لقاء مع القراء (3): مغناطيس الوطن

حجم الخط
10

توقفت بأسف أمام توقيع القارئ باسم: للأسف الشديد، عربي». لا أستطيع أن ألومه كثيراً فأنا لا أجهل مغارة الأنفاق المظلمة والمتاهات الحربية التي تدخل اليها قوافلنا كعرب ولست من خريجي «مدرسة الببغاء» بقوالبها الجاهزة، لتجريم من يعترف بجرح قلبه كالقارئ «الآسف جداً» لأنه عربي.
وها نحن ندخل في تكرار بغيض لزمن «الفتنة الكبرى» ونعيد أبشع ما في تاريخنا العربي.
وفي المقابل أتمنى أن نرفض الاستسلام لتلك الصورة المظلمة ونلجأ إلى مخزوننا الحضاري العربي بالمعنى الحقيقي للكلمة، نتذكر من نحن حقاً، وكيف كنا منارة حضارية في الحقول كلها يوم كان الغرب غارقاً في حروبه الدينية وطلاب الغرب يأتون للدراسة في معاهدنا العلمية كما نفعل نحن اليوم مع معاهدهم. اتمنى، كلقاح ضد الياس أن نستلهم جزءاً خامداً منا هو طاقتنا الحضارية يوم منحنا الإنسانية تقدماً مذهلاً في حقول الطب والعلم والمعارف والفلسفة.. ثم اننا نستطيع أن نحمل جنسيات متعددة لبلدان متطورة متحضرة لكننا محكومون بالوطن ولا نجاة لنا!..
كدت أنسى موضوع الرسالة من «العربي/الآسف» وسؤال في محله وهو: لماذا لم ألجأ إلى الشرطة في بيروت حين استلمت رسالة القارئ/المنتحر بعد اعترافه لي بجريمة قتل؟ لقد فعلت ذلك بالتأكيد بواسطة محام ورويت التفاصيل في أحد كتبي فالرسالة هي أيضاً وثيقة جنائية في ملف حادثة قتل.

جاذبية الوطن وسحره الحلال

يمضي بي القطار في منطقة التيرول البديعة من ميونيخ ـ بافاريا إلى إنسبروك فسالزبورغ، أتأمل حقولاً مشعة بالخضرة والسلام وأرى عبر نوافذ القطار وجوهاً عاشت عمرها كله ولم تسمع صوت إطلاق رصاصة ولم تقض أعواماً من حياتها والحروب تدور في بيتها والقنابل تنهال. أغبطها لكنني أعرف أنني لا أستطيع أن أكونها.
وفي هذا القطار بالذات أخطط للعودة إلى بيروت وأنا أعرف ما هي عليه! إنه «مغناطيس الوطن» الذي قلما ينجو مهاجر منه ويكابده حتى الجيل الثاني من أبناء المغترب. ونعثر في رسالة أفانين كبة (كندا) على مثال جميل لسطوة مغناطيس الوطن/الأم على الجميع حين تقول إنها تجد في الرسائل الورقية التي كانت تصلها معطرة من بغداد التي غادرتها قبل خمسة وثلاثين عاماً «رائحة بغداد ونهر دجلة وورد الرازقي» وتضيف «أتحسس الورق المصنوع من ورق أشجار العراق وكم من الأيادي لامست هذه الرسائل قبل أن تعبر المحيطات لتصلني».
ولعل عبدالكريم البيضاوي المقيم في السويد، البلد السعيد الهانئ المستقر، لعله يعيش سطوة «مغناطيس الوطن» ولولا ذلك لما طالع صحفاً مكتوبة بالعربية وبعض كتابها من الطاعنين في العروبة ومن أيتامها مثلي.

إسرائيل سعيدة بمذابحنا

أورتيغا منعم من السلفادور يُعرفنا بنفسه بقوله الجميل «أنا العربي الفلسطيني المقيم في الشتات البعيد، أنا من أبناء الجيل الأول في الهجرة. تعلمت اللغة العربية وآدابها بعد الثانوية العامة تقريبا». أورتيغا على الرغم من أنه نبت في الغربة لكن جذوره بقيت في فلسطين و«الولاء لشيء اسمه الوطن العربي الكبير والأمة العربية، برغم المرارة التي تملأ أفواهنا» كما يقول متذكراً أيضاً الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني.
رسائله تعيدني إلى زمن كنا فيه على وشك اليقين من قدرتنا على تحرير فلسطين ومن توحدنا حول «الهدف» وهو عنوان المجلة التي أسسها كنفاني ذات يوم؟
ولكن سقط منا الآلاف في المدن والقرى العربية، لا شهداء لتحرير فلسطين ولا في فلسطين بل مجرد قتلى وضحايا في حروب محلية ونسي بعضنا قضية اسمها فلسطين… ها نحن نتفكك ونتناثر وتهب علينا رياح لا نريد أن تقتلع جذورنا كمجتمع عربي وهي موضع نقاش لا يخفي القارئ س. عبدالله رأيه في بعضها فكتب ضد زواج «المثليين» وضد «إعادة صياغة هندسة المجتمع التي قام بها أوباما، عندما وقع على قانون يعيد تعريف الأسرة، إلى مفهوم علاقة جديدة تسمح حتى بعلاقة ما بين الجنس نفسه».. وليس أوباما وحيداً في حقله ومعظم شعوب أوروبا الغربية صوتت لصالح ذلك، وحرية الرفض مكفولة!

قراء آخر الليل وباسم عبدو

أما «قارئ آخر الليل» بولنوار قويدر من الجزائر فلم يعد وحده «قارئ آخر الليل» وثمة أديبة لبنانية موهوبة شابة تنافسه في ذلك هي عفيفة حلبي صاحبة كتاب «مش مهم» و«ثلاث نقاط» فقد كتبت لي تقول انها لا تنام ليلة الجمعة إلا بعد أن تطالع مقالي.
كنت أتمنى أن لا أخط سطوراً كئيبة لقراء آخر الليل.. ولكن، من يعلمني كيف أكف عن نبش أحزاني وأحزان القراء في هذا الليل العربي الطويل؟
وختاماً، شكراً لتغريدة الأديب السوري باسم عبدو وأنا حريصة على صداقاتي مع جيل جديد من الأديبات والأدباء السوريين وآسفة «لوفاة البريد» من باريس إلى دمشق ـ وحتى من بيروت ـ وعجزي عن التواصل الإلكتروني بأمر طبيب عيوني، ولكنني تلقيت بعض أعداد «النور» بفضل الأديب سهيل الشعار وأقرأ لكما فيها، كما يعجبني فيها أيضاً موقفها الأيجابي العصري من قضايا المرأة ـ حتى في كاريكاتورها ـ وتبنيها لقضايا الكادحين والمرأة العربية هي كادحة الكادحين ومظلومة المظلومين.
وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع عمرو ـ سلطنة عمان ـ وقراء آخرين لم يسمح المجال لبرهة معهم هذه المرة.

غادة السمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    بصراحة أنا منبهر من تواضعك الجم مع قرائك يا أستاذة غادة
    لقد زان تواضعك هذا من تألقك

    وزان تفاعلك مع جمهورك من بهجة قراءة مقالك خاصة من :
    ( قارئ آخر الليل ) العزيز الغالي بولنوار قويدر
    والجار اللدود العزيز عبدالكريم

    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

      السلام عليكم
      نعم(بكسر “ن” وسكون”ع”) الأخ الذي لم تلده أمّي (الكروي داود النرويج) …وما تكرمك بتلك الشهادة عند “ايقونة الادب”إلا عربونا على قمّة نبل خلقك المجيد…ثمّ ليكن في علمك أخي أنّ شهادتك تلك أجعلها وساما اوّشح به صدري…دمت وإخواننا المعلقين جميعا دون إستثناء وحتّى(أشرف-ماليزيا)الذي نختلف في الطرح وليس في الاخوة في الله ثمّ الانسانية
      شرف شرف ما بعده شرف أن نتواصل وغادة وسليم عزوز والقدس العربي وسيط بيننا…
      وليس غلى الله بعزيز أن يجمعنا بالحرمين إن شاء الله
      ولله في خلقه شؤون
      وسبحان الله

    2. يقول الكروي داود النرويج:

      أتشرف بك أيضا كأخ لم تلده أمي يا عزيزي بولنوار من الحبيبة الجزائر

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    نعم أختي غادة, هي سطوة «مغناطيس الوطن» الذي تشتد قوتها كلما طعن المرء سنا وكلما أسرع قطار الشرفاء هنا وتوقف قطار الأحبة هناك يزداد ضغط المغناطيس الملعون أسأل نفسي : ” لماذا هم وأين نحن؟ ” لماذا هم صادقون ونحن نخلف المواعيد , أكثيرعنا ؟ ألسنا نحن خير أمة منكرها معروف ومعروفها نكرة.

    دامت لك السعادة والأفراح أختي الكريمة.

  3. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    كم رقص قلبي طربا وزادتني تألقا تلك الكنية بل “الشارة” الادبية التي كنتنا بها (أيقونة الادب السيدة غادة السمان).وممّا أثلج صدري أنّه يوجد من يشاركني في انتظار مقال “نسائم الادب اللطيفة البسيدة غادة السمان” …
    يظن القاري أنه إطراء فوق اللزوم ولكن اقول لكم: ضعوا مكانكم مكاني وأنا بهذا الاحساس والشعور النالبع من أعماقي أتجاه هذه “الايقونة” التي قلّ مثيلاتها في هذا الزمن في مجال الادب -طبعا هذه قناعتي ولا ينازعني أحد فيها كما لا ألوم من يخالفني-
    تحياتي للأديبة اللبنانية(عفيفة حلبي)صاحبة كتاب «مش مهم» و«ثلاث نقاط» ويشرفني أن أشارك كاتبة في الاهتمام…مع العلم لي (ست قصص قصيرة تتراوح صفحاتها ما بين 10و 15 صفحة ولمن لم أجد طريقا لنشرها ما عدا أنّني عرضتها على استاذين من الجامعة الاول الدكتور “عقاق قادة”من جامعة بلعباس ليلاحظ عليها ,أستاذ آخر “منقور صلاح” من جامعة تيارت وهو مختص في النقد وكلاهما وجها لي نصائح وقد عملت بجلها وانتظر نشرها ولكن لم أجد من يساعدني كما لي أكثر من 40 قصيدة تلاقي نفس المصير…
    تحياتي للجميع ..اطلب التوجيه لترى أعمالي النور…
    شكري الجزيل للجميع
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله
    هذا رابطي عبر “الياهو””yahoo3”
    [email protected]

  4. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    كم رقص قلبي طربا وزادتني تألقا تلك الكنية بل “الشارة” الادبية التي كنتنا بها (أيقونة الادب السيدة غادة السمان).وممّا أثلج صدري أنّه يوجد من يشاركني في انتظار مقال “نسائم الادب اللطيفة السيدة غادة السمان” …
    يظن القاري أنه إطراء فوق اللزوم ولكن اقول لكم: ضعوا مكانكم مكاني وأنا بهذا الاحساس والشعور النابع من أعماقي أتجاه هذه “الايقونة” التي قلّ مثيلاتها في هذا الزمن في مجال الادب -طبعا هذه قناعتي ولا ينازعني أحد فيها كما لا ألوم من يخالفني-
    تحياتي للأديبة اللبنانية(عفيفة حلبي)صاحبة كتاب «مش مهم» و«ثلاث نقاط» ويشرفني أن أشارك كاتبة في الاهتمام…مع العلم لي (ست قصص قصيرة تتراوح صفحاتها ما بين 10و 15 صفحة ولمن لم أجد طريقا لنشرها ما عدا أنّني عرضتها على استاذين من الجامعة الاول الدكتور “عقاق قادة”من جامعة بلعباس ليلاحظ عليها ,أستاذ آخر “منقور صلاح” من جامعة تيارت وهو مختص في النقد وكلاهما وجها لي نصائح وقد عملت بجلها وانتظر نشرها ولكن لم أجد من يساعدني كما لي أكثر من 40 قصيدة تلاقي نفس المصير…
    تحياتي للجميع ..اطلب التوجيه لترى أعمالي النور…
    شكري الجزيل للجميع
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله
    هذا رابطي عبر “الياهو””yahoo″
    [email protected]

  5. يقول سلمى:

    في أول زيارة لها لوطن الآباء و كانت حينئذ في أول مراحل الاعدادية, وبعد أن وطأت قدماها دمشق لأول مرة, كتبت صغيرتي القادمة من بلاد تشع حقولها هي أيضا بالخضرة و السلام ؛ كتبت قصيدة عن تجربتها باللغة الانجليزية. لم تكن القصيدة عن ياسمين دمشق و عناقيدها و تفاحها الذين تغنى بهم قباني؛ لم تكن عن مآذنها الشامخة و مساحدها المحزونة التي نعاها شوقي أو حتى عن حاراتها العتيقة و أسواقها المعطرة بعبق التاريخ. و لكنها كتبت عن شوارع متسخة يرمي فيها كثير من الناس قاذوراتهم و عن روائح سجائر المارة و عرق الكادحين و عن وجوه أطفال الفقر و الحرمان و كتبت أكثر ما كتبت,عن صور شخص واحد أذهلها رؤيتها أينما التفتت ,على الجدران و الحيطان و السيارات و على زجاج نوافذ المحلات و على الباصات و حتى على سلال القمامة. لكن , و مع ذلك كله, فقد أعلنت في نهاية باكورة قصائدها عن وقوعها في الحب من أول نظره؛ عن بداية عشق أبدي لمدينة أسرقلبها و عقلها فيها الماء و الهواء و الأرض و السماء و ما زالت حتى اليوم تأبى أن تعتقها كما تأبى أن تعتقنا جميعا.

  6. يقول أورتيغا منعم - السلفادور-فلسطين:

    الثامن من شهر تموز عام 1972 يوم من ايام بيروت الصيفيه الوادعه لا انسى هذا اليوم ماحييت كيف امتدت يد االغدرالصهيونيه وسلبت روح انسان بحجم الوطن كان غسان كنفاني طائرالرعد الفلسطيني مارد بحجم الوطن وهل نسيته ؟لأتذكره! سيدتي أي وجع وألم تركه استشهاد غسان في قلبي لم ابكي وجعآ كما بكيت غسان كنفاني لم ابكي أمي وابي كما بكيت غسان وجمال عبدالناصر بكيتهما بقلبي وعقلي ووجدانني اي يتم تركاه واي ارث اورثاه استشهاد غسان كنفاني وجمال عبدالناصر 28/9/1970 ذاك اليوم من الخريفي أتذكره جيدآ , بيروت , القاهره , نابلس , الناصره, القدس , غزه , الدار البيضاء , الرباط , وهران , صنعاء عدن , عمان , بغداد , دمشق خرجت تودع البطل الرمز جمال عبد الناصرأتذكر جيدآ ذاك اليوم المشهود وأي يوم كان خرج المارد العربي من قمقمه ملايين الحناجر تردد صدها في شوارع الوطن العربي الكبير ليتني مت بأحلام الستينات والسبعيينات ولم أعش هذه السرياليه العربيه المهينه … برغم مراره الحلق وهذا التيه وهذه الرده سيبقى وطننا العربي الكبير مناره علم وحضاره احببته من كل قلبي كما أحببتكم جميعآ من كل قلبي واشكرك سيدتي على اناقتك في اسخدام المفردات اللغويه وكلامك الأنيق أنت ملح الارض وحجر من حجاره الوادي سيدتي أشكرك على تواصلك أشكرك لأنك اعدتينا الى زمن العمالقه أحبكم جميعآ ,اليك والى اللقراء ألأكارم مرثيه الشهيد غسان كنفاني بقلم الأديب عز الدين المناصره( تقبل التعازي في اي منفى ..)
    لماذا إذا الوجه منكَ انحنى…نبيعُ الدموع لساقي الهُمومْ
    وما زلتَ ﻓﻲ دمنا الصوتَ والسهلَ والمُنحنى…
    سَلاسلَ مبنيَّةً من شهيق سواعدنا ﻓﻲ الكرومْ
    غيوماً تلاحقنا ﻓﻲ الغيومْ….لماذا إذا الوجه منك تناثر كالعُمْر من قمّةٍ شاهقةْ
    لماذا إذا جار هذا الزمان علينا،وصارت نوافذنا مغلقة
    نؤذّن ﻓﻲ المؤمنين،وأوجهُنا ﻓﻲ الرمالِ، وأدمُعنا كاللظى مُحرقةْ؟!
    وآذانُنا بانتظار الذي سيدُقُّ النوافذ عند المساءْ.
    لقد عبروا يا أﺑﻲ،ليعتقلوا غيرنا..
    ونرتقب السفن المارقةْ…تنادين، … بيروتُ تُعلنُ: كنعان مات،
    تنادين، … بيروتُ تُعلنُ: كنعان مات،فنكتمُ أدمعنا ﻓﻲ العيونْ
    لأنَّ الشوارع قد ملأتْها العيونْ…
    لقد أشعلوا النار ﻓﻲ جسد الطفل – ويلَ العِدا…إذا ما رفضنا الرحيلْ
    حَبَسْنا الدموع، وقلنا: يجيء الزمان الجميلْ..وتبقين يا (أُمَّ سَعْدٍ)،(1)
    وتبقين يا نجمةً ﻓﻲ الضبابْ…تظلّين مغروزةً ﻓﻲ تراب النُجوعْ.
    لكنعان تبكي طيور الندى…لحصّادةٍ خلف منجلها ﻓﻲ البقيعْ
    تغنّي إذا ذابَ صوت الصدَى
    وكنعانُ يا صُحبتي، وردَ الموت قبل هطول السحاب.
    لقد كان برقاً يثور، فيُنجب رعداً، فتبكي الغيومُ، وتبكي السماءْ
    وما كان كنعانُ، إلاّ حنين المُحبِّ لأحبابه الفقراء
    وما كان إلاّ صهيل خيول الجزيرة، تشتاق للبحرِ،
    والبحر صار بعيداً وأهلك كنعانُ – قد عُرضوا للشراءْ
    فيا دارها خلف أسوار عكّا، إذا ما نما العشب فوق السطوحْ
    ويا مطر الساحل المستغيث بنا، لا تَقُل للأحبَّة، هذا المُحبّ ينوحْ!!!
    وما مات يوم الذي مات، لكنّهم قتلوهُ هنا قبل عام ثقيلْ
    ويا ليتني ما صرختُ: الخليلْ
    على بُعد مترين منّي، ولكنها ﻓﻲ البعيد البعيد البعيدْ
    تزايد ﻟﻲ هجرُها من جديدْ.
    أقول، وقد كسروا عودك الأخضر المستقيمْ
    أقول، وقد غرزوا ﻓﻲ عيونك قبراً جديداً … وقبراً قديمْ
    تظلّين مثل اليمامة تبكين قبراً جديداً … وقبراً قديمْ
    تظلّين يا أمَّنا … والنِصالُ تكسَّرنَ فوق النِصالْ
    خيامَ السماء، وبوصلةً ﻓﻲ ضباب سَدومْ
    تظلّين فوق الأعالي نجوماً ومِلحاً بعين الحسود اللئيمْ
    تظلين فوق الذي فوق، يا قُرَّةَ العينِ،
    يا أُمَّ هذي الجيوشْ.
    إنِ اشتقتِ يوماً لقبر حبيبكِ، مُرّي به ﻓﻲ الصباحْ
    وصُبّي عليه من الدمع، صُبّي من الدمع فوق الترابِ،
    مُصابك فوق الذي نستطيعْ
    ستخرجُ عكّا ﺇﻟﻰ السهل، رافعةً كفَّها للسماءْ.
    ألا من رأى وجه كنعان، ﻓﻲ أيّ منفى، نقيم العزاءْ؟!!
    نقيم العزاء على التلّ، ﻓﻲ النهر، ﻓﻲ جبلٍ من رجوعْ
    نقيم العزاء أمام سُرادق هذا البقيعْ
    ﻭﻓﻲ أيّ منفى … نقيم العزاء.
    لماذا إذا الوجه منك انحنى
    نبيع الدموع لساقي السرابْ
    وما زلتَ ﻓﻲ دمنا السهل والصوت والمنحنى
    وما زلتَ .. ما زلتَ خفقةَ أجنحة الشعراء الغِضابْ
    وما زلتَ كنعانُ أرجوحةَ الميجنا.

    أحبكم جميعآ
    أورتيغا منعم
    سان سلفادور

  7. يقول أفانين كبة . مونتريال ، كندا:

    الأديبة الاستاذة غادة السمان ، شكرا على تواصلك واهتمامك بخواطر القراء فهذا لُطف ومحبة منك لقراءك المدمنين . وشرف كبير لي أعتز به أن أكون ممن ذُكروا ضمن مقالك الاسبوعي . نعم يسكن الوطن في ذاكرتي ويستوطن جوارحي ، لكني في الوقت نفسه أخشى إيقاظ ما هو ساكن في أعماقي .وأن هنالك أماكن بعيدة أتجنب الوصول اليها ودوما أهرب منها ومن ثم أعود اليها . وأن هنالك غرف مغلقة أخاف طرق أبوابها لكي لا أواجه ما فيها . انتابني شعور غريب ، حتى الحروف والكلمات ارتبكت عندما حاولت حديثا ولأول مرة التواصل الكترونيا مع جيران العمر وصديقات الطفولة ولم أعرف كيف أصوغ كلماتي معهم . لم يعد هنالك بيت العائلة ولاالجدران التي كنت يوما ما أُشخبط عليها، لكن كل ما بقي لي هناك، رائحة ورد الرازقي الذي كان منتشر في حديقة المنزل ، فهذا ما يُحرك حنيني وذاكرتي لبغداد الحلم الجميل .
    أفانين كبة
    كندا

  8. يقول للأسف الشديد،عربي:

    مرحباً بكل مايختص بالحروف والحبر والقلم
    إكليل من أوراق الورد بألوان الطيف والعلم
    **تذكرت صديق لي تعرفت عليه في العالم الإفتراضي ، نشاة فيما بيننا صداقة بواسطة وفضل محركات البحث، استمرت صداقتنا إلى وقت كتابته هذا التعليق، وبعدها إنتهت ولكني لا أعلم هل تعود او لا تعود؟ صديقي هذا كان دائماً يحدثني عن جماليات الإنسان والحياة وكان يربطها بجمال الطبيعة الخلابة يوصف القمر لي وكأنه يراقب تشكلاته على مدى البزوغ والغسق وكسوفه وبدره واكتماله وتعانقه أحياناً مع غروب الشمس بصورته الشفافة،وبجانبه نجمة وسحابة بيضاء متقطعة الأجزاء حدثني عن الرمان والتوتة والتفاح في تشرين عن الفل المصري والياسمين الدمشقي وعن غصن الزيتون وعن شجرة الأرز والجبل وصداه وهو يصدح بصوت فيروز قرأ لي مقتطفات من كتب ودواوين قال انها من شط العرب ونهر الرافدين،كان يروي لي حكايات ابتداءً من المحيط إلى الخليج حتى نصل الأحمر وتعرج بنا الأمواج إلى النيلين الأبيض والأزرق .. توقفنا عن الكتابة لبرهة من الوقت ثم عدنا لنسأل بعضا ًعن عدد حروف الهجاء إن كان هناك أي حرف لم يكن حرف البداية والنهاية لجملة او مفرده، كتبت من خلالها الرسالة والاسترسال مني إليه .. ومنه الىّ افترقنا بسبب انتهاء حروف الكيبورد واستيقظت من نومي كما هو الحال مع/في ..
    الفضاء الإكتروني الافتراضي”كان حلم في يوماً فأصبح حقيقة
    وما اشبه: الليلة بالبارحة.

    دمتِ بخير سيدتي الكريمة.

إشترك في قائمتنا البريدية