ما الخطأ الذي ارتكبه سواريز؟

حجم الخط
1

كالعادة، سنتذكر أكثر اللحظات المثيرة للجدل في مونديال 2014، كالتي ما زلنا نتذكرها عن مونديال 2010 في جنوب افريقيا… لويس سواريز. فهنا قضمة وعضة في كتف منافس، وهناك لمسة يد وطرد واهدار ركلة جزاء وتحطيم قلوب الملايين. هذا هو لويس سواريز، رجل مثير للجدل، ولاعب غير عادي، أو بالأحرى غير طبيعي.
البعض قد يتساءل: وماذا عن المونديال الألماني 2006؟ لا، لم يشارك لويس فيه، لانه لم يلعب مباراته الدولية الأولى الا في 8 فبراير 2007 ضد كولومبيا، ونعم طرد خلالها.
لا شك ان حالة نفسية تنتاب اللاعب، وتدفعه للتعبير عن توتر عال وغضب عارم ورد فعل على خشونة مؤذية واحتكاك قوي بانفعال لا ارادي يقود الى استخدام غرائزه الفطرية للتخلص من هذا الخطر والتوتر… هذا ببساطة ما يفعله سواريز، وهو ترجمة أخرى لحالات التمثيل على الحكم والضرب بالكوع والدفع والمسك والشد والركل الذي يمارسه جميع اللاعبين، فبالنسبة لمحبيه ما الخطأ الذي ارتكبه سواريز؟
لو ان لا ماض له في العض، مثلما يشهد عليه عثمان بقال لاعب أيندهوفن، وبرانيسلاف ايفانوفيتش لاعب تشلسي والملايين ممن شاهدوه، لما قامت عليه الدنيا في المسابقة الكروية الاكثر مشاهدة في العالم، ومن هنا جاءت العقوبة سريعة وحازمة، لكنها لينة ودون التوقعات، فالايقاف لتسع مباريات دولية، سيحرمه من تكلمة المشوار مع الاوروغواي في المونديال الحالي، ومن المشاركة في «كوبا أميريكا» العام المقبل، وربما جزء من مبارياته في عام 2016، لكن الشهور الاربعة ستكون أكثر قسوة على فريقه ليفربول، حيث سيغيب حتى الاول من نوفمبر، ما يعني غيابه عن تسع مباريات في البريميرليغ، وثلاث مباريات من ست من دور المجموعات في دوري ابطال اوروبا ومباراة في كأس المحترفين، أو بمعنى آخر أنه قد يعتبر أنه كان مصاباً وتعافى وعاد بعد غياب أربعة شهور، خصوصاً أنه ما زال يتعالج من متاعبه في الركبة. لكن الأمر الأكثر دهشة أنه بسبب مشاكله الاخلاقية والسلوكية فانه سيكون جمع 48 مباراة ايقاف من دون أن يتلقى أي بطاقة حمراء… هذا الرقم فعلاً مخيف، للاعب أنهى عقوبة الايقاف عشر مباريات في نهاية الموسم قبل الماضي، ورغم غيابه عن المباريات الست الاولى في الموسم الماضي، فانه نجح في تسجيل 19 هدفاً في 13 مباراة في أصعب دوري في العالم، وتشارك بجائزة الحذاء الذهبي مع كريستيانو رونالدو بتسجيلهما 31 هدفاً، حتى ان كثيرين اعتبره أفضل لاعب في العالم الموسم الماضي، في ظل معاناة رونالدو وميسي من اصابات وهبوط في المستوى.
سورايز بدا وكأنه يستبق الامور، فكان دائماً يصرح قبل حادثة عض كيليني، انه ضحية، ودائماً ما يعاني من استهداف الصحافة الانكليزية له، وربما كان هذا التصريح يهدف الى الدفع في طريق الانتقال الى برشلونة وريال مدريد، اللذين سيبقيان مهتمين بخدماته رغم ما حدث، وربما يعيدان الحساب في قيمة بدل الانتقال، لكن الفكرة هنا ان ادعاء الاستهداف من الصحافة التي اختارته رابطة صحافييها الرياضيين أفضل لاعب في الدوري الانكليزي رغم الماضي السلوكي من عض ايفانوفيتش والتلفظ العنصري ضد باتريس ايفرا، هو ادعاء سخيف.
ولأن عقوبة الايقاف بسيطة ولينة، فان البارسا والريال لن يتوقفا عن سعيهما لضمه، خصوصاً انهما حويا لاعبين من العقليات الصعبة، اذ لعب روماريو وستويشكوف مع البارسا، والى اليوم يلعب الخشنان راموس وبيبي مع الريال، فاضافة سواريز لن تعني مزيداً من الجدل بل مزيدا من الروعة، بمجرد تخيل موهبة سواريز «العاقل» مع ميسي ونيمار في البارسا، او مع بيل ورونالدو في الريال.
سواريز ارتكب خطأ كبيراً، ونال عقابه، وأنا سعيد أننا سنملك فرصة أخرى لرؤيته في الملاعب في المستقبل، لأنه موهبة غير عادية، والى حين انتظار لحظة أخرى، أو ربما مونديال موسكو 2016، لرؤية أسنانه تغرز مجدداً في لحم ضحية جديدة، فمثلما هو يقول: «لما كل هذا الضجيج… هذا الامور تحدث في كرة القدم… نحن اللاعبين نعلم ماذا يدور وماذا نفعل… أنه أمر عادي ويجب ألا نأخذ الامور بجدية، لا أدري ما الخطأ الذي ارتكبته!».

خلدون الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Mo'ath Aljabri:

    مونديال موسكو عام 2018 ان شاء الله ، وليس عام 2016 كما ورد في المقال !

إشترك في قائمتنا البريدية