بغداد ـ «القدس العربي»: تصاعدت هذه الأيام في الساحة السياسية العراقية دعوات لتشكيل جبهة وطنية متجاوزة للطائفية والقوميات لمواجهة أزمات العراق، ومنها أزمة تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة بعيدا عن تأثيرات الأحزاب السياسية.
وأشار النائب كاظم الشمري، رئيس «كتلة ائتلاف الوطنية» في مجلس النواب في حوار مع «القدس العربي»، إلى وجود توجه لتشكيل «جبهة وطنية « داخل قبة البرلمان وخارجه لقيام مشروع وطني كبير تلتقي الكتل السياسية والوطنية حوله لتحقيق مشتركات كثيرة».
وعبر عن التقدير لتحركات وطنية عابرة للطائفية ظهرت مؤخرا على الساحة السياسية لمواجهة أزمات البلد. ومن هذه تحرك «التيار الصدري» في التظاهرات والاعتصام الوطني لتحقيق دعواته الإصلاحية التي تلتقي مع موقف ائتلاف الوطنية ومطالبها. كما رحب بمحاولات تشكيل كتلة «النوايا الحسنة» التي تضم نوابا من مختلف الكتل لتجاوز الطائفية.
وكشف الشمري ان الائتلاف أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء، حيدر العبادي، حول تشكيل وزارة جديدة أكد فيها على ضرورة لإنجاح عملية الإصلاحات من خلال تحقيق المصالحة الوطنية، والتخلي عن المحاصصة السياسية، وتأسيس مجلس إنقاذ للبلاد، واعتماد التشريعات والقوانين المعطلة في مجلس النواب ـ خاصة قانون العفو العام والحرس الوطني ـ وتدعيم المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، وإنهاء حالة إدارة معظم أجهزة الحكومة بالوكالة.
وقال إن هذا يتعلق بالهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والمدراء العامين والقيادات العسكرية، التي أكد أن 90 ٪ منها تدار بالوكالة حاليا. وهو الأمر الذي لا يتيح الاستقرار ولا يساعد على عملية الاصلاح.
وقال الشمري إن جميع الكتل السياسية العراقية تصطف طائفيا أو عرقيا، عدا كتلته التي تجاوزت عقدة الطائفية وتضم نوابا سنة وشيعة وأكراد وافرادا من جميع شرائح المجتمع العراقي. وقال: «أشجع كل من يريد ان يساهم في مشروعنا الوطني أو أي مشروع آخر يكون عابرا للطائفية على الانضمام الينا».
وقدم رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي»، عمار الحكيم، مبادرة لحل الأزمة الوزارية في البلد تتضمن الدعوة لتشكيل كتلة برلمانية وطنية عابرة للمكونات تكون داعمة لحكومة التكنوقراط.
كما دعت المبادرة إلى إنشاء «مجلس الأمن الوطني» كمجلس استشاري استراتيجي يضم في عضويته قادة القوى السياسية الأساسية في الدولة، بالإضافة إلى الرئاسات الثلاث،.
ويكون هذا مجلساً وطنياً استشارياً يجتمع شهريا، ويناقش الخطوات والقرارات الحكومية العليا والاستراتيجية، وتقييم المسار الإصلاحي، ويساهم في فك الاختناقات السياسية. ويتم اختيار أعضائه من قيادات القوى الأساسية المشاركة في تشكيل الحكومة في كل دورة.
وكانت مجموعة من النواب في البرلمان قد أعلنت تشكيل كتلة باسم «النوايا الحسنة» وتضم خمسين نائبا من مختلف الكتل السياسية بهدف معالجة أزمات البلد بعيدا عن التخندق الطائفي.
وقد أعلنت الكتلة، في مؤتمر صحافي في البرلمان، رفضها التصويت على أي حكومة تتشكل وفق المحاصصة السياسية. وشددت على ان «المرحلة الحالية تتطلب تغييرا جوهريا لتصحيح مسار العملية السياسية بعيدا عن الأحزاب».
وطالب تجمع نواب «النوايا الحسنة» رئيس الوزراء، العبادي، بتقديم وزراء تكنوقراط وأصحاب خبرة بعيدا عن الحزبية والطائفية». كما حملوا الكتل السياسية المسؤولية كاملة بتشكيل أي حكومة وفق المحاصصة وعدم تصويتهم عليها.
أما التيار الصدري فقد أكد خلال التظاهرات والاعتصامات، التي جرت مؤخرا قرب أسوار المنطقة الخضراء، على الطابع الوطني ومشاركة جميع العراقيين في المطالبة بالاصلاحات، رافضا أي حكومة تقوم على أساس المحاصصة الطائفية.
ورغم عدم التبلور النهائي لمحاولات ودعوات تشكيل «جبهة وطنية» عابرة للمحاصصة الطائفية بين الكتل السياسية – يعتبرها العراقيون السبب الرئيسي في فشل الحكومة وانتشار الفساد والفاسدين – إلا أن الدعوات تعبر عن الحاجة إلى حلول حقيقية لأزمات العراق، بعيدا عن الصراعات بين الكتل السياسية على التشكيلة الوزارية الجديدة وكل ما من شأنه إلهاء الشارع العراقي عن الاصلاحات التي يطالب بها، إضافة إلى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الماثلة.
مصطفى العبيدي