ماذا قلت… تزوير الانتخابات الأمريكية؟!

انتخابات أمريكية مزورة؟!! هذا ما لم يتجرأ على قوله أحد من قبل.. إلا شخص واحد فقط يدعى دونالد ترامب المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة.
قالها أكثر من مرة.. لكنه لم يقدم دليلا واحدا على ما يهدد انتخابات الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. جددها قبل يومين فقط بلغة الواثق المطمئن حين كتب في حسابه في «تويتر» «بالطبع يوجد تزوير للأصوات على نطاق واسع حاليا، وقبل يوم الانتخابات»، مؤكدا في مناسبة أخرى أن «الانتخابات يجري تزويرها حتما من قبل وسائل إعلام غير أمينة ومشوهة تؤيد هيلاري، وأيضا في كثير من أماكن التصويت. أنا حزين».
لم يشرح ولم يعط مثلا واحدا ولا هو نبـّـه إلى شيء مريب يجري الإعداد له في غفلة من الجميع. لم يوضح ما إذا كان الأمر يتعلق بعبث ما في المنظومة الانتخابية التي تسير عملية التصويت، أو الفرز لاحقا، أو تجميع أصوات الولايات، أو أي شيء ذي علاقة بهذا الاستحقاق المعقد الجوانب ولكنه المعروف تفاصيله جيدا للمواطن الأمريكي وطبعا لمؤسسات المجتمع المختلفة السياسية وغيرها. أما إذا كان ترامب يقصد أن الإعلام الأمريكي منكب على صياغة و»صنع» تصويت في غير صالحه فهذا أمر قابل للنقاش.
قابل للنقاش رغم أنه بديهي، فكبرى وسائل الإعلام الأمريكية من مقروءة ومرئية غالبا ما لا تتردد في إعلان ولائها لهذا المرشح أو ذاك، مقدمة ما تراه حججا مقنعة تدفعها إلى هذا الاختيار الذي تشرع بشكل أو بآخر في «تجييش» ناعم لجمهورها في اتجاهه. هذه مثلا افتتاحية «واشنطن بوست» قبل أيام قليلة تكتب «نؤيد كلينتون ليس لسوء ترامب بل لأنها تستحق أن تقود أمريكا»… وهذه «لوس أنجلوس تايمز» تعنون متسائلة « من يحتاج إلى مناظرة أخرى كي يعرف أن ترامب لا يصلح رئيسا للولايات المتحدة؟!» وغير ذلك كثير.
إذا كان ترامب يرى أن مجرد الترويج لمنافسته والتشهير به يعتبران تزويرا فهذا من حقه، ولكنه ليس بأي حال من الأحوال بذاك التزوير بالمعنى الذي فـُــهم من كلامه حتما. إذا كان ترامب أراد أن يقول إن الإعلام في بلاده يزيف وعي الناس في الاختيار بين المرشحين.. مما يقود حتما لتزييف اختياره للمرشح المفضل لديه.. مرورا بتزييف قدرته على رمي الورقة الصحيحة في الصندوق… وصولا إلى تزييف النتائج في النهاية… إذا كان هذا فعلا ما عناه ترامب بكلامه من تزوير الانتخابات فالرجل لم يقل إلا ما هو «معروف من الانتخابات الأمريكية بالضرورة». أكثر من ذلك، مجرد وجود مرشح على شاكلة ترامب لرئاسة أكبر دولة في العالم ما هو إلا أسطع دليل على أن هذا المفهوم الخاص للتزييف ضرب عصب المجتمع الأمريكي في مقتل.
«لماذا ينكر زعماء الحزب الجمهوري ما يجري؟ (من تزوير) إنهم سذج للغاية»… هكذا عبر ترامب حانقا عما لاقته تصريحاته من استياء أو استنكار في أوساط حزبه نفسه قبل غيرهم حتى أن صحيفة «نيويورك تايمز» كتبت في افتتاحيتها أول أمس أنه « قد يكون فات الأوان بالنسبة إلى الحزب الجمهوري لإنقاذ نفسه من كارثة دونالد ترامب المتدحرجة، لكن كبار زعماء هذا الحزب ما زال أمامهم واجب رفع أصواتهم لإنقاذ البلد من خطبه المستهترة». استهجنت الصحيفة ذائعة الصيت صمت هؤلاء الزعماء وعدم تشهيرهم بقوة باتهامات ترامب بالتزوير واكتفائهم بمجرد الإعراب عن ثقتهم في النظام السياسي والانتخابي للولايات المتحدة، حتى أنها شبهت مثل هذا الموقف بمن يعاين الحريق في بيته يلتهم كل شيء وهو لا يفعل سوى الإعراب عن ثقته بأن رجال المطافئ سيصلون في الوقت المناسب!!.
تصريحات ترامب عن تزوير الانتخابات الرئاسية المقبلة قد تكون النقطة الأبرز التي ستمسكها عليه هيلاري كلينتون في مناظرة اليوم الأربعاء، الثالثة والأخيرة بينهما، لأنه لم يسبق لمرشح رئاسي أن طعن في صدقية هذه الانتخابات أو غيرها في أمريكا فهي دائما ما كانت على الدوام مبعث فخر لهم ولنظامهم السياسي. لهذا لم يتأخر الرئيس باراك أوباما نفسه من التعقيب عليها بالقول إن «في الديمقراطيات، تشارك في الانتخابات فإذا ما خسرتها تهنىء منافسك وتمضي».
وإذا كان روبي موك مدير حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون علق على تصريحات ترامب بالقول إن «المشاركة في الحياة الديمقراطية ولا سيما الانتخابات يجب أن تحظى بالتشجيع لا أن تتعرض للانتقاص أو الحط لأن مرشحا يخاف من الهزيمة»، فإن أي سياسي من العالم المتخلف، وبلادنا العربي في «طليعته»، سبق أن تابع عمليات تزوير الانتخابات حتى ضجر منها، من حقه أن يحتج على ترامب بالقول «حتى هذا التميز التاريخي استكثرته علينا؟!!… ماذا تركت لنا يا رجل؟!!»

٭ كاتب وإعلامي تونسي

ماذا قلت… تزوير الانتخابات الأمريكية؟!

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    يُقال بأن بوش الإبن الجمهوري فاز بالإنتخابات الأمريكية سنة 2000 على آل غور الديموقراطي بالتزوير خاصة بتزوير نتائج ولاية فلوريدا الأمريكية !! والذي مرر هذا التزوير رئيس المحكمة الفيدرالية الأمريكية والذي هو جمهوري الهوى
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول فاضل-تونس:

    احسنت سيد كريشان

  3. يقول S.S.Abdullah:

    أظن وصول ساركوزي للرئاسة في فرنسا بكذبه، ومن بعده وصول ديفيد كاميرون للرئاسة في بريطانيا بكذبه والتي أدت إلى استفتاء الخروج من الاتحاد الأوربي، والآن دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية عام 2016، أظن آن الأوان لانتهاء مفهوم حرية الكذب (الفوضى الخلاقة) للديمقراطية من خلال زرع الفتنة بين المواطن والمقيم والزائر بحجة أن المقيم والزائر ينافس المواطن على وظيفة الدولة، لأنها ستؤدي إلى انهيار النظام البيروقراطي لدولة الحداثة لثقافة الـ أنا أولا ومن بعد الشلة/النخب الطوفان، لأن في أجواء العولمة وأدواتها التقنية لا مكان لاقتصاد العالات، لأنه ببساطة الربا لا يمكن أن يبني اقتصاد وخصوصا بعد ما حدث في 2008، فشدة فساد المال السياسي أدت إلى انهيار النظام الربوي للديون بين المصارف والبنوك وهو أصلا ضد الانهيار لأنه ببساطة لا يتحمّل أي مسؤولية، مثله مثل الموظف الذي يؤدي روتين واجب الوظيفة ليرفع عنه المحاسبة والتقصير كما حصل حتى مع موظفي الأمن في المطارات التي خرجت منها الطائرات في 11/9/2001 لأن كل منهم قام بواجبه حسب الروتين والتعليمات الصادرة من رئيسه المباشر.

    أن تصل الوقاحة وقلّة الحياء حتى برئيس جمهورية فرنسا فرانسوا هولاند في كتابه الأخير، أن يوعز سبب فشلهم لما حصل في 14/7/2016 هو جبن القضاة والمحققين في تجاوز نص القانون؟! والتي هي لا تختلف عن حال تصريحات دونالد ترامب في موضوع تزوير الانتخابات الأمريكية، والأنكى أظن تصريحات د. حيدر العبادي رئيس وزراء العراق لتفسير ما حصل في 9/6/2014 سببه وجود 50 ألف فضائي في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بينما أوصل العدد د. أياد علاوي إلى 250 ألف فضائي، والتي سبب لم يكتشفها أحد قبل ذلك، هو أنّ مجلس النواب كان يوافق على إصدار الميزانية الجديدة دون أخذ مخالصة لميزانية العام السابق طوال حكم نوري المالكي؟ ومع ذلك لم يتم محاسبة رئيس الوزراء نوري المالكي أو بقية الوزراء والنواب على هذه الجرائم المالية والتي أدت إلى انهيار الجيش والأجهزة الأمنية وهزيمتهم؟!

    المهزلة وصلت بأهل السياسة والثقافة والحكم في النظام البيروقراطي لدولة الحداثة، أن يكون مصطفى سائق التكتك بسبب خبرته العملية واحتكاكه بالواقع، أكثر حصافة ووعيا وإدراكا لما هو تشخيص ومن ثم حل الأزمة الاقتصادية في مصر لعرضها في أقل من ثلاث دقائق، كفى لا يجوز تسليم رقابنا لأمثال ي.

  4. يقول د 0 عطوة 0 ايلياء:

    ان مايجرى بالانتخابات الامريكية اخطر من التزوير كتبت فيها على الجزيرة نت وعلى القدس العربى بصورة شبه يوميه ترجمة عن هاأرتس الصهيونية وهو وعد جاك روزان رئيس اللوبى الصهيونى لاوباما شهرين قبل يوم الانتخاب 2012 ووعده بالفوز وفاز فعلا وقد وعد هيلرى بالفوز بانمتخاب 2016 وذلك فظيع اى ان تحكمهم الصهاينة بتحديد الرئيس قبل 4 سنوات فله بعد استقلال وحرية وديموقراطية البطيخ والبطاطا واضافت الصحيفة ان جاك روزان هذا قد فوز عدة من الرؤساء الامريكيين للسكن بالبيت الابيض والذى يتبدل ساكنيه على ساكن دائم وهو اليوت ادامز الصهيونى مستشار الرئيس للعلاقات الخارجية ومن هنا فلا فرق فيمن يفوز فمرهون له بالسياسة الخارجية ما يؤكد ان البيت الابيض محتل كالقدس لامبراطورية صهيون والسلارم على من اتبع الهدى0

إشترك في قائمتنا البريدية