لماذا خاطب الأسد مقاتليه بلغة التترا؟ هل ملأت الدراما المصرية الفراغ السوري؟… وأوباما يغني على «مالياه»

حجم الخط
1

«الدراما المصريّة تملأ الفراغ السوريّ». ليس هناك أكثر إجحافاً بحق الدراما المصرية من هذه العبارة، التي جاءت لتوصيف تألق بعض الأعمال المصرية الرمضانية الأخيرة، ومن بينها «أفراح القبة»، الذي حاز إجماعاً وإعجاباً قلّ نظيره. حتى وهي في عزّ تألقها سيكون هناك من يقول إن الدراما المصرية فقط تملأ الفراغ السوري، كأن السوري هو الأصل، فيما تلك طارئة وهجينة.
الدراما المصرية مؤسسة عمرها يقارب المئة عام، صنعت نجوماً، وصنعها مخرجون وكتاب استثنائيون، مسلسلات أسامة أنور عكاشة وحدها كانت ظاهرة شغلت العرب قبل المصريين، واستطاعت أن تجعل من التلفزيون، كجهاز مسلّ، أداة لنقاش أكثر المشكلات الاجتماعية إلحاحاً.
الدراما السورية، ولا يُنكر أنها أثبتت حضوراً لافتاً ومواهب لامعة، لا مناص من الإعتراف أنها، في العقدين الأخيرين، لم تكن سوى صنيعة المال الخليجي، الذي أراد تنويعاً تلفزيونياً على ملل أصاب الشاشات العربية. لكن الأغرب أنها في المقابل لم تكن سوى صنيعة لسلطة المخابرات، هذه التي امتلكت شركات الإنتاج والمنتجين، وتحكّمت أحياناً باختيار نجوم العمل والطاقم الفني، وأحياناً الموضوعات وأفكار المسلسلات (لنتذكر هنا كيف استخدم المسلسل الكوميدي الأشهر «بقعة ضوء» للانتقام من معارضين سوريين، كتلك الحلقة التي تناولت النائب البرلماني المعارض مأمون الحمصي).
الدراما السورية، كالسوريين، كانت تعجّ بالمواهب والأفكار والحكايات، لكنها كانت محكومة مثلهم. ومثلهم هي بحاجة إلى الحرية.

نظام التترا السوري

انقرض نظام البرقيات منذ زمن بعيد، في آخر أيامه قيل الكثير من النكات في الغرب (على ما روى الروائي الكولومبي غارسيا ماركيز ذات مرة)، من بينها تلك البرقية التي أرسلها جندي لحبيبته وهو يهمّ باستئناف إجازته، قال لها «حين تصلك هذه البرقية سأكون بين ذراعيك»، كان ذلك تهكماً على النظام البرقي بعدما بات متخلفاً إلى هذا الحد، بعدما سبقته الحياة.
ضجّت الأخبار أخيراً بنبأ يقول إن بشار الأسد أرسل إلى جنوده وحلفائه في حلب رسالة عبر نظام «التترا» اللاسلكي، الأمر الذي أثار أكثر من سؤال لدى الكثيرين، أولها بأي لغة أرسل الأسد برقيته تلك، العربية؟ الأفغانية؟ الفارسية؟ الروسية؟ هذا بالإضافة إلى السؤال عن معنى نظام «التترا» في الاتصالات، ولم تكن الويكيبيديا لتسعف.
سؤال واحد لم يخطر ببال أحد، على سهولته، «ما فحوى تلك الرسالة»، ذلك أن الجميع يعرفون أنها رسائل من غير جدوى، ولن تكون سوى تنويع على «الأزمة خلصت وسوريا بخير»، العبارة التي ظهرت منذ الشهور الأولى لاندلاع التظاهرات.

الفصحى ليست للتلفزيون

لا يصدق المرء، عند الاستماع إلى بعض المبدعين وهم يتحدثون في مقابلاتهم التلفزيونية بالعربية الفصحى، أن هذه هي لغتهم الأم. قلّما يحدث أن تأتي اللغة انسيابية وعفوية وقريبة من القلب. نفهم إصرار بعض القنوات العربية، أو الموجهة إلى المشاهد العربي، على العربية الفصحى، هي التي تريد لنفسها أن تتوجه إلى السوق العربي العريض في مشارق الأرض ومغاربها، لكن غالباً ما يكون ذلك على حساب التلقائية.
الفصحى عند البعض أقرب إلى المكسيكية، أي تلك المسلسلات المكسيكية المدبلجة للعربية، وبأحسن الأحوال تصبح لغةَ الرسميين، لغة السلطة والمؤسسات، والجيش، لا لغة الناس. رجاءً تحدثوا كما في الواقع، ونحن، كمشاهدين، نتكفّل بالباقي.

ماذا حملت معك من بلدك؟

مارسيل العيد، لاجئة سورية في كندا، حملت معها من سوريا ذكرى، وهي تتوجه الآن بسؤال إلى اللاجئين السوريين عن الذكرى التي اصطحبوها معهم إلى أماكن اللجوء. سنجد على الانترنت بعض مقاطع لسوريين، منهم حمل الكمنجة الخاصة به، منهم من قال إنه لو عاد اليوم لحمل آلة العود، هناك من قال إنه حمل قطعة موزاييك، وآخر تحدث عن الغطاء الذي كانت والدته تغطيه به. مجموع هذه المقابلات سيكون عملاً تسجيلياً يحمل اسم «شيء وحيد».
العمل ليس مبتكراً تماماً، على الأقل هناك معرض فلسطيني قدم للناس في الأشياء التي حملها الفلسطينيون في نزوحهم، ومعروف أن العنصر المكرر المشترك في روايات الفلسطينيين هو مفتاح البيت، وهو قد صار رمزاً شهيرا.
ما شاهدناه من نماذج وإجابات حتى الآن يبدو مترفاً، كأن السوريين كانت لديهم الفرصة والوقت الكافي ليختاروا ما يحملون، وهذا يختلف عن سوريين أجبروا على الرحيل، فحملوا معهم الضروري. الأمر يشبه تماماً أن يكون المرء لاجئاً في كندا (انتقته السفارة)، وآخر لاجئ في «الزعتري» أجبرته البراميل.
يبدو أن المأساة السورية ستظل إلى أمد طويل استثماراً جيداً للمستثمرين. لكن يبدو أيضاً أنه ما لم يخض المبدع في وحل المخيمات لن يستطيع ملامسة هذه المأساة.

أوباما يغني

أوباما، الرئيس الأمريكي، يغني أغنية لابنته ماليا في عيد ميلادها، الذي يبدو أنه صادف يوم الاستقلال الأمريكي، فيثير إعجاب الناس، كما كان على الدوام في مختلف الفيديوهات؛ أوباما يركض، أوباما يراقص معمرة سوداء في البيت الأبيض، أوباما يشارك الملكة البريطانية فيلماً دعائياً، أوباما يبحث عن عمل بعد انقضاء فترة رئاسته.. لقد فعل الرجل كل شيء، كل ما يخطر في البال، إلا أن يكون رئيساً لهذا البلد المقتدر، لدينا على الأقل مثالان ساطعان ستسجل الأيام أنه لم يكترث لهما، إن لم نقل إنه قد ساهم بانتكاستهما: القضيتان الفلسطينية والسورية.

كاتب من أسرة «القدس العربي»

لماذا خاطب الأسد مقاتليه بلغة التترا؟ هل ملأت الدراما المصرية الفراغ السوري؟… وأوباما يغني على «مالياه»

راشد عيسى

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    نظام التترا أو شبكة التترا هي مجموعة مواصفات لأجهزة لاسلكي يتم استخدامها في الاتصال المباشر من جهاز إلى آخر أو من جهاز إلى عدة أجهزة. وقد تم تصميمها بشكل خاص لكي يتم استخدامها من قبل الوكالات الحكومية وخدمات الطوارئ مثل أقسام الشرطة والإطفاء والإسعاف بالإضافة إلى شبكات السلامة العمومية وشركات النقل بالخطوط الحديدية والمطارات والمؤسسات العسكرية والجيوش.
    التترا هو معيار صدرت أول نسخة منه عن معهد معايير الاتصالات الأوروبي في العام 1995 ويتم استخدامه حالياً في مختلف أنحاء العالم عن طريق شبكات اتصالات تعمل إلى جانب شبكات الاتصالات الوطنية.
    الوصف.
    تستخدم أجهزة التترا تقنية تي دي إم ايه (TDMA) التي تعطي أربع قنوات للمستخدم على حامل ترددي واحد وذلك بوجود فراغ يبلغ 25 كيلوهرتز بين كل حامل. ويتم استخدامها في الاتصالات من نقطة إلى أخرى أو من نقطة إلى عدة نقاط بالإضافة إلى نقل البيانات بسرعات منخفضة.
    استخدام التيترا في العالم العربي
    في سورية يتم استخدام شبكة وأجهزة التترا من قبل الأجهزة الأمنية والجيش وأفراد مختارين من الشرطة ضمن شبكة واحدة تغطي معظم الأراضي السورية. التجهيزات الثابتة والمحمولة هي من نوع سيليكس.
    في الأردن يتم استخدام أجهزة التترا من قبل قوات الدرك وهي من نوع موتورولا
    – عن الويكيبيديا –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية