نيو جيرسي ـ «القدس العربي»: مأساة ضربت المنتخب الأرجنتيني يوم الاثنين الماضي بعد الهزيمة في نهائي بطولة كبرى للمرة الثالثة في غضون عامين، ما قاد إلى إعلان القائد ليونيل ميسي اعتزاله اللعب الدولي.
ومن المتوقع أن يسير لاعبون أخرون على نهج ميسي، حيث لمح سيرخيو أغويرو مهاجم مانشستر سيتي إلى ذلك بعد الهزيمة بركلات الترجيح أمام تشيلي في نهائي كوبا أميريكا المئوية. وقال أغويرو: «البعض يعتقد أنه ربما حان الوقت لفسح المجال أمام لاعبين آخرين». وخسر منتخب التانغو نهائي كوبا أمريكا للمرة الثانية على التوالي أمام تشيلي، بعدما حدث الشيء ذاته في نهائي البطولة العام الماضي، وبركلات الترجيح أيضا. وفي عام 2014 خسر المنتخب الأرجنتيني نهائي مونديال البرازيل على يد ألمانيا في الوقت الإضافي. وهدد لاعب الوسط المخضرم خافيير ماسكيرانو باعتزال اللعب الدولي قبل عام واحد، وبدا حينذاك أنه من الصعب أن يتراجع عن قراره.
ورجحت وسائل الإعلام الأرجنتينية أن يسير أغويرو وغونزالو هيغواين وايزيكيل لافيتزي وآخرون على نهج ميسي ويعتزلون اللعب الدولي مع منتخب التانغو. الكل كان يتوقع أن يتم تغيير دماء المنتخب الأرجنتيني بالكامل بعد مونديال روسيا 2018، خاصة أن ميسي الذي احتفل بعيد ميلاده التاسع والعشرين الاسبوع الماضي، بينما أغويرو ما زال في الثامنة والعشرين، لكن من المتوقع أن يحدث ذلك في وقت مبكر عما كان متوقعا. ميسي وأغويرو يلعبان سويا منذ كانا في منتخبات الناشئين، وفازا معا بكأس العالم للشباب تحت 20 عاما في 2005 والميدالية الذهبية في أولمبياد بكين 2008. بعض نجوم المنتخب الأرجنتيني وصلوا إلى مصاف العالمية، ولكن المنتخب الأرجنتيني فشل في الفوز بأي لقب منذ التتويج بكوبا أمريكا في 1993. وقال ميسي: «حاولت جاهدا من أجل ذلك، لقد حاولت، لم أتمكن من تحقيق إنجاز، تمنيت أكثر من أي أحد الفوز بلقب مع المنتخب، لكن هذا لم يحدث». وهاجم ميسي الاتحاد الأرجنتيني، وقال، إدارة الاتحاد الأرجنتيني «كارثة»، معربا عن ضيقه وإنزعاجه من تأخر إقلاع الرحلة. وذكر ميسي على حسابه بموقع «إنستغرام»: «مرة أخرى ننتظر في الطائرة… هذا الاتحاد الأرجنتيني يا له من كارثة!!!». ونشر ميسي التعليق برفقة صورة له في الطائرة وهو يجلس إلى جوار أغويرو ويظهر عليه الاستياء والضيق. وجاءت تصريحات ميسي في أعقاب تأخر رحلة الطيران التي سافر على متنها المنتخب الأرجنتيني من هيوستن إلى نيو جيرسي لمواجهة تشيلي.
ويعاني الاتحاد الأرجنتيني من أزمات هائلة على المستوى المؤسسي، وشكل الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) لجنة تسوية لإدارة شؤون الاتحاد، في الوقت الذي يواجه فيه اتحاد الكرة تحقيقات قضائية في بلاده. ووسط اتهامات تتعلق بالفساد أطاح الفيفا بلويس سيغورا رئيس الاتحاد الأرجنتيني، ورحل الأخير عن الولايات المتحدة قبل النهائي المؤلم في كوبا أمريكا. وعانى المنتخب الأرجنتيني خلال المراحل الأولى من كوبا أمريكا حيث عجز اتحاد الكرة عن توفير التسهيلات الأساسية للفريق في مقر اقامته بولاية كاليفورنيا. وسافر المنتخب الأرجنتيني إلى الولايات المتحدة وسط ظروف عصيبة نظرا لأن المنتخب الأولمبي الذي من المقرر أن يشارك في أولمبياد ريو في آب/ أغسطس المقبل ليس لديه جهاز فني بسبب أزمة اتحاد الكرة ومن المقرر أن يقود خيراردو مارتينو الفريق في الدورة الأولمبية. وتوجب على ميسي ورفاقه أن يتعاملوا مع مشاكل اتحاد الكرة التي على الأرجح مرتبطة بالفشل الإداري.
واستبعد خيراردو مارتينو إمكانية الرحيل عن تدريب الأرجنتين، وأبدى تطلعه إلى منافسات كرة القدم في أولمبياد ريو. وفي حال رحل مارتينو فإن الأمور داخل الاتحاد الأرجنتيني ستتحول من سيئ إلى أسوأ نظرا لوجود عدد محدود من المسؤولين وسيكون من الصعب الاستقرار على خليفة له. ورغم ذلك فإن بقاء مارتينو سيزيد من التحديات، حيث يملك المدرب تسعة لاعبين فقط للمشاركة في الأولمبياد بعد رفض العديد من الأندية الأوروبية التفريط في لاعبيها. وقال أحد المقربين من مارتينو عقب الهزيمة أمام تشيلي: «قرار الرحيل من عدمه من الصعب للغاية اتخاذه». وقد تتدهور الأمور بشكل أكبر مع مواجهة الاتحاد الأرجنتيني خطر الإيقاف من الفيفا.
وتستأنف تصفيات مونديال روسيا 2018 في أيلول/ سبتمبر المقبل، وبعد البداية الباهتة يحتل منتخب الأرجنتين المركز الثالث في التصفيات قبل 12 جولة من النهاية. ويتأهل أصحاب المراكز الأربعة الأولى بالتصفيات مباشرة إلى كأس العالم فيما يشارك الخامس في دور فاصل. ويلتقي المنتخب الأرجنتيني مع أوروغواي وفنزويلا في الفترة القادمة، لكن مصير الفريق من التصفيات سيتحدد بناء على تحقيقات الفيفا. وعلى أي حال سيضطر الفريق للعب بدون ميسي، أفضل لاعب في المنتخب الأرجنتيني حتى الآن وربما يخسر أيضا جهود العديد من نجومه في الفترة المقبلة.
نجوم ورياضيون ووسائل إعلام يتعاطفون مع ميسي
تعاطف الكثير من نجوم كرة القدم العالمية، بالإضافة إلى الشخصيات الرياضية سواء على المستوى العالمي أو العربي، مع إعلان المهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي اعتزال اللعب الدولي.
وفور الهزيمة، خرج ميسي لوسائل الاعلام ليعلن اعتزال اللعب الدولي، إلا أن هذا الأمر لاقى اعتراضا من بعض الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى نجوم كرة القدم في تصريحاتهم لوسائل الاعلام المختلفة. وقال التشيلي أرتورو فيدال على «تويتر»: «كرة القدم الدولية ستفتقده كثيراً». وقال خوان أنطونيو بيتزي مدرب تشيلي: «في نظري، ميسي أفضل لاعب في التاريخ، إنه أفضل لاعب في كل الأزمنة، لكنني أقول ذلك من وجهة نظر خاصة بي فقط. وقال جوسيب ماريا بارتوميو، رئيس نادي برشلونة: «تهانينا لكلاوديو برافو بالحصول على كوبا أمريكا، وتحية كبيرة لليونيل ميسي وخافيير ماسكيرانو لأدائهما الرائع خلال البطولة». وطالب برافو، حارس مرمى تشيلي، زميله في برشلونة بإعادة النظر في أمر الاعتزال، حيث قال: «بالنسبة لي ميسي هو أفضل لاعب في العالم، نحن نعلم جيدا نوعية هذا الشخص». أما سيرجيو روميرو، حارس المنتخب الأرجنتيني، فيرى أنّ إعلان ميسي اعتزاله جاء في لحظة حزن بعد خسارة اللقب، حيث قال: «أعتقد أن ليو كان متأثراً، كلنا فكرنا بهذه الطريقة».
وأبدى الأمير فيصل بن تركي، رئيس مجلس إدارة نادي النصر السعودي، تعاطفه مع ميسي، قائلا عبر «تويتر»: «إنك ظالمة يا كرة القدم، فأعظم لاعب في التاريخ لم تتشرف الكؤوس العالمية والقارية بملامسة يده». أما قناة «تي واي سي» الأرجنتينية: «قرار اعتزال ميسي يؤلم أكثر من خسارة النهائي». بينما قالت صحيفة «أوليه» ذائعة الصيت بالأرجنتين: «عليه أن يبقى، إرسلوا دعمكم له». وركزت صحيفة «ماركا» الإسبانية التي تصدر في مقاطعة كتالونيا معقل فريق برشلونة على حملة «لا تدعو ميسي يذهب» عبر «تويتر» والتي انتشرت سريعا بعدما استفاقت الجماهير بأن أفضل لاعب لديهم اعتزل اللعب دوليا.