بيروت ـ «القدس العربي»: هل لم يعد للبنان «الأولوية « عند السعودية؟ ولماذا؟ هذا سؤال تسمعه يتردد في بيروت عند محبي المملكة ومناصريها من سياسيين وإعلاميين، يستغربون ما يرونه تخليا سعوديا عن لبنان، وحتى تخليا عن الطائفة السنية في لبنان، والكل في بيروت يسأل لماذا؟
لماذا لم تعد السعودية مهتمة ومعنية بلبنان كما عهدها اللبنانيون منذ سنوات طويلة؟
البعض يرى ان المملكة الآن تعطي الأولوية لحربها في اليمن على حساب مصالحها ونفوذها في لبنان، ولكن آخرين يقولون ان «الإهمال» السعودي للبنان بدأ منذ سنوات ما قبل الحرب في اليمن.
لا أحد يشك ان للسعودية مكانة خاصة في لبنان، وهذا ما بدا واضحا في الحضور الكبير لحفل السفير السعودي في العاصمة اللبنانية علي عواض العسيري، بمناسبة اليوم الوطني السعودي يوم الجمعة الماضي، والذي شارك فيه كل اللبنانيين بمن فيهم «حزب الله» ممثلا بالنائب حسن خليل .
ولكن السعودية لم يعد لها الحضور والنفوذ القوي في لبنان، كما السنوات الماضية، والسفير العسيري الذي له حضور اجتماعي ودبلوماسي في لبنان، لم يعد له الحضور والنفوذ السياسي في القضايا اللبنانية، كما هو عهد سابقيه .
وللحقيقة انها ليست مسؤوليته بل هي مسؤولية سياسة بلاده التي تترك لبنان ساحة لإيران، لتصبح بيروت المركز الرئيسي للترويج للمشروع الإيراني في المنطقة، وليصبح لبنان منطلقا لفرض الهيمنة الإيرانية على العالم العربي، عبر أداته الرئيسية «حزب الله» .
ولكي يحافظ السفير العسيري على مصالح المملكة ونفوذها، وحتى على محبتها، يحتاج إلى إمكانات مالية يصرف منها على مشاريع خيرية وجمعيات إسلامية في مقدمها «جمعية المقاصد الإسلامية». ويصرف منها لمساعدة ودعم مشاريع إعلامية تناصر المملكة ومحسوبة عليها .
الإيرانيون في المقابل نراهم يصرفون بسخاء شديد على إعلامهم، والإعلام الموالي لهم، صحفا وقنوات تلفزيونية محلية وفضائية ومواقع إخبارية الكترونية. هناك قنوات فضائية عديدة ممولة إيرانيا وموجهة للعراق وفلسطين واليمن والخليج وحتى لمصر، ويقدر عددها بنحو 16 قناة فضائية، بالاضافة إلى قناة «الميادين» التي يراد لها ان تنافس مهنيا وسياسيا قناتي «العربية» و»الجزيرة» وبالفعل بدأت .
والمال الإيراني (نقصد مال حزب الله) لم يتوان عن تقديم الدعم لصحف ولقنوات تلفزيونية مستقلة وهامة .
في حين نرى ان الإعلام المناصر للسعودية، من صحافيين وصحف وقنوات فضائية تعاني ماليا ومعنويا، فتلفزيون «المستقبل» بدأ قبل عامين بصرف العشرات من موظفيه، والآن لم يدفع رواتب العشرات من موظفيه منذ شهور عديدة وكذلك الأمر في جريدة «المستقبل» .
وهاتان المؤسستان أداتان إعلاميتان لـ»تيار المستقبل» ويمتلكهما سعد الحريري المفروض ان يتولى الصرف عليهما، ولو كانت أوضاعه المالية جيدة لما توانى عن استكمال الصرف على التلفزيون والجريدة.
إنما لا شك ان أوضاع سعد الحريري في العهد السعودي «السلماني» الجديد لم تعد كما في العهود السابقة، وأصبحت المستحقات المالية لشركته «سعودي أوجيه» تتأخر عند وزارة المالية في الرياض (وهي بالمليارات)، وبعد القرارات السعودية القاسية الأخيرة ضد شركة «مجموعة بن لادن السعودية» أصبحت المخاوف تتهدد شركة «سعودي أوجيه» التي لا يتمتع مالكها بعلاقات قوية مع رمزي العهد السعودي الجديد الأميرين محمد بن نايف ولي العهد والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، لأسباب شخصية .
وكذلك هناك صحف مناصرة للمملكة مثل «اللواء» تعاني منذ سنوات، لأنها لم تعد تحصل على مبالغ الدعم السنوي المعهود، وكذلك جريدة «الشرق».
وهناك صحف قريبة من المملكة مثل «النهار» خفضت وزارة الإعلام السعودية الاشتراكات فيها إلى درجة تجعلها تعاني ماليا، فمنذ شهرين لم تدفع رواتب صحافييها. والأهم من ذلك ان الإعلاميين والصحافيين المناصرين للمملكة، والمحسوبين عليها تاريخيا، فقدوا الرعاية المالية من سنوات طويلة (منذ بداية عهد الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز) وحتى الآن .وكان هؤلاء يأملون مع العهد الجديد ان تعود لهم الرعاية المالية، لاسيما ان غالبيتهم كان يحصل عليها عن طريق الملك سلمان، حين كان أميرا للرياض وصديقا للصحافيين العرب، ولكن هذا لم يحصل.
والسفير السعودي في لبنان يحتاج إلى أموال لمساعدة أبناء الطائفة السنية الذين يشعرون بـ»اليتم» هم ومحبو ومناصرو السعودية، الذين يرون ان الرياض تتركهم وتتخلى عنهم وعن مساعدتهم، ومكمن الخطورة في هذا الاحساس ان بعض فقراء أبناء السنة أخذوا يتجهون نحو تنظيمات التطرف الديني بحثا عن ملجأ، صحيح ان بعض التطرف «المذهبي» عند الطرف الآخر هو الذي ساهم بخلق التطرف السني، إلا ان معظم من يتجند في هذه التنظيمات يتجندون بحثا عن مال أو عن ملجأ قوة.
وعلى الصعيد السياسي يرى مراقبون ان المملكة أخذت تفقد نفوذها السياسي في لبنان ويقول سياسي لبناني «لا يكفي من المملكة ان تصرح وتقول انه يجب العمل على انتخاب رئيس جمهورية للبنان وإنه يجب تحقيق توافق مسيحي على مرشح رئاسي، بل يجب مواصلة دعم القوى المحسوبة عليها والمؤيدة لها، سياسيا وماليا، ولاسيما ان لبنان يشكل إحدى الساحات الرئيسية في معركة مواجهة النفوذ الإيراني. ولا بد تاليا من تعزيز تلك القوى ليس فقط «تيار المستقبل» بل القوى الأخرى لاسيما عند الطرف المسيحي».
في المقابل نرى الطرف الآخر «الأقل محبة» عند اللبنانيين، النظام السوري وإيران، يتزايد نفوذهم السياسي والمالي والعسكري في لبنان، بل ان الأخير نجح باختراق تيارات وزعماء سياسيين سنة وتقدميين وناصريين وجعلهم شركاء ومؤيدين ان لم نقل موالين مثل الوزير والنائب السابق عبد الرحيم مراد رئيس حزب الاتحاد، ورئيس الحرس الجمهوري السابق مصطفى حمدان السني الذي انشأ له «حركة الناصريين المستقلين».
كما مدت إيران نفوذها لمراجع دينية وشيوخ سنة وجعلتهم أصدقاء وموالين لها مثل الشيخ ماهر حمود إمام مسجد «القدس» المشهور في صيدا، وهو مقرب من حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» الفلسطينيتين، ورئيس التنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد وفي شمال لبنان اخترقت إيران (حزب الله) سنة طرابلس عن طريق حركة «التوحيد» الإسلامية التي يتزعمها الشيخان هاشم منقارة وبلال شعبان.
في المقابل لم يسع تيار «المستقبل» ولا تحالف «14 اذار» مد نفوذهم السياسي نحو الشيعة أو حتى نحو القوى والحركات العروبية القومية التي تناهض المشروع الإيراني.
والسعودية بدورها أيضا وفي ظل سياسة «التخلي»عن لبنان لم تحاول ان تجير وجود تيار شيعي مستقل لتساعد على إيجاد تيار شيعي ثالث لايدور في فلك «الثنائية الشيعية» المعروفة، «حزب الله» و»حركة أمل».
وهذا التيار الوطني الانتماء والعروبي «المتنور» موجود سياسيا وإعلاميا وثقافيا بل وحتى دينيا، داخل الطائفة الشيعية وثمة رموز شيعية عديدة تشكل حالة اعتراضية، لوصاية «حزب الله» و»حركة أمل» على الشيعة منها الوزير والنائب السابق المعروف محمد عبد الحميد بيضون الذي كان الأقرب إلى رئيس «حركة أمل» نبيه بري في غابر الأيام قبل ان يفترق عنه مشكلا حالة معارضة له.
وهناك ناشطون سياسيون ومثقفون وإعلاميون شيعة مستقلون كانوا من وجوه «ثورة الأرز» يشكلون حالة معارضه لهيمنة «حزب الله» على لبنان، أمثال زياد ماجد ويوسف مرتضى وأمين وهبة ومصطفى فحص ومالك مروة .
وهناك ناشطون محاصرون من «حزب الله» أمثال لقمان سليم والصحافيين علي الأمين وعماد قميحة.
والأهم ان هناك مرجعيات دينية شيعية ترفض أيضا الهيمنة الإيرانية مثل السيد محمد حسن الأمين والسيد علي الأمين مفتي «صور» الجعفري الذي أبعده تحالف «أمل- حزب الله» عن مدينته لمواقفه المعارضة، وهناك الشيخ عباس الجوهري والسيد ياسر الأمين وهما من رجالات الدين الشباب المتنورين.
وكان هناك ايضا السيد هاني فحص الذي كان من أبرز العاملين في خدمة مشروع الدولة المدنية في لبنان، والذي بغيابه يفتقد اللبنانيون إلى دوره التنويري في نشر ثقافة القبول بالآخر واحترام حق الاختلاف، وأهمية العمق العربي، وهو الذي كان من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية، بحيث منحته السلطة الفلسطينية قبل سنوات جواز سفر فلسطينيا له ولعائلته.
ويشكل «اللقاء الشيعي التشاوري» علامة فارقة في البيئة الشيعية، ومن رموزه السفير المتقاعد خليل الخليل، والوزير السابق ابرهيم شمس الدين نجل الإمام الراحل الشيح محمد مهدي شمس الدين، والنائب السابق صلاح الحركة والسيد يوسف مرتضى وغالب ياغي والباحثة منى فياض والصحافي علي الأمين، وهؤلاء رموز من عائلات شيعية معروفة جنوبا وبقاعا تعمل لخلق إطار وطني بهدف دمج الشيعة في مشروع الدولة المدنية التي دعا اليها الإمام موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين، وهو المشروع الذي يشكل النقيض التام لنهج «الثنائية الشيعية».
ولا تخفي تلك الشخصيات ان هناك حالة «تململ» عند شيعة لبنان، حيث هناك أصوات شيعية بدأت ترتفع معترضة على سياسة «حزب الله» وهيمنته على القرار الشيعي لأسباب متعددة، منها:
ـ تورط الحزب في القتال في سوريا الذي أدى إلى وضع كل الطائفة الشيعية في مواجهة السنة، في وقت يعتبر هؤلاء ان الحزب لا يمثل كل الشيعة اللبنانيين ولا هو من يقرر عنهم.
ـ أصبح المتململون الشيعة قلقين من عدد القتلى والجرحى منهم في حرب «حزب الله» ضد الشعب السوري دفاعا عن نظام الأسد، وقلقين من اتساع الهوة بين الطائفة الشيعية وسائر اللبنانيين من الطوائف الأخرى، وقلقين على أوضاع اللبنانيين الشيعة في الدول العربية، لاسيما الخليجية منها بسبب سياسة الحزب المعادية لهذه الدول.
ـ حلفاء السعودية من السنة يشعرون باليتم، ومؤيدوها المنتمون إلى غير طائفة ومنطقة لا تبدو حالهم أفضل، وشيعة لبنان خارج «تحالف الثنائية» والرافضون للمد الإيراني متروكون لحالهم.
صورة أقرب إلى السوداوية، ومن هنا يعتقد كثيرون انه لو استعادت السعودية نشاطها السياسي، فهي الوحيدة القادرة على مواجهة النفوذ والمد الإيراني في لبنان.
قد يقول البعض ان السعودية لم تتخل عن لبنان، ولكن أسلوب تعاملها مع الشؤون اللبنانية قد تغير، فهي ترى انها يجب ان تتعامل مع الشرعية الدستورية.
سابقا تعاملت مع رئاسة الجمهورية، والآن تتعامل مع قيادة الجيش اللبناني الذي تسعى لتقويته من خلال منحة الـ3 مليارات دولار لشراء سلاح فرنسي للجيش.
من المؤكد ان هناك تغيرا في السياسة السعودية تجاه لبنان، ووقف الدعم المالي السياسي السعودي للبنان وشعور أصدقاء المملكة والمحسوبين عليها، أن المملكة تتخلى عنهم وعن لبنان، عبرت عنه رسالة رئيس تحرير مجلة «الشراع اللبنانية» حسن صبرا إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي حملت عنوان «لماذا تخلت المملكة عن المسلمين في لبنان؟».
ومما جاء فيها «أن الناس يعرفون منذ عقود ان المملكة لم تتخل يوما عن أصدقائها، لكن الحقيقة الآن ان مؤسسات لبنان الخاصة والعاملة في الحقل العام، ومنذ عقود والتي كانت مدعومة من المملكة تعاني وتطلب العون، ليصبح الأشد غرابة انها لا تلقى أي رد إيجابي من الرياض أو من جدة».
ولاشك ان الإجابة عند الملك سلمان الذي يعلم الجميع انه من أكثر الملوك السعوديين حبا للبنان، وهو أكثر السعوديين محبة عند اللبنانيين.
سليمان نمر
نعم السعودية قد تخلت عن دعم السنة بلبنان
مقابل الدعم الايراني الهائل افتصاديا وعسكريا لشيعة لبنان
هل السبب هو دعم بشار الأسد بطريقة غير مباشرة ضد المتشددين السنة
ولا حول ولا قوة الا بالله
هدف السعودية كان داءما اسلمة لبنان من خلال ضخ الأموال لسنته اخذة بعين الاعتبار ألتاثير المسيحي القوي فيه وعلى المنطقة في السابق. اما الان فالهدف قد تحقق من ناحية أضعاف ألمسيحيين وأصبح المسلمون الاقوى والأكثر تاءثيرا والحكام الفعليين للبنان وخصوصا الشيعة!
تخلت السعودية عن لبنان حتى لا تصبح في مواجهة مع الامريكان عبر ايران . ثم ان لبنان يقع جغرافيا وديموغرافيافي دائرة ورشة بناء الهلال الخصيب الشيعي .
السلام عليكم
اخي من النرويج لمادا لم تسءل لمادا السعوديه خسرت الميارات لزج المقاتلين و سلاح الي سوريه بدلا لفلسطين لنصرت الشعب المظلوم بدلا من تمير سوريا لمادا لم تووي لاجي سوريا لمادا لدهب الاجيين السوريين الي اروبا
سؤالك يا عزيزي مجاهد يجب أن يوجه لايران وليس للسعودية
فايران تجند المقاتلين الشيعة من عدة دول لارسالهم للقتال بسوريا
أما السعودية فهي تحارب داعش والقاعدة وأي مجموعة مسلحة فيها
مع تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
والله الواضح انه السعوديه لم تتخلا فقط عن لبنان وانما ايضا تخلت عن القدس اولى القبلتين
تخلت عن العراق سابقا وحاضرا انها في الحقيقة السياسة الكارثية للراحل عبد الله.