لماذا اجتمع رؤساء المخابرات العربية مع الموساد؟

حجم الخط
18

حسب تقارير نقلتها وسائل الإعلام العربية أمس فإن قمّة «استخباراتية» انعقدت في مدينة العقبة الأردنية في 17 حزيران/يونيو الماضي وحضرها رئيس الموساد يوسي كوهين، ورؤساء الاستخبارات السعودية، خالد بن علي الحميدان، والمصرية، عباس كمال، والأردنية، عدنان عصام الجندي، والفلسطينية، ماجد فرج.
الاجتماع السري، حسب التقارير، جاء بطلب من صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره وموفده للشرق الأوسط جاريد كوشنر والمبعوث الأمريكي الآخر جيسون غرينبلات، وهذا يعني، من ضمن أشياء كثيرة، أن صلاحيات مبعوثي «السلام» الأمريكيين تتجاوز التفاوض بين السياسيين حول السلام إلى اقتراح اجتماع قادة الاستخبارات والأمن، أو أن الأمر بالعكس، وهو أن صلاحيات الساسة في منطقة «الشرق الأوسط» هي من مسؤولية القادة الأمنيين.
القمة الأمنية السرّية تلك، كانت، كما قيل في التقارير الصحافية، «لبحث سبل تحريك المبادرة الأمريكية لتسوية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب» و«تحريك عملية التسوية قدما»، فإذا افترضنا أن مسؤوليات القادة أولئك هي أمنية فقط كما تفترض مناصبهم، فهذا يعني أنهم اجتمعوا لتباحث المخاطر الأمنية التي ستترتب على فرض قرارات سياسية ستؤدي لنتائج وردود أفعال من شعوب المنطقة (أو بعض شعوبها، وخصوصاً الفلسطينيين والأردنيين).
يوحي التساوي في الألقاب، للوهلة الأولى، أن هناك تساوياً في الأوزان، فكل هؤلاء هم قادة أمنيّون، كما أنّه يوحي كما لو أن المجتمعين متشاركون في قضيّة يريدون حلّها، وليسوا أعداء وخصوماً ألدّاء.
الأردن نفت حصول الاجتماع فيما نفت السلطة الفلسطينية مشاركتها في الاجتماع (وهو أمر محمود بحد ذاته)، أما الأطراف الثلاثة الأخرى فلم تكذّبه، فاللقاء لا يشكّل حرجا لمصر، كما أن السعودية لم توفّر مجالاً لإعلان تقاربها مع إسرائيل بشكل أو بآخر، وذلك قبل حتى اندفاعة ولي العهد محمد بن سلمان الحثيثة بهذا الاتجاه.
لا نعرف الجوّ الذي ساد الاجتماع، لكن معرفتنا المتواضعة بنظرة الموساد إلى قادة أجهزة الأمن العرب وطريقة تعاملها معهم، تسمح لنا بتشبيهها بطريقة تعامل قادة الاستخبارات مع شعوبهم (أو إذا كان يتعلق بنظرتهم هم نحو الموساد فقد تشبه تعاملهم مع مسؤوليهم)، ولذلك لا نجور عليهم لو تكهنّا بأن اجتماعهم كان «ودّياً» وأن القمّة الاستخباراتية تلك جرت كما أمل راعياها الأمريكيان منها وأكثر.
الاجتماع، بهذا المعنى، كان اجتماعاً هرميّاً: الأمر فيه لأمريكا، والقيادة لإسرائيل، والطاعة والتنفيذ للعرب.
سيعود القادة الأمنيون إلى قادتهم السياسيين بالأجندة التي «اتفقوا» عليها، وهي نفسها الأجندة الأمريكية ـ الإسرائيلية، وسيحاول القادة السياسيون، كلّ من موقعه، إعادة إعرابها وتصريف نحوها، سياسة واقتصادا واجتماعا، وسيكون حاصل الجمع الأمريكي والضرب الإسرائيلي هو الكسر العربي.
الواضح، رغم كل ذلك، أن هناك عقبات كبيرة أمام هذه المعادلة الكاسرة، وهي الفلسطينيون أنفسهم، فالاستسلام ليس خياراً ممكنا أمام قادتهم مهما كانت القوّة المعاكسة جبارة، كما أن القادة الأردنيين، الذين خرجوا من امتحان انتفاضة شعبيّة، ليست لديهم خيارات كافية تؤمن غطاء اقتصاديا وسياسيا شعبيا يسمح لهم بالانسحاب وترك الفلسطينيين يقاتلون وحدهم.
يبقى المصريون والسعوديون، وهؤلاء كانوا وما زالوا يجربون حظوظهم لإنهاء القضية الفلسطينية بالترغيب مرة والترهيب مرّات.
غير أن المعادلات، كما هو معلوم، لا تبقى على حالها.

 

لماذا اجتمع رؤساء المخابرات العربية مع الموساد؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    عادى دول تتقاسم حدود مشتركة و لها اتفاقيات سلام فيما بينها ….تتبادل المعلومات لمصلحة شعوبها ….اين المشكل ….تحيا تونس تحيا الجمهورية

    1. يقول أحمد - لندن:

      يا تونسي ابن الجمهورية

      ممكن لو سمحت ان تخبرنا كيف لمحتل ان يتبادل معلومات مع محتليه لمصلحة الشعب المحتل؟

      للمهرفة الجغرافية فقط السعودية ليس لها حدود مشتركة مع دولة الاحتلال.

    2. يقول عربي-فلسطيني:

      عادة، كما يثبت التاريخ، المشكل في كل من يري في مثل تلك الإجتماعات انها امر عادي!

    3. يقول عمار الشيخ المثنى - مصر:

      حلمتُ من فترة بزوال الجمهوريّة البورقيبية و زوال السُلطة من أيدي السواحليّة ! رأيتُ فيما يرى الرائي صنم بورقيبة يهوي على الجرافات (بلدوزر) .. و الجزيرة التونسيّة تبتعد عن الميتربول الفرنسي ..

  2. يقول الكروي داود:

    قال التنسيق الأمني قال! ومن ينسق مع الآخر؟ الصهاينة لا ينسقون بل يأمرون والعبيد تُطيع!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ابو محمد من الشابورة - فلسطين:

    الاجتماع الاخير والاجتماعات السابقة مع الامريكان هو شئ طبيعي جدا وهو بمثابة اجتماع المدير او ولي الامر مع موظفيه..بصراحة لا اري ما هو غير عادي ولا اعرف لماذا قامت الدنيا ولم تقعد..الم نقل كم ساعة وكل يوم ان الانظمة العربية موجودة لتمرير ما يخطط له الامريكان وابنهم المدلل نتن ياهو وكذلك لقمع شعوبهم اذا فكرت في التحرر..المصيبة ان هناك من الشعوب العربية من لا يزال يطبل لهذه الانظمة ..والله انها لمهزلة ما بعدها مهزلة.

  4. يقول Ali:

    The Jordanians and the Palestinians denied that such meeting took place! Who is lying? Such meeting could have taking place on a BOAT in the Gulf of Aqaba between Saudi arabia, Egypt and Israel, but not in the Jordanian city of Aqaba!

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (لماذا اجتمع رؤساء المخابرات العربية مع الموساد؟) في الامر علامة انبطاح جديدة لصالح الغطرسة الاسرائيلية وضد فلسطين وشعبها. واستعير تعبير كاتبنا المحترم فقد ( كان اجتماعاً هرميّاً: الأمر فيه لأمريكا، والقيادة لإسرائيل، والطاعة والتنفيذ للعرب.)وبعبارة اخرى (سيكون حاصل الجمع الأمريكي والضرب الإسرائيلي هو الكسر العربي.)
    هكذا تريد امريكا واسرائيل للعرب عامة وللفلسطينيين خاصة ؛ ولسان حالهما يقول (انتظروا القادم) ولا تعاندوا واسرائيل الحالية هي الخطوة الأولى امام الخطوة الاكبر وهي (اسرائيل من الفرات للنيل). وبخلاف الموافقة على ذلك فانتم خارج اللعبة وسنستبدل بكم ( قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم)
    هكذا تتصرف امريكا واسرائيل امام الدمى العرب، الذين يغردون خارج سرب شعوبهم ؛فبدل ان يستقووا بهذه الشعوب ضد اسرائيل وامريكا فانهم ارتضوا لانفسهم وظيفة جلادين وقامعين لهذه الشعوب وخدما منبطحين لامريكا واسرائيل.
    تبقى كلمة الفصل لهذه الشعوب فان شدة الضغط يتبعها الانفجار حتما.

  6. يقول Dinars:

    إسرائيل تستولي على فلسطين دون وجه حق. وعليه فإنه لا يمكن التعامل مع محتل لتصفية القضية الفلسطينية مهما كان دعم العربان لإسرائيل.

  7. يقول سوري:

    هذا الاجتماع كان يبحث طرد المعارضة المسلحة من درعا بتنسيق من الاردن بعد ما تخلت امريكا عن المعارضة والهدف الاساسي هو ابعاد الصفويين و وفتح معبر نصيب على الحدود الاردنية.
    انها المؤامرة الكونية ضد الثورة السورية وقد ظهرت النتائج فورا بقصف طائرات بشار ..

  8. يقول زياد:

    فعلا أن اجتمعوا مع بعضهم البعض فهذا يدل على أنهم خائنون

  9. يقول ahmed salah:

    السلطة نفت حضور ممثلها الاجتماع….ما يثبت حضوره أن أحد الحاضرين من غير العرب علق قائلا: استغربت سكوت ممثل السلطة الفلسطينية حيث لم يقل رايه بالمواضيع المطروحة واكتفى بالموافقة على ما يتفق عليه……………..

  10. يقول محمد جبرؤوتي - ألمانيا:

    الله .. حياكم الله: المعادلات لا تبقى على حالها… كل يوم هو في شأن.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية