لأول مرة يناقش مجلس الأمن الدولي موضوع المياه وعلاقتها بالسلم والأمن الدوليين

نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: رغم بعض التحفظات من بعض أعضاء مجلس الأمن على اختصاصه في بحث هذا الموضوع إلا أن مجلس الأمن استجاب لمبادرة سنغالية حول ترابط مسألة المياه بالأمن والسلم الدوليين، فعقد جلسة مفتوحة بدأت الساعة العاشرة من صباح الإثنين وانتهت مع السادسة مساء بتوقيت نيويورك وتحدث فيها أكثر من 51 دولة بالإضافة إلى الأمين العام ونائبة رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر،كريستين بيرلي، ودانيلو ترك رئيس الفريق الدولي المعني بالمياه والسلام.
ووزعت الرئاسة الدورية للسنغال على أعضاء مجلس الأمن الدولي رسالة حول أسباب الدعوة لمثل هذا الاجتماع الهام، وصل ل»القدس العربي» نسخة منها، تقول إن هناك جدلية واضحة بين تناقص المياه وزيادة عدد السكان وأن ندرة المياه قد تكون سببا آخر في تفاقم العنف وخاصة بين الدول المتشاطئة. بعض الدول تضع سياسيات مائية قد تسبب توترا مع الدول التي تشاركها الأنهار أو البحيرات بالإضافة إلى أن العنف المسلح قد يؤدي إلى تدمير إحتياطي المياه أو منع المجتمعات السكانية من الوصول إلى مصادر المياه من قبل المتطرفين أو الإرهابيين. وتقول الرسالة إن هناك 1.7 مليار إنسان لا يحصلون على الحد الأدنى من المياه والذي حددته الأمم المتحدة ب 1000 متر مكعب في السنة للفرد الواحد وسيصل هذا العدد إلى 2.5 مليار عام 2025.
وترأس الجلسة وزير خارجية السنغال، منكور نداياي، فأعطى كلمة الافتتاح للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والذي قال في مستهل كلمته إن تأمين الحصول على المياه يمكن أن يفاقم التوترات المحلية، مشيرا إلى أن المنافسة على الموارد النادرة للمياه في دارفور وأفغانستان ساهمت في زيادة تلك التوترات.
وأضاف الأمين العام أمام مجلس الأمن الدولي، «الصراعات المسلحة نفسها يمكن أن تؤثر على الوصول إلى المياه النظيفة، على سبيل المثال من خلال التدمير المتعمد لمنشآت المياه، والهجمات على مصانع الطاقة التي توفر إمدادات المياه، وانهيار أنظمة معالجة المياه والصرف الصحي». وذكر بان أن ما يفاقم تلك الآثار غالبا هو الانهيار في إدارة المياه وشبكات توصيلها، وهو أمر عادة ما يحدث أثناء الصراعات.
القصف الجوي ضد منشآت المياه والكهرباء في سوريا، وتلوث مصادر المياه الجوفية في غزة، أمثلة أخرى على الأثر السلبي للصراع المسلح على المياه. رأينا أيضا أطرافا متقاتلة تسعى للسيطرة على السدود والحواجز. السيطرة على السدود الاستراتيجية على نهري دجلة والفرات، كانت في قلب العمليات العسكرية التي يقوم بها تنظيم «داعش» في سوريا والعراق. وعلى الرغم من تلك التحديات الخطيرة، شدد الأمين العام على أهمية التعاون بشأن الموارد المشتركة للمياه. وقال إن ثلاثة أرباع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة تتشارك في أنهار وأحواض بحيرات مع جيرانها.
وأضاف أن التشارك في المياه على مر التاريخ قرّب بين الخصوم، وكان يعد تدبيرا لبناء الثقة داخل الدول وفيما بينها. وقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين نجاح المفاوضات حول أكثر من مئتي اتفاقية متعلقة بالمياه. وساهمت الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالأنهار في تعزيز الأمن والاستقرار في أحواض الأنهار.
وقال الأمين العام إن توقيع «إعلان المبادئ» العام الماضي من قبل حكومات مصر وإثيوبيا والسودان، الذي أعقبه إجراء حوارات رسمية وغير رسمية، كان تدبيرا مهما لبناء الثقة.
وأضاف إن الأمم المتحدة تعزز الحوار والوساطة باعتبارهما أدوات فعالة لمنع وحل الخلافات حول المياه والموارد الطبيعية.
وذكر الأمين العام أن إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أصدرا دليلا مفيدا يحتوي على استراتيجيات عملية وأفضل الممارسات في هذا المجال. وشدد بان كي مون على أهمية الدور المركزي الذي تقوم به النساء في الإدارة المحلية للمياه. وقال إن القرارات المتعلقة بحصص المياه يمكن أن تؤثر بشكل كبير على رفاههن وسلامة أطفالهن وأسرهن. ولهذا السبب تدعو النساء دوما إلى أن تعالج اتفاقات السلام، بشكل مباشر، قضايا المياه كما حدث في عملية السلام في دارفور.
وفي ختام كلمته قال الأمين العام إن التحديات في مجال المياه تؤثر على الجميع، ودعا إلى استغلال جلسة مجلس الأمن لإلقاء الضوء على قيمة المياه باعتبارها سببا للتعاون لا الصراع. كما دعا كذلك إلى الاستثمار في أمن المياه، كسبيل لضمان السلم والأمن الدوليين على المدى البعيد.
وحذر وزير الخارجية السنغالي، منكور نداياي، من المنافسة على إستحواذ المياه والتي قد تسبب تفاقما في الأزمات والنزاعات. ودعا الدول التي تتشارك في مصادر المياه إلى إستخدام المياه في التنمية الرشيدة والتعاون. وضرب مثالا على بلاده والتفاهم بين دول الجوار المستفيدة من من خلال إنشاء آلية للإدارة المشتركة لحوض مجرى نهر السنغال. وقال إن الدبلوماسية الوقائية هي أفضل السبل لحل المشاكل الكامنة قبل أن تتفاقم وتتحول إلى عوامل نزاع. ودعا الوزير نداياي المجتمع الدولي «للتضامن والتعاون في دعل المياه تسير في إتجاه واحد: التنمية والسلام والوئام بين الشعوب».

لأول مرة يناقش مجلس الأمن الدولي موضوع المياه وعلاقتها بالسلم والأمن الدوليين

عبد الحميد صيام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول دكتـور أسـامـة الشـرباصي بـواشـنطن:

    نحــى مـن واشـنطن الصــديـــق الـدكتــور عبــــد الحميـــد صيـــام عــن تغطيتــه منـاقشـــة مجــلـــس الأمــن الـــدولــى مــوضــوع الميـــاه وعـــلاقتهــا بـالســـلــم والأمــن الـــدولييـــن !؟ وإسـتجــاب مجــلــس الأمـــن لـلمبــادرة الســينغــاليــة لمنــاقشـــة هـــذا المــوضـــوع الهـــام !؟ وهــــل هنـــاك أهــــم مـــن الميــــاه لشـــعـوب المعمــــورة !؟ وكمـــا قـــال الــراحـــل الــدكتـــور بطـــرس غـــالــى الأميـــن العــــام الســابــق لـــلأمــــم المتحــــدة إن الحــــروب فــى إفــريقيــا ســــوف تــكــون حــــروب الميــــاه !؟ وأبـرز مثـال بنــاء ســد النهضــة الإثيــوبــى وثــلاث ســــدود أخــرى بتــدويــر ميـــاه النيـــل الأزرق الــذى يمـــد مصـــر ب 80% مــن ميــاه نهـــر النيـــل !؟ وقــد بـــدأت فــكــرة ســـد النهضـــة الإثيــوبــى مــن طمــوحــات الإمبــراطــور الإثيــوبــى الـــراحــــل هيـــلا ســيــلاســي !؟ وســـوف يتســـبب ســــــد النهضـــة الإثيــوبــى والثـــلاث ســــدود الأخـــرى لــلأســـف فــى تعطيـــش 92 مــليــون مصـــرى !؟ ونعتقـــد أن الجيـــش المصــرى ســـوف يتحـــرك فــى إتجــاه إثيــوبيــا فــى المســتقبــل القـــريـــب !؟
    دكتــور أســــامـــة الشـــربـاصي
    رئيـــس منظمـــة الســـلام العــــالمـــى فـــى الـــولايـــات المتحــــدة
    http://www.internationalpeaceusa.org

إشترك في قائمتنا البريدية