في «لورانس العرب»، 1962، شريط ديفيد لين الشهير؛ ولكن، أيضاً وأصلاً، في كتاب ت. إ. لورانس «أعمدة الحكمة السبعة» الذي اعتمد عليه سيناريو الفيلم؛ ثمة ذلك المشهد الهوليودي المثير، حين ينصب الضابط البريطاني كميناً لقطار يحمل جنوداً عثمانيين، ثم يقفز من كثيب الرمل كالفهد، فيصعد فوق سطح إحدى العربات، بثوبه البدوي الأبيض وعقاله الذهبي.
بعد 100 عام على تلك الواقعة، التي شهدتها محطة حالة عمار على الحدود السعودية ـ الأردنية، أتانا نبأ العثور على فارغ الطلقة التي أطلقها لورانس العرب، يومذاك، من مسدس الـ«كولت 1911» الأوتوماتيكي، وكان الوحيد الذي يحمل هذا السلاح الفردي/ الدرّة. وأمّا المبشّر بالنبأ فهو فريق «مشروع الثورة العربية الكبرى» الأركيولوجي، التابع لجامعة بريستول البريطانية؛ والذي ينقّب، منذ 16 سنة، في مواقع مختلفة شهدت وقائع تلك الثورة.
إلى هنا والحكاية لا تتجاوز ما تنطوي عليه الكشوف الآثارية من طرافة وإثارة، غالباً، وتصحيح لهذه أو تلك من مسلّمات التاريخ؛ كأنْ يراجع البعض، خاصة كتّاب سيرة لورانس العرب، خطّ التفكير الذي يرجّح أنّ المشهد ذاك كان مثالاً صارخاً على نزوع الرجل إلى تفخيم ذاته وتضخيم دوره في تلك الثورة. ليس هذا كافياً، يساجل فيليب بوستروم في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية؛ لأنّ التثبّت من مصداقية الضابط البريطاني في هذه الواقعة، ينبغي أن ينقلب أيضاً إلى عنصر تثبيت، قاطع، لمسألة إشكالية أخرى، هي انحياز لورانس العرب إلى… المشروع الصهيوني في فلسطين!
وهكذا، تنقلب مهمة لورانس، صحبة الآثاري سير ليونارد وولي، في فلسطين وشبه جزيرة سيناء، من مهمة مسح عسكرية تجسسية صرفة، تستهدف استكشاف صحراء النقب لصالح وزارة الدفاع البريطانية، تحسباً لإمكانية توغل العثمانيين عبرها لاجتياح مصر؛ إلى بعثة توراتية تفتش عن تخوم «برّية صين»، الواردة في مستهل سفر يشوع ـ 15، الأمر الذي سيسبغ شرعية معاصرة على «حصة يهوذا» في تلك الأصقاع! أيضاً، يتابع بوستروم، ألم تكن دعوة لورانس إلى «زراعة» فلسطين بأقصى سرعة، بمثابة ترخيص للاستيطان الصهيوني؟
هذا الإفراط في التأويل، الأقرب إلى الهذيان، يعيد التذكير بذلك التحالف الوثيق بين العقيدة الصهيونية وعلم الآثار؛ أو تلك المؤسسة المتكاملة التي سعت، وتسعى، إلى البرهنة على أسبقية الحقّ اليهودي في فلسـطين التاريخية، من جانب أوّل؛ وإنكار حقّ الفلسطينيين فيها، من جانب ثانٍ مرتبط بالأوّل أيضاً. وليس دون مغزى خاصّ أنّ التنقيب عن الآثار هو الهواية التي اشــــترك فيها معــــظم جنرالات الـــــدولة العبرية (إيغال يادين وموشـــــيه دايان أبرز الأمثلة)؛ وأنّ عالِم الآثار يؤدّي، في باطن الأرض، الواجب ذاته الذي يؤدّيه المحارب على سطحها.
ذلك لا يطمس حقيقة وجود حركة أخرى مضادة، إذا جازت صفة كهذه؛ قوامها تنفيذ مراجعة عميقة وجذرية في مختلف فروع ما يُسمّى «علم الآثار التوراتي»؛ يتولاها علماء آثار إسرائيليون لا تختلف مناهجهم ومقارباتهم عن تلك التي اعتمدها «المؤرّخون الجدد» الإسرائيليون عند مراجعتهم للرواية الصهيونية (الزائفة والمزيّفة إجمالاً) عن تاريخ تأسيس الدولة العبرية. وهذه المراجعة، الآثارية، ليست بالغة التعقيد في الواقع، لأنها تنهض ببساطة على مبادئ العمل التالية: البحث هو البحث؛ والدليل المادي شيء، والأسطورة شيء آخر؛ والأمم التي لا تدقّق في حقائق تاريخها ليست جديرة بحياة راسخة، ولا طويلة. والآثاريون هؤلاء سئموا طمس، وردم وهدم وتشويه واستبعاد، الدليل المادّي (المستند إلى الحجر والرُقيم والمحفور) لصالح إعلاء الحكاية التاريخية كما يسردها النصّ التوراتي وحده. وهم يقولون ما يبعث القشعريرة في أوصال ملايين اليهود، المؤمنين بالوثوق التامّ والنهائي والمطلق للرواية التوراتية حول مسائل ليست في عداد الثوابت التاريخية، فحسب؛ بل هي، أيضاً، في رأس مبررات وجود الدولة العبرية ذاتها.
فماذا لو تبيّن، بالدليل العلمي القاطع، أنّ حكاية «الخروج» محض أسطورة مختلَقة، أو متخيَّلة في أفضل الأحوال؟ وأي ضربة قاصمة للوجدان الجَمْعي الإسرائيلي، وما يُسمّى بـ «الهويّة الإسرائيلية»، إذا اتضح أنّ ملحمة البطولة والصمود والفداء والمقاومة هذه لم تكن أكثر من حكاية خرافية ليست أعمق أثراً، في دلالاتها التاريخية والشعورية والنَصّية والرمزية، من حكايات الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة؟
وماذا إذا كشف باطن الأرض، مثل سطحها، عن حقيقة أنّ الإسرائيليين لم يتيهوا في الصحراء، ولم يغزوا أرض كنعان، ولم يشكّلوا في أيّ يوم تلك المملـــكة المتحدة ــ والقوّة الإقليمية الجبّارة ــ التي تنسبها أسفار العهد القديم إلى داود وابنه سليمان؟
وماذا لو كانت تلك المملكة مجرّد كيان قَبَلي صغير، لم يشهد تهديم «الهيكل الأوّل»، ولا تهديم أسوار أريحا، ولا معركة أرماغيدون الشهيرة؟
وهكذا فإنّ التأويل الصهيوني لطلقة لورانس العرب يبدو، اليوم، تأكيداً جديداً على اختبار بسيط عتيق: ما دام الآثاري الإسرائيلي يحمل المعول باليد اليمنى، والتوراة باليد اليسرى؛ فليس أقلّ من أن تبرهن أفعال اليد الأولى، على مصداقية أقوال الكتاب في اليد الأخرى!
صبحي حديدي
لورانس العرب صاحب أكبر مؤامرة على الدولة العثمانية
والمصيبة هو أن العرب ساندوه بهذه المؤامرة الخسيسة!
والنتيجة هزيمة دولة المسلمين وخسارة أرض فلسطين
ولا حول ولا قوة الا بالله
تحالف العرب مع بريطانيا ضد الشقيق التركي في 1916 و حصدوا الخيبة و لم يتعظوا.
ثم تحالف بعضهم مع الشرق و بعضهم مع الغرب ضد بعضهم بعضا و حصدوا الهزيمة في 1967 و لم يتعظوا
ثم تحالفوا مع امريكا ضد الشقيق العراقي في 1991 و 2003 و حصدوا الخيبة الاكبر و لم يتعظوا.
وها نحن نراهم كادوا او فعلوا التحالف مع اسرائيل ضد حماس فمتى يتعظوا؟؟
لورانس مجرد جاسوس بريطاني تنكر كالحرباء بين العرب السذج لإثارتهم ضد الأتراك تمهيدا لإحتلال بريطانيا العظمي لدولة فلسطين ودول المنطقة , بعد الحروب المتوالية التي شنتها بريطانيا وأوربا وروسيا ضد الإمبراطورية التركية لوراثتها في إطار الحروب الإستعمارية في ذلك الحين . أما دعوة زراعة فلسطين الخضراء , فهي دعوة كاذبة , لأن أراضيها مرتفعة عن سطح البحر وغزيرة الأمطار لموقعها الجغرافي , فهل رفع هذا الدجال جبالها وأنزل الأمطار عليها ؟ . الشعب الفلسطيني موجود علي أرضة منذ عشرات الألاف من السنين , والمسح الجيولوجي كان هدفة إخفاء الأثار الموجودة علي أراضيه من الحضارات العظمي المجاورة من الشام والعراق ومصر , حيث إنتشرت معابدها حتي تركيا واليونان . لم يتم العثور علي أثر مادى بشأن الأساطير التي تشبة حكايات ألف ليلة وليلة , في منطقة تذخر بالحضارات القديمة التي مازالت أثارها تبهر العالم حتي اليوم . أما قصة الخروج , فهناك نكتة شائعة تقول أن البحر الأحمر إنشق بعد وضع عدد كبير من الحفاضات , ثم تبين أنة جرف قارى بين أفريقيا وأسيا لا قاع لة . ويتسائل البعض , كم كان عدد البشر الذين يعيشون في هذه الفترة في تلك المنطقة , ربما قبيلة من عشرات الرحل , أو التائهين في الصحراء , بحثا عن مأوى لفترة قبل إستكمال الهجرة , التي تحض عليها عقيدتهم .
المزيد عن موضوع تسخير الصهاينة وقبلهم علماء الآثار الأوروبيون لعلم الآثار في فلسطين تحديداً لأغراض سياسية كنسية او تلمودية بغرض اعادة كتابة التاريخ لتبرير الوجود الصهيوني في المنطقة, الرجاء من المهتمين الرجوع الى الكتابين التاليين:
1) Abu El-Haj, Nadia (Ed.): “Facts on the Ground: Archaeological Practice and Territorial Self-Fashioning in Israeli Society”. University of Chicago Press (2002)
2) Finkelstein, Israel: “The Bible Unearthed. Archaeology’s New Vision of Ancient Israel and the Origin of Its Sacred Texts”. The free press, a division of Simon & Schuster, Inc., 2002
مع تحياتي وتقديري للسيد صبحي حديدي
د. مازن شلبك
نحن العرب أو المسؤولين العرب مقصرين في دراسة وتدريس تاريخنا ….فاليهودية جزء من تاريخ العرب …حزقيل عراقي… وسيدنا داود من الجزيرة العربية… وسيدنا موسي مصري …وتنقل القبائل اليهودية من الجزيرة العربية الي سوريا وفلسطين ومصر لا يختلف علي تنقل القبائل العربية الاخرة إن كانت مسيحة أومسلمة … يعني أن اليهود لم يكن لهم تاريخ مميز في المنطقة …مهمانقبوا فلايجدوا شئ خاص بهم ..
لذلك وجودة دولة يهودية ودولة مسلمة ودلة مسيحة هو تفتيت للشرق وللتاريخه الواحد المشترك بين القبائل والاديان
أما عن الفليم فرغم التزيف الصهيوني فأن الفليم قمة في التمثيل والتصوير فيلم جميل
إذا صحَّ أنّ عالِم الآثار يؤدّي في باطن الأرض الواجب ذاته الذي يؤدّيه المحارب «المغوار» على سطحها، فما على الأول سوى أن يرجع إلى تلك المقارنة التي أجراها فرويد بين الغاية من علم النفس والغاية من علم الآثار في نهاية المطاف – وكان المثل الأعلى في مجالات هذا العلم الأخير عالم الآثار هاينريك شليمان Heinrich Schlimann، يومئذٍ. بيد أن السؤال المحوري، من هذا الخصوص، ليس فقط: ماذا لو تبيّن، بالدليل العلمي القاطع، أنّ حكاية «الخروج» محض أسطورة مختلَقة، أو متخيَّلة في أفضل الأحوال؟ السؤال المحوري، بل الأكثر محوريةً، كذلك هو: ماذا لو تبيَّنتْ، بالدليل العلمي القاطع، صحَّة تلك المقولة الخطيرة التي أراد الكاتب الروائي توماس مانThomas Mann أن يبثَّها للعالم من خلال روايته الهائلة «يوسف وإخوته»، تلك المقولة التي تقول إن تاريخ البشرية برمَّته قد انبثق، في الأصل، من محض أسطورة أو أساطير مختلَقة، أو متخيَّلة في أفضل الأحوال؟
هذا ما يسعى إليه المشروع الصهيوني، في حقيقة الأمر، وهذا ما تسعى إليه الدوائر الإمبريالية التي تدعم هذا المشروع في الغرب «الديقراطي»: طمس معالم التاريخ العربي طمسًا متعمَّدًا، من طرفٍ، واختلاق أو تخيُّل معالم تاريخ عبري بديل لكي تحل محلَّها، من طرفٍ آخر. هذا ما يسعى إليه المشروع الصهيوني عن طريق اتباع سياسة «وضع اللائمة على الضحية»، بكل صفاقةٍ وعُنْجُهية – وهي سياسة تحوَّلتْ بامتيازٍ، على مرِّ الزمن، إلى وسيلة استعماريةٍ وضيعةٍ لاستجداء الأقوى والأكثر تحضُّرًا على حساب المُنْهَك والمُنْتَهَك من كلِّ الجهات.
وكما قلتُ في موضعٍ آخر، غير أن شرائحَ لافتةً من العرب والمسلمين أنفسِهم تستحقُّ اللَّومَ كلَّهُ كذلك، ولا ريب. فكم من هؤلاء من شوَّهوا صورة الإسلام وما زالوا يشوِهونها عن درايةٍ أو عن غير درايةٍ، في الداخل والخارج، على حدٍّ سواء؟ وكم من هؤلاء من تآمروا على بعضهم البعض وما زالوا يتآمرون دون حسٍّ أو ضميرٍ إنسانيَّين سعيًا وراءَ المال والسلطة، ليس غير؟ وكم من هؤلاء من تواطؤوا مع الأجنبيِّ ضدَّ بعضهم بعضًا وما زالوا يتواطؤون بكلِّ حقارةٍ وسفالةٍ، وإلى حدِّ اغتيالِ شعوبٍ بأكملها أو محو ذاكرةٍ جمعية بأكملها؟ وكم من هؤلاء…؟ وكم من هؤلاء…؟ وكم من هؤلاء…؟ وها أنذا أتساءلُ بهذه التساؤلات الممضَّة، أيضًا، والجوابُ موجودٌ في كلٍّ منها.