يتحدث الكل عن جموع اللاجئين المتقاطرين على القارة العجوز من الشرق الأوسط المصبوغ بلون الدم: سوريا والعراق وأفغانستان. كتبت الصحف في تحليل العوامل والأسباب ونقلت التلفزيونات صور الأخبار، تقاطر العشرات لأخذ القطارات المتجهة شمالا وغربا نحو قلب أوروبا وفتحت نقاشات عامة في أكثر من بلد حول اللاجئين وكيفية التعامل معهم.
لكن القلائل من الإعلاميين – خصوصاً في وسائل الإعلام العربية – ذهبوا إلى حيث نقطة الوصول إلى البر الأوروبي، والأقل منهم نقلوا لنا صوت وصورة وأنفاس وجوع وعطش هؤلاء البشر المساكين بعد أن تحولوا إلى ضحايا لمأساة بمقاييس عبثية تتجاوز كل حدود الصدمة.
القناة الثالثة في تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أخذتنا إلى هناك. المذيعة المتحمسة دوماً للإستقصاء – ستيسي دوولي – سافرت مع الكاميرا إلى حيث لم يجرؤ الآخرون وقدمت لنا وثائقياً صادماً في ثلاثين دقيقة عن الأطفال المهاجرين، الذين لا يفهمون كيف إنتهوا إلى كل هذا الخوف والبرد والجوع والموت في رحلة هروب تليق بأسطورة مأساة إغريقية «لقد كانت توقعاتي أقل بكثير من حجم المأساة الفعلي» تعلق المذيعة ستيسي بعد عودتها من اليونان، حيث سجلت برنامجها عن «الأطفال في خط الهجرة نحو الشمال» والذي عرض في إبريل الماضي وما زال متوفرا حتى الآن.
هل يوقظ التوثيق النائمين؟
البداية كانت من ليسبوس، نقطة الوصول الأهم للقادمين من تركيا إلى البر اليوناني عبر البحر. هنا كان يسمح فقط للقادمين من سوريا والعراق وأفغانستان بمتابعة رحلتهم شمالاً إلى حدود اليونان مع أوروبا، ولكن كيف يمكن التفريق بين الآلاف المؤلفة من اليائسين الذين أغلبهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية، وإن حملوها فأغلبها مزور. عشرات الواصلين تحملهم الأوقات والأزمان في قوارب متهالكة، الأطفال بينهم ينزلون إلى البر مبتلين بالخوف وجوههم زرقاء من البرد الأعمى، يرتجفون ويصابون بالفزع من رحلة الرقص مع الموت عبر البحر. هنا فقط تصلب الإنسانية وتتشظى السياسة ويجلد الصامتون قولا وفعلا وتوثيقا، لعل توثيق الفاجعة يوقظ النائمين.
الورد المتفحم
قالت لنا ستيسي إن اللاجئين أخبروها عن الأطفال المهاجرين الذين يغرقون خلال الرحلة، أو يغرق أحد والديهم أو إخوتهم وهكذا يصلون إلى البر في حالة لا يمكن وصفها. تراجيديا تفوق القدرة على التصديق، حيث مقبرة الغارقين في ليسبوس، هنا حتى الشواهد غير مكتملة. أطفالٌ في عمر الورد المتفحم وأحياناً أخوة دفنوا معاً في قبر واحد، يدفنون كأرقام، بأعمار مقدرة.
أغلقت السلطات، تقول ستيسي، بعد سفرها عبر اليونان لتتابع تنقل اللاجئين – الحدود أمام الأفغان المتجهين إلى مقدونيا، إذ يبدو أن الأوروبيين يميلون إلى الإعتقاد بأن معظمهم لاجئون إقتصاديون: أي باحثين عن فرص أفضل للكسب والرزق في أوروبا من بلادهم الفقيرة.
هنا قابلت ستيسي سيد وعائلته، الذي يعمل ممثلاً والمتورط في أعمال درامية أفغانية تدعو إلى حرية المرأة، الأمر الذي أدى به إلى استلام تهديدات من متعصبين في حركة طالبان المتشددة بإحراقه وعائلته أحياء.
يقول سيد إنه هرب بزوجته وأولاده الثلاثة، بمن فيهم إبنه المعوق بحثاً عن النجاة. يصف لحظات الرعب التي عاشها عندما سقط أحد الأطفال المسافرين على متن المركب ذاته في البحر وغرق وكيف أنه تشبث بأطفاله وروحه تكاد تفارقه من الوجل. هل القصة قابلة للتصديق أم أنها كلاشيه آخر يرميه علينا متفتح أفغاني باحث عن حياة واعدة في أوروبا وهو لذلك يروي قصصاً يريد أن يسمعها الأوروبيون؟
الشرود والإندهاش والرعب الظاهر الذي يلتهم وجوههم جميعا هو الواقع الملتصق بالرواية.
المجموعة التي تابعتها ستيسي – حوالي مئة عائلة سورية – كانت تتحدث عن التحرك في تظاهرات وربما إضراب عن الطعام للضغط على السلطات كي تسمح لهم بمتابعة الرحلة شمالاً. لم تعد لديهم مدخرات ينفقونها ولا طعام كاف وكثيرون أصيبوا بالأمراض. لكن المزيد من اللاجئين كانوا يتدفقون على المنطقة في كل لحظة ومع جمهور المنتظرين الذين قدرتهم ستيسي بداية بسبعة الآف، صار عددهم خلال أيام قليلة أكثر من إثني عشر ألفاً.
هذا العالم مرعب
بعض اللاجئين كانوا أطفالاً دون الخامسة عشرة يسافرون بمفردهم لإعتقاد سائد بأن الحكومات الأوروبية أكثر تسامحاً مع المهاجرين الأطفال مقارنة بتعاملها مع البالغين. هل يحق لهؤلاء اللاجئين أن يغضبوا؟ أليس من حق أوروبا أن تستقبل من يقدر أن يثبت حالته فقط خوفاً من تسرب إرهابيين محتملين بينهم – وهذا ليس بالأمر السهل أبداً، أم أن أوروبا كانت شريكة في كل أعمال العنف في العراق وسوريا وأفغانستان، وبالتالي عليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هؤلاء البائسين الذين فقدوا أي أمل بغد أفضل؟
بالطبع فإن الإتفاق الجديد بين الإتحاد الأوروبي وتركيا على إعادة اللاجئين إليها يعني بالضرورة أن عشرات الآلاف ستنتهي رحلتهم الأسطورية إلى اللا شيء: تقديم طلبات لجوء في تركيا – و إنتظار مترافق بجوع كبير، لكن دون أمل عملياً بقبول طلب الهجرة – أو العودة من حيث أتوا وهي خيارات أحلاها مرّ بالنسبة لمعظمهم. لا نعرف تماماً كيف ستتعامل القارة العجوز – على المدى الطويل – مع هذه الأزمة الإنسانية الموجعة، لكن الأكيد أن الإعلام العربي غائب أو مغيب عن مأساة هؤلاء البشر المساكين الذين دُفعوا بوعي أو بلا وعي إلى سلوك طريق اللجوء إلى المنافي الأوروبية والذين شاءت أقدار هذه الأمة العاثرة أن يكون أغلبهم عربا من بلاد الحضارة والتاريخ التليد.
وأنا أيضا أتساءل – ماذا لو كنّا بعض هؤلاء الأطفال، الذين أجبروا على السير في نهر الهجرة هذا المخضب بالدم: بأية عيون سنرى العالم؟
هذا العالم مرعب؟
حكي جالس في إعلام أعوج
أين سينتهي بنا هذا السقوط وإنعدام الأخلاق المهنية في شاشات صارت كالقش المنثور؟
هنا تتخاذل وهناك تتعرى وتخلط الأبيض بالأسود. المجرم الذي تحول إلى قضية رأي عام يصبح مجرد إنسان أخطأ مجبورا مدفوعا من فقره وعوزه، ولكنه «مش هيك» كما جاء على لسان عماد الريحاوي في حلقة «احكي جالس»، التي عرضت في 25 نيسان/أبريل الفائت .
عماد نادم على فعلته، 75 فتاة ضحية الإتجار بالبشر والدعارة، يبررها بأنهن كن راغبات في الدعارة مرفهات العيش، مع أن المصادر الأمنية أوضحت بعد التحقيق معهن أنه كان يأتي بهن من القوادين الذين يؤجرون الفتيات أو يضمنونهن أو يشترونهن لسنوات، مهددا إياهن بقص ألسنتهن وبقتلهن، مسترجلا أنه قد اشترى الدولة اللبنانية بمصرياته، هذا كله كما ورد في التحقيق.
هذا الحكي ليس جالسا حسب اسمه، بل مغطسا بالإعوجاج والشبهات، فكيف لجو معلوف مذيع «أل بي سي» وفريق عمله أن يفتحوا الهواء لأكثر من ثلاثين دقيقة لعماد الريحاوي المتهم الأبرز في قضية الإتجار بالبشر في (الشي- موريس) بهدف تبرئة نفسه وإعلان توبته وأنه تحت سقف القانون وأنه سوري «وحقه هلأد» بالطبع كما جاء أيضا على لسانه، ليحول محور الجريمة إلى عنصري وليس إنسانيا بامتياز .
جو معلوف، هذا المقدم الذي يبدأ حلقته «بأننا كلنا بدنا عالم جديد بدنا عالم أفضل بدنا عدالة» عن أي عالم تتكلم؟
وأنت تستهل حلقتك بالتلميح لمظلومية مجرم تاجر بأرواح النساء وأجسادهن وعوزهن فتسأل»هو إلي تآمر على البنات أم هن تآمرن عليه»؟
وعن أية عدالة تتكلم؟ عندما يستفرد مجرما بفضائك مغردا بالندم، ولم تأت بواحدة من الفتيات بهدف المصداقية والقليل من الموضوعية للمواجهة بين متهم وضحية، بل قصدت أن تسمعنا صوتا واحدا وموجة واحدة وأن تقترب كاميرة برنامجك «كلوز آب» من عيني عماد، التي تدمع كالتماسيح وتغوص في حزنهما المتورط بالدعارة وهو يردد على مسامعنا بأنه «مش هيك».
إنها ليست دعسة ناقصة فقط تهدف إلى تلميع صفحة مجرم وإلى استدرار عواطفنا، بل هي دعسة مشلولة !
كاتبة من لبنان تقيم في لندن
ندى حطيط
هناك من يبحث عن الحقيقة بأي ثمن وهناك من يعرف الحقيقة لكنه يبيعها بأي ثمن – هذا هو الفرق بين الحق والباطل
ولا حول ولا قوة الا بالله
تطعيم النوع البشري الأوروبي الذي بدأ بالإنقراض فكان لا بد من هجرة الجمال ” المفحم ” المملح بماء البحر المتعطش لنثر الجينات العربية فيما تبقى من عنصر بشري أوروبي أمر حتمي أرادته الطبيعة أن يتم.
فلما الجزع وسنة الكون تقتضي ما يراه الجميع محنة لشعوب اقتضى الدهر تحركهم من مكان إلى آخر بفعل الحروب أو بغيرها.
* لا توجد ( عدالة ) حقيقية على ارض الواقع.
كلها ( مصالح ) للأسف الشديد.
سلام
* قاتل الله كل من شارك في مأساة الشعب
السوري الأبي المنكوب .
* بارك الله في كل من ساعد المهاجرين
والمشردين من ديارهم .
سلام
* ( روسيا وامريكا وايران ) شاركوا بشكل
مباشر بدعم الطاغية والسفاح الاسد
وفقدوا المصداقية ولم يعد احد
يصدقهم .
سلام
* لكم الله يا اهلنا في سوريا وفرج عنكم.
* حسبنا الله ونعم الوكيل.
سلام
كلام لا غبار علية
على الاعلاميين العرب تغطية وتوثيق المعاناة اكثر وتاجيج الراي العام
ومن جهة اخرى توجة اللاجئين غربا فية رسالة الى الدول العربية \انها لا تصلح ان تكون بيتا لهم
يعني ياس واحباط اخلاقي
نعم انها ماساة انسانية من الدرجة الاولى\علها تهز عروش الظلام اينما وجدوا
. Hypocrisy is the disease of our time
(تطعيم النوع البشري الأوروبي الذي بدأ بالإنقراض فكان لا بد من هجرة الجمال ” المفحم ” المملح بماء البحر المتعطش لنثر الجينات العربية فيما تبقى من عنصر بشري أوروبي أمر حتمي أرادته الطبيعة أن يتم.
فلما الجزع وسنة الكون تقتضي ما يراه الجميع محنة لشعوب اقتضى الدهر تحركهم من مكان إلى آخر بفعل الحروب أو بغيرها.)
الحقيقة لا استطيع ان اتفهم هكذا منطق اي حتمية هذه التي ارادتها الطبيعة.اطفال تمزقهم الحروب وامهات فقدن البصر من كثرة البكاء وحضرتك تنتظر الجينات العربية ان تفعل دورها وتمتزج بالجينات الاوربية.الم يكن بالاحرى لهذه الجينات ان تتجه جنوبالتزيد ابناء الصحراء جمالا وفتنه
الجنوب عامل من عوامل النزوح يا هذا؟ وإن كانت لك القدرة على تغيير مسار الطبيعة فافعل. هذا من جانب وعلى قدر العقل، الخالق هو من يسير الكون وما تراه اليوم بكاء ونواح غدا ينقلب لك المشهد. أما عن الإعمار فهو سيعقب الخراب. والفرق أن عدوكم لمينهار وانتم جزعتم من أول يوم لأن طبيعة الحياة تقتضي هكذا صراع. ثم إنك لست مضطرا لتفهم ما كتبت.