اقتربت نهاية كأس العالم بعد مباريات حرقت أعصاب الجماهير واللاعبين في آن واحد، نجا بعض الكبار من ربيع الصغار، وباتوا قريبين الآن من الفوز باللقب.
كأس عالم، كانت فيه كرة قدم تكتيكية أكثر منها مهارية وفنية، كان فيها عنصر الروح والقتال مهماً جداً، وبات الحماس جزءاً من اللعبة وقادراً على صنع الفارق، وهو ما يخالف الانطباع العام عن كرة القدم العالمية في الماضي.
وخلال دور الستة عشر بالتحديد، ظهر هذا المونديال لأصحاب القلوب القوية فقط، فلاعبو البرازيل فعلوا سابقة تاريخية بالبكاء أثناء تنفيذ ركلات الترجيح، وثم انهاروا كمن فازوا بلقب كأس العالم، أما الهولنديون فواصلوا اللعب بشكل ملفت حتى الوقت بدل الضائع أمام المكسيك ليكون الفوز رغم أن كل المؤشرات دلت على خروجهم والمفروض استسلامهم، وبقي الكلام عن المانيا التي رغم بداية الجزائر الصاخبة تمالكت أعصابها، ورغم إهدارها الفرص فقد سجلت في النهاية وانتصرت، وكذلك كان هدوء دي ماريا لحظة تسجيله هدف بلاده الأرجنتين في شباك سويسرا بعد تمريرة ميسي… لينجو الكبار من الفخ الكبير في دور الستة عشر، فوصلوا إلى دور الثمانية الذي يعتبر أقل تخييبا للظن حال خروجهم منه.
كأس العالم للأعصاب، من يملك أعصاباً أفضل يفز به، ومن أعصابه أقوى لا يقع في فخ الضغوط أو يخضع لها، ويواصل تطبيق الأفكار المفيدة للفريق، كما أن من أعصابه قوية لا يعاند بفعل التوتر، فكل ما كان مطلوباً – ربما – من دل بوسكي هو تغيير ثوري في المباراة الثانية لتكون النتائج أفضل، لكن ذلك لم يحدث وبات انيستا وكاسياس يشاهدان المونديال مثلنا من التلفاز وبمعلق اسباني يصرخ كثيراً تماماً كمعلقنا العربي.
ننتظر الآن ما تبقى من مواجهات… وننتظر من سيحمل اللقب، وكلي يقين بأن الفائز بهذا المونديال ليس الأفضل كروياً، بل الأفضل ذهنياً من خلال ما شاهدناه من حرب شد الأعصاب في كل لحظة من لحظاته.
محمد عواد