لا يهم من سيكون الرئيس الأمريكي!

جلس مستمتعا في صالون بيته في رام الله، كان يداعب أحد أحفاده وقد غمرته سعادة لا توصف، كانت الفرحة في عينيه أكبر من هذه الشقة في إحدى العمارات الجديدة على إحدى تلال هذه المدينة بالضفة الغربية. لم يكن مضى وقتها على عودته من الولايات المتحدة سوى سنوات قليلة، التقيته بعد أن سبق أن تعرفت عليه في عدد من اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى) التي عقدت في الجزائر نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات.
البروفيسور إبراهيم أبو اللغد كان قد غادر يافا مسقط رأسه إلى الولايات المتحدة بعد النكبة عام 1948 وهو لم يبلغ بعد العشرين من عمره. عاش هناك معظم حياته وحمل الجنسية الأمريكية. عمل أستاذا للعلوم السياسية بالجامعات الأمريكية فحاز مكانة مميزة وسط النخبة الأمريكية الأكاديمية والسياسية وربطته صداقة خاصة بابن بلده المهاجر مثله المفكر الكبير إدوارد سعيد.
حين التقى عام 1990 صحبة ادوارد سعيد بوزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز، شكل ذلك حدثا كبيرا فكلاهما عضو آنذاك في المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى) في وقت لم تكن فيه واشنطن تعترف بمنظمة التحرير أو تشرع معها في تلك المحادثات الأولية في تونس مع السفير الأمريكي هناك روبرت بيلترو. وبعد 44 عاما من الإقامة في الولايات المتحدة قرر أبو اللغد العودة إلى رام الله والاستقرار فيها حتى وفاته عام 2001 وقد عرف بمعارضته لاتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير وإسرائيل مما دفعه وقتها للاستقالة من المجلس الوطني مع ادوارد سعيد أيضا.
سألته وقتها في مقابلة تلفزيونية عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية فقال مبتسما: تابعت هذا الحدث الهام لعدة عقود. كنا في كل مرة نقول كعرب بأن هذا المرشح أفضل من ذاك وبأن مؤشرات ما تفيد بأن المرشح الفلاني سيبدي من التفهم أو من التصلب في قضايانا هذا الشيء أو ذاك. وفي النهاية نكتشف مدى سوء تقديرنا لترسي الأمور في النهاية على نوع من الثبات في السياسة الأمريكية تجاه قضايانا مهما كان ساكن البيت الأبيض!!.
في عز أيام التفاؤل العارم بوصول باراك أوباما إلى سدة الرئاسة قبل ثماني سنوات، كان هناك شخص آخر لعب، في مقابلة تلفزيونية امتدت لساعة كاملة، دور منغص اللذات. إنه الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل. كانت كل الآراء وقتها منتشية بوصول هذا الشاب من أصول إفريقية إلى رئاسة أكبر قوة في العالم. التقيت به في القاهرة وعرضت عليه وقتها كل ما قيل عما ينتظره العرب من رجل اعتبر قريبا إلى درجة لا بأس بها من قضاياهم ومتفهما لها بشكل مغر أحيانا، كما بدا لاحقا من خطابه في جامعة القاهرة في حزيران/يونيو 2009. ظل الرجل متشبثا بحذره الشديد وبقناعة مفادها شيء واحد: لا تنتظروا شيئا من هذا الرجل فالسياسة الأمريكية أعقد بكثير من أن يتحكم في إدارة دفتها أي شخص بمفرده، وعلى مزاجه، فهذا أمر لا يحصل إلا في الدول المتخلفة وأمريكا ليست من بينها بالتأكيد.
مرة أخرى يجد العرب أنفسهم مع موعد انتخابي أمريكي على نفس الإيقاع الذي ساد لعقود طويلة، مرشح كريه ومرشحة وإن لم تكن محبوبة لكنها بالتأكيد أفضل منه. دونالد ترامب يبدو شخصا عنصريا وطاردا ونتوقع منه كل ما هو غير ودي تجاه الأجانب والمسلمين بشكل خاص أما هيلاري كلينتون فهي وإن لم تبد ودا خاصا تجاه أي من قضايا العرب الكبرى إلا أنها في المقابل لم يصدر منها ما ينفر أو يثير امتعاضا أو توجسا كبيرا.
في النهاية، لن يسمح النظام السياسي الأمريكي لترامب أن يفعل ما يريد وكذلك هيلاري كلينتون. طبعا هذا لا يعني أن الرؤساء في أمريكا لا قيمة لهم ولا صلاحيات، ولكنهم شاؤوا أم أبوا هم محكومون بضوابط محددة تسطر خطوطها العريضة الاستراتيجيات الكبرى والعليا التي تضعها للبلاد قواه السياسية والعسكرية والاقتصادية النافذة. هذا ليس معناه كذلك أن هناك «عصابة خفية» تحكم البلاد ولكنه يعني أن المصالح العليا للقوة الأعظم في العالم تسطرها آليات محددة وعلى مدى عقود ولا يمكن أن تترك لهوى أي شخص أو ميولاته يقودها كما يشاء، هو يصبغها بنكهة ما ليس أكثر.
الرئيس الأمريكي ليس واجهة أو كومبارسا بالتأكيد ولكنه ليس الحاكم بأمره. أنظروا فقط للشيب الذي غزا شعر أوباما القصير حتى ندرك أن الرجل ربما وجد وضعا لم يكن يتوقعه أو كانت لديه طموحات ونوايا حسنة أكبر من أن يتيحها له عمليا هذا المنصب… «لكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ».

٭ كاتب وإعلامي تونسي

لا يهم من سيكون الرئيس الأمريكي!

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    رئيس اميركا طرطور الى الماسصهيونية لا يملك اي قرار

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    ” أما هيلاري كلينتون فهي وإن لم تبد ودا خاصا تجاه أي من قضايا العرب الكبرى إلا أنها في المقابل لم يصدر منها ما ينفر أو يثير امتعاضا أو توجسا كبيرا. ” أهـ
    هيلاري كلينتون وعدت بإقامة منطقة عازلة بشمال سوريا كما جاء بالأخبار :

    أبوظبي – سكاي نيوز عربية
    طالبت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون والمرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة بإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية التركية لحماية المدنيين، وأشارت إلى أن الحملة الجوية التي يشنها التحالف الدولي ضد داعش في العراق وسوريا غير كافية.
    وشددت كلينتون، خلال كلمة لها في مجلس العلاقات الخارجية بمدينة نيويورك حول سياستها للأمن القوي ومحاربة داعش، على ضرورة إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية التركية لحماية المدنيين.

    ودعت إلى إرسال قوات أميركية خاصة بشكل فوري إلى سوريا لدعم وتدريب المعارضة السورية المعتدلة.
    – عن سكاي نيوز عربية –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول سامح //الاردن:

    *المدعو ترامب ضرره لبلده أكثر
    من ضرره علينا وعلى باقي الدول.
    طبل اجوف وشبيح رخيص.
    * (هيلاري) تظل محترفة وأفضل
    لأمريكا أولا ولباقي العالم.
    سلام

  4. يقول تونس ابن الجمهورية:

    اى رئيس اميركى مهمته حماية مصالح اميركا و المواطنين الأمريكيين و هذا حقهم …و هذا ايضا حال كل الدول الديمقراطية التة تحترم دساتيرها و مواطنيها و من الغباء فعلا تصور خلاف ذالك….و تحيا تونس تحيا الجمهورية

  5. يقول ويكليكس العرب0 ايلياء:

    لقد راهنت ومنذ 4 سنوات شهرين قبل انتخاب 2012 حيث وعدجاك روزان رئيس اللوبى الصهيونى اوباما بالفوز ثانية وفاز فعلا ووعد بنفس اللحظة والموقف هيلرى بالفوز فى انتخاب 2016 وانا اكتب وبكل تعليقاتى الشبه يوميا ان الرئيسة القادمة هى هيلرى كلنتون وذلك من ترجمة لصحيفة هاأرتس الصهيونية وتضيف الصحيفة وذلك منذ اكثر من 4 سنوات ان جاك روزان هذا كان خلف فوز من سبق اوباما الى البيت الابيض وذلك بفعل امبراطورية صهيون وفعلها المالى على العالم شرقا وغربا يا اخ كريشات نحن العرب مع الاسف نحلل ما يحلو لنا وننسى الواقع غالبا فالواقع يقول ان العالم ليس اعمى ومغفل لا يعى الحقائق وهناك تجارب ودليل فكلنا يذكر خروج عواصم العالم بمظاهرات صاخبة ومستنكرة لجرائم الكيان فى عدوانه على لبنان وغزة فقد اسقط الصهاينة بتاثيرهم المادى المالى وعلى الغرب بالخصوص كل انسانية من الوسط الرسمى العالمى حيث الشعوب تستنكر فعلا اجرامهم والوسط الشعبى يكرر كالببغاء خلف نتنياهو ما يقول من عنجهية وصلف حتى انه يقف بالامم المتحدة مثل مقرى الاولاد يؤلب على العرب والمسلمين وخطر القنبلة الاسلامية التى ليس لها وجود الا فى راسه فى اكثر من موقع تعارض نتياهو مع باراك اوباما وةكانه طفل فى روضة واخرها ينتصر نتياهو عليه لضعفه امامه ومن خلفه من روتشيلد مالك نصف ثروة العالم ومالك البنك الدولى وبانى10 مدن بالكيان على نفقته الخاصة وهناك فضيحة افظع لمن يبحث عن فضائح وهو اليوت ادامز الساكن الدائم بالبيت الابيض منذ 30 عام يتبدل الرؤساء عليه وهو مستشار الرئيس للعلاقات الخارجية اذحتى مساء امس كان التلفزيون والمراسلين الصهاينة يتعاملون مع الحملة الانتخابية بكل اعصاب باردة كالثلج لانهم واياي متأكدين من فوز هيلرى بناءا على تحليل امس ومتأكد من وضع كل جهد للصهاينة فى حملة الامس كلنتون الزوج واوباما وزوجته احضروا مدونا ومغنى اخر من وزنها حفلات فى الشارع لدعم هيلرى وكانت الطامة والزلزال صدمة فوز ترامب فاقول ان اكثر الناس عليهم القلق من فوزه هم الصهاينة فكفاهم باللعب بسياسة العالم منذ عبد الحميد قبل 100 عام اسقطوا السلطنة العثمانية والمانيا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي واليوم الغرب كله بتهريبهم ومنذ 30 عام التقنية وراس المال الى الصين وشرق اسيا حيث المواد الخام والايدى العملة الرخيصة ليباع نفس المنتج فى الغرب بعشر تكلفته بالمصنع وركود وافلاس وسقوط

  6. يقول ويكليكس العرب0 ايلياء:

    انا متفائل من فوز ترامب بسبب واحد انه يظهر بانه رجل قوى اولا وثانيا لتصريحاته فى حملته ووعوده بالعودة الى عظمة بلاده وقوتها عكس ما فعل الصهاينة منها لعبة ورئيسها حجر شطرنج فى رقعتهم وينقاد الى لعبتهم كيفما ارادوا وادخال بلاده بحروبهم وكيدهم فلعل وعسى ان يتحرر من سطوة مالهم الذى سيطروا به على العالم ومنه امريكا وازماتها السياسية والمالية والامنية فرغم كل الدعم لهم زرعوا لهم جاسوس على البنتاجون 0 مولر0 فربما كان يهوديا بالدين ولكن وطنيته التى اعلن عنها تدفعه للولاء لبلده التى تحمله جنسيته واكل خيرها لعشرات السنين ربما تغلب على انتمائه الدينى ما يكشف عنه الايام القادمة0 والله مخرج ما كنتم تكتمون 0 والسلام على من اتبع الهدى

  7. يقول خليل ابورزق:

    فاز ترامب
    مرة اخرى تتكشف الاكذوبة الكبرى التي تقول ان اليهود يتحكمون بالانتخابات الامريكية و ان النفوذ اليهودي هو الذي يسير سياسة امريكا وروسيا و بريطانيا والدول العظمى. و اقول ان الصهيونية المسيحية في امريكا و اوروبا اكبر اثرا باضعاف من الصهيونية اليهودية.

  8. يقول اروى المحتسب -فلسطين:

    ترامب افضل من هيلاري …ترامب تفكيره مادي يفكر كيف يجني المال ويجمع ثروة ..عكس هيلاري التي تفكيرها سياسي بحت وليس اقتصادي

  9. يقول محمّد الصّيود:

    من السذاجة بمكان أن نفكر يوما ان الذي ينتخبه الأمريكيون أو غيرهم من شعوب الكرة الأرضية هو رئيس تلك البقعة أو زعيمها..!!؟؟ بل أكثر من ذلك حمق و بلاهة و حتى «عهر فكري» ان نعتقد في الحرية والبلدان الدّيموقراطية..!!؟؟ إذ كيف لجمهوريات استعمارية اقتسمت خيرات و كل ثروات العالم فيما بينها واضطهدت شعوبه و أوكلت لعملائها حكمه بالحديد و النهار..! تعتبر ديموقراطية..هه..!!؟؟ والأدهى و الأمر ان هذه الدّول المتحضّرة تقف شاهدة بل مساندة لأطول استعمار مباشر معاصر.! العربدة و الإجرام الصهيونيان على المقدّسات الاسلاميّة بفلسطين و القدس..!!؟؟؟ و عن فوز (ترامب-كلينتون) أقول للشّعب الأمريكي انّ سياستكم مسيّرة من اليهود الصّهاينة و ان ديموقراطيتكم مزيّفة.!.و رئيسكم ليس الاّ صهيونيّا إسرائيليا..!!! فالمال الصّهيونيّ القذر استغفل طيبتكم و حسن ظنكم كما كلّ الشعوب.!.و وزّع بالتساوي على كل المرشّحين حتّى يضمن اللّوبي الخنزير فوز إحدى منتوجات المستنقعات…!!!…و سلّملي على السّامية ! و المسيحية اليهودية ! و الرئاسية الأمريكية الكرتونية…!!! :-[

إشترك في قائمتنا البريدية