نقلت أوساط إعلامية سعودية عن مصدر سعودي مسؤول، لم تسمّه كالعادة، أنّ محمد بن سلمان سُمّي ولياً لوليّ العهد، بعد أن حظي بتأييد 28 من أعضاء «هيئة البيعة»، مقابل رفض أربعة، وتحفظ اثنين. لم تتسرب، في المقابل، معلومات ملموسة حول مداولات الهيئة بصدد تسمية ولي العهد، محمد بن نايف، نفسه؛ وما إذا كان قد تمتّع بمقدار مماثل من «الشعبية»، وحصد الأصوات!
وهذه مناسبة، استثنائية تماماً بالطبع، لمساءلة نظام البيعة، وطرائق خلافة العهد وولايته، في المملكة؛ اتكاءً على (ما تبقى، ربما، من) نظام «هيئة البيعة»، التي تأسست في خريف 2006، بأمر من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وكان أمر تأسيسها قد نصّ على أنها تتكوّن من أبناء عبد العزيز أو أحفاده، فضلاً عن اثنين يسميهما الملك، أحدهما من أبنائه والثاني من أبناء وليّ العهد. وفي تفصيل عملها، أشار الأمر إلى أنّ الملك، الجديد، يتشاور مع أعضاء الهيئة لاختيار ولي العهد، ثمّ يعرض عليهم اختياره، أو لائحة اختياراته؛ فإذا وقع اختلاف بين الملك والهيئة، تجري عملية تصويت على مرشح الملك ومرشح الهيئة، ويفوز الحائز على أكثرية الأصوات.
وكان الملك عبد الله، نفسه، قد أضاف على نظام الهيئة عنصراً جديداً ـ فريداً، كما يتوجب القول؛ حين أصدر، في آذار (مارس) السنة الماضية، أمراً ملكياً استحدث فيه منصب ولي ولي العهد، وعهد به إلى مقرن بن عبد العزيز. وبهذا فإنّ أولى خطوات تفكيك هيكلية نظام الهيئة، وإفراغه من مضمونه «التشاوري» تالياً، كانت قد بدأت من الملك؛ ذاته، الذي أصدر الأمر أصلاً، موحياً بأنه خطوة إصلاحية تعيد إرساء نظام الخلافة، والحكم بأسره، على ركائز جديدة (لم يتردد بعض الموالين في تسميتها «ديمقراطية»).
بيد أنّ الإنصاف يقتضي التذكير بأهمية تلك الخطوة الأولى، خصوصاً تعديل الفقرة ج من المادة الخامسة لنظام الحكم، والتي تسحب من الملك صلاحية الانفراد بتسمية وليّ العهد، وتُشرك فيه «هيئة البيعة». والإنصاف يقتضي، من جانب آخر، استذكار مقدار النقصان في إجراء يُبقي القرار موزعاً بين الملك ورهط من أفراد العائلة الملكية، من البيت السعودي الواحد، حتى إذا كان النظام الجديد يمنح الهيئة حقّ رفض اقتراحات الملك واختيار مرشح آخر.
كذلك بقي هامش مناورة مزدوج النتيجة، يتمثل في إمكانية التوصل إلى مستويات مختلفة، ومتباينة بالطبع، من الاتفاق بين الأمراء، أو الشقاق والخروج على إرادة الملك؛ وتلك حال لم تكن متوفرة في الماضي، أو كانت تتمّ في الخفاء وخلف جدران القصور السميكة الكاتمة للأسرار. هذا إذا وضع المرء جانباً حقيقة أنّ مرض الملك قد يعيقه عن القرار عملياً، رغم بقائه على رأس الحكم وفي سدة القرار؛ كما حدث مع الملك فهد طيلة العقد الأخير من حياته، حين أصيب بجلطة في الدماغ وعهد بتصريف شؤون المملكة إلى أخيه الأمير عبد الله، وليّ العهد آنذاك.
هنالك، إلى هذا، حقيقة عتيقة راسخة تنتقص من الطبيعة الإصلاحية للخطوة الأخيرة، وهي أنّ أوالية التوريث والخلافة في المملكة ليست دائماً بالسلاسة التي تبدو عليها في الظاهر، من جهة؛ وهي، من جهة ثانية، نادراً ما تأخذ صيغة سيرورة سياسية قائمة على توازنات القوّة ومحاصصة النفوذ وحدها، لأنها أيضاً مسألة إجتماعية تضرب بجذورها عميقاً في هياكل وتقاليد وأنساق المجتمع السعودي. في عبارة أخرى، ليس من الواضح حتى اليوم ما إذا كانت فلسفة الخلافة في المملكة قد ضربت صفحاً عن معظم، أو حتى بعض، تلك القواعد الصارمة، البسيطة تماماً مع ذلك؛ التي أرساها ابن سعود في عام 1933، حين اندلعت نزاعات الأبناء وقرّر الملك المؤسس توريث سعود وفيصل في آن معاً، لكي يجزم ضمناً بأن مبدأ الشراكة المعلنة هو القاعدة الناظمة للولاء العائلي.
ليس واضحاً، تالياً واستطراداً، ما إذا كانت قواعد الخلافة السابقة، مثل هذه اللاحقة، قادرة على إسقاط المبدأ الآخر في تحكيم الوراثة؛ أي إقامة ميزان الذهب بين القبيلة والفتوى والدولة، وبين السلطة القبلية وسلطة الإفتاء والسلطة المركزية، أياً كان المحتوى الفعلي لهذه الأخيرة. ذلك لأن جزيرة العرب لم تعرف، تاريخياً، مبدأ الحدود التي ترسم شكلاً جغرافياً للدولة ـ الأمّة، ولم يُطرح مفهوما «الوطن» أو «المواطنة» بمعانيهما السياسية والاجتماعية والثقافية. ولقد عرف هذا الإرث، التاريخي ـ الاجتماعي، منعطفات مركزية حين تعاظم التوتر بين العشائر ومراكز العمران والولايات العربية المأهولة (الحجاز، العراق، سورية)، وحين هاجرت عشائر عنزة من نجد إلى الحجاز، أو إلى شرق الجزيرة العربية لكي يشكّل بعضها ما يعرف اليوم بدولتَيْ البحرين والكويت.
وما دامت «الشخصية العسكرية» هي أبرز سجايا ولي ولي العهد، كما شدّد مشعل بن عبد العزيز رئيس «هيئة البيعة»؛ فإنّ تصعيد نجمه اقترن بـ»الحرب على الإرهاب» من جهة، و»عاصفة الحزم» ضدّ الحوثيين وقوّات المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى. وليست مبالغة أنّ هذه الحال تبدو أقرب إلى تطبيقات معاصرة، متغايرة على نحو أو آخر، لتلك التي تعيّن على ابن سعود أن يواجهها في مطالع القرن الماضي، وأن يقاتلها قتالاً لم يكن أقلّ ضراوة ممّا تفعل السلطة السعودية اليوم. تلك كانت مفارز فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وضيدان بن حثلين؛ وهؤلاء كانوا كبار زعماء حركة «الإخوان» الوهابية المتشددة، والميليشيات الدينية المسلحة التي شيّدت العمود الثاني في السلطة السعودية.
مطلوب اليوم، ضمن الذهنية العريضة للملك سلمان في المقام الأوّل، تمتين ذلك الخيط الرفيع المشترك، والقديم القائم، بين آل سعود والمؤسسة الدينية؛ أو بين العقيدة الوهابية ومؤسسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من جانب؛ ونُظُم العصر والعولمة والتنمية، ومشاغل وهموم ومتطلبات الأجيال الجديدة في المملكة، وتحديات أوضاع إقليمية متفجرة… من جانب ثان. ومطلوب، في الاستطراد، أن يأتي ولي العهد من وزارة الداخلية، وأن يكون وزير الدفاع في ولاية الولاية، وأن يتنحى سعود الفيصل عن 40 سنة لتُسند حقيبة الخارجية إلى سفير سابق في واشنطن، من خارج العائلة الملكية…
كلّ رجال الملك، إذاً، على صعيد داخلي مباشر أوّلاً؛ ثمّ على أصعدة خارجية، إقليمية وعربية، تشترط خيارات جديدة بصدد ملفات متراكمة سبق أن بتّ فيها فريق الملك الراحل، عبد الله، وآن أوان إعادة تقييمها ومراجعتها: مساوىء (ولكن أيضاً: مزايا ومحاسن!) مجموعات «الإخوان المسلمين»، خارج الدائرة المصرية المعقدة على الأقلّ؛ الانفتاح على تركيا رجب طيب أردوغان، بعد تبييض صفحة الإسلام المعتدل، والتعاون الوثيق في مجابهة النفوذ الإيراني، على أرض سوريا بعد اليمن، وربما في العراق قريباً؛ وإعادة هيكلة العلاقة مع واشنطن، وفق المعطيات الجديدة التي توفّرها الملفّات الجديدة التي يفتحها، أو سيفتحها، رجال الملك…
وهكذا، ليس إفراطاً في المبالغة ـ وبمعزل عن أنساق الاستيهام والأحلام والآمال حول «عاصفة حزم» في سوريا ـ أن يكون توحيد «جيش الفتح» في إدلب، و»الجبهة الشامية» في حلب، بعض ثمار تلك المراجعات؛ وأن يجري، قريباً، تظهير معطيات أخرى في مسارات مماثلة، إقليمية بادىء ذي بدء. وأمّا ما تبقى في «هيئة البيعة» من عناصر «إصلاحية»، فإنّ السؤال عنه هرطقة وانشقاق وشقاق؛ واسألوا المدوّن السعودي رائف بدوي!
٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
صبحي حديدي
*اعذرونا يا شباب على كثرة التعليقات.
* شكرًا
* الله يسامحك يا أخ ( حكمت ) .
** على رأي المثل ( جيبنا سيرت القط ..أجا ينط ) !!!
*** ملاحظة : آخر تعليقين ليس لي وإنما ( للببغاء ) وربنا يهديه .
** شكرا
حين قال لي احد الغربيين يوماً ان العالم الشرق أوسطي لايناسبه لا ديكتاتورية غضبت منه وقلت له بالطبع لا يهمكم حرية شعوب تلك الدول لان مصالحكم ورفاهيتكم لايومنها سوى معاناتهم. لكن الديموقراطية التي يدعونها ليست سوى رب يعبد من دون الله متمثل بمصالحهم وهي هلامية تتشكل حسب الدافع والمصلحة ومن ينادي بها في بلادنا عن جهل او غفلة لا يعرف انها هي تلك الدكتاتورية التي سماها صاحبنا ولكنها مفصلة حسب مقاس عقلياتهم . نعم لاتفيدنا تلك الديموقراطية بتاتاً وإنما حاكم صالح صارم وليس ديكتاتور يحكم بالشرع الذي حفظ حقوق كل من يعيش بوطن يدرك فيه هؤلاء واجباتهم ليحفظوا بالمقابل حقوقهم. ليس فلسفة ولاسفسطائية بل واقع يجب اسقاطه ولو بالحزم كما أسقطت الديموقراطية الهلامية على مجتمعاتهم بالقوة فضلاً عن الحزم. وشكراً للنشر
حفظ الله الأخ سامح
أنا اقرأ بعض التعليقات الأخوه الذين يَرَوْن ايران من الدول الاسلامية ومن الدول الداعمة للإسلام
اسأل نفسي سوْال هؤلاء المعلقين لإ يَرَوْن ما تفعله ايران في العراق من قتل للشعب العراقي علا المعتقد
ما تفعل ايران في سوريا من تدمير هذا البلد الجميل
خراب قتل للشعب السوري المشتت في العالم
لا يَرَوْن ما تفعل في بيروت من تغييب الحكومه بفضل حزب الله من تخريب اسم لبنان كيف كانت لبنان قبل حزب الله بلد كان يقال له سويسرا الشرق
الان بلد بدون رئيس ٢٤ شهر السبب حزب الله
اليمن وما ادراك ما اليمن البلد الكريم كيف كان اليمن قبل تدخل ايران
اسرائيل لا يختلف اثنان انها العدو لكن ايران تتلبس بثوب الاسلام وهي أصلا لا تؤمن به لهم مخططهم الماجوسي الفارسي الذي دمره عمر ابن الخطاب
اما السعوديه بعمليه الحزم فضحت كل المستور اي بمعني وضعت المجهر علا المتملقين من من هم لا يعرفون عن الاسلام الا اسمه
والرسول ص اخبرنا عن أناس يقال لهم الرويبضة
السعوديه قادره على الابحار في هذه الظروف التي وضعتها فيها وانا متاكد انها سوف توصل لبر الأمان بفضل الله عزوجل وبفضل شعبها العاقل القريب من ربه ويعرف الاسلام وأركانه
خير السعوديه على القريب والبعيد
والتاريخ يشهد لهم
أسف جدا على الاطاله
أستودعكم الله ايوه الأخوه