كثير من المختصين يركزون في مقاربتهم لاهتمام «تنظيم الدولة» بمد نفوذه إلى السعودية في جوانب تتعلق بالرمزية الدينية، والصراع الذي أصبح وجوديا بين التيارات السلفية المقربة من الحكم كالجامية والسلفية العلمية، وبين الجهادية المعادية لهم.رغم أن جل هذه الانقسامات سياسية، تتمحور حول الموقف من الحاكم ومشروعية الثورة عليه، وليس حول المرجعية الفقهية الشرعية المتقاربة في اعتماد فهم السلف الصالح واعمالهم.
وقد يناقش البعض الأمر من باب النزاع حول شرعية التمثيل للوهابية الاولى، التي يرى انصار «تنظيم الدولة» أنفسهم معبرين عن نسختها الاصلية «النقية» حسب تصورهم، قبل أن تتيه بدهاليز الحكم وتدجن بتحالفات السلطة. هذه قد تكون مناحي جزئية للنزاع، ولعلها محور اهتمام منظري السلفية المقربين من «القاعدة» وبعض الشرعيين الجهاديين، أكثر من قادة هذه التنظيمات التي تريد بناء كيان سياسي، لأن مشروع إقامة كيان أو دولة، كما يراه الجهاديون الحركيون، لا يكفيه التمايز العقدي أو الفكرة المجردة، بل يحتاج لأداء سياسي وإداري يراعي الضوابط الشرعية والعقائدية، مع اعتبارات واقع الزمان والمكان وكل منطقة، بناء على تكوينها الاجتماعي، بتوازناته المحلية المتنوعة كالقبلية وغيرها.. وهو ما يلاحظ غيابه لدى الحركات الجهادية في العقدين الاخيرين، حيث تراجع دور أصحاب المراس السياسي والتجربة الحركية (المنضبطين عقديا)، لصالح قيادات فقيرة المراس، بعضهم يمتلكون دراية شرعية او تمرسا فقهيا بعيدا عن العمل السياسي، هي ما سمحت به الأنظمة في العقود الماضية كالعبادات والاحوال الشخصية، وكل ما لا يمس سياسات الدول وادارة المجتمع. ومن هذا المنطلق فإن هناك حيثيات إضافية يجب أخذها بعين الاعتبار لمحاولة فهم كيف ينظر «تنظيم الدولة» إلى الساحات التي يحاول مد نفوذه فيها، كالسعودية وسيناء، حيثيات تضاف لقائمة من عوامل العداء والتأزم رسخت منذ تأسيس «القاعدة وزعيمها بن لادن بأدبيات حركته التي طالما ركزت على «إخراج المشركين من جزيرة العرب»، ولأن هذا المبحث يركز على الاحداث الجارية، فان النقاط ستكون موجزة، واعتمادا على ما يتداوله الجهاديون المقربون من «تنظيم الدولة» في نقاشاتهم وطروحاتهم..
فبالنظر إلى أن كيان «تنظيم الدولة» قام على بناء وربط كتلة سنية بالقوة، من العراق وسوريا، فإن هذا المشروع العابر للحدود الوطنية الحالية، يعتبر الانظمة العربية وحلفاءها من الفصائل والقوى التي تحمي تلك الحدود أمنيا وفكريا «عدوا قريبا».. وهو ما يختلف مثلا عن «النصرة»، التي تكاد تعلن اكتفاءها بساحة سوريا بحدودها الحالية كمجال نشاطها الجهادي، رافضة أو مؤجلة، كما يقول مؤيدوها فكرة التمدد، في قبول على مضض لاحد شروط المنظومة الدولية، وهو عدم الصدام بالحدود وكياناتها القطرية المدعومة غربيا.
من ناحية أخرى فإن «تنظيم الدولة» يقدم نفسه كمدافع عن المسلمين السنة، أمام هجمة استحواذ يشنها حلف مدعم بقوة اقليمية كبرى هي ايران، بما تعنيه من ثقل ديمغرافي واقتصادي وسياسي الخ، لذلك فإن أي كيانات صغيرة أو محلية للعرب السنة ستبقى غير مؤهلة لمواجهة حلف ايران بالمشرق، بدون كيان عابر لحدود سوريا والعراق، كيان يوحد وينظم الكتلة التي تخوض الصراع (وإن اضطر لفرض هذا الوحدة قسريا وبسيف التغلب الدموي كما حصل) ولاحقا وبناء على هذا الكيان الـ»سوراقي» كما كان يسميه القوميون، فإنه ليس سوى قاعدة مرحلية لا اكثر، فهو سيبقى غير قادر تماما على المواجهة الناجزة بدون ظهير وعمق يعادل ثقل إيران، ولا يوجد سوى تركيا والسعودية كتكتلات سنية قادرة على موازنة ايران وترجيح كفة سنة العراق وسوريا أمام إيران وحلفها، بدون ذلك ستبقى مراكز السيادة الاساسية في المشرق العربي تحت الهيمنة الايرانية، فعلى الصعيد الميداني المباشر مثلا فإن اي تقدم للفصائل السنية سيبقى في الارياف والقرى فقط، وخارج مراكز السيادة بالمدن الكبرى، وبالذات بغداد ودمشق، مقياس التوازنات النهائية، وهما بظل التوازنات الحالية ستبقيان بيد ايران وحلفها، ما دامت الرياض والجزيرة العربية، وهي الظهير الاقليمي لسنة العراق وسوريا، لا تضع ثقلها الكافي المؤطر في منظومة موحدة حقيقية للعرب السنة في المشرق. وإضافة إلى المكانة الدينية للجزيرة العربية، التي هي العمق الاستراتيجي التاريخي للعرب السنة، فإن جهاديي «تنظيم الدولة» وقادتهم الحركيين الساعين للتمدد والهيمنة، يدركون أن الجزيرة هي الخزان البشري الصلب للقبائل التي يعتمد التنظيم على مناطقها شمالا بالعراق وسوريا بالمساحة الصحراوية بين بادية الانبار وبادية الشام. وعلى مستوى قصير، وفيما يتعلق بالحلف الدولي ضد الارهاب، فيرى بعض الحركيين الجهاديين أن المنظومة الحاكمة العربية الموالية للغرب هي نقطة ارتكاز التحالف العالمي في الحرب على الجهادية العالمية، لذلك فإن إسقاطها سيطيح بهذا التحالف ضدهم، وبالتأكيد فإن زعزعة مركز ثقل المنظومة الاقليمية سيدفع الغرب لسحب يده من المنطقة وتجميد حملته العسكرية الشرسة ضد التنظيم، لانه لن يكون بالامكان توجيه خطط التحالف لمساحات تزداد توسعا في عدة بلدان مرة واحدة، كما أن بعض الجهاديين المقربين من التنظيم يعتقدون أن استمرارية التحالف الدولي ستكون موضع شك من غير وجود حلفاء محليين برعاية الدول العربية، يتولون الحشد الاعلامي واللوجستي ودعم وتدريب القوات البرية من فصائل معادية للجهاديين بالعراق وسوريا. وبعيدا عن نظرة الجهاديين الطامحة لساحات المنطقة العربية، فإنه من الواضح أن تنظيماتهم تتعرض لضغط منسق سيجبرها على التراجع والانكفاء ولو مؤقتا، لكن من الواضح ايضا أن المنطقة العربية بالذات مقبلة على تغيرات جذرية وعاصفة إذا لم يتم تدارك هذا الانحدار الهائل للعرب السنة، الذي مكن إيران من الهيمنة على معظم عواصم القرار في المشرق العربي، وما دامت الحكومات العربية الكبرى عاجزة عن التصدي، فإن عواصف التغيير العنيفة ستطالها عاجلا أم آجلا، حينها قد يتصدر الجهاديون المشهد الجديد وسط ركام شرق اوسطي كاحجار الدينمو المبعثرة.
٭ كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
وائل عصام
هذا عشم ابليس بالجنة يا سيدي !!!
” لكن من الواضح ايضا أن المنطقة العربية بالذات مقبلة على تغيرات جذرية وعاصفة إذا لم يتم تدارك هذا الانحدار الهائل للعرب السنة، الذي مكن إيران من الهيمنة على معظم عواصم القرار في المشرق العربي، وما دامت الحكومات العربية الكبرى عاجزة عن التصدي، فإن عواصف التغيير العنيفة ستطالها عاجلا أم آجلا، حينها قد يتصدر الجهاديون المشهد الجديد وسط ركام شرق اوسطي كاحجار الدينمو المبعثرة.” أهـ
هذا التحليل صحيحا بشرط ألا يكون هؤلاء الجهاديين من داعش
ألا ترى يا أستاذ وائل بأن داعش لا تفجر بإيران ؟
الكروي داود يقول :
إرتقبوا الإنفجار السني على حكامهم المتخالين أولاً
ثم على من أذلهم من الصفويين وأذنابهم
ثم على الصهاينة وأسيادهم
ولا حول ولا قوة الا بالله
* داعش والبغدادي : الى زوال ان شاء الله .
سلام
أستاذ وائل عصام :
كان من الضروري أن تتبع سؤالك بسؤالين أخرين هما:
1- لماذا لم تفجر داعش أيضا في طهران وموسكو ؟؟؟
2- لماذا تستشرس داعش في مقاتلة ثوار سوريا وتسلم مناطقها للنظام بسهولة ؟؟؟؟ الجواب بسيط جدا مليشيات داعش هي رديف مليشيات الدفاع وصقور الصحراء
– داعش صُنعت في الغرف المظلمة ، هذه حقيقة ، والمؤامرة على الأمة حقيقة لا مجال لإنكارها ، ومن يريد إنكار المؤامرة فسيبقى تائهاً في التحليل
– السعودية وتركيا أول الدول المستهدفة ، كونهما أكبر تكتلات الدول الإسلامية السنية – باعتبار السنة هي الإسلام وهي الأمة – .
– أعجبني كثيراً كتاباً صدر للكاتب اللبناني المسيحي نبيل خليفة ، بعنوان طويل ، سأرجع له الآن
تحليل جيدجدا فايران أصبحت وبعد 1400 من اظمحلال الإمبراطورية الفارسية تسيطر على كل بلاد المشرق العربي من خلال سياسة فرق تسد بين العرب والمسلمين وسياسة الإرهاب والقتل المنظم والتي تمارس من قبل ميليشياتها الطائفية في المنطقة