يحمل تقرير ينشر اليوم في «القدس العربي» معلومات جديدة حول استعدادات في إقليم كردستان العراق للإعلان عما يسمى «جيش كردستان سوريا» بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
يقدّر عديد الجيش المذكور، بحسب مسؤولين أكراد في إقليم كردستان العراق، بخمسة عشر ألف مقاتل، والهدف المحدد لهذا الجيش هو الدخول إلى المناطق التي يتواجد فيها الأكراد في سوريا، والتي تسيطر عليها «وحدات الحماية الشعبية» الجناح العسكري لحزب «الاتحاد الديمقراطي» (والذي هو بدوره الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني التركي)، لـ«حماية هذه المناطق» ولقتال الجماعات «الإرهابية» وعلى رأسها تنظيم «الدولة الإسلامية».
الإعلان جوبه باستنكار مستعجل من جانب «الاتحاد الديمقراطي» الذي اعتبره خطوة خطيرة تحرض على خلق اقتتال كرديّ ـ كرديّ.
هذه الخطوة السياسية ـ العسكرية، بحسب كاوا عزيزي عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، جاءت بطلب من المجلس الوطني الكردي، وهو مجموعة من الأحزاب الكردية القريبة من المعارضة السورية التي تعرّضت للتهميش بفعل التنسيق بين النظام السوري الذي أخلى مواقعه في مناطق الأكراد وسلمها لـ«الاتحاد الديمقراطي»، ونتج عن الصفقة سيطرة ساحقة لقوات «الديمقراطي» وتعرض كثير من ناشطي المجلس الوطني للاضطهاد من قبله.
وبحسب عزيزي فإن «جيش كردستان» يتمتع بتشجيع ودعم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا، وأن نواته الصلبة مؤلفة من قوّات «البيشمركه» الكردية العراقية ومتطوعين من الشبان الأكراد السوريين في مخيمات اللجوء.
تترافق هذه الخطوة مع استفزازات عسكرية من ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية العراقية لقوّات البيشمركه، كما حصل مؤخراً على جبهة منطقة سنجار التابعة للموصل حيث تعرضت البيشمركه لهجوم وقصف مدفعي من ميليشيات «الحشد» في اعتداء هو الخامس عليها، وإضافة إلى «الحشد» الذي دخل جبهة سنجار بعد تراجع تنظيم «الدولة الإسلامية» هناك قوّات تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي، تتمتع برعاية ودعم من قبل إيران وميليشيات «الحشد» في تحالف يستهدف إضعاف نفوذ البيشمركه وسلطات إقليم كردستان العراق، ويسهم في إبقاء الخاصرة التركيّة على حدود العراق متوترة.
تقدّم الخطوة الجديدة «اجتهاداً» أمريكيّاً جديداً يجب الانتباه إليه، فهو، في أحد مؤشراته، قد يعني استجابة من القيادة العسكرية الأمريكية (لأن أهداف القيادة السياسية لم تتضح بعد) لتذمر القيادة التركية المستمر من إعطاء واشنطن الشرعيّة والدعم لتنظيم (حزب العمال الكردستاني) تعتبره أنقرة إرهابياً، ولكنّه قد يعني أيضاً، أن القيادة الأمريكية (عسكريّة كانت أم سياسية) ما تزال ملتزمة بتحقيق كيان كرديّ داخل سوريا، ولكنّها تريد تغيير القبّعة من «الاتحاد الديمقراطي» إلى «جيش كردستان سوريا».
وإذا عطفنا هذه التطوّرات الملفتة على الدستور السوري المقترح من روسيا، سواء ما تعلّق منه بإلغاء عروبة الدولة أو بإعطاء ما يشبه الحكم الذاتي للأكراد في مناطقهم، وكذلك الإشارة إلى إمكانية تخلّي «الجمهورية السورية» عن أراض بعد قيام استفتاء شعبي على ذلك، نستنتج أن أمريكا وروسيا صارتا مقتنعتين بضرورة إيجاد حلّ للمسألة الكرديّة وذلك ضمن حلّ عامّ للمسألة السوريّة برمّتها.
كما يمكن الاستنتاج أن تمزيق تنظيم «الدولة الإسلامية» لخريطة سايكس ـ بيكو التي شكّلت أغلب الدول الحالية فتح بابا كان من المحرّمات السياسية السابقة ولكنّ سلوك القوى الدوليّة يدلّ على أنها ليست أكثر من «الدولة الإسلامية» اقتناعاً بهذه الخرائط والحدود، ولهذا نرى حزباً كرديّا تركيّا يهيمن على مصير الأكراد في سوريا، وحزباً كرديّا عراقيّاً يقول بدوره إنه يريد حماية أكراد سوريا، بحيث تتصارع قوّتان كرديّتان من خارج سوريا على مصير أكرادها.
ضروريّ ولازم هنا القول إن الأكراد تعرّضوا لظلم تاريخي جسيم وأن شعورهم الجارف بضرورة تشكيل دولة تعبّر عن هويتهم سيبقى عاملاً فاعلاً في منطقة تتعرّض للتفكك والانهيار وإعادة التشكيل لكنّ تعقيد الألعاب الدولية والإقليمية يضع الضحايا بمواجهة الضحايا فتخسر الثورة السورية ويخسر الأتراك ويخسر العراقيون ويخسر الأكراد.
رأي القدس
ان القيادات الكردية لا تميز بين الرغبة والواقع. إنهم إذ بلغوا الفدرالية على أشلاء العراق فإنهم يعتقدون إنهم قادرون على إستثمار التعاطف الغربي لهم لبلوغ أمنيتهم ببناء دويلة كردية لهم من قبل الغرب. بينما ينصحهم الأمريكان بإتجاهين متضادين هما: الإستمرار في البقاء ضمن العراق كخيار واقعي (إقتصاديا وعسكريا) من جهة والإستمرار بتأجيج الروح القومية لدى شرائح واسعة من الأكراد المسلمين لضمان عدم إستقرار العراق من جهة اخرى. ببساطة إن الأمريكان كانوا يريدون دوما العراق موحدا وضعيفا وهذا ما ينفذه أزلامهم في العراق لقاء مصالحهم الشخصية والحزبية والفئوية. إن إسرئيل ثانية في المنطقة ستشكل بؤرة توتر باهظة ومرفوضة بحيث لا يمكن تحقيقه.
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته وشكراً دوماً لرأي القدس العربي السديد
لقد كتبت مراراً و تكراراً تعليقات في القدس العربي فيما يتعلّق بأنشاء ” دولة ” كردية في شمال العراق يمكن أن تكون ” نواة ” لكردستان عظمى” في المنطقة بعد أنضمام أكراد أيران وتركيا وبالتالي تنمو الرقعة الجغرافية ويتضاعف عدد السكان أضعافاً كثيرة …
من الناحية الجيوسياسية (أعتقد والله تعالى أعلم) أن هذا الحلم الكردي سيظل حلماً وحبراً على ورق….السبب ؟؟؟؟ الدولتين الأقليميتين الكبيرتين لم ولن تقبل بهذه الدولة الكردية الوليدة وذلك لأن هاتين الدولتين لن تتنازلا عن حدودها الجغرافية المقطونة من قبل أكرادها ولن تتنازل عن ونفوسهم من أجل كردستان وليدة يمكن أن تشكّل تهديداً مباشراً لتركيا وأيران !!!