قالوا إن «منى مينا» وكيلة نقابة الأطباء في مصر تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وعندما وقف الناس على أنها مسيحية، قالوا إنها زوجة لأحد قيادات الجماعة، ولا بأس ففي ظل حكم العسكر يمكن أن تشاهد العجب، وزميلتنا الراحلة نبيلة الأسيوطي اعتقلها حكم العسكر في الستينيات، وما أدراك ما الستينيات؟ وظلت سنوات عدة داخل السجن تحاول إثبات أنها مسيحية!
نبيلة الأسيوطي ماتت في عهد مبارك، وفي بداية التسعينيات بعد «أكلة فسيخ» مسممة، وفي عام لم يحتفل فيه سوى أهل الكتاب بعيد «شم النسيم»، لأنه جاء في شهر رمضان، وقد تعرض فيه المئات من القوم للتسمم من جراء ذلك، حتى لا يقال إن حكم العسكر كان قد علم أنها دخلت الإسلام، وبايعت المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين على المصحف والمسدس في السر، وأن الأجهزة الأمنية رصدت هذه البيعة في الحجرة المظلمة. وعلى كل فإن قرار الإفراج عنها في عهد عبد الناصر تأسس على أنه تبين بالفعل إنها مسيحية!
«منى مينا»، كانت قد تحدثت لجابر القرموطي، على قناة «أون تي في» في مداخلة استغرقت خمس عشرة دقيقة عن نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات. فمصر في ظل حكم العسكر صارت تنتقل من أزمة إلى أزمة ومن أزمة نقص الأدوية، إلى أزمة نقص المستلزمات الطبية، التي هي «الشاش الأبيض» و»القطن»، و»السرنجات»، و»المحاليل»، وكل ما هو دون الأدوية!
«بالطو» القرموطي
وبالرجوع للمداخلة تبين أن القرموطي بدا أنه يناقش هذه الأزمة فقد ظهر بـ «بالطو» الأطباء الأبيض، وقد دأب في الآونة الأخيرة على ارتداء زي أي طائفة يناقش قضية تتعلق بها، ولا ندري ماذا سيفعل إذا ناقش أزمة الحمل بعد سن اليأس، فهل سيعود إلى مرحلة الجنين المستكين؟!
ما علينا، فالقرموطي يجتهد في لفت الانتباه له ولبرنامجه، وربما نجح في ذلك، لأجل هذا استمر في تحميل ميزانية البرنامج ثمن هذه الملابس في كل حلقة، ومحاولاته لا تتوقف عند مسألة الزي، ولكنه يستضيف أحيانا شخصيات مثيرة للجدل، ربما لا تجد احتفاء بها في برامج أخرى، مثل «منى مينا»!
لا ينسى أهل الحكم في مصر لمنى مينا، أنها حشدت الجمعية العمومية لنقابة الأطباء ضد اقتحام مستشفى المطرية من قبل بعض رجال البوليس والاعتداء على الأطباء فيه، على نحو أثار غيرة النقابات الأخرى، فقد قتل محام في قسم شرطة المطرية تحت التعذيب، ولم يتحرك نقيب المحامين، وتعامل على أن المقتول هو محام في مدغشقر!
وقد أصاب هذا النجاح الأذرع الإعلامية للانقلاب، بلوثة عقلية، أنتجت الحديث بأنها «إخوان»، وقد يدفع بها النجاح لتطلعات أخرى ينبغي وأدها مبكراً، لاسيما وأن هناك من قالوا بترشيحها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقد كان نقيب الأطباء حاضراً في الجمعية العمومية، وهو يساري من ذات الفصيل الذي تنتمي له «مينا»، لكنه يفتقد لـ «الكاريزما» وللحضور الذي تتمتع به وكيلته في النقابة.
فكرة البديل السياسي، لم تدفع فقط جماعة السيسي لاستباحة المذكورة، والانقلاب العسكري يريد أن يؤكد للعالم أن خصمه الوحيد هم الإخوان، ولكن دفعت أيضاً جماهير الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي للهجوم عليها، ولا أستطيع أن أقول إنهم من الإخوان لأنني لم أجد أحدا من المعروفين لي بإخوانيتهم في مهمة الانقضاض عليها. ومعروف أن الثورة كشفت المستور فلم يعد أحد يقول لست اخوانياً، ولكني أحبهم في الله، وهي النغمة التي كنت عندما أسمعها يستقر في وجداني أن عازفها إخواني بايع على المنشط والمكره.
أزمة الثورة
جماهير الشرعية في تحركها، لا يستدعون التراث الديني من حيث التأكيد على ذكورية الموقع الرئاسي، ووجوب أن يكون مسلماً، ولكنهم يأخذون على «مينا» يساريتها، وقد كان اليسار مع الانقلاب العسكري، وهي لم تتحرك لقتل العشرات من الأطباء وسجنهم لأنهم من الإخوان، ولأنها يسارية فلا بد أن تكون قد أيدت مجازر عبد الفتاح السيسي، أو على الأقل لم تنكرها. والثورة صارت محاصرة بين دعايتين، فخصوم الإخوان يقولون: باعونا في محمد محمود. ليبررون انحيازهم لمن قتل الناس في محمد محمود. وأنصار الشرعية يتهمون غيرهم ببيعهم في يوم الفض، لتحجيم أي فصيل آخر يحلم بتقديم البديل لحكم العسكر.
ما علينا، فخمس عشرة دقيقة، هي مداخلة منى مينا، لم يجد فيها إعلام عبد الفتاح السيسي سوى بضع ثوان، ذكرت فيها أنها تلقت رسالة من طبيب شاب، يؤكد أن هناك تعليمات شفهية لهم في المستشفيات باستخدام نصف المستلزمات الطبية نظراً لنقصها واستخدام السرنجة أكثر من مرة، فانتزع الأمر من سياقه وقال إعلام العسكر هي الحرب إذن!
الصحف الموالية للانقلاب، مهدت الأجواء بنسبة هذا الكلام لمنى مينا فلا ذكر لموضوع الرسالة التي وصلتها من طبيب شاب، وفي المساء والسهرة قيل «يا داهية دقي»، فقد بدا واضحاً أنه تم اتخاذ قرار بتصفية منى مينا معنوياً، وتم الحديث عن أن ما قالته يمثل خطراً على الأمن القومي المصري، وكاد أحمد موسى يتهمها في وطنيتها، ويوجه لها الاتهام بالخيانة العظمى، وعندما يأتي الحديث عن الوطن والوطنية فإن الأمر لا يكتمل إلا باستدعاء قطر!
عفريت تلبس القوم اسمه قطر، يقومون ويستيقظون على قطر، وهي حرب بالوكالة منذ زمن مبارك، واستمرت إلى الآن مع اختلاف الكفيل والراعي الرسمي لهذه الحرب، وإن كان يحدث أحيانا أن يتوقف تحريض الراعي، لكن يكون من في المراعي قد تماهى مع الموقف وظن فعلاً أنه يتصدى لأعداء مصر!
في معرض الحديث عن المؤامرة، التي تقودها منى مينا ضد الأمن القومي المصري، ولإثبات أن الحديث عن أن قناة «الجزيرة» القطرية احتفت بما قالته، فلم نسمع صوت مذيع، ولم نر فيديو لبرنامج على المحطة المذكورة، وإنما مجرد مدونة تحمل اسم «الجزيرة مصر»، وهي لا صلة لها بقناة «الجزيرة» البتة، وقد نشر كثيرون يحذرون من هذا الانتحال، وإذا كان من الطبيعي أن يختلط الأمر على واحد من عوام الناس، فهل يجوز هذا لبرنامج فيه مقدم، وطاقم إعداد؟ هل هو الغرض الذي ورد في الأثر أنه مرض، أم الجهل ممن سبق له أن عرض لعبة «بلاي ستيشن» على أنها الضربات الجوية لروسيا على «داعش» في سورية، وظل أكثر من ربع ساعة يتغزل في القوة الروسية، فروسيا، حسب وصفه، لا تمزح، وستقضي على كل الإرهابيين في سورية، مؤكداً أن «داعش» صناعة أمريكية. ولا تنسى أن إعلام السيسي كان يقدمه على أنه عدو لأمريكا، والآن تحولت واشنطن إلى صديقة بنجاح ترامب وإعلانه أن عبد الفتاح السيسي مثله الأعلى في الحياة وبعد الممات، كما جاء في أحد البرامج بقناة «النهار» بتصرف!
كان صاحبنا يعلق على هذه الألعاب منتشياً، كما «كابتن لطيف» في فيلم «غريب في بيتي» معلقاً على المباراة التي يخوضها نجم الملاعب «شحاتة أبو كف»، الذي قام بدوره الفنان نور الشريف. ومع وجود طاقم الإعداد، فلم ينتبه أحد إلى هذه الخدعة التي لم تنطل على جماهير مواقع التواصل الاجتماعي فكانت ليلة ليلاء، تماماً كما كانت ليلة منى مينا ليلاء، وصلت إلى حد اتهامها بالتنسيق مع قطر التي اهتمت بتصريح استخدام «السرنجة» أكثر من مرة، مع أن قناة «فرانس 24» اهتمت بالأمر ونشر موقعها الإلكتروني عن نقص المستلزمات الطبية في مصر، ومر الأمر بشكل طبيعي فلم يتم توجيه الاتهام لفرنسا بمحاولة تدمير الأمن القومي المصري بالاتفاق مع منى مينا، والرئيس الفرنسي بفضل عبد الفتاح السيسي تحول إلى سمسار سلاح، كلما سمع عن مساعدة مالية متجهة للقاهرة من الخارج أبرم صفقة توريد أسلحة إلى مصر، وإلى حد الإعلان في باريس أن السيسي أنقذ فرنسا من أزمة مالية طاحنة!
تدمير السياحة العلاجية
مما قاله أحمد موسى فأضحك الثكالى، أن منى مينا تدمر السياحة العلاجية لمصر، فكثير من الأجانب يأتي إليها للـعلاج.. فمتى حدث هذا؟ وكم عدد الأجانب الذين جاءوا للمحروسة للعلاج؟ وما هي النجاحات الطبية التي حققها القطاع الطبي تدفع بالأجانب للقدوم إليها للعلاج، وهل يعالجون في مستشفى الدمرداش العام أم في مستشفى جهينة المركزي؟!
لقد تركوا الأصل، وأمسكوا في الفرع، تركوا نقص المستلزمات الطبية، وأمسكوا في الاستخدام المتكرر للسرنجة. والجريمة التي حدثت في عهد الانقلاب العسكري برئاسة «الفك المفترس» و»ديك البرابر» و»فراخ اليوم» برأي المبدع «عطوة كنانة»، من نقص للمستلزمات دفع المستشفيات الكبرى مثل مستشفى أسيوط الجامعي إلى رفض استقبال المرضى، على النحو الذي ذكرته منى مينا، ولم يكذبها أحد، كما اعتذرت مستشفيات ومراكز صحية عن استقبال مرضى الغسيل الكلوي للسبب ذاته، وأعلن أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين لبرنامج «صباحك عندنا» على قناة «المحور» عن نقص (150) نوعاً من الدواء في الأسواق المصرية بسب أزمة الدولار !
وبدت المؤامرة لم تتغير، فيجري افتعال الأزمات ثم يبرز الجيش كمنقذ ومستفيد، فقد زف وزير الصحة في برنامج «يحدث في مصر» على قناة «أم بي سي مصر» أن وزارة الصحة وقعت اتفاقية مع وزارة الدفاع لسد احتياجات مصر من المستلزمات الطبية، وهذا بيت القصيد!
فليلة منى مينا الليلاء، فضلاً عن أنها تستهدف وقف نموها السياسي، فإنها تأتي للتغطية على أسباب الأزمة فقد كان افتعالها لتسليم المهمة للشقيقة الكبرى وزارة الدفاع !
فيلم هابط وقديم، ولم يكن آخر مشهد فيه أزمة ألبان الأطفال والسكر، حيث تم رفع السعر أضعافاً مضاعفة ثم ينزل المنقذ، صاحب القلب الكبير!
اقتلوا منى مينا، إذن أو أطرحوها أرضا!
صحافي من مصر
سليم عزوز
يا محمد يا صلاح مفيش فايده من الكلام اﻻخوانجى لا يتغير الا بطلوع الروح تحيا مصر تلات مرات مش اربعه