بيروت ـ «القدس العربي» من سعد الياس: أحيت «مؤسسة جبران تويني» الذكرى التاسعة لاغتياله في احتفال أقيم في قصر المؤتمرات في ضبية تمت خلاله استعادة أبرز المحطات في حياة جبران تويني السياسية والصحافية على وقع أنغام الفنان ميشال فاضل بدءاً من المقالة الأولى في «النهار» العربي والدولي مروراً بـ «النهار» وصولاً إلى جبران بين التحرير والاعتداء والمنفى، فملحق «نهار الشباب» ولقاء قرنة شهوان وثورة الأرز وصولاً إلى اغتياله في 12 كانون الأول/ديسمبر 2005 إضافة إلى شهادات رفاق الدرب في النضال وأغان وطنية.
وفي المناسبة تحدثت رئيسة المؤسسة ميشيل جبران تويني إلى «القدس العربي» عن مسيرة والدها و «كيفية التضييق عليه».
وقالت «عندما استمعت إلى النائب مروان حمادة في لاهاي وحديثه عن الضغوطات السورية التي تمت على الرئيس رفيق الحريري لبيع أسهمه في جريدة «النهار» لاحظت حجم الضغوط لخنق «النهار» من خلال قطع التمويل أو قتل «النهار» وهذا ما بدأنا نفهمه بعد استهداف الصحافي سمير قصير ومن ثم جبران تويني».
■ كانوا يريدون تحويل «النهار» إلى ليل أليس كذلك؟
□ قبل يوم من اغتيال جبران وصل منشور كتب عليه «ستتحوّل النهار إلى ليل» ولذلك كتب جدي غسان تويني في اليوم التالي لاستشهاد جبران «جبران لم يمت والنهار مستمرة»، فهدفهم كان موت جبران وكان مبنى «النهار» يزعجهم ليس فقط بسبب الجريدة بل لأنها كانت مقراً للتحضير لثورة الأرز بدءاً بلقاء قرنة شهوان حيث كانوا يقصدون المبنى لإعداد اللافتات والشالات البيض والحمر.
■ كيف تتذكرين والدك عندما تكونين لوحدك، هل تتحدثين اليه؟
□ عندما أنظر إلى صورته في غرفتي أقول له دائماً شيئاً واحداً يا ليتك لم تعد من السفر… ولكنه عاد. وربما اختبر تجربة الغربة في سنة 1990 عندما كان بعيداً عن العائلة وعن مكاتب «النهار»، ولذلك كان عندما يسافر لا يمكث أكثر من أسبوعين ويعود. وأذكر أنه لدى محاولة اغتيال مي شدياق شعر بالذنب وقال لي «تأملي أننا نعيش كل شخص في بلد وباتت مي تدفع الثمن» فلم يكن يتقبّل الوضع.
■ في آخر شهادة أمام المحكمة الدولية كشف النائب مروان حمادة أنه سأل السيد حسن نصرالله إذا كان هناك دور للحزب في استهدافه فنفى، هل لديك إحساس بوجود دور للمتهمين من حزب الله في اغتيال والدك؟
□ قضية جبران لم تدخل حتى الآن في المحكمة الدولية لأنهم لم يجدوا رابطاً بين جريمة الرئيس رفيق الحريري وجريمة أبي، وكنت أتمنى أن يمثل هؤلاء المتهمون أمام العدالة ليقولوا ما لديهم، فها هو جميل السيّد عندما لم يثبت شيء في حقه خرج من السجن. وأنا أستغرب كيف لم يجد القضاء اللبناني شيئاً، وأتذكّر كيف أن القضاء الذي كان يحقق في محاولة اغتيال مروان حمادة وصل إلى مكان وتوقف التحقيق ليس بسبب إنتفاء الأدلة إنما توقف الأمر، فهل يُعقَل أنه في ظل كل هذه الاغتيالات لم يتوصل القضاة الذين أعرف مدى نزاهة قسم كبير منهم إلى خيط أو إلى أي شخص يستجوبونه؟!
■ لو كان جبران حياً كيف كان ليثور على الواقع الراهن، ونحن كنا نعرف ثورته السابقة على النظام الأمني اللبناني السوري السابق؟
□ أعتقد أن ثورته ربما كانت مختلفة، فلا يمكن لك أن تعرف بأي فكرة سيخرج، ففي كل فترة كان يخرج بشيء جديد من حركة دعم التحرير إلى ملحق «النهار» إلى مجلة «النهار» العربي والدولي إلى الجريدة إلى موقف إلى جبهة لبنانية فلقاء قرنة شهوان، فلم يكن يهدأ…
■ هل تعتقدين أن قسم جبران الذي قال فيه « نقسم بالله العظيم مسلمين ومسيحيين أن نبقى موحدين دفاعاً عن لبنان العظيم» لا يزال صالحاً في يومنا هذا حيث نرى مذهبية أكثر مما نرى طائفية»؟
□ لأننا نرى مذهبية إلى هذا الحد يجب أن يكون صالحاً حتى نتذكّر أين كنا، ولكن أعتقد ايضاً أنه علينا القول بأن نبقى موحدين مسيحيين مسيحيين ومسلمين مسلمين. إنما المؤسف أن ما نعيشه اليوم لا يشبه لبنان العظيم الذي أراده جبران، وعندما أعود إلى القسم وأتخيّل كل هؤلاء الناس في 14 آذار أقول كان يفترض أن نتطوّر وليس أن نعود إلى الوراء.
■ هل يمكن أن نرى مجدداً مشهداً كيوم 14 آذار حيث نزل مليون شخص إلى ساحة الشهداء؟
□ هكذا يجب أن يحصل لأنه إذا لم يأخذ الشعب المبادرة كما توجّه إليه جبران في التسعينات قائلاً في «نهار الشباب» «استفق وتكلّم « سنبقى مكاننا وبعد ذلك لا يمكننا لوم أحد بل علينا أن نلوم أنفسنا.
■ تحدثت في مقالتك في ذكرى جبران عن الانتقام الكبير مهما طال الوقت ألا يتعارض ذلك مع ما أعلنك جدّك الاستاذ غسان تويني في خلال المأتم عن «دعونا ندفن الحقد والثأر» ؟
□ الانتقام لاغتيال جبران عندما يتحقق ما كان يفكّر ويطالب به جبران ولم أقصد الانتقام بالثأر أو بالحرب أو بالسلاح. فالانتقام الحقيقي يكون عندما تقوم دولة فعلية وعندما يكون هناك جيش قوي وتتحقق المحاسبة.
■ كان جبران تويني من أوائل الصحافيين الذين توجهوا إلى الرئيس حافظ الأسد وقال له لسنا مرتاحين لسياستك، فلو أردت التوجّه اليوم إلى طرف سياسي لتقولي له لست مرتاحة لسياستك لمن تتوجهين؟
□ كنت أكتب ربما للسيد حسن نصرالله لأقول له إن لبنان هو الوطن الذي علينا أن نعيش فيه جميعاً، ولا يمكن لطرف أن يلغي طرفاً آخر ولا يمكن لطرف أن يُقحم آخرين في قرارات وحروب من دون العودة إلى الدولة وهم في غنى عنها. ومنذ حرب الـ 2006 إلى 7 أيار إلى الحرب في سوريا والتفجيرات التي حصلت في كل المناطق اللبنانية، ربما لأن هذا الحزب لديه أجندات محددة ولا يسأل عن أحد.
■ وهو اليوم يقاتل في سوريا ويقول لولا حربه هناك لكانت داعش في جونية وربما في الأشرفية؟
□ عندما تقرر داعش أو النصرة الدخول إلى لبنان ساعتها يقرر الجميع القتال ولكن هل نقوم بحرب استباقية ونتلقى التفجيرات؟! وأكثر ما كان يستفز جبران هو المس بسيادة لبنان.
■ الجمهورية في لبنان في خطر اليوم وسمعنا العماد ميشال عون يقول قبل انتخاب الرئيس يجب بقاء الجمهورية فكيف يكون الحفاظ على الجمهورية برأيك؟
□ المشكلة اليوم ان البعض يعتقد أنه «ماشي الحال» مع الحكومة. وهنا الخطورة من خلال محاولة تعويد الناس على عدم وجود رئيس جمهورية. وأنا أشجع وصول رئيس يمثّل ولديه كتلة نيابية وجمهور يشجّعه، فلماذا يصل رئيس مجلس نواب ورئيس حكومة يمثلان على الأرض أكثرية ولا يصل رئيس مسيحي مماثل؟.