بيروت – «القدس العربي» : للمرة الثانية على التوالي يغادر وزير الصحة وائل ابو فاعور موفداً من الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط إلى الرياض لاستطلاع الموقف السعودي من مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ويعود ليطلع رئيس مجلس النواب نبيه بري على مضمون الموقف الذي تتباين التفسيرات في قراءته بين عدم التدخل في الشأن الرئاسي اللبناني، وبين الحيرة في اتخاذ خيار بين العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وبين ترك الامر للرئيس الحريري ليتحمّل مسؤولية قراره.
وفي وقت يُخشى من أن تحمل خطبة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء هجوماً متجدداً على المملكة العربية السعودية يطيح بآخر الآمال في التوافق على انتخاب رئيس في لبنان ويصعّب مهمة الحريري في إقناع المملكة بتبني خيار عون الذي كان يتمسك حزب الله بترشيحه قبل أن يدخل مسؤولوه دائرة الصمت، فإن اللافت هو ما أوردته قناة OTV التابعة للعماد عون وعكست بشكل أو بآخر ما يفكّر فيه التيار الوطني الحر حول الموقف المستجد لحزب الله وعدم تدخله لدى حلفائه لاقناعهم بالسير في خيار الجنرال.
ومما أوردته القناة «هو أسبوع المواقف المتضاربة بامتياز: تأييد صريح وضمني لانتخاب عون يأتي من خصوم «حزب الله»: سمير جعجع وسعد الحريري. ورفض واضح وصريح لانتخابه من حلفاء الحزب: نبيه بري وسليمان فرنجية. هو أسبوع المواقف الصدامية: بكركي ترفض السلة بعد طول انتظار، وبري يوفد الوزير علي حسن خليل إلى بكركي بعد طول انقطاع، ويضيع اتجاه السلة: هل هي مرسلة إلى رئيس الجمهورية أم رئيس الحكومة أم الاثنين؟، واضافت «الرئيس سعد الحريري في موسكو يتهم «حزب الله» بالتعطيل. وسمير جعجع في بكركي يتهم «حزب الله» بالتعطيل. والسفير الروسي الكسندر زاسبكين يقوم بزيارة لافتة بتوقيتها إلى بنشعي، ويلتقي سليمان فرنجية فيما كان الحريري يزور موسكو.
هو أسبوع التجارب المرة واختبارات النوايا وكشف الخبايا: الحريري يتريث في انتظار موقف سعودي لا يبدو واضحاً وحاسماً حتى الساعة. وينتظر موقف بري وفرنجية و«الكتائب» ومعارضي انتخاب عون من مسيحيي 14 آذار. وينتظر جنبلاط الذي كشف وزيره أكرم شهيب اليوم عما قد يظنه جنبلاط مخرجاً: نريد رئيساً توافقياً. والحريري أيضاً وأيضاً يرصد المناخ «المستقبلي» والمزاج السني من انتخاب عون».
وفي الإطار عينه، قال الأمين العام لـ «تيار المستقبل» احمد الحريري «اننا صفّينا النيّة وقمنا بواجبنا، وقدّمنا منذ البداية المبادرة تلو المبادرة لإنهاء الشغور الرئاسي، من دون ان ننتظر احداً، لكن هذا الوضع لا يمكن ان يُحمل فقط على اكتافنا، بل على اكتافنا واكتاف غيرنا، وليس «تيار المستقبل» من سيبقى يقدم المبادرة تلو المبادرة، من دون ان يلاقيه احد في منتصف الطريق، وسيأتي وقت نقول فيه كلمتنا بإزاء ما قدمناه من مبادرات، ونتحدث عن كل العقبات التي واجهناها، وعن الجهة التي تعطل الرئاسة، والتي لا تريد رئيساً للجمهورية، وهي «حزب الله».
وعلى خط مواز فشل اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب في الاتفاق على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس بري الدعوة إليها قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وذلك بسبب اصرار ممثل القوات اللبنانية النائب انطوان زهرا بأن يُدرَج على رأس جدول الأعمال موضوع قانون الانتخاب. وهذا الموقف يؤيده التيار الوطني الحر فيما حزب الكتائب يرفض المشاركة في اي تشريع نظراً لاعتباره المجلس هيئة ناخبة لا اشتراعية في غياب رئيس الجمهورية.أما عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت فبدا أكثر مرونة حيث أنه وبعد التذكير بوعد الرئيس الحريري عدم المشاركة في جلسة لا يكون فيها قانون الانتخاب إلا أنه اعتبر ان القضايا المالية الملحة قد تدفعنا إلى المشاركة.
وهكذا فإن الرئيس بري حدّد موعداً جديداً لهيئة مكتب المجلس غدا الثلاثاء مؤجلاً المشكلة مع الكتل المسيحية ومع بكركي ولم يدع إلى أي جلسة تشريعية أمس، مكتفياً بالدعوة إلى جلسة عامة غدا الثلاثاء لانتخاب أميني سر وثلاثة مفوضين في هيئة المكتب وانتخاب أعضاء اللجان النيابية.
وكان الرئيس بري أكد أمام زواره «انّ العلاقة مع بكركي إيجابية جداً، وانا أعرف ما يُضمره البعض، وظنّ هذا البعض انه سيوقعنا في كمينه، أنا بكل صراحة ماشَيتُ هذا البعض لأعرف إلى أين سيصل». وقال «حاولوا ان يوجدوا شرخاً بيني وبين المسيحيين لكنهم فشلوا وارتدّت عليهم، واكرر انّ أيّ محاولة في هذا الصدد ستتكرر لا بد أن ترتدّ عليهم حتماً».
وتابع رئيس المجلس «أكثر من ذلك، هناك كمين خطير ايضاً حاولوا ويحاولون ان ينصبوه لي وللسيّد حسن نصرالله، هذه محاولة تنمّ عن خفّة، هم لا يعرفوننا فليحاولوا، ومحاولاتهم كلها لا تستحق حتى التفكير فيها. هذا الامر هو من سابع المستحيلات».
وعن اتهامه بالتعطيل من قبل البعض، خصوصاً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، اكتفى بري بالقول ممازحاً «بيني وبينه سرّ، هو يعرفه وأنا لن أبوح به». لكن البعض رأى في كلام بري عن السرّ نوعاً من «الزكزكة» للعماد عون ومحاولة للإيقاع بين معراب والرابية.
سعد الياس