القاهرة ـ «القدس العربي»: الاهتمام الغالب للمصريين تركز على مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم لبطولة أفريقيا، ولم تتبق أمامه إلا مباراته مع منتخب بوركينا فاسو. وهو ما وجدته الحكومة فرصة لا تعوض لإصدار قرارات بزيادة أسعار السكر والزيت والسمن على بطاقات التموين.
أما الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 1 فبراير/شباط فقد اهتمت بعودة الرئيس عبد الفتاح السيسي من أديس أبابا، حيث حضر مؤتمر القمة الأفريقي. ومن الأخبار الأخرى التي اهتمت بها صحف أمس فكانت عن جهود الدولة في مكافحة الفساد ونجاحها في تحقيق نتائج ملموسة. وكذلك استمرار المعارك والخلافات بين علماء الدين بسبب دعوة السيسي ضرورة توثيق الطلاق أمام المأذون، وهو ما أيده البعض من علماء الدين، وعلى رأسهم المفتي الدكتور شوقي علام، بينما رفضه علماء دين آخرون وأصروا على أن الطلاق القولي يقع وصحيح، ويجب عدم تغييره. كما حدث اهتمام أيضا بطلب مجلس النواب شراء سيارات مصفحة جديدة، في الوقت الذي توجد لديه سيارات أخرى، وكذلك قضية طلب رفع مرتبات الوزراء، في وقت ترفض فيه الحكومة زيادة مرتبات الموظفين. وإلى ما عندنا..
الرئيس ومصر الفقيرة
نبدأ بردود الأفعال على ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب، «أحنا فقرا أوي» فعلق عليها مستشار جريدة «الوطن» وأستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود خليل قائلا: «كان واضحاً من سياق حديث الرئيس خلال المؤتمر الدوري للشباب في أسوان الذي وردت فيه جملة «إحنا فقرا أوي» أن المقصود بالفقر هنا «الفقر الاقتصادي». تقديري أن هذا الخطاب كان موجهاً للجميع، وأولى بالاستماع إليه وتأمله السادة المسؤولون عن البلاد في المواقع المختلفة، لأن الكثير من المواطنين أصبحوا يعانون من ضغوط معيشية كبيرة بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في إطار ما أطلقت عليه «برنامج الإصلاح الاقتصادي»، وبالتالي فهم فقراء أصلاء، والجملة تقرر واقع الحال الناتج عن المشكلات الاقتصادية التي نمر بها. أولى بالمسؤولين أن يلتفتوا إلى الجملة الرئاسية ويضعوها نصب أعينهم وهم يتخذون قرارات تتصادم مع مدلولها وما تحمله من معانٍ، وفؤ الوقت نفسه تستفز الشعب «الفقير أوي». إحنا فقرا جداً فهل يليق أن يخصص مجلس النواب اعتماداً إضافياً للعام المالي 2015/ 2016 لتوفير 22 مليون جنيه لشراء 3 سيارات جديدة بقيمة 18 مليون جنيه، ودفع مقدمات لـ17 سيارة أخرى بينها 2 ميكروباص، بقيمة 4 ملايين جنيه؟ طبعاً هذه السيارات دُفع ثمنها بالدولار والأقساط المتبقية على بعضها ستدفع بالدولار، يحدث ذلك في وقت تعاني فيه الدولة من نقص في العملة الأجنبية، وارتفاع غير مسبوق في أسعارها، بعد قرار الحكومة تعويم الجنيه «إحنا فقرا جداً» فهل يليق أن تتقدم الحكومة إلى البرلمان بقانون لزيادة مرتبات ومعاشات رئيس مجلس الوزراء ونواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء ونواب الوزراء والمحافظين ونواب المحافظين؟».
السيسي والأشهر الستة
وإذا انتقلنا إلى مجلة «المصور» التي تصدر كل أربعاء عن مؤسسة دار الهلال سنجد رئيس مجلس إدارتها وتحريرها غالي محمد يوجه انتقادات للرئيس في مقال عنوانه «مصر الفقيرة والأشهر الستة» قال فيه: «وبينما جاءت دعوة الرئيس في المؤتمر الثاني للشباب، الذي عقد في أسوان، فإن الغالبية من المصريين يتساءلون ولماذا حدد الرئيس فترة الصبر بستة أشهر؟ وتجاوزت الأسئلة ذلك إلى ما إذا كان سيحدث تحسن اقتصادي بعد الأشهر الستة، وهل ستنخفض الأسعار ويحدث انفراج في توفير فرص العمل، حيث من المنتظر أن تظهر ثمار المشروعات القومية التي ينفذها الرئيس؟ وليكن معلوما أن الأشهر الستة التي حددها الرئيس سوف تنتهي مع نهاية العام الثالث من فترة حكم الرئيس السيسي، وبداية السنة الرابعة والأخيرة من هذه الفترة الرئاسية، فهل هذا يعني أن السنة الرابعة من حكم الرئيس السيسي وقبل انتخابات فترة الرئاسة الثانية سوف تكون أحسن حالا بالنسبة للمصريين وينخفض الدولار وتتراجع الأسعار؟ المهم أن المصريين يتساءلون، ولم تحاول الحكومة الإجابة عن هذا السؤال، لماذا حدد الرئيس فترة الصبر المقبلة بستة أشهر، علما بأنهم تحملوا أكثر من ذلك في الفترة الأخيرة، وبالتحديد بعد تعويم سعر الجنيه. وبينما يتساءل المصريون عن فترة الأشهر الستة فإذا بالرئيس يقول في مؤتمر الشباب الثاني في أسوان أن مصر دولة فقيرة.. فقيرة جدا، وقد أثار هذا غضب الكثير من المصريين، ويرون أن الرئيس وهو يقود معركة كبيرة في تنفيذ المشروعات القومية أنفق عليها المليارات، فكيف تكون مصر إذن دولة فقيرة؟ بل تساءل البعض كيف يقول الرئيس مصر دولة فقيرة وسبق أن قال إنها ستكون «أد الدنيا»؟ وكيف تكون دولة فقيرة ولديها قوات مسلحة باسلة، بل وأهم قوات في المنطقة؟ بل كيف تكون مصر دولة فقيرة والرئيس يؤكد دائما أن مصر لن تركع إلا لله؟ لا يختلف أحد مع الرئيس على ضرورة أن يتحمل المصريون، ولكن السؤال ما هي حدود هذا التحمل؟ والأمر المؤكد أن الرئيس يعلم مدى تحمل المصريين، وسبق أن أشار إلى ذلك كثيرا، لكن المخاوف أن تطول فترة الأشهر الستة، واتخاذ إجراءات استثنائية أو قرارات صعبة تؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار وزيادة أعباء المعيشة على المصريين، خاصة الفقراء ومحدودي الدخل، بينما لا تقترب الحكومة من الأغنياء».
عبد الناصر سلامة: لا أقتنع أبداً بأن مصر دولة فقيرة
ثم نتجه إلى «المصري اليوم» لنكون مع عبد الناصر سلامة الذي هاجم الرئيس بطريقة غير مباشرة بقوله في عموده «سلامات»: «لا أستطيع الاقتناع أبداً بأن مصر دولة فقيرة بسواحلها البحرية والنهرية، بشمسها ودفئها بآثارها وتراثها، بثرواتها الطبيعية بثروتها البشرية، بتاريخها بعلمائها، مصر التي كانت ذات يوم تُقرض كبريات دول العالم التي كانت تستخدم العمال من القارة الأوروبية تحديداً. مصر التي كانت عملتها المحلية الأقوى عالمياً. مصر التي نشرت العلم والمعلمين في كل دول المنطقة، كل ذلك استمر طوال فترة الحكم الملكي وحتى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، بما يشير إلى أن هناك شيئاً ما خطأ شهدته مصر بعد ذلك التاريخ، وهو ما يجب أن نتوقف أمامه وليس التهرب منه. إذا كانت هناك حكومات لا تستطيع الإدارة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كانت هناك سيطرة من غير الأكفاء على المواقع القيادية فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كانت هناك مشروعات لا تحصل على حقها من دراسات الجدوى المسبقة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كان هناك فشل ذريع في استغلال موارد الدولة وودائع مواطنيها فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كانت هناك نسبة النصف في المئة التي تستحوذ على 80٪ من الثروة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كنا أمام دولة لا تستطيع تحصيل ضرائبها كما يجب فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كان هناك نظام يستمرئ الحصول على القروض الأجنبية دون أسباب منطقية، بما رفع من حجم الديون لأرقام غير مسبوقة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كنا ننفق على مؤتمرات وهمية اقتصادية وشبابية فهذا ليس ذنب الشعب»..
معارك الإسلاميين
وإلى الإسلاميين والمعركة التي تجتذب اهتماماتهم الآن وهي مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يتم توثيق الطلاق لدى المأذون لتفادي مشكلة أطفال الشوارع ومشاكل أخرى. ونشرت مجلة «المصور» أمس الأربعاء تحقيقا لطه فرغلي أدلى فيه المفتي الدكتور الشيخ شوقي علام برأيه: «عقد الزواج وُجِدَ بيقين وذلك بحضور الأهل والمأذون والشهود والناس، وهذا العقد لا يُرفع إلا بيقين، بمعنى أنه يجب أن نتيقن أن هذا الزوج تلفظ بالطلاق قاصدًا إنهاء العلاقة الزوجية بلفظ ونية صريحين. ولذلك لا نُجيب في دار الإفتاء المصرية عن مسائل الطلاق إلا بحضور الزوج إلى الدار، للتحقق من أن هذا الزوج بالفعل قد قصد الطلاق. وفقًا للإحصاءات فإنه يعرض على دار الإفتاء ما يقرب من 3200 فتوى تقريبا في الشهر في ما يخص مسائل الطلاق، وبعد التحقيق الرصين والدقيق ننتهي إلى أن الذي يقع من هذا العدد ما يقرب من ثلاث حالات فقط نصيحة للأزواج بعدم التسرع في النطق بلفظ الطلاق، وألا تكون هذه الكلمة جارية على ألسنهم باستمرار، لأن هذه الكلمة وضعت كحل لمشكلات زوجية يصعب معها الاستمرار في الحياة الزوجية، وليس لكل المشكلات والخلافات العابرة. أما بحث مسألة الطلاق الشفهي فهو من الأهمية بمكان، ولكن بالنظر في الوضع القانوني القائم فإن قانون الأحوال الشخصية الموجود والتطبيق القضائي والإفتائي لا يساعد أبدًا على أن نقول بأن الطلاق إذا صدر من الزوج ولم يوثقه بأنه لا يقع، ولكن بعد التحقيق والتحري، إذا رأينا أن هذا الطلاق هو واقع لا محالة فنُفتي حينها بأن هذا الطلاق واقع، ونطالب السائل أن يوثقه عند المأذون، مشيرًا إلى أن القانون المصري يُلزم الزوج بتوثيق ذلك الطلاق الذي أوقعه خلال 30 يومًا وإلا وقع تحت طائلة القانون. التطبيق القضائي يقول بأن الطلاق الشفهي يقع إذا تحقق ذلك، وثبت لدى القاضي ذلك بدليل من أدلة الإثبات، فإنه يقضي بوقوع الطلاق. فنحن أمام قانون يلزم القضاء بالتحقيق في المسألة ولا يوقف وقوع الطلاق على أن يوثق لتغيير هذا الأمر. نحتاج إلى تعديل تشريعي، حيث يقوم مجلس النواب بالتحقق من المصالح والمفاسد المترتبة عن هذا الأمر وهذا يحتاج أيضًا إلى تدخل علماء الاجتماع ومراكز الأبحاث وعلماء الشريعة للإدلاء بدلوهم في هذه الظاهرة وإيجاد حلول لها. نحن في دار الإفتاء أدركنا أن أغلب حالات الطلاق خاصة في سنوات الزواج الأولى تنحصر في أن الزوجين ليسا مدركين للحقوق الزوجية التي لهما والواجبات التي عليهما، وأنهما قد لا يدركان المسؤولية الملقاه على عاتقهما، ولذا قمنا بثلاث دورات للمقبلين على الزواج، وسنبدأ في الدورة الرابعة خلال أيام، ونستعين فيها بعلماء نفس واجتماع وعلماء الشريعة وغيرهم، من أجل إعداد الأزواج والزوجات لتحمل المسؤولية، نحن نريد تغيير ثقافة العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة، فيجب أن تكون علاقة طيبة تسودها المسؤولية، وأن يؤسسان لمجتمع مصغر ينتج مجتمعًا أكبر بعد ذلك».
الطلاق القولي يقع شرعا وقضاء
أما الدكتور الشيخ أحمد كريمة الأستاذ في جامعة الأزهر فقال في تحقيق «المصور» نفسه: «في الواقع العملي فإن لجوء الزوج أو الزوجة في حالة صدور لفظ الطلاق إلى دار الإفتاء المصرية أو لجنة الإفتاء بمشيخة الأزهر الشريف أو أئمة المساجد أو وعاظ الأزهر أو أقسام الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر وفي كليات الحقوق فإن المستفتى يبحث عن مخرج لهذه الأسرة، بالسؤال عن حالة الغضب والقصد وحيض المرأة، بينما المأذون لا يبحث في هذه الأمور وهمه الرسوم والاتعاب، فأيهما أرفق بالأسرة؟ بالإضافة إلى أن معظم العاملين في مهنة المأذونين من تخصصات مدنية أو متواضعي المستوى بالنسبة للشريعة الإسلامية، وعلى ضوء ذلك فإن الطلاق القولي يقع شرعا وقضاء، أما توثيقه فعمل إداري لم يكن بديلا عن الطلاق القولي الذي شرعه الله ورسوله، تلك حدود الله فلا تعتدوها وأوجه النصح للمجترئين على أحكام الشريعة من المحسوبين على العلم وللمنظمات النسائية، أين أنتم من إعلام الزوجين بالواجبات والحقوق؟ وأين أنتم من القيم الأخلاقية الإسلامية في فقه الأسرة؟ وتريدون علمنه الأحكام الشرعية والله من ورائهم محيط».
تقنين الطلاق وتوثيقه
وردت عليه في التحقيق نفسه الدكتورة آمنة نصير الأستاذة في جامعة الأزهر وعضو مجلس النواب قائلة: «لا أعرف لماذا يغضب المشايخ الرجال من تقنين الطلاق والمطالبة بتوثيقه؟ نحن نضبط ونضع مقومات للطلاق نعم الطلاق الشفهي، ولكن نذهب للمأذون ونوثقه. والطلاق تسيب من الرجال وفي الوقت نفسه يعتقد الرجل أنه يكسر أنف زوجته حتى لا تتمرد من الفقر أو خدمة في البيت أو ضيق حال، وهو لا يدرك أن المودة والرحمة هي التي تجعل الزوجة تتحمل ضيق الحال. نريد أن نغير ثقافة تعامل الرجال مع النساء. وفوضى الطلاق لا تنتشر إلا في الأسر المصرية، ولا نراها في دول الخليج، وتطرقنا لتقنين فوضى الطلاق عندما كنت عضوا في المجلس القومي للمرأة، وعقدنا جلسات عديدة لمناقشة هذه القضية ووضعت ورقة شرعية فقهية للتعامل مع هذا الأمر، تحت عنوان «البعد النفسي والشرعي لأبناء الشقاق في بيت الطلاق»، ولا أعرف عن ماذا يدافع المشايخ وهم من أفسدوا حياتنا بفتاواهم وقصصهم، هم من أفسدوا الحياة الزوجية. وبصفتي عضوا في مجلس النواب طالبت اللجنة الدينية بضرورة إصدار تشريع قانوني لتقنين الطلاق، ووضع حد لفوضى الطلاق وأنا منتظرة وأراهن أنه لن يخرج من جعبتهم شيء لأني أعرفهم جيد».
دار الإفتاء تضع العصا في العجلة
ثم نتجه إلى «الدستور» ورئيس مجلس إدارتها وتحريرها محمد الباز، الذي دخل إلى حلبة المعركة مهاجما الأزهر والأمين العام لدار الإفتاء بقوله: «لم يوح الرئيس بكلامه إلى مجلس النواب ليشرَّع قانونًا يفرضه على الجميع، ولكنه عاد إلى أهل الاختصاص طلب من شيخ الأزهر أن يبحث في الأمر، هو ومن يعتقد أنهم أهل اجتهاد وعمل فقهي يمكنهم من الوصول إلى قانون يوائم بين متطلبات الشرع واحتياجات المجتمع، لكن يبدو أن هناك من يرفضون مجرد التفكير أو الاجتهاد، ويضعون العراقيل في طريق أي محاولة للتجديد أو التحديث، أو جعل الدين في صالح المجتمع وليس خصمًا له. ومنه عبر فيديو قصير لا تتجاوز مدته دقيقة واحدة تحدث الشيخ خالد عمران أمين الفتوى في دار الإفتاء عن الطلاق، ورد إليه سؤال عن الطلاق الشفهي فقدم فتوى قاطعة لا تقبل شكًا ولا تأويلًا، بأن المعول في الطلاق هو الطلاق الشفهي. صحيح أنه طالب الأزواج بعدم التلفظ بكلمة الطلاق، لأنها تحل عقدة النكاح، لكنه لم يحاول مجرد محاولة الاقتراب من مسألة الطلاق الشفهي ومناقشتها، وتأمل تأثيرها في المجتمع. الفتوى ليست موقعة باسم فضيلة مفتى الديار الدكتور شوقي علام، لكن يمكننا اعتبارها فتوى رسمية، لأنها تحمل اسم أمين الفتوى في الدار، وهو ما يمكن التعامل معه على أنه رأي رسمي من مؤسسة دينية رسمية، في ما طالب به الرئيس، وكأنهم يقولون له: أغلق الباب يا سيادة الرئيس فهذا هو الدين الذي نعرفه ولن نتخلى عنه. كنت أعتقد أن مشيخة الأزهر وحدها هي التي تخشبت وتيبست وتحجرت، فإذا بدار الإفتاء هي الأخرى تضع العصا في العجلة، ليتوقف أي تجديد أو تحديث للخطاب الديني. يمكن أن نعتبر ما قاله خالد عمران مجرد رأي يتحمل وحده صوابه أو خطأه، لكنه للأسف الشديد يحمل صفة رسمية «أمين الفتوى في دار الإفتاء» فهل هذا رأي دار الإفتاء النهائي؟ وهل يوافق عليه فضيلة المفتي؟ أم أن له رأيًا آخر؟ كل ما أتمناه أن أستمع لرأي فضيلة المفتي بشكل واضح لا يحتمل تأويلات أو مراوغات».
أكاديمية الأزهر لتدريب الدعاة
أما آخر معارك الإسلاميين فستكون من «اليوم السابع» في تحقيق لؤي علي جاء فيه: «علمت «اليوم السابع» أن الأزهر الشريف أرسل لرئاسة الجمهورية مذكرة استصدار قرار جمهوري في أكاديمية الأزهر لتدريب الدعاة والوعاظ وباحثي الفتوى، تم تسليمها للرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي انتظار القرار الجمهوري، قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف لـ»اليوم السابع» لقد عقدنا الكثير من الجلسات عن الأكاديمية، حضرها الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وترأسها جميعا الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وذلك بعد اللقاء الذي تم بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر، حيث طلب الرئيس أن يكون المعنى بتدريب المفتين والأئمة ودراسة إجراءات تحقيق الهدف من الأكاديمية هو الأزهر الشريف، بالتنسيق مع الجهات المعنية بالشأن الديني. وأضاف أن برنامج الأكاديمية مصمم لتدريب هؤلاء الشباب قبل ممارستهم للعمل. وبعد تنشيط ذاكرة هؤلاء الدعاة الجدد وتأهيلهم سيكون لديهم التأثير المنشود، بإذن الله. ونؤكد على أن المستهدف من هذه الأكاديمية كل من يعملون في الحقل الدعوي في مؤسسات الأزهر والأوقاف والإفتاء. ومن المنتظر أن تتكون الأكاديمية من قسمين، الأول تأهيلي: يقبل الراغبين في الالتحاق بالعمل الدعوي أو الإفتاء ممن تخرجوا في الكليات المتخصصة. والفرق بين الدراسة لهؤلاء الدارسين في الأكاديمية والدراسة الجامعية، حيث أن الدراسة في الأكاديمية ستركز على الممارسة العملية وكيفية التعامل مع المشكلات والقضايا المجتمعية، والتأكد من صلاحية الدارس فكريا ونفسيا وعلميا وجسديا من مباشرة العمل الدعوي».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات ومنها المشكلة التي تسببت فيها الحكومة ومجلس النواب بمشروع القرار المقدم بزيادة مكافآت أعضاء مجلس النواب فقال عباس الطرابيلي أمس الأربعاء في عموده «لكل المصريين» في «المصري اليوم»: «من قال أن في مصر مجلساً للبرلمان يراقب ويحاسب ويسحب الثقة، بل أقول إننا لو طرحنا سؤالاً على الناس نسألهم: هل برلمان مصر يحس به أحد، لما حصل هذا المجلس على أصوات أعضائه. هو مجلس بعيد عنا تماماً ربما يراه البعض «شيئاً» مكملاً للديكور، ولكنني أرفض حتى أن يدفع الناس ثمن الكهرباء التي يستهلكها، بل أرى مثل كل المصريين أن رواتب الأعضاء حرام لا يستحقونها، فلماذا إذن يبقى؟ دلوني على عمل إيجابي واحد أداه هذا المجلس يستحق عليه كل هذه الرواتب التي يحصل عليها. والحمد لله أن اسمه «تغير» ولم يعد اسماً أو فعلاً مجلساً للشعب فالمجلس يمضي في وادٍ بينما الناس – كل الناس – يعانون في وادى النيل، وكم من مشاكل وقضايا يعيشها الشعب بينما المجلس بمعظم أعضائه لا يحس بها وكأنه جاء من شعب آخر. وهو إن تحرك أخذ الطريق السالب دائماً، وهكذا ووسط كل هذه المعاناة التي تكاد تدمر الدولة نفسها لا نسمع عنه أو منه خبراً أو نلمس له – أو منه – عملاً، ولذلك الأفضل أن نتركه نائماً في العسل الذي يجنيه مادمنا لا نملك حتى مجرد محاسبته أو إسقاطه».
استفزاز مشاعر البسطاء
أما سحر الجعارة فقالت في «الوطن»: «مساكين أصحاب المعالي الذين يتمتعون بمزايا رئيس الوزراء، ويتحكمون في مصير البلد ويشوون لحم شعبه على نار (تعويم الجنيه وقانون القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية، هذا بخلاف رفع الدعم عن الطاقة والكهرباء) ثم يصرخون من الغلاء، ولكن بـ»شياكة» فتهرول الحكومة لتقديم قانون بزيادة رواتب ومعاشات رئيس مجلس الوزراء ونوابه وأعضاء الحكومة من الوزراء والمحافظين ونوابهم إلى «مجلس النواب» الذي لا يجد أي «استفزاز» لمشاعر البسطاء فيحيله الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس إلى لجنة مشتركة بين الخطة والموازنة والتشريعية لمناقشته. طيب أخبار معاش «تكافل وكرامة» الذي لا يتجاوز 500 جنيه وصلت إلى أين؟ المعلومات المؤكدة أنها أغلقت أبوابها في وجه المحتاجين، وماذا عن الموظفين في الأرض ممن لم يرتفع الحد الأدنى لرواتبهم إلى 1200 جنيه؟ كيف حال أصحاب المعاشات البسيطة؟ كل هذا لا يهم، المهم أن يتقاضى رئيس مجلس الوزراء 42 ألف جنيه شهرياً، فيما يتقاضى نوابه والوزراء والمحافظون 35 ألفاً، ونواب الوزراء والمحافظين 30 ألفاً بحسب المادة الأولى من القانون. ومن باب التضليل يحاول البعض تصوير رواتب الوزراء بأنها تدور بين 5 آلاف و6 آلاف جنيه، وبالتالي يجب تحصينهم من «الفساد» واللجوء للرشوة، وأيضاً على سبيل مكافأتهم على تولي المسؤولية، في وقت يعتذر فيه الجميع عن عدم تولى المناصب القيادية وهو ما يعطيهم الحق في زيادة الراتب للحد الأقصى أسوة بالعاملين في القضاء».
ما خفي كان أفسد
وقالت فاطمة يحيى في العدد نفسه من «الوطن»: «الوزير الذي يريد زيادة مرتبه بنسبة 80٪ هو نفسه الذي يرفض زيادة رواتب الموظف الغلبان بنسبة 10٪، وكأن «معالي الوزير» هو من يسدد «بنزين سيارته» وفاتورة «كهرباء مكتبه»، وعلينا أن نسدد فواتير حمله للحقيبة الوزارية. روت لي الدكتورة الراحلة عائشة راتب وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية، في حوار مسجل، أن أعضاء مجلس الوزراء كانوا يجوعون من طول الاجتماعات وكانت تؤمن لهم «شيكولاتة»، حتى اكتشف الدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، وجود البند الخاص بمصروفات المجلس. هذا كان حال الوزراء قبل أن تصبح «السلطة» مدخلاً للشهرة والثراء والتربح. فهل يعلم أحد شيئاً عن بند «المصروفات السرية» في بعض الوزارات السيادية، وعلى رأسها وزارة الداخلية؟ هل هناك جهاز رقابي واحد يراقب ويحاسب أعضاء أىيوزارة على تلك المصروفات؟ وما موقف «الصناديق الخاصة» وهي البوابة الذهبية للفساد، فأموال الصندوق لها موازنة خاصة، خارج الموازنة العامة للدولة ويتم الإنفاق منها على محاسيب ومستشاري السادة الوزراء وما خفي كان أفسد».
الفساد
وإلى مشكلة أخرى هي الفساد الذي تقاومه الدولة، حيث نشرت جريدة «الأهالي» لسان حال حزب التجمع اليساري، حديثا مع الدكتور عاصم عبد العاطس الوكــــيل السابق للجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد أجرته معه فاطمة يحيى قال فيه عن جهود الدولة لمكافحة الفساد: «أولاً نرفع القبعة لدور هيئة الرقابة ونشيد بدورها المميز خلال هذه الفترة، ونشجع قدرات أي جهاز رقابي يسعى لكشف الفساد، خاصة في هذه الفتره خلال أشهر نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، التي يتم فيها وضع تقرير الشفافية الدولية لمكافحة الفساد في مصر، فما يحدث الآن من «شو» إعلامي يتعلق بالرقابة الإدارية أمر مرحب به، ولكن يجب أن يكون على مستوى المؤسسات الرقابية الأخرى، فالفساد في مصر مؤسسي في كل قطاعات الدولة وهناك مافيا للفساد لا يستطيع العمل الفردي القضاء عليها لأننا أمام منظـــــومة مؤسسية فاسدة تحتاج لسياسات وأساليب تفـــــوق العمل الفردي. الجهاز المركزي للمحاسبات يديه تتغلغل في جميـــــع أرجاء الدولة، ويضــم خبراء المال والاقتصاد والنقد والعمل الفني في الرقابة المالية والرقابة الشاملة تفوق الكثير من الأجهزة الرقابية الأخرى، ولكنه لم يحظ بالتشجيع الكافي الذي تحظى به هيئة الرقابة الإدارية. ويسعى الجهاز لتحقيق استقلال حقيقي، وليس استقلالا شكليا، عن السلطة التنفيذية التي تعين رئيس الجهاز، ويتمثل الاستقلال الحقيــــقي في أسلوب تعيين رئيس الجهاز، حتى لا يكون ولاؤه لمن يقوم بتعيينه، وليس بهــــدف الصالح العام في الرقابة الشاملة وتحقيق الحماية والاستقرار المادي والمعنوي لأعضائه والتدريب الكافي لهم، سواء كان أكاديميا أو عمليا، لزيادة القدرة الفنية لهؤلاء الأشخاص، ويجب أن تتســم تقارير الجهاز الخاصة بكشف الفساد وفقاً للقوانين والأعــراف الدولية، وقانون الشفافية الدولية الذي وقعت عليه مصر عام 2003 بعدم وجود سرية وسرية خاصة للغاية على هذه التقارير، وأن تنشر للرأي العام، ولن تحجب إذا لم تتعارض مع الأمن القومي المصري، لأن هذه التقارير خير داعم لمكافحة الفساد».
المواجهة المباشرة
مع المسؤول
وعن الفساد أيضا قال عضو مجلس النواب عن حزب الوفد والرئيس الشرفي للحزب بهاء الدين أبو شقة في صحيفة «الوفد»: «أقصر الطرق لإيجاد الحلول للأزمات هو المواجهة المباشرة مع المسؤول، وهذا في حد ذاته نوع من وسائل مكافحة الفساد عندما يشعر المواطن أن هناك رقابة على المسؤول يبدأ يشعر بأن هناك اهتماماً به. فعلا أقصر الطرق لمكافحة الفساد هو المواجهة المباشرة مع المسؤولين لماذا لا نأخذ إذن بالنموذج الذي ضربه الرئيس في أسوان عندما أجرى مواجهة مباشرة بين الشاب الذي شكا من تلوث النيل بمياه الصرف الصحي في حضور عدد كبير من الوزراء والمحافظين والمسؤولين التنفيذيين، بل أن الرئيس قام على الفور بالتوجه إلى مكان الأزمة، وطلب إيجاد الحل في أسرع وقت. لقد آن الأوان أن تكون هناك آليات جديدة لمكافحة الفساد وضرورة التخلي عن سياسة الإهمال والتجاهل لمشاكل الناس، وكفى ما يعانونه من أزمات، لماذا لا يأخذ المسؤولون الرئيس قدوة في هذا الشأن من أجل أن يتم التخلص من الفساد حتى يشعر المواطن بأن هناك تغييرا حقيقيًا قد حدث؟ لماذا لا تتم لقاءات دورية بين الجماهير والمسؤولين في كافة القطاعات وساعتها يزول الاحتقان ويتحقق ما يحلم به المواطن من حل لمشاكله ويشعر بالتغيير الفعلي؟».
علاج السرطان
بجزيئات الذهب
أما المشكلة الأخطر فكانت تصريحات مصطفى السيد رئيس مركز الدكتور زويل الذي كان قد بدأ من فترة طويلة تجارب لعلاج السرطان والقضاء عليه بجزيئات الذهب، وحقق تقدما ملموسا، إلا أنه اشتكى من أن عدم إتمام التعديل الوزاري بدأ يعطل عمله وهو ما قاله أمس لنادية الدكروري في «الوطن»: «قال الدكتور مصطفى السيد، عالم الكيمياء الفيزيائية ورئيس الفريق البحثي لعلاج الخلايا السرطانية بالجزيئات النانومترية المحقونة بالذهب، إن ما يتردد عن تعديل وزاري مرتقب يعطل اتخاذ اللجان المشكَّلة من عدة جهات أبرزها وزارة الصحة إجراءات تقييم نتائج التجارب على الحيوانات التي توصل لها الفريق البحثي في المركز القومي للبحوث وجامعة القاهرة، تمهيداً لبدء التجارب على المتطوعين من البشر. وأضاف «السيد» لـ»الوطن» على هامش حضوره مؤتمر الصيدلة لجامعة المستقبل، أن نتائج التجارب على الحيوانات مؤخراً جيدة، خاصة أنها أجريت على أنواع مختلفة من الحيوانات كالفئران والأحصنة، وتم علاج سرطان الثدي بسهولة، من دون عودته.
وأوضح أنه انطلاقاً من النتائج المتحققة على الحيوانات يمكن بدء التجارب على البشر للقضاء على الخلايا السرطانية، من دون عودتها. وشرح كيفية تطبيق علاج السرطان بحقن الخلايا بكميات من جزيئات الذهب، ولوحظ خلال التجارب على الحيوانات بقاء كميات صغيرة من الذهب في الطحـــــال والكـــــبد، إلا أن الأبحاث أثبتت اختفاء أي أثر جانبي لوجودها بعــــد عام من العــلاج، لافتاً إلى أن التجارب على البشر يمكنها التأكد من احتمالية ظهور آثار جانبية للعلاج على وظائف الجسم المختلفة، ومراقبة الحالات بعد شفائها بفترة كافية. وأكد أن التجارب الأولية للفريق البحثي الأمريكي أظهرت صعوبة اللجوء للفضة لعلاج الخلايا السرطانية لتسببها في القضاء على الخلايا السليمة والسرطانية في آن، بخلاف الذهب الذي يستهدف الخلايا السرطانية فقط».
حسنين كروم