بيروت ـ «القدس العربي»: لن يعقد مجلس الوزراء هذا الخميس جلسة كما درجت العادة كل اسبوع بسبب تمسك وزراء التيار الوطني الحر بمناقشة بند التعيينات الامنية اولا قبل الانتقال إلى مناقشة أي موضوع آخر. لكن هذا بحسب أوساط وزارية لا يعني أن الجلسات علقت، وهي عزت عدم الدعوة إلى هذه الجلسة، أولا لأن مصيرها معروف سلفا، ولأن رئيس الحكومة تمام سلام تجنب أن يتحول مجلس الوزراء منبرا لاحتدام سياسي وتفجير خلافات ومواقف مسبقة، وثانيا لإجراء مزيد من الاتصالات السياسية لتبريد الأجواء.
وكان سلام قال في دردشة مع الصحافيين في دارته في المصيطبة إنه «في ظل مطالبة الدولة بأن تتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها على الصعد الإدارية والمالية والاقتصادية والأمنية والوطنية، هناك تهويل بالتعطيل وإيقاف عمل الحكومة، على غرار الشلل الذي يصيب عمل المجلس النيابي». وقال «إنها ليست المرة الأولى التي يتعثر فيها الوضع في ظل شغور رئاسي مضى عليه أكثر من عام وفي ظل سلبيات متراكمة، يضاعفها الوضع الخطير الذي تشهده المنطقة.
لكن فاتورة التعطيل باتت اليوم أكبر من أن يتحملها لبنان». وأضاف: «لقد حاولنا تخطي هذا الوضع بطرق مختلفة لكن لا نتيجة. ما زلنا نبحث عن مقاربة الحال بتريث لنخفف وطأة هذا الأمر. وآمل من جميع القوى السياسية أن تدرك خطورة الوضع ولا تتمادى في شل العمل الحكومي».
وقال سلام «إن الموضوع ليس عقد جلسة لمجلس الوزراء أم لا، بل هو إنتاج السلطة التنفيذية وتفعيلها أم لا. عندما يصبح المناخ تجاذبات حادة فإنه يؤثر على الأداء وعلى الاستحقاقات الملحة، مثل إقرار بعض القوانين الضرورية والاتفاقات مع منظمات دولية تضغط علينا لإقرارها لئلا تضيع علينا، ودفع مستحقات الدولة والرواتب للموظفين والإنفاق العام على المشاريع والتنمية وسوى ذلك. وإذا تأخر إقرار كل هذا الوقت سيقع ضرر كبير علينا جميعا».
وأمل في «أن لا يقصر أحد من القوى السياسية في استدراك الوضع وتفادي الذهاب إلى مزيد من التشنج، خصوصا أن الاعتراضات التي يبديها بعض القوى ليست بالحجم الذي يستأهل مواجهة سياسية أو وطنية كبرى. ولذلك إذا كان هناك من شيء مطلوب الآن، فهو التضامن الوطني والوحدة الوطنية والنيات الصادقة لتحصين البلد في مواجهة الأخطار والاستحقاقات الكبرى».
وشدد على أن «الشلل في السلطتين التشريعية والتنفيذية لن يحقق شيئا لا لهذا الفريق ولا لتلك الطائفة، فالضرر سيقع على كل الطوائف والقوى السياسية، ولا يستطيع أحد أن يدعي أن الضرر واقع عليه وحده».
وتمنى سلام «أن لا يطول هذا الوضع وأن يعطى كل ما يستحقه من متابعة واهتمام»، وقال: «من جهتي لن أقصر في أي دور أو موقف يساعد على الحل، علما أنني لن أتخلى عن الأمانة حتى لا نقع في مزيد من الفراغ والشلل».
في غضون ذلك، واصل التيار الوطني الحر التلويح بالاحتكام إلى الشارع. وأعلن رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في كلمة أمام وفود من هيئة قضاء بعبدا «أننا قد نحتاجكم يوما ما لتقترعوا بأقدامكم كما اقترعتم أنتم وآباؤكم وأجدادكم في بعبدا عام 1990 و1991»، مشيرا إلى أننا «لسنا متشائمين من الوضع، لكننا نريد أن نتصدى له». ورأى أنه «حتى الآن الأزمة مستمرة وتزيد يوما بعد يوم لأنهم يزيدون الفراغ بالبلد في مرحلة يتعرض فيها مسيحيو الشرق للتهجير». وشدد على أنه «سيكون لنا موقع بجهدكم وتضامنكم ومع حلفاء لنا يقاتلون اليوم للدفاع عن لبنان».
واضاف عون «ستسمعون كثيرا من الدعايات التي قد تؤثر على مختلف فئات الشعب اللبناني. إذ سيتكلمون عن أموال يريدون صرفها للمزارعين أو الصناعيين أو غيرهم، لمساعدتهم في مشاريعهم، إلا أنهم لا يقولون هذا الكلام إلا لحضكم على الاعتقاد بأننا نعرقل القرارات التي تسير أمور الشعب اللبناني. نحن اليوم معترضون سياسيا، وقد نصل إلى مرحلة الاعتراض شعبيا، ولذلك قد نضطر إلى استدعائكم في تلك اللحظات الحاسمة لتكونوا موجودين إلى جانبنا».
وفي وقت يحكى عن برودة في العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعم لاستمرار الحكومة وبين رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، زار أمين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان بعد ظهر أمس الرئيس بري، وقال بعد الاجتماع «الجلسة كانت جلسة مصارحة وبرأيي كانت مثمرة»، وأضاف: «الرئيس بري أكد لي أن الحوار المسيحي – المسيحي مرحب به وأنه أمر ضروري». وتمنى ان «يتم تغليب منطق الدستور الذي هو شراكة وطنية وليس أحادية وكل طرف له حقوقه، وعند ضمان الشراكة الوطنية نستطيع حماية لبنان وتوحيد الرؤية وتفعيل المؤسسات».
وفي سياق الاتصالات، زار رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الرئيس بري في عين التينة، يرافقه الوزير وائل بوفاعور والنائب غازي العريضي. ونفت مصادر أن يكون الزعيم الدرزي قد حمل أي مبادرة، لكنه عبر عن مخاوفه، وتطرق إلى الشلل الذي أصاب المجلس النيابي».
سعد الياس