بيروت ـ «القدس العربي» : أرخت استقالة وزيري حزب الكتائب بثقلها على المشهد السياسي في لبنان من دون أن تحدث الدوي أو الصدمة التي كان يتوقعها رئيس الحزب النائب سامي الجميّل حيث أن مجلس الوزراء إستمر بالانعقاد وكأن شيئاً لم يكن من دون أن تسقط الحكومة ومن دون أن تهتز الميثاقية التي تعوّل عليها القيادة الكتائبية للتشكيك في صحة التمثيل المسيحي داخل الحكومة التي مازال التيار الوطني الحر يشارك فيها بوزيرين وهو الذي وقّع إعلان النيات مع ثاني أكبر الاحزاب المسيحية وهو القوات اللبنانية.كما لا يزال تيار المردة يتمثل بوزير كذلك حزب الطاشناق اضافة إلى الوزير بطرس حرب والوزير ميشال فرعون وكتلة الرئيس ميشال سليمان.
ولفت رئيس الحكومة تمام سلام إلى «أن خطوة حزب الكتائب المتمثلة باستقالة وزيريه آلان حكيم وسجعان قزي من الحكومة «غلطة» ولا يجوز تعطيل البلد لأي سبب».
فيما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري في الاستقالة «قنبلة صوتية»، فرد عليه وزير العمل المستقيل سجعان قزي «هل تفضّل قنبلة كتلك التي تمّ فيها تفجير بلوم بنك؟».
ويشعر كتائبيون بأسف في حال استمرار الحكومة بعملها وكأن استقالة الوزيرين لم تقدم ولم تؤخر. وطلب النائب الثاني لرئيس حزب الكتائب سليم الصايغ من الحكومة «أن ترحل وتنصرف إلى تصريف الاعمال لانها حكومة عاجزة»، مشيراً إلى أنه «على رئيس الحكومة تمام سلام ان يأخذ العبر من الذي حصل، والمطلوب من البطاركة ان يعرفوا ان استقالة وزيري الكتائب ليست عملاً تفصيلياً صغيراً»، متسائلاً «هل يعتقد سلام ان حكومته ميثاقية؟».
وبحسب معلومات «القدس العربي» يتهم حزب الكتائب وزراء التيار الوطني الحر بالتراجع عن الاعتراض على مشروع المطمر في برج حمود والجديدة بعدما سبق وسجّلوا مع الكتائب تحفظهم على الخطة قبل فترة قصيرة من دون تسجيل الاعتراض على رفع النفايات من الشوارع.ومن هنا كانت زيارة رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل إلى الرابية للوقوف على الرأي الحقيقي للعماد ميشال عون.
ويعتبر حزب الكتائب أن اعتراض مكوّن واحد على خطة النفايات في ساحل المتن الشمالي لا يوقف المشروع بل إن الامر بحاجة إلى مكوّنين، غير أن التيار الوطني الحر ساوم بين تحفظه فقط وليس اعتراضه على الخطة وبين سير الاطراف الاخرى بسد جنّة.
وكان نُقل عن رئيس الكتائب قوله داخل اجتماع المكتب السياسي الذي إتخذ قراره بالخروج من الحكومة بالتصويت « ليس لدينا إلا مصداقيتنا. لن أفرّط بها، هي رأسمالنا الوحيد. ربما آخرون لديهم ميليشيا، مال، مصالح تملى عليهم. أما نحن فمختلفون، واليوم أكثر من أي يوم مضى، أنا مقتنع بأن استمرارنا في هذه الحكومة المهترئة والعاجزة سوف يستنزف رصيدنا وصورتنا أكثر «.ورأى الجميّل أن «هذه الحكومة لم تعد تشبهنا إطلاقاً ولا نحن نشبهها ولسنا من هذه البيئة السياسية ولا هذه العقلية في تعاطي الشأن العام. كنا في البداية نتصدى للصفقات المشبوهة فنوقفها أو نجمّدها على الأقل، وبمرور الوقت ما عاد يهمّهم شيء، لا موقفنا ولا غيره، معتبرين وجودنا يمكن كعدم وجودنا»، معتبراً أنهم «مخطئون».
وكما اعترض أعضاء في الكتائب على قرار الاستقالة من الحكومة فقد شكّل هذا القرار مادة سجال واسعة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد للخطوة ومستهزىء بها.
ولوحظ أن العديد من الكتائبيين شاركوا المؤتمر في الصحافي للنائب الجميّل تحت شعار «دقت ساعة الاستقالة» وتداولوا تحديداً عبارتي: «نحنا ما حدا بروّضنا نحن منضل أحرار»، «فتنا كرمال الأوادم وضاهرين كرمال الاوادم»، وكتب مناصرون للكتائب «ما رضينا نكون ع مقاعد الاحتياط ونبقى ساكتين.. فتنا، واجهنا، فضحنا، تصدينا»، و»موقف حزب الاوادم ما بيشبه أي حزب تاني لأنو ما هرب من مواجهة الفاسدين والسارقين مباشرة داخل الحكومة قبل ما يعلن إنو دقت ساعة الإستقالة».
في المقابل، رأى ناشطون في خطوة الكتائب نوعاً من «الاستعراض السياسي» خصوصاً أن خطوة الاستقالة لن تغيّر في الواقع القائم، وكتب بعضهم «الكتائب استقالوا من الحكومة وهني عارفين ما في رئيس جمهورية يقبلها أو يرفضها… ضحك ع الناس يعني».
وكتب المحلل السياسي شارل جبور «استقالة «الكتائب» من الحكومة حق غير قابل للنقاش، ولكنني اعتبرها خطوة في سياق الدخول المبكر على خط الانتخابات النيابية ولحسابات كتائبية داخلية، فيما أي استقالة، بالنسبة إلي، خارج العنوان السياسي، كما فعل اللواء أشرف ريفي، لا قيمة لها، خصوصاً ان رئيس الحزب تحدث عن نجاحات وإخفاقات للحزب في الحكومة، وبالتالي كان باستطاعته الاستمرار على هذا المنوال، فيما وقع الاستقالة كان سيكون أكبر لو حصلت إبان أزمة النفايات. وفي النهاية الحكومة مستمرة، والاستقالة لا تشكل الصدمة الإيجابية التي تحدث عنها رئيس الحزب، لأنها لن تقدم ولن تؤخر في الوضع الحكومي او الوضع السياسي برمته، بل مجرد خطوة انسحابية في ظل غياب المبادرات «الهجومية»….
سعد الياس