفين عن الخدمة الالزامية والاحتياطية، إضافة إلى تسوية أوضاع نحو 150 شخصاً بينهم عدد من المسلحين في قرية الشرائع».

صفقة دولية

الناشط السياسي السوري درويش خليفة، قال: إن المعطيات تشير إلى صدق الرواية التي تفيد بوجود صفقة دولية، بين موسكو وواشنطن وعمان، وقد وصلت بطورها النهائي، والتي تتمحور في صلبها حول تحقيق تطلعات إسرائيل لإبعاد إيران عن حدودها، والسماح للنظام بالوصول لمعبر نصيب الحدودي. والاتفاق على عدم تحول الجغرافيا السورية إلى ساحة صراع بين إيران وإسرائيل.
وحسب رؤية درويش، فإن المنطقة الجنوبية ستشهد حلاً عبر اتفاق يقضي بدخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة، مع بقاء الفصائل العسكرية الثورية مجردة من سلاحها الثقيل، بينما سيكون الخاسر الأكبر، في هذه المعادلة، هو حزب الله وفصائل الحرس الثوري الإيراني، مستغرباً عدم تذرع النظام وحلفائه، بحملتهم على المنطقة الجنوبية بتواجد «داعش».

قوات النظامين الروسي والسوري تواصل عدوانها على درعا وتقتل أكثر من 20 مدنياً
وسط تخاذل المجتمع الدولي ونزوح كثيف من المدينة
هبة محمد

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية