باتت المنطقة العربية مسرحًا للأقنعة، تتغيّر الملامح في كل صباح، لا ينتهي مشهد إلا ليبدأ آخر، وقد يختبيء تحت الأقنعة وفي أحيان كثيرة الممثل نفسه، لا الحليف يبقى حليفًا ولا العدو يبقى عدوًا، إلا من خلال طاحون الكلمات التي ما عادت تعني أحدًا، لأنها باتت فارغة من أي معنى، فالمسافة بين القول والفعل شاسعة، والهوة سحيقة بين اللفظ والمعنى، فقد تنسّق أمنيًا مع جيش الإحتلال الذي يفتك بشعبك قتلا وإعدامات ميدانية واعتقالات وحشية للنساء والرجال والأطفال وتحطيمًا للمنازل وتدنيسًا لحرماتها، وما عليك سوى الإدعاء بأنك تنسق أمنيًا كي تحمي شعبك، وليس على نتنياهو سوى القول إنه لا يريد سوى معاقبة المجرمين! والمجرم عنده هو كل من يقول لا للإحتلال، بغض النظر عن الوسيلة التي يعبر فيها عن هذه الـ (لا)، حتى ولو كانت كلمات خلال مقابلة إذاعية.
من ماذا تحمي شعبك إذا كنت تنسق مع قوات الإحتلال التي تفتك به،وما دمت تحمي شعبك! لماذا ثار شعبك عليك!
إسرائيل تشدد على المشترك بينها وبين الأنظمة العربية وتتمسك به، وهذا ليس جديدًا، حتى قبل أن تولد الأسباب التي أنجبت داعش أو القاعدة أو حركة حماس أو الجهاد، إسرائيل حاربت المقاومين للاحتلال والعدوان وأسمتهم إرهابيين أيضًا عندما كانوا علمانيين، يوم كان الفدائيون يقرأون ماركس ولينين وماو، ويناقشون هيجل وتروتسكي ولينين وأشعار درويش وبابلو نيرودا وناظم حكمت وحسين مروة، ويشاركون الشيخ إمام ومحمد حمام ومارسيل خليفة وأميمة الخليل وفرقة العاشقين غناءهم، يومها لم يكن الإسلام السياسي في البال أبدًا، كان هناك من دعا للإشتراكية والأممية، لم يظهر أحد على شاشة التلفزيون ليقول «إن قلم الحبر الجاف اختراع يهودي وعلينا مقاطعته والعودة إلى الرّيشة»، قالوا اليهود مثلنا فيهم المساكين والمظلومون والمضللون وعدوّنا ليس اليهود بل الصهيونية، وعلينا أن نعيش معًا جنبا إلى جنب أحرارًا في وطننا! لم يكن يحكم إسرائيل اليمين المتطرف، بل كان هناك ما يسمى باليسار وحزب العمال، ورغم ذلك نُعتت المقاومة بالإرهاب وقوتلت، ولم تعدم إسرائيل حلفاء لها من العرب في مقاومتها ومحاربتها وحتى محاصرتها، ولم يكن في سوريا يومها داعش ولا مضغ أكباد ولا قاعدة، ورغم ذلك كان النظام السوري شريكا في حصار المقاومة وتدميرها وانشقاقها.
إسرائيل لاحقت المقاوم عندما لم يكن سلاحه سوى الحجر، يومها كان الحجر هو»الإرهاب»، لم يكن قصفًا صاروخيًا لا على نهاريا في الشمال ولا على أشكلون في الجنوب ولم يكن عمليات تفجيرية، ورغم ذلك قتلوا المئات، بينهم الكثير من الأطفال، وكسروا أيدي وأرجل وجماجم الآلاف، واعتقلوا عشرات الآلاف وفتحوا معتقلات جديدة.
أنت إرهابي شئت أم أبيت، فإن لم تكن إرهابيًا فأنت داعم للإرهاب، فما يجعل الإنسان إرهابيًا ليس نوع السلاح الذي يحمله، ولا أسلوب التحرير الذي يؤمن به أو يمارسه، يكفي أن تكون ضد الإحتلال أو النظام الطاغية حتى ولو لفظيًا حتى تصبح إرهابيًا أو داعمًا للإرهاب، ويحق عليك النبذ والسجن الطويل أو الإعدام الميداني، وقد تستتاب، فإن تبت ووصفت رفاقك وإخوانك بالإرهاب وتبرأت منهم نجوت وإلا فتقتل أو تسجن أو تتشرد.
ما يجمع إسرائيل بالأنظمة أكثر بكثير مما يفرقهم، والتناقض الأساسي في المنطقة ليس بين الأنظمة العربية وإسرائيل، وللحقيقة التاريخية هذا ما أكدته قيادات إسرائيل مرارًا، لكننا وضعنا رؤوسنا في الرمال وكذبناها، كانت الأنظمة ترضي شعوبها بتصريح أو بيان أثبتت السنين أنه لم يكن سوى استهلاك داخلي. التناقض الأساسي هو بين شعوبنا العربية من جهة وبين الأنظمة الدكتاتورية والاحتلال من جهة أخرى، فالظالمون بعضهم أولياء بعض، وما يجمع رؤساء وملوك الأنظمة مع نتنياهو وأسلافه أكثر بكثير مما يفرقهم،جميعهم موحدون في مواجهة شعوب المنطقة وحركتها.
الأنظمة وإسرائيل يتعاونون في أمور واضحة وأخرى فيها بعض الغموض، أبو مازن ينسق أمنيًا مع الإحتلال ثم يطالب الأسرة الدولية بحماية شعبه من بطش الإحتلال، في محاولة مستميتة كي لا يظهر مثل أنطوان لحد من جيش لبنان الجنوبي، والإحتلال من ناحيته بدأ يعد العدة لوقف الحملة العسكرية الحالية، يقولون إنها استنفدت، ليس بسبب الضغط الدولي الذي استنجد به أبو مازن، بل بسبب تحرك الشارع الفلسطيني ضد أبو مازن وسلطته ووضعها على كف عفريت، ستضطر إسرائيل للتوقف عن عملياتها العدوانية كي تنقذ شريكها في التنسيق الأمني، وقد تبدي لك الأيام نخوة بعض القادة العرب الذين اتصلوا بأوباما أو حتى مباشرة مع نتنياهو وطالبوه بإنهاء العمليات العسكرية في الضفة الغربية، كي يربحوا على الطالع والنازل، من جهة ينسقون ويطلبون ضرب حماس، ومن جهة أخرى يربحون اللفظ والاستنكار للظهور بمظهر المقاوم للاحتلال والعدوان.
تهمة الإرهاب جاهزة لكل مقاوم، وقد أصبح تسويقها أكثر سهولة بفضل الأنظمة التي اتهمت شعوبها الثائرة بالإرهاب، وخصوصًا عندما يرافق تهمة الإرهاب تركيز على «التجاوزات الجنسية» للثوار، فالمقاومة لا يمارسها سوى المنحرفين أخلاقيًا، ولهذا اتهم ثوار الفكر اليساري في زمنهم بالإباحية، واتهم أصحاب الفكر الديني بالنكاحية، والطمع بالحوريات في الجنة.
وعندما يتهم الثوار بالفساد الأخلاقي يصبح الدكتاتور أفضل، فهو حريص على الشرف رغم أن في سجونه تغتصب آلاف النساء، ويصبح الإحتلال الذي يجر النساء من جدائلهن في الساحات العامة ويعدم رجالهن ميدانيًا أمام أعينهن ويسوق أطفالهن إلى المعتقلات أرحم وأكثر إنسانية.
إسرائيل تحارب المقاومين وتدعو الأنظمة للمساهمة في المجهود الحربي، فـ «الإرهاب» خطر على الجميع،هكذا قالت إسرائيل عن منظمة التحرير الفلسطينية في بداية تأسيسها، فأقامت تحالفات مع الأنظمة علنية وسرية لمحاربتها حتى أنهكتها وأوصلتها إلى ما وصلت إليه الآن. الهدف الآن هو حماس، فهي الخطر على السلام، وعلى سلطة رام الله، وعلى مصر، وهي داعمة لثوار سوريا وهي صدى لداعش العراق وبلاد الشام، وقد يصل رجالها إلى ليبيا، هي جزء من الجهاد العالمي والقاعدة، ولهذا هناك ما يوحّد الأنظمة وإسرائيل ويضعها في خندق واحد، ومن هذا المنطلق أيضا ليس أمام الشعوب العربية كلها سوى أن تصطف في مواجهة ظلم وعسف الأنظمة والإحتلال، وإذا كانت مقاومة الظلم والعسف والإحتلال هي»الإرهاب» فليس أمام شعوبنا كلها سوى أن تكون كذلك…
سهيل كيوان
متهمون نحن بالارهاب
ان نحن دافعنا عن الارض
وعن كرامــــــة التــراب
اذا تمردنا على اغتصاب الشعب ..
واغتصابنا …
اذا حمينا آخر النخيل فى صحرائنا …
وآخر النجوم فى سمائنا …
وآخر الحروف فى اسمآئنا …
وآخر الحليب فى أثداء أمهاتنا ..
….. ان كان هذا ذنبنا
فما اروع الارهــــــــاب!!
أنا مع الارهاب ..
ان كان يستطيع أن يحرر المسيح ..
ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة ..
من سفراء الموت والخراب ..
بالأمس
كان الشارع القومى فى بلادنا
يصهل كالحصان …
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان …
… وبعد أوسلو
لم يعد فى فمنا أسنان …
فهل تحولنا الى شعب من العميان والخرسان؟؟
أنا مع الارهاب ..
اذا كان يستطيع ان يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الانسان من وحشية الانسان
أنا مع الإرهاب
ان كان يستطيع ان ينقذني
من قيصر اليهود
او من قيصر الرومان
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد ..
مقتسما ما بين أمريكا .. واسرائيل ..
بالمناصفة !!!
…….
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد ذبح أطفالي
ويرميهم للكلاب
من أجل هذا كله
أرفــــع صوتـي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
نزار قبـاني
والله يا أستاذ سهيل لن نكترث بمسمياتهم بعد الآن
في الغرب وقعت عدة مذابح من مسيحيين متطرفين ولم يقولوا هؤلاء ارهابيين
فقط عندما يتعلق الأمر بالمسلمين يصبح الأمر ارهاب والمسلمون ارهابيون
لقد انتهت الحرب الباردة فبحثوا عن عدو جديد فسموه العدو الأخضر – المسلمين
ولا حول ولا قوة الا بالله
لا يجوز استعمال السلاح في اي دولة عربية لان اول المتضرين والمقتولين هم من المدنين وخاصة الاطفال والنسا وحفاظآ على ارواحهم لا نبحث على الذي هو اسواء من النظام وهم الارهابين المجرمون الذين يقتلون الابريا ومن اراد ان يقاتل فاليقاتل في فلسطين وليس بالدول العربية .. داعش والنصرة هل هولاء من يحمل راية الحرية والتدمقراطية وان اردت مقابلة هولاء الاحرار الذين يحملون راية الحرية والدمقراطية اذهب الى تاللابيب ستجدهم يعيشون في الفلل وان مرض احدهم لن يتعالجون الا بارقى المستشفيات الصهيونية .
*****
منذ أن عرفنا إسرائيل وهي تستخدم نفس الاسلوب في ضرب من يخالفها ببعضه.قالاعلام الاسرائيلي والغربي والعربي للأسف كان يعزز في فكر وقناعة سكان الضفة الغربية وغزة بأن عرب 48 هم من أفضل الموالين(والمتمتعين) بالديموقراطية بالشرق الاوسط. ولكون الديموقراطية بالشرق الاوسط معدومة. وبالمقارنة معها نجد أن عرب 48 فعلآ كذلك؟ لا نقارنهم بديموقراطية أوروبا مثلآ. فالهدف هو ليس إستباب الامن لاسرائيل في المحتل لفلسطين48 فقط. بل لخلق شق وانقسام بين أهلنا48 والضفة وغزة من جهة اخرى. فتارة تضرب على وتر الاحزاب والتجمعات داخل المجتمع العربي في48 وتارة على جميع أوتار الخلافات في أي مجتمع عربي. بالدين، المذاهب، الطائفية، الرياضة، الفن…..الخ وما ظهور موديلات الارهاب مؤخرآ إلا كون المعرفة والتواصل الاليكتروني أصبح في متناول كل فرد. إلا الذي ينعت بالارهابي كونه غير واضح ومكشوف للكل. فهذه القوة الخفية (الارهاب) أداة مدمرة مزدوجة لتدمير نفسها والمجتمع الحاضن لها. ففتح التنسيق الامني المقدس اليوم. كانت ارهابية في سبعينيات القرن الماضي. وحماس والجهاد الاسلامي ارهاب اليوم. قد تصبح غدآ- إن تدري ام لم تكن تدري – تنسيق امني مقدس؟ فالمؤشر على ما هو (ارهاب أو إعجاب) هو مصلحة إسرائيل بفلسطين. ومصلحة إسرائيل من خلال أمريكيا بالخارج.(فالولي الفقيه الايراني) بعهد الشاه لم يكن إرهابيآ؟ لانه لم يشكل خطر على مصالح صهيون؟ باختصار:المواطن (العربي الاسرائيلي) المتفق مع زوجته. ويحبها وتحبه وينجبون اطفال. أصبح إرهابي منوي على مشروع صهيون؟ ويا خوفي عليكم من تحديد النسل يا أبا سمير. والباقي عندك والاحبة من القراء……….
د. خليل كتانة-فائد كتائب مثقفي الشعراوية-فلسطين
[email protected]
اقترح ان تقوم الاردن بسد الفراغ في سوريا والعراق ففيها نظام وسطي متسامح يلبي كل المطالب لكل الفرقاء ويسمح بالتنوع والاختلاف
Great as always
مقال اكثر من رائع وواقعي جدا… تذكرت كلمات اغنية لفرقة سورية تقول:”أنا إرهابي لكن طيب” عند وصفك لنا بأننا شئنا أم أبينا إرهابيين…
أنت إرهابي شئت أم أبيت، فإن لم تكن إرهابيًا فأنت داعم للإرهاب، فما يجعل الإنسان إرهابيًا ليس نوع السلاح الذي يحمله، ولا أسلوب التحرير الذي يؤمن به أو يمارسه، يكفي أن تكون ضد الإحتلال أو النظام الطاغية حتى ولو لفظيًا حتى تصبح إرهابيًا أو داعمًا للإرهاب، ويحق عليك النبذ والسجن الطويل أو الإعدام الميداني، وقد تستتاب، فإن تبت ووصفت رفاقك وإخوانك بالإرهاب وتبرأت منهم نجوت وإلا فتقتل أو تسجن أو تتشرد.
فهل تحولنا الى شعب من العميان والخرسان…my apology to Mr.Nizar kabani for omitting the question mark from the original sentence and thanks to you Mr. Kiwan for a great article as usual
ابدعت اسلوبا و موضوعا..شكرا لك
الله ما اجمل معنى الحرية لديك يا سهيل كيوان
الله ما اصفى معنى المقاومة لديك يا سهيل كيوان
ولذلك لن أكون مخطئا لو استحدثت الشعار التالي “يا شعوب العالم اتحدوا ضد النخب الحاكمة التي تنسق امنيا مع عدو الشعب ضد الشعب” ويجب تحويل ميزانيات الاجهزة الامنية والجيش الى مجالات اخرى مثل التعليم والصحة
خصوصا وأنّه تبين انها تنهار عند الحاجة لها كما حصل في انهيار الاجهزة الامنية والجيش في شهر النكسات للنخب الحاكمة ان كان في عام ١٩٦٧ او عام ٢٠١٤
ما رأيكم دام فضلكم؟