لا تثقوا بمسيلمة البريطاني

حجم الخط
5

■ تشير الدلائل إلى أن مؤامرة جديدة تحاك ضد القضية الفلسطينية في أروقة اللجنة الرباعية الدولية، التي ستعقد بعد غد الاثنين، اجتماعا في العاصمة البلجيكية بروكسل على مستوى المندوبين… بطلاها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وسيئ الذكر توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، مبعوث هذه اللجنة للسلام في الشرق الأوسط، الذي فرضه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن على اللجنة، مكافأة له على تحالفه معه في الحرب العدوانية على العراق عام 2003. ووزير الخارجية الامريكي جون كيري.
الغرض من هذه المؤامرة توفير الحماية لاسرائيل وقادتها الملطخة أيديهم والغارقين بدماء الفلسطينيين.. عناصرها ثلاثة وهي «مهزلة تجميد» الاستيطان ومحكمة الجنايات الدولية والمفاوضات.. تبدأ أولا كما في كل المرات التي دفعوا فيها القيادة الفلسطينية دفعا الى لحس كلامها، بإلقاء طعم تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مقابل قرار من هذه القيادة بوقف خطوات وإجراءات الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية، أي وقف ملاحقة مجرمي الحرب والاستيطان من الاسرائيليين، الســــياسيين منهم والعسكريين.. الذي أثار الرعب في نفـــوسهم وأفقدهم صوابهم وجعلهم يتخبطون في تصريحاتهم ويطلقون التهديدات يميناً ويسارا.. والعنصر الثالث العودة مجددا الى دوامة المفاوضات بشروط فضفاضة لا تفضي الى شيء وتعيدنا مجددا الى المربع الاول.
ومكمن الخطورة في هذه المؤامرة الجديدة التي ستغلف بغلاف اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة) اذا ما صدقت الأخبار بشأنها، لا تكمن فقط في وقف الانضمام للمحكمة الدولية فحسب، وهذا بحد ذاته سيكون تراجعا فلسطينيا خطيرا ستكون له انعكاسات سلبية جمة، وسيؤدي الى فقدان القيادة الفلسطينية كل ما اكتسبته من مصداقية، بعد إصرارها على طرح مشروع قرارها على علاته، على مجلس الامن الدولي، رغم المعارضة الامريكية.. وستصبح مسخرة المساخر اولا في أوساط شعبها، وهذا هو الأهم، وثانيا في اوساط الأصدقاء، وثالثا امام الاعداء والمتربصين وهم كثر. والأخطر من هذا وذاك هُوَ وضع الاستيطان غير الشرعي على قدم المساواة مع الحق الفلسطيني الشرعي في الانضمام الى محكمة الجنايات.. وهذا من شأنه أن يضفي الشرعية الفلسطينية على الاستيطان الاحتلالي.
والامل الوحيد هو في ان تكون القيادة الفلسطينية قد تعلمت من دروس الماضي بعد هذه السنوات من المفاوضات العبثية منذ اتفاق اوسلو عام 1993 وحتى يومنا هذا.. وأن تكون قد ادركت عناصر قوتنا كشعب وقضية، وان تتعامل مع الوضع الجديد من منطلق جديد أساسه عناصر قوتنا، لا الضعف والخوف الذي كانت تصطبغ به كل قراراتها السابقة.
يجب ألا تعطي هذه لنفسها حتى حق التفكير في هذا العرض، أو غيره من العروض المشابهة… «اللي فات فات رغم خطورته».. ولتبدأ مرحلة جديدة تنسى فيه اخطاء الماضي والوقت ليس متأخرا، شعارها «لا عودة إلى المفاوضات فعهد المفاوضات من اجل المفاوضات قد ولى وحان وقت الاستحقاقات».
اكثر من 21 عاما وهذه القيادة تتفاوض على تطبيق اتفاق تفاوضت حوله لسنوات.. والنتيجة مفاوضات من أجل المفاوضات.. مفاوضات هي الأطول في التاريخ البشري حققنا فيها رقما قياسيا نستحق ان ندخل به موسوعة غينتس للأرقام القياسية…
واستحقاقات هذه المفاوضات.. وضع جدول زمني لجلاء الاحتلال عن كل الاراضي الفلسطينية، التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وليس القدس الشريف، لما تحتمله هذه التسمية من معان ربما تنطوي على تنازلات جغرافية في المدينة المقدسة.. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والحدود والمعابر المفتوحة، وفق ما جاء في مشروع القرار الفلسطيني الأصلي، وسحب القرار الذي قدم في اليوم الأخير من العام الماضي… وإزالة السرطان الاستيطاني… ويجب ان تكون هذه الاستحقاقات الحدود الدنيا التي تقبل بها.
رفض أي شروط إسرائيلية جديدة، لاسيما شرط وقف التوجه الى محكمة الجنايات الدولية فهذا حق مستحق للشعب الفلسطيني لتقديم مجرمي الحرب الى العدالة… ولا مساومة على حق.
وبناء على ذلك لا تصدقوا كيري وبلير وانتم أكثر من يعرف جيدا أنهما يكذبان ولا يضمران لنا إلا شرا.. لا تثقوا بهما ولا بوعودهما ولا بضماناتهما.. فمن يمكن ان يثق بوزير خارجية خلف وعده غير مرة؟.. ومن يثق بلجنة مبعوثها للسلام مسيلمة البريطاني الذي لا يخرج من فاهه سوى الكذب.. وهو يعرف أنك تعرف انه يكذب.. هذا ضلالي صهيوني الهوى لفق مع جورج بوش الابن، الأكاذيب والافتراءات والدوسيهات المزيفة التي لا تزال قيد التحقيق في بريطانيا، تمهيدا لاحتلال العراق والاستيلاء على ثرواته وتدميره وتفتيه، في 2003.
وأما كيري فقد اثبتت التجارب السابقة انه فاشل وعاجز.. استدرجكم بوعود وقف الاستيطان الى مفاوضات عبثية فاشلة لتسعة أشهر (حزيران/ يونيو 2013 – آذار/ مارس 2014) والنتيجة مزيد من الوقت الضائع ومزيد من الوعود الفارغة.
لدغتم منهما غير مرة، فلا تعودوا الى الجحر ذاته من جديد.. يفترض أن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين… وأنتم..
لا تهابوا تهديدات عرابي كابيتول هيل (الكونغرس الأمريكي) فهي تهديدات فارغة وتعكس ضعفهم لا قوتهم.. وهم يعرفون ان وقف المساعدات المالية سيضر بمصالحهم اكثر من غيرهم.. تخلصوا من الاحساس بالضعف الذي عشش في دواخلكم لسنوات.. استأصلوا الخوف من نفوسكم والقوا به وراء ظهوركم.. ركزوا على مواطن قوة شعبكم وهي كثيرة واكثر مما تتخيله عقولكم التي افرغت لسنوات من كل شيء سوى المفاوضات.. فنحن الأقوياء. نعم نحن الأقوياء والإسرائيليون ومن وراءهم هم الضعفاء.. تكاثرنا كابوسهم.. وصمودنا مصدر رعبهم.. . وجودنا يهز كيانهم وهم الذين يتمتعون بالحماية الامريكية والغربية عموما، عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا. نعم نحن الأقوياء رغم ضعفنا العسكري الذي لم نحسن استخدامه او لنقل أسأنا استخدامه في الكثير من مراحل الثورة المسلحة.
نحن الأقوياء ولو لم نكن كذلك لما اهتم بنا العالم من شرقه الى غربه ومن جنوبه الى شماله.. ولما أصبحت رام الله كعبة زعمائه.. ولنسينا هذا العالم بعد مرور قرابة القرن على قضيتنا، كما تناسى شعوبا كثيرة من قبلنا، وشطب من قاموسه اسم فلسطين.. لكن فلسطين بشعبها ونضاله ظلت وستظل جاثمة على قلوبهم الى ان تنال استقلالها رغم أنوفهم، ويعترفون بها صاغرين… وان غداً لناظره قريب.
نعم نحن الأقوياء ومشكلتنا في بعض من يقودوننا لأنهم لا يعرفون مواطن قوتنا وان كانوا يعرفونها فلم يحسنوا استخدامها… وعندما سرنا في الاتجاه الصحيح اصبح العدو يلف حول نفسه.. ويهدد بسيف غيره.. الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وأستراليا.
نعم نحن الأقوياء.. حاولوا شراءنا بأموالهم وأحيانا بالتهديد بقطع مساعداتهم.. وفشلوا، لاننا شعب علمته سنون نضاله وتضحياته الطويلة والطويلة جدا القدرة الفائقة على الصبر والصمود والتحدي والمواجهة. نحن الأقوياء.. فعندما شعر شعبنا بان وزير الخارجية الكندي جون بيرد يحاول إهانته في عقر داره وخرج عن أصول اللياقة الدبلوماسية وكرم الضيافة بمطالبة صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتذار لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لتشبيهه بزعيم تنظيم الدولة «داعش» ابي بكر البغدادي… ودعه شعبنا بالبيض والأحذية.. وهو يعرف ان كندا من الدول المانحة..
نعم نحن الأقوياء وهم الضعفاء.. هم يخافوننا لأنه ليس بوسعهم ان يفعلوا بنا اكثر مما فعلوا.. فقد جربوا ضدنا كل ما في ترسانتهم من أحدث التكنولوجيات العسكرية التي تجود عليهم بها مصانع الدمار الامريكية.. الطائرات والصواريخ والقنابل الذكية وغيرها، باستثناء السلاح النووي.. وقتلوا واغتالوا واعتقلوا ورحلوا ودمروا ونصبوا الحواجز العسكرية واقتحموا المدن والقرى والمنازل وضايقوا الناس ومنعوهم من السفر وجمدوا الأموال.. وارتكبوا المجازر، لإرهابنا وإرغامنا على الرحيل القسري.. ورغم ذلك فبين ظاهريهم اكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني… وثلاثة أضعاف هذا العدد في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي غضون سنوات قليلة سيتفوق عليهم الشعب الفلسطيني بالقوة البشرية.
هم المحتلون ونحن المحتلين.. ويمتلكون القباب الحديدية التي تحميهم من صواريخ العدو… لكنهم لا يشعرون بالأمن والأمان..فهم يعرفون ان مفتاح أمنهم وأمانهم بأيدينا… نعم مفتاح أمنهم وأمانهم في أيدينا.
فكل فعل وليس مجرد رد فعل، نقوم به يخيفهم وقف التنسيق الامني يخيفهم
التوجه الى مجلس الامن يخيفهم، الانضمام الى محكمة الجنايات يخيفهم، صمودنا أمام التهم العسكرية يخيفهم، نساؤنا الولادات تخيفهم، أطفالنا في أرحام أمهاتهم يخيفونهم، أسرانا في سجونهم يخيفونهم، والاهم من كل هذا وذاك وجودنا وصمودنا على ارضنا يخيفهم.

٭ كاتب فلسطيني

علي الصالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    نعم نحن الأقوياء وهم الضعفاء

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}.آل عمران

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول Ali Mohammed:

    المفاوضات بدون تحديد اهدافها مسبقا وبدون تحديد اطار زمني محدد فانها مضيعة للوقت وتغيير معالم الاراضي الفلسطينية بالمزيد من للاستيطان.ان الضغوط الماليه على الحكومه الفلسطينيه ليست مبررا للخضوع لاملاءات اسرائيل والغرب واذا خضعت الحكومه الفلسطينيه هذه المره لا سمح الله فان هدف الدوله الفلسطينيه يكون قد انتهى. اياكم والخضوع لاي جهة كانت واصروا على طلباتكم واهدافكم حتى لو تناول الواحد منكم نصف رغيف باليوم. اللهم انصر الشعب الفلسطيني امين.

  3. يقول ماهر خليل:

    سبق وأن علقت في أكثر من مناسبة أنه من العيب أن يكون هذا الشعب العظيم تحت مظلة الأنقسام التي تشوه صورة وسمعة نضاله. المصالح الشخصية والفئوية والحركية والحزبية لطرفي الانقسام شوهت وتشوه صورة شعبنا خصوصا عندما يستخدم هواة وأطفال السياسة من الطرفين الإعلام لمهاجمة الآخر.
    عيب. شعوب استعمرت وانقرضت واختفت عن الأرض رغم أنها لم تتعرض لجزء مما تعرض له الشعب الفلسطيني ولم تتكالب عليه دول العالم ورغم ذلك انقرضوا.
    أما نحن فموجودن وموجودون ولكن مع هذا العيب الانقسامي الذي لا يريد أن ينته.
    قلت سابقا أيضا أنه حان للشعب الفلسطيني ربما أن يلد تيارا ثالثا تطغي عقلانيته على “أطفال” طرفي الانقسام. هذا الشعب قادر على ذلك. وعيب إن لم يقدر.

  4. يقول sam/usa:

    عباس صفته الابرز التردد
    لايليق بشعب فلسطين
    فاما ان تمتلك ارادة سياسية اقوى
    او دع صناديد ارض القبلة الاولى ان يدكوا راس الصهاينة المحتلين بكل ماتحت ايديهم
    واكرر ندائي الذي اطلقته قبل سنوات بانى ارفض ان يلقى الصهاينة في البحر
    بل ان العار لايدفن الا مضمخا بالدم تحت اقدام الابطال

  5. يقول عربي- فلسطينى:

    نعم نحن الاقوياء :

    * اذا ما تمسكنا بكل ارضنا من النهر الي البحر،

    * اذا تمسكنا بحق العوده لكل من اخرج من اصغر قريهه و اي مدينه في فلسطين المحتله،

    * اذا رفعنا البندقيه تحت راية عربيه و رفضنا المفواضات و المبادرات العقيمه،

    * و اذا اعلنا ان هدفنا هو التحرير الكامل لارض فلسطين هدفا واحدا لا حياد عنه وان اختلفت السبل.

إشترك في قائمتنا البريدية