كثيرة هي الدروس التي يمكن استخلاصها في مناسبة الذكرى المئوية لولادة الزعيم المصري جمال عبد الناصر (1918 ـ 1970)، ليس على الصعيدين المصري والعربي فقط، بل كذلك على صعيد دولي يتجاوز بلدان «العالم الثالث» حسب التسمية القديمة، ويشمل قوى الاستعمار القديم والهيمنة الحديثة، ومراكز الاستقطاب الكبرى المعاصرة.
الدرس الأول يخص مصر، إذ ثمة من يساجل بأن عبد الناصر كان أول رئيس مصري يحكم البلد بعد الفراعنة، بالنظر إلى أن حكامها وفدوا على رأس الجيوش العسكرية، ابتداء من اليونان والبطالمة، مروراً بدول ما بعد الفتوحات الإسلامية، وانتهاء بالعثمانيين وسلالة محمد علي باشا. ولهذا فإن أعظم إنجازات عبد الناصر هي تلك التي استهدفت تحسين مستوى معيشة أبناء الطبقات الفقيرة والكادحة عبر مشاريع كبرى مثل الإصلاح الزراعي والسد العالي والتصنيع الثقيل وكهربة الأرياف، بالإضافة إلى إصلاح التعليم والصحة والخدمات العامة.
الدرس الثاني هو الأبعاد العربية لهذه الزعامة المصرية، لأن حركة «الضباط الأحرار»، التي طوت صفحة الملكية في 23 تموز/ أيلول 1952، كانت قد انبثقت أصلاً على خلفية هزيمة الجيش المصري في فلسطين. ومن هنا تبلور الحس العروبي العميق لدى عبد الناصر، والذي سيدفعه إلى إقامة الوحدة مع سوريا سنة 1958، والتدخل لصالح حركات التقدم والتحرر والاستقلال ومناهضة الأحلاف الرجعية، في اليمن والعراق والجزائر وتونس وسواها. ولأن هذه المواقف جلبت على عبد الناصر سخط القوى الاستعمارية، خاصة بعد القرار الوطني التاريخي بتأميم قناة السويس، فقد تعرّضت مصر لعدوان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، لم تخرج منه منتصرة ومتماسكة أكثر من ذي قبل فقط، بل احتلت مكانة قيادية على مستوى الشعوب الخاضعة للاستعمار.
ومن هنا الدرس الثالث، أي مقدار ما يمكن للزعامة الوطنية الأصيلة أن تكتسبه في امتدادها إلى نطاقات خارجية أبعد من العالم العربي، أو حتى الأفريقي. ذلك لأن عبد الناصر كان أحد أبرز مؤسسي حركة عدم الانحياز، إلى جانب زعماء كبار من أمثال الهندي نهرو واليوغسلافي تيتو والغاني نكروما. وإلى عبد الناصر يعزى مفهوم الحياد الإيجابي، الذي ميّز بين مواقف أمريكا والاتحاد السوفييتي من قضايا تحرر الشعوب، ولكن دون التحاق بأي من المعسكرين المتصارعين خلال الحرب الباردة.
لكن الدرس الرابع هو أقدار الزعيم الوطني في إطار الدولة الأمنية، التي تقوم أصلاً على تمكين العسكر من مقاليد الحكم المدنية وتضعهم بالتالي فوق القانون والمؤسسات. ولأن عبد الناصر جاء هو نفسه من قلب حركة عسكرية انقلابية، فقد استدعى هذا أن يكون الضباط هم عماد دائرة السلطة من حوله، وأن يمارس هؤلاء سياسات انفراد وتسلط واستبداد، خاصة بعد حلّ الأحزاب وفرض «الاتحاد الاشتراكي» حزباً أوحد للنظام والمجتمع معاً.
ومن المعروف أن آثار هذا الخيار لم تقتصر على قمع الحريات العامة وتعطيل الحياة الديمقراطية ومصادرة الرأي، لأنها آلت في نهاية المطاف إلى تصارع كبار الضباط من خلال مؤسساتهم العسكرية والأمنية، وإلى هزيمة نكراء أمام إسرائيل في سنة 1967. وتلك كانت الذروة المأساوية القصوى في آلام زعيم وطني، كانت زعامته قد ابتدأت مع ذلك من حلم نبيل بتحقيق آمال شعبه.
رأي القدس
لم نجد قائد عربي يجمع الامة العربية ومدافع عن القضية الفلسطنية سوى الزعيم الزعيم جمال عبدالناصر وبعد مماته تقسم العرب فيما بينهم لاعترافهم بالصهيونية ولايجوز لعربي دخول دولة جارة له الا من خلال الموافقة من تلك الحكومة او الدولة فكان جمال عبدالناصر جامع وحدة العرب عبر مقياسها العروبة؟
ما زالت هزائم ناصر جاثمة على صدر الأمة.. هل تكفيه هزيمة كل يوم 5 حزيران/ يونيو 1067 ؛ التي أفرخت كل الهزائم الفكرية والسياسية والثقافية والفنية والأخلاقية والاجتماعية؟ والمدهش غاية الإدهاش أن هناك من يتبع الرجل حتى اليوم، بل ويحتفون به وبمئويته، كأن ما اجترحه في حق الأمة كان مجرد خدش بسيط، لا جرحا عميقا نازفا بالألم والخيبة والمرارة والحسرات والمراثي وصدأ العيش، والحزن والأسى والنكسات والمأسي، والهزائم والذل والعجز والقهر والفقر والمرض.. وزد ما شئت مما تراه وتسمعه وتعيشه أمس واليوم.
تميز حكم الديكتاتور عبدالناصر بغياب مقومات الدولة المدنية تماما، وعلى رأسها احترام القانون واحترام حقوق الإنسان، فأصبحت الحريات والحقوق كلها عرضه لهجمة شرسة شديدة الطغيان، من إنشاء المحاكم الخاصة (كمحاكم الشعب والثورة والغدر والطوارئ)، وغرز في ظهر الوطن ما عرف بـ”التنظيم الطليعي” الذي كان يشبه الجستابو (الدولة العميقة الآن)، حيث الخوف والرعب والهلع والفساد والسرقة والانحراف، وتعددت أجهزة الرعب التي لم تتجه إلا للمواطن، ولم تتسع إلا لقمعه وإذلاله. ورغم مئات الملايين التي استهلكت على هذه الأجهزة، فقد فشلت فشلا مهينا في رصد الأعداء الحقيقيين لمصر، وكانت خيبتها أشد عندما وقعت هزيمة كل يوم 5 حزيران/ يونيو.
أشبعونا بالأكاذيب حين قالوا إنه أتى بمجانية التعليم. وهذا محض هراء، فمجانية التعليم تقررت في الفترة الليبرالية قبل 52، فأصبح التعليم الابتدائي مجانا عام 1944، والتعليم الثانوى مجاناعام 1951، وكانت بمصر أربعة جامعات تخرج علماء، وليس كما حدث بعد عام 1952.. كان لدينا 140 ألف مؤسسة صناعية، وكان لدينا 578 نقابة معترف بها ولا تخضع لأي وصاية.
أشبعونا بالأكاذيب والأوهام حين تحدثوا عن الإصلاح الزراعي التي كانت تناقشه كل البرلمانات قبل 1952. جميع الأراضي الزراعية قبل البكباشى كانت تقريبا ستة ملايين فدان، تم توزيع 422 ألف فدان فقط على الفلاحين، وضاعت على مصر أكبر فرصة للتحديث الزراعى والميكنة في المساحات الكبيرة، وأصبح الفلاح يزرع فدانين وثلاثة جرجيرا وفجلا، بعد أن كان العالم كله يتجه للزراعات الشاسعة المساحة مع تقدم الميكنة الزراعية.
على أنه لا يمكن بحال التذرع بما يحققه النظام الدكتاتوري للشعوب من فائدة (وهل هناك فائدة واحدة؟). الاحتلال يا إخوتي يحقق منافع للشعوب التي يحكمها تبريرا لوجوده.. فالإنجليز أنشأوا شبكة سكك حديدية متميزة من بدايات القرن الماضي.. أقدم سكة حديد بعد سكك حديد لندن، ولا زالت تخدمنا حتى الآن. أيضا نفذوا مجموعة متكاملة من القناطر والترع، وأقاموا خزان أسوان، والغوا السخرة. لم يكن غرضهم خدمة مصر، بقدر ما كان لخدمة بقائهم، وهو نفس ما فعله البكباشي الذي جعل من المصريين جيوشا من الموظفين في دولته ليحكم الخناق على رقابهم.
في كل عصور الانحطاط التي مرت بها البشرية شهد الإنسان ألوان من التعذيب والاضطهاد لأسباب دينيه أو سياسيه أو اجتماعية أو فكرية، ولكنه لم يشهد أبدا تعذيبا بدون سبب، إلا لشهوة التعذيب، سوى في عصر الأوهام والكوابيس الناصرية.. وصمة عار لا تمحى.. الجريمة لم تستهدف فقط من هم خلف الجدران، لكنه الإنسان في كل مصر (كمشيش وكرداسة وسنقا عامي 1965 1966).
لم يخرج لنا في عهده مبدع واحد تلقى تعليمة ونما وترعرع في ظل حكمه.. كل ما شهدته الخمسينيات والستينيات من أسماء كبيرة تم غرسها الأول قبل 1952 (العقاد، وطه حسين، ونجيب محفوظ، وأم كلثوم، وعبد الوهاب، مصطفى صادق الرافعي، والمراغي، وشلتوت، والغزالي، ومحمود غنيم، وباكثير…) جميع القضايا القومية انتهكت في عهده البائد.. وحدة وادي النيل التي انتهت بانفصال السودان عن مصر، والتي قال عنها النحاس باشا في وجه الإنجليز: “تقطع يدي ولا تفصل مصر عن السودان”.. (تأملوا التوتر الجارى الآن بين أبناء الوادي) الوحدة المصرية السورية انتهت بانفصال سوريا عن مصر، ودخول سوريا إلى كهف الحكم الطائفي.. وفي اليمن، تسبب في قتل 200 ألف يمني، و15 ألف جندي مصري.. حتى تأميم شركة “قناة السويس” انتهى باحتلال إسرائيل سيناء ونصف فلسطين، واستشهاد وفقد 20 ألف جندي مصري. واليوم تمثل سيناء للوطن جرحا داميا ينزف كل يوم.
ما من شيء أشد خداعا من تحول الوهم إلى حقيقة، وما فعله وتركه الزعيم لم يكن وهما واحدا، كانت جمله من الأوهام التي لم تلبث أن تحولت إلى كوابيس الليل والنهار.
لازلت اتذكر رساءل الجنرال ديغول لعبد الناصر اثناء نكسة 1967….وهي تعكس تقابل هامات وطنية في كلا النطاقين…ورفضا لهيمنة احادية جعلت مصر والعرب في مرمى نيران المخططات الاستعمارية…اثناء الحرب الباردة من منطلق تغليب ارادة الصهاينة قبل اي شيء اخر…، واعتقد انه من الصعوبة ان تكون زعيما في امة لازالت تدافع باستماتة كبرى عن خراءط لورنس …ويقود ثوراتها جون ماكين وبرنار ليفي…ويفتي فقهاءها بان قتل المسلم لاخيه في سياق الفتن البسوسية فرض عين…!!!!.ولن تنفع الذكرى من اصبح عندهم اليوم طعن الاخ من اوجب الواجبات ….وتخريب البيت على كل من فيه سنة مؤكدة….
وعبد الناصر هو مدرسة( لم تقتصر على قمع الحريات العامة وتعطيل الحياة الديمقراطية ومصادرة الرأي، لأنها آلت في نهاية المطاف إلى تصارع كبار الضباط من خلال مؤسساتهم العسكرية والأمنية، وإلى هزيمة نكراء أمام إسرائيل في سنة 1967. وتلك كانت الذروة المأساوية القصوى)
وعندما تنفس المصريون الصعداء واتيحت لهم الفرصة ليعبروا عن رأيهم ويقولوا كلمتهم عبر الصناديق الحرة والنزيهة وفي خمس استحقاقات انتخابية متتالية بعد ثورة يناير 2011 ؛ اعطوا الناصريين ما يقرب من الصفر الكبير بينما حصد الاسلاميون ما يقرب من ثلثي النتائج. وهذا ما استشاط له الغدر والمكر والكيد الصهيوماسوني الصليبي فجند كل العملاء واعداء الاسلام ليعيدوا مدرسة عبدالناصر لحكم مصرمن جديد.
رغم كل ما يقال عن جمال عبد الناصر فانه يبقى زعيما عربيا ستخلده داكرة الشعوب لما كان يمتاز به من افكار تحررية جلبت له الكثير من المتاعب في الداخل والخارج فكم نفتقر في عالمنا العربي المكلوم من امثاله الدين ضحوا بالغالي والنفيس من اجل رفع راس العروبة عاليا فانا هنا لا ادعي انه كان مثاليا او وملائكيا فكل انسان يصيب ويخطئ كما ان له سلبيات وايجابيات ولكن جمال عبد الناصر لا يمكن مقارنته البتة بانظمتنا الحالية التي باعت البلاد والعباد وشرعت الابواب على مصراعيها لاعداء البشرية من مستعمري الغرب بقيادة الولايات المتحدة للعبث بمقدراتنا ومستقبلنا ووجودنا وحقنا في العيش بامن وسلام بل الادهى والامر انها تواطئت ضد الشعوب والقضايا العربية وفي مقدمتها فلسطين السليبة.
ابو الديكتاتوريات العربية و الانظمة القمعية الامنية و المخابراتية، مثله مثل جميع الدكاترة يقومون بمشاريع بنية تحتية ضخمة و ينسبوها لانفسهم ، و لكن ماذا عن قمع الحريات و تغييب الحياة السياسية التعددية و السجون والتعذيب و القتل .
و بعد كل هذا ما زال بعض الحالمين يصورونهم كابطال و عظماء . اما ان الاوان ان ننهي هذه المهزلة …….
الاخ سامح
وهل حكم الاردن غير العسكر و\هل اردوغان ام اتاتورك العسكري هو الذي اسس للنظام في تركيا,يا عزيزي انها الشعوب نفسها التي رفعت ناصر وصدام والقذافي وغيرهم الى الاعلى لان شعوبنا ترغب بالشجعان حتى وان كانوا ظالمين,الم يكن صدام اسوء من ناصر بكثير وهل يوجد اكثر من الشعب الاردني والفلسطيني مجده
كان يجب ان يكون مستعدا للحرب حين اغلق مضيق تيران مايو ٦٧ لكنه لم يكن وجلب لنا هزيمة حزيران واضاعة ماتبقى من فلسطين. هذه خطيئه وليس خطأ.
الملاحظ ان بعض محبيه يساهموا في الضرر بموروثه القوميه العربيه حيث تجدهم يدينون بالولاء لقوى غير عربيه ويدافعون عن انظمه تقتل شعوبها وصفها عبد الناصربانها طائفيه كما في سوريا.
هل علينا ان نقيم القاده والزعماء بنياتهم وخطاباتهم ام بنتائج افعالهم وسياساتهم؟ فعبد الناصر قد يكون زعيما فوميا عربيا خالدا او دكتاتورا جلب للعرب الهزيمه!