لماذا تتعاقب مبايعات «الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق؟

حجم الخط
2

انطاكيا – «القدس العربي»: انضمت في الآونة الأخيرة عشرات الفصائل المقاتلة في سوريا والعراق إلى تنظيم «داعش» وتم نشر العديد من الفيديوهات والبيانات المسموعة والمكتوبة يعلن فيها قادة فصــائل مقاتلة وزعماء عشائر مبايعتهم للتنظيم وأميره أبو بكر البغدادي.
وكان من أشهر هذه المبايعات هو «لواء داوود الإسلامي» في معرة النعمان، الذي خرج بكامل عتاده وعناصره من المناطق التي تسيطر عليها كتائب الثوار متجهاً إلى مدينة الرقة المعقل الأكبر لتنظيم «داعش» والذي يصفه البعض بعاصمة التنظيم الممتد على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية.
وازدادت في الأسابيع الأخيرة أعداد المنضمين إلى التنظيم تزامناً مع الضربات الجوية التي تشنها طائرات التحالف الدولي ضد «داعش». فقد دفعت هذه الضربات العشرات وربما المئات إلى ترجيح نظرية المؤامرة ضد التنظيم وبث الشائعات حوله فاتجه هؤلاء لمبايعته والقتال معه فيما وصفوه «عدواناً صليبياً على المسلمين».
ومن ضمن المبايعات التي حصل عليها التنظيم في الفترة الأخيرة قوى وفصائل إسلامية كانت تقاتل إلى جانب كتائب الثوار الأخرى في مواجهة نظام الأسد، كما انضمت مجموعات من العشائر لمبايعي التنظيم، وأعلنوا الولاء لأميره البغدادي والبراء من النظام السوري والثورة المطالبة بإسقاطه على حد سواء وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في محافظة الرقة ودير الزور والحسكة من الجانب السوري، وانتقلت العدوى إلى الجانب العراقي بانضمام عدد لا بأس به من العراقيين إلى صفوف التنظيم ومبايعة عدة عشائر له في مناطق الموصل وتكريت والرمادي.
وقد أعلنت عشيرة الحديديين في ريف حلب الشرقي مبايعتها لتنظيم «داعش» وأميره البغدادي في فيديو قام أبناء العشيرة بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المتحدث باسم عشائر الحديديين في الفيديو «نحن أبناء عشائر الحديديين نعلن ولاءنا لله ولرسوله وللمؤمنين وإننا بعد أن سمعنا أن دولة الإسلام في الشام والعراق قدمت نفسها لخدمة الكتاب والسنة وحماية المسلمين من الأعداء الحاقدين، فإننا نعلن من الآن مناصــرتنا واستــعدادنا للتـضحية والفداء من أجل الدين والعرض والوطن، وإن الذين قدموا إلى بلادنا من المسلمين لمناصرتنا ومؤازتنا، هم أخوتنا يصيبنا ما أصابهم وعلينا محبتهم واحترامهم وشكرهم».
كما أعلنت قبل أيام فخوذ من عدة عشائر عربية في سوريا والعراق مبايعتها لتنظيم «داعش» وقد نشرت صفحات مؤيدة للتنظيم أسماء هذه العشائر وهي كالتالي: «قبيلة شمر (فخذ الوهب، فخذ القشعم)، قبيلة عنزة (فخذ الروس)، قبيلة العقيدات (فخذ الحسون، فخذ البو عز الدين، عشيرة العفادله)، عشيرة البوعساف، عشيرة الحويوات، عشيرة البوسبيع، عشيرة الهنادة، عشيرة طي، عشيرة المشاهدة، عشيرة البورجب، عشيرة الولده، عشيرة الشبل، عشيرة العبيد، عشيرة الناصر، عشيرة الجغايفة، عشيرة الدميم، عشيرة البوشعبان، عشيرة المراشدة، عشيرة المريع، عشيرة الكرابلة، عشيرة السلمان، عشيرة البوعبيد، عشيرة البومحل، وجهاء العانيين». وأعلن شيوخ هذه العشائر تأييدهم وبيعتهم لأبي بكر البغدادي، واصطفافهم إلى جانب جنود الدولة فيما وصفوه محاربة العدوان الصليبي عليها، وتعتبر هذه البيعة من أشهر البيعات التي حصل عليها التنظيم بعد إعلان انطلاق عمليات التحالف الدولي ضده.
وقد استغل التنظيم عمليات التحالف الدولي ضده ووظفها لخدمة مصالحه بضم عناصر جدد إلى قواته. وفي هذا السياق قال الإعلامي السوري المعارض عمار أبو شاهين أنه «منذ الإعلان عن بدء عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في سوريا والعراق حاول التنظيم استغلال هذه الضربات إعلامياً لاكتساب مؤيدين جدد وضمهم إلى التنظيم، حتى إن بعض صفحات التنظيم قامت بنشر أخبار مفادها أن جــبهة النـصـرة والجبهة الإسلامية أوقفوا القتال مع «داعش» وتحالفوا معه ضـد التحـــالف الدولي وهذا ما نفته الجبهة الإسلامية في بيان رسمي على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي تويتر».
وأضاف أن «عشرات الشباب يرون في التنظيم النموذج الأمثل لما يعتقدون أنه خلافة إسلامية، ولكن بعد انضمامهم يكتشفون الحقائق المرعبة في ممارسات التنظيم من قتل واعتقال وتهجير لا تقنعهم». وأكد أبو شاهين أن المئات من هؤلاء ينتظرون الفرصة المناسبة للهرب والانسحاب من المستنقع الذي أوقعوا أنفسهم فيه.
ويعمل تنظيم «داعش» حالياً على توسيع بقعة سيطرته في الأراضي السورية والعراقية، فقد بدأ منذ أيام معركة السيطرة على منطقة عين العرب «كوباني»وحشد لها قوات وصفها ناشطون بالهائلة، وقال ناشط ميداني في منطقة عين العرب أن عناصر التنظيم تقوم باستخدام راجمات الصواريخ والمدفعية والدبابات في معركتها وأن القوات الكردية تواجه كل هذا بأسلحة خفيفة ومتوسطة ولا يوجد أي تكافؤ في القوى بين الطرفين، لكن ما يبقي البعض صامداً هو المامهم بجغرافية المنطقة وعقيدتهم في الثبات في الخط الأخير للمواجهة مع التنظيم.
في سياق متصل هناك المئات من عناصر التنظيم إنشقوا عنه وعادوا إلى أوطانهم أو إنضموا إلى فصائل مقاتلة أخرى في سوريا، وقد بث عدد منهم مقاطع فيديو على مواقع التواصل أعلنوا فيها براءتهم من التنظيم وأميره البغدادي. فقد نشر أحد أمراء «داعش» في ريف حماه وهو أبو ابراهيم المصري مقطع فيديو أعلن فيه انشقاقه عن التنظيم لرفضه ما يقوم به عناصره من ممارسات، وقال أن التنظيم «يقوم بتكفير إخواننا في الجيش الحر ويشيعون عنهم أنهم ينتهكون الأعراض وأنهم يداهمون ويغتصبون المهاجرين وهذا أمر لم يقع وأقسم بالله على هذا».
وأضاف «هؤلاء القوم قد فتحوا لنا مقراتهم وفتحوا لنا بيوتهم والأنصار من اخواننا في الجيش الحر يكرمون المهاجرين ويحمونهم بأرواحهم وأقسم بالله على هذا». وأعلن المصري في نهاية الفيديو انشقاقه عن تنظيم الدولة وانضمامه لجبهة النصرة.
يذكر أن عدة فصائل سورية مقاتلة تعمل على البحث والتحري عن الخلايا النائمة التابعة للتنظيم في مناطق سيطرتها، وقد أعلنت الجبهة الإسلامية في حلب وحماة عن اعتقال العشرات من أتباع التنظيم ووجهت إليهم عدة تهم بتدبير وتنفيذ تفجيرات طالت قادة عسكريين وتجمعات مدنيين وأسفرت عن مقتل العشرات.

محمد اقبال بلو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Ossama Kullijah سوريا:

    عندما وصل بشار الاسد الى السطة كرئيس وريث عن ابيه توالت علية رسائل التهنئة من كل صوب وجانب من الشعب السوري لدرجة على مااذكر انه اعلن بوضوح لكي تتوقف هذة التهاني التي امتلات بها قاعات مكاتبه ومكاتب الصحف والاعلام والتلفزة والاذاعات فتوقفت وعلية فان هذة المبايعات المتتالية والمتلاحقة الى تنظيم الدولة ليست ببعيدة عن سابقتها مع الرئيس الجدد انذاك ولنرى المستقبل لانني اعتقد ان تنظيم الدولة لن يكون احسن حالا من النظام فالتشابة بين التنظيم والنظام هي واضحة رغم تباينها شكليا ولااعتقد ان البغدادي اوفر او سيكون اوفرحظا من بشار الاسد

  2. يقول محمد (سورية):

    يبدو أننا لم نتعلم بعد
    نفس الأسلوب الاستعماري الذي بدأ منذ الخمسين عاماً والآن يتكرر المشهد.
    وسائل الإعلام هي المسيطر الأول على عقولنا الهشة.
    ومايحدث الآن من مبايعات ومساندات لتنظيم داعش يزكرني بما كان الحال عليه قبل 10 سنوات في سورية.
    كان السوري من أشد الداعمين لحزب الله ولدولة إيران بسبب العداوة الامريكية المزعزمة لهما, والآن وبعد تكشف الحقائق مانزال نقع في نفس الخديعة.

إشترك في قائمتنا البريدية