الخرطوم ـ الأناضول: دعا القيادي في تحالف «قوى الإجماع الوطني» المعارض في السودان، محمد ضياء الدين، النظام والمعارضة في بلاده، إلى قطع الطريق على التدخلات الخارجية، ولا سيما الأمريكية.
وقال إن «العامل الخارجي، خاصة الأمريكي، المباشر وغير المباشر، هو المؤثر في صناعة قرار النظام وبعض أطراف المعارضة».
وأضاف: «علينا أن ندرك، حكومة ومعارضة، أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تنظر فقط إلى مصالح اقتصادها الإمبريالي». وتابع: «لذلك علينا أن ننحاز إلى الحل والمخرج الوطني لقضايانا الوطنية بقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية في الشأن الوطني لشعبنا وبلادنا، لضمان وحدة بلادنا وسيادتها واستقلالها».
و تساءل: «متى تدخلت أمريكا تدخلًا حميدًا في أي دولة (؟!)، وأمريكا هي الإرهاب بعينه، وهي التي تصنع وترعى الإرهاب ومنظماته».
وزاد: «المفارقة بعد كل ذلك أن تضع (واشنطن) قوائم الإرهاب وتصدر العقوبات على الدول الراعية للإرهاب».
وأنهى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقوبات كانت مفروضة على السودان منذ عام 1997. لكنه أبقى على السودان في قائمة ما تعتبرها واشنطن «دولا راعية للإرهاب»، لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، وسط أنباء عن قرب رفع اسمه من القائمة.
وحسب ضياء الدين: «إذا استمر وضع السودان أو تمت إزالته من قائمة الإرهاب الأمريكية، فإن السياسة الأمريكية تجاه السودان لن تتغير، لأنها تستهدفه تحت أي نظام».
ورأى أن «الولايات المتحدة ستمارس الضغوط على الحكومة وعلى معارضيها، لضمان تنفيذ السياسة الأمريكية والخضوع التام لها في ظل هذا النظام أو أي نظام لاحق يقوم على أنقاضه».
أداء المعارضة
وعن وضع المعارضة في بلاده، بين أن الأخيرة «تناضل في ظروف قاسية، وتُمنع من العمل السياسي خارج الدور الحزبية، لكنها تعمل على التواصل مع الجماهير».
وردا على اتهامات الحكومة للمعارضة بالفشل في حشد الجماهير، قال: «لا ندعي أننا نجحنا في ذلك تمامًا، لكن المؤكد أننا لم نفشل، والمعركة مع النظام مستمرة».
وأضاف: «نثق في شعبنا.. كسبنا جولات من أجل الديمقراطية، وسنواصل».
وتنقسم أحزاب المعارضة في السودان إلى تحالف «قوى الإجماع الوطني»، ويضم 11 حزبا، أبرزها الشيوعي والبعث والناصري العربي.
فيما يضم تحالف آخر قوى، بينها: نداء السودان، حزب الأمة القومي، حزب المؤتمر السوداني، الحركة الشعبية/ شمال، حركة تحرير السودان، بقيادة مناوي، حركة العدل والمساواة، بزعامة جبريل إبراهيم، ومبادرة المجتمع المدني.
مقاطعة الانتخابات
يشهد السودان عام 2020 انتخابات برلمانية ورئاسية تزدحم الساحة السياسية بجدل حولها.
وأحال مجلس الوزراء السوداني، في يونيو/ حزيران الماضي، مشروع قانون خاص بالانتخابات إلى البرلمان لإجازته.
وترفض أحزاب مشاركة في الحكومة، على رأسها «المؤتمر الشعبي»، وكذلك من المعارضة، هذا المشروع، وتتهم الحكومة بصياغته منفردة.
وبشأن موقف تحالف «قوى الإجماع الوطني» من هذه الانتخابات، قال ضياء الدين: «لسنا مهمومين بها الآن، نهتم ونتعامل الآن مع إسقاطات سياسات النظام على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي».
وزاد: «بكل وضوح نرفض المشاركة في انتخابات النظام والانشغال بها، ونعمل على إسقاط النظام بكافة وسائل العمل السياسي السلمي، هذا ما يشغلنا الآن». وأضاف: «إذا جاء موعد الانتخابات سيكون لنا برنامج للمقاطعة ندعو من خلاله الجماهير إلى مقاطعة كافة الإجراءات الانتخابية، ضمن حملة سياسية، فمفهوم المقاطعة هو أيضا فعل سياسي».
وحول رؤية التحالف بشأن إيجاد حلول لأزمات السودان، لفت إلى أن «موقفنا واضح ومعلن، ونتمسك بالنضال لانتزاع حقوق الشعب المشروعة».
ورأى أن «أي حل لأزمات السودان الشاملة يتم بإقامة سلطة وطنية انتقالية تتولى إنجاز برنامج ميثاق البديل الديمقراطي، الذي وقعت عليه كل أو أغلب القوى السياسية المعارضة، عام 2012».
ووضع هذا الميثاق ما أسماها الموقعون الأسس الأولية لمرحلة انتقالية.
وأضاف أن هذا الميثاق هو «برنامج طموح وعملي يضع البلاد على أعتاب معالجات حقيقة لأزماتها التي شملت كافة مناحي الحياة».
إيقاف الحرب
منذ عام 2003، يشهد إقليم دارفور (غرب) حربًا، حيث تُقاتل ثلاث حركات رئيسة القوات الحكومية.
وفي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، تُقاتل «الحركة الشعبية/ قطاع الشمال» المتمردة القوات الحكومية، منذ عام 2011.
بشأن موقف التحالف من إيقاف الحرب أجاب ضياء الدين بأن «الحرب لن تنتهي إلا بانتهاء مسبباتها».
وأردف: «توجد قضايا حقيقية ومظالم دفعت لحمل السلاح وانتشار الحرب، وعلى رأسها سياسة النظام الإقصائية وتراجع قيم العادلة والتنمية».
وتابع، «ومع استمرار الحرب وتطاول أمدها، نتيجة المعالجات الجزئية الخاطئة، تطورت المطالب وتعقدت».
وزاد أن المطالب «أخذت أبعادا اجتماعية ودولية، وخلفت مآسي وأوضاعا إنسانية غير مسبوقة، وهددت بشكل صارخ السلم الاجتماع الجماعي، وقلصت الانتماء للوطن على حساب القبيلة والجهة». ودعا إلى «الوعي والاعتراف بالحقوق والأسباب التي أدت إلى قيام الحروب ووضع المعالجات المطلوبة المتفق عليها، وإزالة الغبن الاجتماعي وقطع الطريق أمام التدخل الدولي وتجار الحرب المحليين والأجانب».
واعتبر أن ذلك «سيمهد حتمًا لإيجاد فرص حقيقية لوقف الحرب ومعالجة تداعيتها الإنسانية.ووثيقة البديل الديمقراطي تتضمن إجراءات عملية من شأنها وضع حل مناسب لإنهاء الحرب».
ومضى قائلا: «لا نريد بعد ذلك أن يلجأ أي طرف سوداني لحمل السلاح لمطلب سياسي، لقد أنهكت الحروب السودان وفصلت جزءا عزيزا منه (جنوب السودان في 2011).
وتابع أن «أي استقرار سياسي وتقدم اقتصادي لبلادنا رهين بوقف الحروبات نهائيا وتحقيق السلم الاجتماعي والتعايش السلمي وضمان إنفاذ العدالة والتنمية المستدامة المتوازنة في ظل نظام ديمقراطي».
الأزمة الاقتصادية
خلال الفترة الماضية، شغلت الحكومة السودانية قضية التدهور الاقتصادي المستمر، لا سيما بعد أن رفعت سعر الدولار الجمركي من 6.9 إلى 18 جنيهًا.
ويعاني السودان من شح في النقد الأجنبي، منذ انفصال جنوب السودان، حيث فقدت الخرطوم ثلاثة أرباع مواردها النفطية، بما يقدر بــ80٪ من موارد النقد الأجنبي.
وحول رؤية تحالف «قوى الإجماع الوطني» المعارض لمعالجة الأزمة الاقتصادية، رأى ضياء الدين أن «شعار التحرير الاقتصادي والبرنامج الذي طبقته الحكومة أدى إلى تدهور الاقتصاد وتراجع كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية».
وقال إن «الخروج من الأزمة مرتبط بعملية التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي، عبر حزمة إجراءات اقتصادية تحت حكم القانون والشفافية والمساءلة والمحاسبة، في إطار برنامج البديل الديمقراطي، لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية والمعيشة».
وشدد على أن ذلك «يتأسس على غرس ثقافة الاستخدام الأمثل لموارد البلاد لتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل القومي».