بيروت ـ «القدس العربي»: في وقت لم يطرأ جديد في ملف مديرية أمن الدولة الذي حضر مجدداً أمس على طاولة مجلس الوزراء في محاولة لحل إشكالية مدير الجهاز ونائبه وصرف المخصصات السرّية، برز جدل جديد حول الشرطة القضائية التي يترأسها ضابط درزي بحيث سُجّل أخذ ورد بين النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية اتهام ضمني من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي للوزير بمحاولة استبدال قائد الشرطة الحالي العميد ناجي المصري، بشخصية أخرى تدين بالولاء لجهات سياسية معينة.
وإتهم جنبلاط في حديث صحافي «أحد المستشارين الأساسيين لوزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو عميد متقاعد في قوى الأمن الداخلي وتربطه صلة قرابة بشخصية سياسية وازنة، بأنه يقود منذ فترة حملة منظمة ضد الشرطة القضائية بقيادة العميد ناجي المصري»، وقال «على القاصي والداني أن يعلم أن الشرطة القضائية تقوم بواجباتها الأمنية، برغم حملة الضابط المذكور ومن يقف خلفه، وبرغم حرمان هذا الجهاز من الإمكانيات التي نطالب بها منذ مدة طويلة».
ولفت الزعيم الدرزي إلى أنه «وفي سياق الحصار المتعمّد الذي تتعرض له الشرطة القضائية، لم يُلحق بها سوى 20 عنصراً من أصل 900 جرى تخريجهم مؤخراً في ختام إحدى الدورات العسكرية، علماً أنها بحاجة ملحة إلى الدعم، بكل أنواعه».
وأضاف «من مؤشرات التضييق أيضاً على الشرطة القضائية عدم إحالة ملف شبكة الدعارة إليها، على الرغم من أن التحقيق في هذا الملف يندرج ضمن اختصاصها وفق القانون»، موضحاً أن «أحد ضباط الاستقصاء في قوى الأمن هو الذي يتولى التحقيق خلافا للأصول».
ووضع جنبلاط «ما تتعرض له الشرطة القضائية في إطار معركة سياسية لاستبدال المسؤول الحالي عنها بضابط آخر، يكون كامل الولاء لقيادات معينة».
وبالنسبة إلى ملف الفساد في قوى الأمن الداخلي، لاحظ جنبلاط أن «التوقيفات بحق بعض الضباط توقفت عند مراتب ورتب معينة»، كاشفاً «أن هناك ضباطاً أوقفوا، ثم جرى الإفراج عنهم لاحقاً بموجب سند كفالة، ما يدفع إلى طرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب»، مشدداً على «أهمية المضي في التحقيق حتى النهاية ومحاسبة جميع المرتكبين والفاسدين في قضية الاختلاسات في قوى الأمن»، آملاً «في ألا يكون استهداف الشرطة القضائية»، مندرجاً «ضمن إطار سياسة «توازن الملفات» أو مرتبطاً برغبة البعض في وزارة الداخلية في «تصفية الحسابات» معي».
وأعلن أخيراً «أن الشرطة القضائية هي التي أوقفت توفيق حيسو في قضية الإنترنت غير الشرعي»، لكنه قال «هناك من قامت قيامتهم بعد توقيف حيسو ويقال إن مدعي عام التمييز من بينهم».
في المقابل، ردّ الوزير نهاد المشنوق على جنبلاط من خلال بيان لمكتبه الاعلامي جاء فيه:
أولاً:لا أحد فوق المحاسبة داخل وزارة الداخلية والبلديات، في أيّ منصب كان، مدنياً أو عسكرياً. وهذا الأمر يتمّ عبر القانون والتحقيقات التي تثمر أدلّة دامغة. وهي التحقيقات نفسها التي أصرّ الأستاذ وليد جنبلاط على تسريعها وإعلان نتائجها في اتصال جرى بينه وبين الوزير منذ أيام.
ثانياً: الضابط المتقاعد الذي تحدّثت عنه الصحيفة، على لسان الأستاذ جنبلاط، لا علاقة له بالتعيينات ولا بالتحقيقات الجارية، بإشراف الوزير شخصياً، في قضية الإتجار بالبشر التي كشفها ضابط إستثنائي في كفاءته. ومن المعروف في الوزارة وخارجها أنّ الضابط المتقاعد يتابع قضية السجون فقط، القديم منها، ما هو بحاجة للترميم، والجديد الذي سيدشّن قريباً، بجهده ومثابرته، لكي تتّسع للفاسدين، على كثرتهم. ولم يسمع الوزير يوماً، منه أو من أحد زملائه في الوزارة، انتقاداً أو تحريضاً أو حتّى كلاماً إيجابياً بحقّ العميد ناجي المصري، قائد الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي. وليس على علم الوزير أنّ المطروح هو استبدال العميد بأي عميد آخر لأيّ جهة انتمى.أمّا مسألة قيام جهاز الشرطة القضائية بواجباته الأمنية، فهو أمر متروك تقديره للمدير العام لقوى الأمن الداخلي وللوزير وليس للسياسيين. ولا علاقة لهذا الأمر بتوازن من هنا أو توجّس نتيجة «نميمة» من هناك.
ثالثاً: ليس على علم الوزير أنّ هناك حساباً يستوجب التصفية بينه وبين الأستاذ وليد جنبلاط، إلاّ إذا كانت هناك «نميمة» أخرى استوجبت هذا الهاجس.
رابعاً: إنّ مدّعي عام التمييز هو الذي أمر بتوقيف الشخص الذي ذكره الخبر، في وقت كان أحد المعنيين بالتحقيق يشرح للمدّعي العام عدم ضرورة توقيفه. وهو لا يزال موقوفاً حتى الآن رغم محاولات متكرّرة لتبرئته من قبل معنيين بالتحقيق في قضايا الإنترنت غير الشرعي.
خامساً: القضاء العسكري هو الذي يتولّى التحقيق في ملفات الفساد، وفق القانون. وخروج بعض المشتبه بهم بسند كفالة لا يعني البراءة، بل إنّ للمحقّق صلاحية توقيفه مرّة أخرى في حال توفّرت معلومات جديدة مؤكّدة لديه، من خلال تحقيقه مع آخرين مشتبه بهم.
سادساً: حاجة الشرطة القضائية إلى عديد إضافي أو أي حاجة أخرى لا يتمّ تداولها في الصّحف ولا عبر سياسيين، بل يقرّرها المدير العام لقوى الأمن الداخلي. والأجدر بالذي يشكو إلى الأستاذ جنبلاط أن يتفاهم مع قيادته بدل اعتماد سياسة «اللجوء العسكري» إلى صالونات السياسيين.
سابعاً: يودّ المكتب الإعلامي لوزير الداخلية التأكيد أنّ قيادة قوى الأمن الداخلي هي الوحيدة، بين مؤسسات الدولة، التي أحالت ملفّات فساد إلى القضاء بدون تردّد سياسي أو شخصي، لثقة هذه القيادة بما تفعله وبالمؤسسة وأفرادها، ضبّاطاً وعسكريّين. ولن تؤثّر عليها ولا على أداء مسؤوليها الحملات. فالتحقيق شجاعة والمحاسبة مسؤولية.
لذلك يرجو المكتب الإعلامي من جميع المعنيين توخّي الدقّة في معلوماتهم حين يتعلّق الأمر بمؤسسات أمنية أثبتت كفاءة إستثنائية في عملها لحماية الوطن والمواطنين.
سعد الياس