كتابان عن ترامب

للحظات خُيل إلي وكأن كل موظفي الجوازات في مطار نيويورك صاروا بهذا الشعر المزيج من الأصفر والبرتقالي الذي يميز دونالد ترامب، بل وبتلك الخصلة المميزة وذات الملامح نفسها!! قلت سينبري لي أحدهم ليعيدني من حيث أتيت، يكفي أن اسمي محمد أما التفاصيل الأخرى فلن تزيد وضعي إلا سوءا.
لم يستمر هذا السرحان أو الهذيان طويلا فموظفو الجوازات في الواقع هم من كل هؤلاء الذين يقيمون في أمريكا من أشقر وأسود ولاتيني وآسيوي وغيره، فلا داعي إذن لهذا الجزع السابق حتى لأوانه فصاحبنا لم يدخل بعد البيت الأبيض، وحتى بعده لا أحد بإمكانه الجزم بأنه سيطبق كل ما وعد به أو توعد، ومن بينه عدم السماح للمسلمين بدخول بلاده.
خيال الرئيس الأمريكي الجديد يلاحقني هذه الأيام على ما يبدو، فقبل أيام قليلة كنت في جنيف وهالني عدد الكتب الصادرة عنه حتى قبل أن تظهر النتائج ويتأكد فوزه الذي فاجأ الكثيرين. انتقيت من هذه الكتب اثنين: الأول رواية خيالية لدار نشر سويسرية بعنوان «الحقيقة عن دونالد ترامب» لاسم مستعار غير معروف يدعى «ديك جويكرز»، والثاني بعنوان «ما يدور في رأس ترامب» لدار نشر فرنسية للكاتبة والصحافية الأمريكية من أصول فرنسية «آن تولوز» التي عملت لسنوات مراسلة لإذاعة فرنسا الدولية في أمريكا الشمالية.
الكتاب الأول رواية من الكوميديا السوداء، تقول دار النشر إنها وصلتها بالبريد ذات يوم من شهر مارس/ آذار الماضي وإن صاحبها مجهول لديها بالكامل، وكل محاولات التعرف عليه باءت بالفشل. هذا الرجل، تقول دار النشر، ترك لها ورقة تسمح لها بنشره قائلا فيها إن «الوقت ضاغط وترامب ما زال على قيد الحياة»، ولهذا ذكرت دار النشر في مقدمة هذا الكتاب أنها «قرأته وأحبته فنشرته». ومما جاء في هذه الرواية أن ترامب عندما سئل إن كان سينفذ فعلا ما تعهد به خلال حملته الانتخابية، أجاب « إذا أردتم معرفة الجواب فإني أقترح عليكم ببساطة أن تسألوا زوجاتي السابقات لتعرفوا بالضبط إن كنت أنفذ ما أعد به… وأؤكد لكم أنهن ســيقلن نعم!! وربما يضفن أن هذا أيضا هو السبب الذي جعلهن يطلبن مني الطلاق»!!
أما الكتاب الثاني فكان فعلا جولة في رأس الرجل في سياق ما تعرفه الولايات المتحدة من تحولات مجتمعية كبرى جعلت فوز ترامب أمرا مفهوما للغاية في هذا السياق على عكس ما بدا الأمر صادما في البداية، فوصول دونالد ترامب رأته الكاتبة أشبه بـوصول «ثور إلى الحلبة وراع في أفلام رعاة البقر (الويسترن)». وتضيف «لفهم تأثير دونالد ترامب، فكروا في أفلام رعاة البقر، هل البطل هو شخص مهذب، منضبط للأنظمة (إذا ما وجدت)؟
لا، البطل يصل المدينة، يتبختر في الصالون، يظهر مع فتاة ويُخرج مسدسه إذا لم يكن القوم متفقين معه». وتمضي الكاتبة في سبر أغوار شخصية ترامب فتقول، في هذا الكتاب الذي جاء في شكل فصول قصيرة تغطي كل مجالات اهتمام الرجل، «(على عكس التوقعات) هي الجملة التي قد تتحول إلى شعار لترامب، فقد أربك قواعد السياسة كما أربك قواعد المجال العقاري أو التلفزيوني وذلك بإقدامه على رهانات لم تبدو دائما ناجحة»، وتشرح أكثر بالقول إن «ترامب يطبق مقتضيات التسويق لا السياسة فهو يدرس حاجات الزبائن ويمدهم بالبضاعة المناسبة مع خدمة ما بعد البيع تقتصر فقط على اليوم الموالي للانتخابات».
وترى «آن تولوز» أنه «عندما يتعلق الأمر بصورته، فترامب لا يريد تقديمها في صورة السياسي وإنما في صورة صاحب العمل ( أو المعلم)، وعلى عكس الفرنسيين يحب الأمريكيون أصحاب العمل». وتضيف الكاتبة أن «قلة من الشخصيات العامة تعرضت لما تعرض له ترامب من رفض واستهانة، ولكن الرأي الوحيد الذي كان يهمه هو رأيه هو في نفسه» وهو «لم يقرر ذات صباح جميل من عام 2015 أن يدخل سباق الرئاسة، بل فكر في ذلك منذ سنوات بل منذ عقود».
وحتى نعود من حيث بدأنا، ترى الكاتبة أن « فكرة منع دخول المسلمين إلى البلاد مسألة مستحيلة تماما من الناحية العملية وتتناقض بالكامل مع التعديل الأول من الدستور التي تمنع التمييز على أساس ديني». وتضيف أن «مقترحات ترامب حول الهجرة ليست هي المحرك الأساسي لأغلبية من صوتوا لفائدته. وفي الحقيقة، فإن الهجرة لا تصبح قضية أولوية إلا إذا تقاطعت مع الأمن القومي». لننتظر ونرى!!

٭ كاتب وإعلامي تونسي

كتابان عن ترامب

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أهلاً بالحروب يا ترامب
    وأقصد الحروب الداخلية التي ستضعف أمريكا وبالتالي ربيبتها الصهيونية فاليهود ليسوا من الجنس الأبيض !! ويمتلكون المليارات !!!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح //الاردن:

    * أتوقع (ترامب) سوف يتغير
    تدريجيا من التطرف للواقعية.
    الان هو محكوم بقوانين بلده
    ولا يستطيع الخروج عنها.
    سلام

  3. يقول خليل ابورزق:

    الاخ الكروي
    ارجو الملاحظة ان اسرائيل ليست ربيبة امريكا. اسرائيل هي ربيبة بريطانيا ان صح التعبير
    و الحقيقة انها ربيبة الغرب مستندا على استراتيجية ان لا تقوم للشرق قائمة بعد بعد الصراع التاريخي الذي اتد لالاف السنين و اشتد منذ ظهور الاسلام وذلك بابقاء الشرق تحت السيطرة. ومن ثوابت هذه الاستراتيجية تقسيم العالم العربي الى كيانات ضعيفة. وزرع اسرائيل بما يتفق مع هذه السياسة و بغطاء ديني صهيوني قوي في المذاهب البروتستانتية خاصة. ولهذا نجد الصهيونية المسيحية في امريكا اقوى و اكبر بكثير من الصهيونية اليهودية
    بقي ان تلاحظ ان اكبر داعمي اسرائيل هم امريكا و بريطانيا و المانيا

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي خليل وحيا الله الجميع
      الصهيونية هي الإبن الغير شرعي لبريطانيا منذ وعد بلفور لغاية حرب 1956
      بعدها أصبحت الصهيونية ربيبة الأمريكان ولغاية الآن بسبب وجود 10 مليون يهودي صهيوني فيها
      ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية