لقاء مع القراء ـ 7 ـ : أرجوكم! أيقظوني من هذا الكابوس!

حجم الخط
16

عفيفة حلبي أرسلت لي صوراً التقطتها في دمشق لأماكن القلب وأضافت إليها ياسمينة دمشقية في رسالتها وصلتني مجففةً ووجدتها ذات رائحة عطرية، أم أنه العطر في الذاكرة؟ كما الجمال في عين الناظر كما يقول الشاعر؟
آه الياسمين الدمشقي!.. يطوقني كهالة سحرية تدفع الشر عني لأستمر.
لم تكتف عفيفة الأديبة الشابة بالياسمين بل أرسلت لي صوراً التقطتها لدمشق القديمة التي أعرفها جيداً فأنا ابنتها وهي لقطات تصلح لمعرض فني فوتوغرافي هزتني، فشوقي الى مدينتي التي غادرتها ولم تغادرني سيظل حياً رغم غرامياتي العابرة مع المدن الأخرى التي أقمت فيها كباريس ولندن وروما ونيويورك وجنيف و..و..

تحريك السكين في الجرح!

يا عزيزي د. عبده عبود، أنت لست بحاجة لتذكيري بأنك تكرمت بتدريس بعض أعمالي كما قمت بدراستها فأنا أعرف جيداً قيمتك العلمية. وجواباً على سؤالك أقول: لأنني كاتبة رواية ستجد مواقفي في أعمالي الروائية.
وأحب التذكير بأن الجراح العميقة بعيدة الغور قد تحالف الصمت النازف لا الصراخ الاستعراضي والمفتعل أحياناً لجلب المكاسب.
مأساة بلدي الأم تركض في شراييني وثمة لحظات أشعر فيها بأنها أكبر من قدرة مرجلي الداخلي على استيعابها دون أن ينفجر، وأكبر من طاقة كلماتي بعد على رسمها في عمل روائي وهي تتفاعل على نحو مأساوي شكسبيري، ولعلي في روايتي الأخيرة رسمت جذور ذلك الهول كله وأنا أصرخ: يا دمشق وداعاً.. وكلما قرأتُ وسمعتُ أو شاهدت ما يدور في وطني الأم سوريا أشعر بأنني أعيش كابوساً لا أصدقه كي لا أصاب بالجنون، وأرغب في الصراخ: أرجوكم.. أيقظوني من هذا الكابوس المروع!

عيد «إلغاء الأعياد»

نجم الدراجي ـ بغداد ـ ما زال يتذكر أنني ذات يوم طالبت بعيد عربي اسمه «عيد إلغاء الأعياد» وأكثر من أي وقت مضى أطالب بذلك في زمن «المذابح وأنهار الدم وأسراب المهاجرين والمشردين قسراً» كما يقول الدراجي.. أما الجزيري فيرى أن الأفضل هو الإهمال التام لهذه الأعياد. ولست مع إلغاء (روحها) ما دامت تهدف إلى الاحتفاء بالمحبة والسلام والمودة والتعايش، فقد جاء في القرآن الكريم «وما أرسلناك عليهم وكيلاً»… ولا ضير في المشاركة في أعياد الجميع ما دامت تنادي بالقيم الإنسانية، والخلل هو في أسلوب «الاحتفال الاستهلاكي» بذلك هي احياناً.

«العرافة خاتون» وبحر الظلمات

محمد طاهات ـ عضو رابطة الكتاب الاردنيين ـ الذي رصد التشاؤم في أبجديتي مؤخراً هو على حق.. والعرافة «خاتون» المقيمة في أبجديتي الروائية والتي تنبأت مرة باندلاع الحرب الأهلية في بيروت تتنبأ اليوم لوطني العربي بالدخول في بحر الظلمات لقرنين على الأقل!! .. والحضارات العصرية تهرول بدوننا.. وثمة من يخترع الكمبيوتر فنستورده، والدبابة ونستوردها لقتل بعضنا بعضاً والمركبة الفضائية ونشارك فيها كضيوف وبعد ذلك كله سنكتشف ذات يوم أننا لسنا «خير من ركب المطايا» بل الذين سيجدون أنفسهم في عراء التاريخ العصري ولم نلعب في «مدرسة الحضارة» مؤخراً أكثر من دور الطالب الكسول الراسب.

إصرخ: سجل أنا عربي!

بعمق يكتب لي طاهر العربي أن الانسان يجد نفسه حائراً بين العقل والقلب، كحيرة ابن رشد والغزالي بين العقل والنقل.. وهي حيرة تدمغ معظم الجيل العربي حالياً..
وهنالك أيضاً الحيرة بين العقل والقلب، لأنني كاتبة قلبها في «خط الاستواء» وعقلها في «القطب المتجلد» فأبجديتي محاولة مستمرة لعقد معاهدة بينهما وإقامة صلح. والفشل في ذلك قد يكون في مصلحة الأبجدية!
أما القارئ الذي يوقع لي رسائله باسم «للأسف الشديد عربي» فأقول له إنني أتمنى أن يوقعها ذات يوم باسم: «سجل أنا عربي» كما صرخ محمود درويش ذات يوم.. ويا سعد «متابعي الدائم» كما تقول لا تبالِ بالشائعات حول أفكاري فأنا حاضرة في نصي وليس في الثرثرة الاتهامية.. وقد أأفت الاتهامات منذ عقود، ولم أقم يوماً بالرد عليها.

«كانت جنازتي جميلة» بمحبتكم!

لفتتني حرارة القلب في التعقيب على مقالتي تلك وتأثرت بكلمات الدكتور جمال البدري وعبد الله ـ الجزائر ـ والعزيزة افانين عبد الواحد ـ ليبيا ونزار حسين راشد ـ بريطانيا ود. حفيظ ـ الجزائر ـ ابو سالم ـ U.S.A. ـ الكروي داود ـ النروج ـ سعد ـ سوريا ـ وسواهم من الاصدقاء الدائمين لأبجديتي، والحقيقة أنني قصدت من مقالي إضحاك القارئ لا غمه وفشلت ولم أفشل كلياً وها هو فرج عبد السلام ـ الاردن الذي وجد جنازتي كما أردتها: «مطرزة بالسخرية والفكاهة»! وأحببت توقف الروائي اليمني كمال الهرري عند قولي إننا حين نموت سيشيعنا أبطال رواياتنا بالثياب التي تركناهم فيها بين الصفحات..
وأشكر القارئ الذي تذكر عبارة قلتها قبل ألف عام: من لديه كلمة طيبة في أبجديتي فليقلها الآن او فليصمت إلى الأبد!!

آه الوطن! آه الحقيقة!

للقارئ الذي ينصحني بعدم العودة إلى لبنان أقول له بعدما جربت (الغربات) الجميلة التي يحلم الكثيرون بها إن لا مكان جميلاً او مترفاً في العالم يحل في القلب محل الوطن..
والآن برقيات سريعة لضيق المجال: الى بولنوار قويدر والكروي داوود: لا أظن ان الأم أكثر حناناً على أولادها من الأب، أسلوب الرجل في التعبير عن عواطفه مختلف لكنه يزخر بالحنان مثلها. د. اثير الشيخلي: أعرف جيداً، ما تعنيه عن رفض البعض الاعتراف بالخطأ فقد عايشته مع الذين «تأخذهم العزة في الاثم». أورتيغا منعم لا يخفي حبه ووفاءه لما يدعوه «وطني العربي المجيد من المحيط إلى الخليج» وانا معه، ويضيف: «ولكن لا بد من الرحيل» وهي صرخة يرددها عشرات آلاف العرب المهاجرين من أحياء او غرقى..
أما «أمير أرجوان» من إيران فلي معه وقفة أخرى لضيق المجال الآن..

غادة السمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أفانين كبة . مونتريال ، كندا:

    لقد حصل خطأ مطبعي ولغوي واضح في المقال يتعلق بي، حيث اختلطت الأسماء وبدت كأنها أسم قارئ آخر .التصحيح هو أفانين كبة – كندا ، وليس كما ورد في المقال . هذا فقط للتنويه ، مع كل الشكر.
    أفانين كبة
    كندا

  2. يقول Abu Maher:

    سيدتي الكريمة غادة السمان المحترمة
    لي تعقيب صغير يتعلق في الوطن
    و
    سؤال
    الأول حول الوطن
    حضرتك تقولين: لامكان جميلا أو مترفا في العالم يحل في القلب محل الوطن….
    في رأي الشخصي بأن الوطن هو المكان الذي يعيش فيه الإنسان، ربما يكون خيمة وبيتا عتيقا أو منزلا مترفا أو صومعة،، الخ
    فقد ننشا ونولد في مكان ما نعتبره وطنا، إلا أننا لم نلبث أن ننتقل ربما لمكان آخر وفق ظروف
    ومصاعب الحياة، فالوطن هو حيث نعيش، ولكن تبقى الذكريات والحنين للحظات ما عشناها هنا وهناك،،، فالوطن هو حيث نعيش ونقتات وبالذات هو المنزل حيث نقطن، وقد يكون المنزل هنا وهناك في بلد ما، إذا المنزل هو الوطن الحقيقي لكل شخص ،شخصيا أنا ولدت من أب فلسطيني وأم سورية في دمشق وغادرت سوريا في ريعان الشباب، وكنت كثيرا مااشعر بالخوف والرهبة
    عندما يدق باب المنزل رجلا شرطيا، وكنت أشعر بغربة شديدة لأنه لم يكن لدى والداي منزلا
    خاصا يحمينا وكنا ننتقل من منزل لآخر، ولكن تبقى هناك فقط ذكريات وحنين للبيئة والأصدقاء،
    فأنا اعتبر الكون كله ملك الكل، يبقى الظرف الذي يدفعنا لنعيش هنا أو هناك مكونا لنا وطنا حيث
    نسكن. فكل البلاد هي ملك الله ونحن ضيوف خفيفي أو ثقيلي الظل فوق هذا الكوكب، والمعرفة والمعنى هم الذين يحددون تعاطفنا مع هذا البلد أو ذاك.
    أنا مثلك تماما سيدتي عشت في طول بلاد العالم وعرضها حيث أعيش وأسكن الآن في ألمانيا – برلين، لا أخفي عليك سيدتي عندما كنت أقوم بزيارة خارج ألمانيا، أشعر بفرح غريب عند العودة
    عودتي إلى منزلي /الوطن.
    آسف للإطالة وباختصار
    فالوطن هو حيث المنزل والسكن مع مساحة حرية لاشرقية ولاغربية والتعبير عن الرأي واحترام الآخر.
    أما السؤال
    فهو سبق وأنا سألته لحضرتك دون إجابة
    سيدتي غادة
    كنت حضرتك مشرفة في صفحة بريد القراء في مجلة الحوادث اللبنانية الصادرة في باريس بداية التسعينات، حينها نشرت لي قصيدة كنت قد كتبتها سنة 1975، في مجلة الحوادث في العام 1994، وقد غيرتي عنوان هذه القصيدة…… من صرخة حب إلى صرخة صبابة، وقد ازعجني هذا الأمر كثيراً حينها.
    فسؤالي لك لماذا اخترتي كلمة صبابة عوضاً عن كلمة حب
    والف شكر لحضرتك
    مع كل احترامي
    عبد السلام فران
    كاتب عربي وصحفي ألماني
    برلين

  3. يقول امير ارجوان:

    سيدتي کنت بانتظارک حتي اسمع منک ردا علي رسالتي و فوجئت بغيابک اتمني ان تکون في اثم الصحة و العافية و ما لي الا الانتظار حتي الاسبوع القادم. ارجوک الاسراع في المبادرة لنجاة الوطن من محنتها.

  4. يقول امير ارجوان:

    قد مضی الاسبوع الثانی علی غياب اميرة الشعر و الکلام و هی تحجب عنا و تجتنب عن اللقاء الثامن مع القراء عن اسباب مجهولة و انا ما زلت انتظر وقفتها معی و ردها الجميل علی رسالتی و سابقی منتظرا للقائه حتی الاسبوع القادم و الثالث. و اقول لها الم يکفی التغزل للقمر و شمس سوريا بلغ الی المغرب و ترسل اشعتها الاخيرة و تکاد ان تغرب فی عين حمئة. و هل لک ان تاتی بها من المغرب و تنقذ اهل الوطن من الظلم و الظلام و من قوم ياجوج و ماجوج و هل لک ان تکون مکان ذی القرنين لتجمع امر سوريا ولبنان فی قرن واحد؟

  5. يقول امير ارجوان:

    و قد مضی الاسبوع الثالث علی التوالی و هی غائبة و متوارية عن الانظار و اظن انها نائمة و انا ما زلت احاول ايقاظها من کابوسها و انتظر لقائها و ردها علی و فی هذه الاثناء انعقد موتمر السلام فی سوريا بلا جدوی و الاطراف الخارجية فی النزاع تستعد للتدخل البری المباشر و طبول الحرب العالمية الثالثة تقرع و غادة سوريا ما زالت فی احلامها تتغزل بالقمر و شمس سوريا تتواری عن الانظار.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية