دمشق – «القدس العربي»: في وقت تتجه فيه الأنظار إلى المخزون المتبقي من المعارضة السورية في إدلب ومحيطها شمالاً، يسود ترقب حذر يشي بانتقال عمليات النظام السوري إلى المحافظة، لاسيما بعد ان حذرت موسكو مقاتلي المعارضة من مغبة الهجوم العسكري مفصحة عن معارك وشيكة قد تجتاج المنطقة.
ومع اقتراب الحسم العسكري جنوباً، تبقى آخر معاقل المعارضة في ادلب والارياف المحيطة فيها، التي تنقسم إلى قسمين الأول تتواجد فيه بعض القوى العسكرية الوازنة مثل هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام وبعض القوى «القاعدية» كالحزب الإسلامي التركستاني وفصيل حراس الدين وغيرهما، اما الكتلة الثانية من هذه البقعة فهي التي سيطرت عليها المعارضة المدعومة من الجيش التركي في عمليتي « درع الفرات وغصن الزيتون» والتي كان آخرها السيطرة على مدينة عفرين.
ويرى خبراء ومحللون ان هذه المنطقة الواقعة تحت الوصاية التركية بناء على الاتفاقية «مناطق منخفضة التصعيد» في استانة، مهددة إذا لم تتحرك تركيا بالمهام الموكلة اليها في ضبط التشكيلات العسكرية المنتشرة فيها، والسيطرة على سلاحها الثقيل حيث يطرح ملف النصرة بقوة.
وإزاء التصريحات التركية وكان آخرها امس عندما حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من اقتحام هذه المنطقة وقال انها «تقع تحت حمايتنا»، فيما تعمدت روسيا وايران تكرار تصريحات مفادها نقل المعارك إلى المنطقة الشمالية بعد الافراغ من قتال المعارضة جنوباً، وقال الباحث السياسي سعد الشارع ان هذه التصريحات موجهة إلى الاتراك أكثر من كونها موجهة إلى المعارضة المنتشرة في هذه المنطقة، وكون التفاهمات التي حصلت سابقاً كانت تقضي بان يسود نفوذ الجانب التركي على هذه المنطقة مقابل اخلائها مما يسمى التنظيمات الإرهابية.
ويبدو الان ان تركيا لم تقم بأي اجراء يصب في تعزيز الاتفاقية، بيد انه من المحتمل ان تشرع بالمضي بحل هذه التشكيلات او ضبطها بصيغة ما، بعد الانتخابات التركية حيث بات الوضع حسب الباحث السياسي ملائماً مع تحرك تركي سياسي او ربما عسكري بغية ضبط القطاع الداخل تحت الوصاية التركية وتعزيز نقاط المراقبة التي تعزز أصلاً بشكل اسبوعي كان آخرها منذ يومين عندما دخل رتل عسكري تركي جديد إلى النقطة الثامنة والتاسعة في ريف حماة الشمالي.
الخبير في العلاقات الدولية محمد العطار استبعد فتح الروس والإيرانيين معركة في الشمال السوري لاعتبارات عدة ، الأولى انها تحت النفوذ والوصاية التركية، السبب الثاني القوة العسكرية الكبيرة والتي تعتبر الاكبر في سوريا للمعارضة المسلحة، وتضم قوى عسكرية لا يستهان بها كهيئة تحرير الشام وأحرار الشام والزنكي والفصائل القاعدية وغيرها، مشيراً إلى انه ربما تخشى روسيا ومعها إيران من انكسارات عسكرية في ادلب ومحطيها فضلاً عن الضغوطات الكبيرة والمسعى الأمريكي لتحجيم الدور الإيراني ونفوذه في سوريا.
وبالمحصلة فإن مستقبل ادلب محصور في مسارين، إما استمرار العمل باتفاق خفض التصعيد على أن يتحول لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار ومن ثم تبدأ مرحلة الحل السياسي. وهذا الاحتمال يقتضي التزام تركيا بتعهداتها لروسيا وإيران إزاء ملف ضبط السلاح الثقيل للفصائل وملف هيئة تحرير الشام. وبالنسبة لمصير المنطقة الجغرافي فهو مرتبط بالتفاهم الروسي التركي وربما تخضع لإدارة ذاتية مؤقتة لحين إتمام مراحل الحل السياسي، وفقا لرؤية الباحث السياسي عبد الوهاب عاصـي.
أو إنهاء العمل باتفاق خفض التصعيد لعدم التزام تركيا بتعهداتها المذكورة أعلاه، وفي هذا الاحتمال يصبح المسار العسكري مفتوحاً على مصراعيه ويترتب عليه انسحاب تركيا من أستانة أو تعليق المفاوضات وسحب نقاط المراقبة من الشمال السوري. وبناء على النتائج العسكرية في الميدان يُمكن حينها تقدير مصير الشمال وحدود التدخل التركي من عدمه.