ما تبتغي المقاومة من الردّ على «إسرائيل»؟

حجم الخط
3

ثمة إجماع في عالم العرب، لاسيما في المشرق، على الردِّ بقسوة على «اسرائيل» جرّاء عمليتها العدوانية الفاجرة على مجاهدي المقاومة في القنيطرة. الردُّ لن يتــــولاه حزب الله بالضرورة. فالعدوان استهدف الأطراف الثلاثـــة لمحور الممانعة والمقاومة: حزب الله وسوريا وايران. من هنا فإن الرد قد يصدر عن هؤلاء مجتمعين أو منفردين.
لا أحد يمكنه تحديد زمان الرد ومكانه وحجمه، لكن يمكن الجزم بأنه سيكون نتيجةَ قرار تتخذه قيادات الأطراف الثلاثة، كذلك لا يمكن التكهن بالتداعيات الناشئة عنه قبل تنفيذه واتضاح حجمه.
أجواء الغموض والتوتر والترقّب التي تلفّ المنطقة برمتها لا تحول دون مناقشة بعض الافتراضات وما يمكن ان تؤول اليه من تداعيات. الافتراضات تُبنى، غالباً، على أساس ما تتوافق القيادات الثلاث على أنه دوافع حَمَلت القيادة الإسرائيلية على شنّ عدوانها الفاجر. في هذا المجال يمكن افتراضُ ثلاثة منها وازنة:
اولاها، ان بنيامين نتنياهو وفريقه الحاكم يستشعران اقتراباً محسوساً بين الولايات المتحدة وإيران من تســـــويةٍ بشأن البرنامج النووي الإيراني، وان هذه التسوية مؤذية لـِ«إسرائيل»، ما يستدعي تفشيل المفاوضات الجــــارية بينهما قبل التوصل اليها. ولعل القيادة الإسرائيليــــة قـــدّرت ان ضربة قاسية تستهدف الاطراف الثلاثة لمحور الممانعة والمقاومة من شأنها خلط الاوراق وإرباك الولايات المتحدة وإيران وتعطيل المفاوضات.
ثانيها، ان تكون قد تجمّعت لدى القيادة الإسرائيلية معطيات حول نجاح الأطراف الثلاثة في بناء مقاومة شعبية وميدانية في جنـوب سوريا للرد على الدعم اللوجستي والعسكري الذي توّفره «اسرائيل» للمعارضة السورية المسلحة، ولاسيما جبهة النصرة، في منطقة خط الفصل بين القوات الإسرائيلية في الجولان المحتل والقوات السورية في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، وصولاً الى مباشرة مقاومة واسعة للاحتلال الإسرائيلي في الجولان. ولعل القيادة الإسرائيلية قدّرت ان التبكير في ضرب مشروع المقاومة الشعبية والميدانية يحقق هدفين: إجهاضه، ودعم جبهة النصرة لتثبيت وتوسيع الجيب العازل الذي أقامته في المنطقة بسياق المخطط الرامي الى تقسيم سوريا لاحقاً.
ثالثها، أن تكون العملية العدوانية في القنيطرة محاولة من نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون لتحقيق نصر تكتيكي في الصراع المحتدم مع محور الممانعة والمقاومة وتوظيفه تالياً في انتخابات الكنيست المزمع اجراؤها خلال شهر مارس المقبل. ولعل نتنياهو قدّر ان من شأن العملية العدوانية المدوّية ان تصبّ في مصلحة حزبه «ليكود» وتضمن بقاءه في السلطة بعدما اشارت استطلاعات الرأي الى احتمالٍ قوي بأن يفوز خصومه في «المعسكر الصهيوني» (حزب العمل بقيادة يتسحاق هرتزوغ وحزب «الحركة» بقيادة تسيبي ليفني) في الانتخابات.
في حال اقتناع القيادة الإيرانية بأن الدافع الرئيس لقيام «اسرائيل» بالعملية العدوانية هو تفشيل المفاوضات «النووية» بين واشنطن وطهران، فإن المرجّح ان تكون ردة فعلها توصية حلفائها بأن يكون الرد على «اسرائيل» عملية انتقامية مدوّية يشعر معها الرأي العام الإيراني، كما الرأي العام العربي والإسلامي بأن العدو الصهيوني قد نال عقابه القوي الرادع من جهة، وان حجمه المضبوط، من جهة اخرى، لن يتيح للعدو استغلاله سياسياً في الولايات المتحدة لتعميق شعور الامريكيين، مسؤولين ومواطنين، بأن قدرات ايران العسكرية اصبحت على مستوى عالٍ من الفعالية والخطورة، يستدعي تشدداً معها في المفاوضات «النووية» وتعزيزاً لاتجاه الكونغرس الى تشديد العقوبات ضدها.
في حال اقتناع القيادات الثلاث لمحور الممانعة والمقاومة بأن الدافع الرئيس لقيام «اسرائيل» بالعملية العدوانية الحؤولُ دون بناء مقاومة شعبية وميدانية في جنوب سوريا، بغية شلِّ الدعم اللوجستي والعسكري الذي توفّره «اسرائيل» لجبهة النصرة وحلفائها، فإن المرجّح ان يكون قرار القيادات الثلاث توجيه ضربة شديدة مُحكمة ومدوّية من داخل الاراضي السورية الى قاعدة عسكرية استراتيجية او مستوطنة ذات طابع امني غالب في الجولان المحتل تُلحق بـِ»اسرائيل» من الخسائر البشرية والمادية ما يشكّل ترضية مقبولة للرأي العام في ايران، كما في عالم العرب والمسلمين.
في حال اقتناع القيادات الثلاث لمحور الممانعة والمقاومة بأن الدافع الرئيس لقيام العدو الصهيوني بالعملية العدوانية تعزيزُ رصيد نتنياهو وحزبه في انتخابات الكنيست القادمة، فإن المرجّح ان يكون قرار القيادات الثلاث تكليف وحدات المقاومة الشعبية والميدانية الحديثة التأسيس بتوجيه ضربة شديدة ومدوّية من داخل الاراضي السورية ضد موقع استراتيجي (مرفق عام او مطار او قيادة منطقة عسكرية) داخل الجولان المحتل او داخل «اسرائيل» نفسها، على ان يكون مردودها البشري والمادي عالياً، وبالتالي مُرضياً للرأي العام في ايران كما في عالم العرب والمسلمين.
الى ذلك، في حال اقتناع القيادات الثلاث، ولا سيما القيادة الإيرانــــية، بتوافر القــــدرة لديها على توجيه ضربة شديدة للعــــدو الصهـــيوني داخل الجولان المحتل، أو داخل «اسرائيل» نفسها وتطويرها الى حرب اقليمية محدودة، فإن القرار المرجّح سيكون هندسة ضـــربة كفـــيلة باســتدراج العدو الى توسيع رقعة الاشتباك والانزلاق الى الحرب. ولعل ضربة قوية ومدمّرة تستهدف منشآت «اسرائيل» الغازية في البحر المتوسط تنفذها سوريا او حزب الله تحقق الغرض المنشود.
ما الغاية المرتجاة من استدراج العدو الى توسيع رقعة الاشتباك وتطويره الى حرب اقليمية محدودة؟
لعلها التسبّب في تعطيل نقل النفط من الدول المنتجة في شرق المتوسط الى الخارج ما يؤدي الى تصعيد اسعار النفط، وهو امر يصبّ في مصلحة المتضررين من خفض اسعاره، وفي مقدّمهم ايران وروسيا وفنزويلا.
اما توقيت الرد الموجع ضــــد «اسرائـــيل» فهو مسألة شديدة الحساسية والدقة.. والأرجح ان القيادات الثلاث لمحـــور الممانعـــة والمقاومة تدرسها بعناية فائقة، ولاسيما لجهة الجدوى القصوى من توقيتها قبل او اثناء او بعد زيارة نتنياهو للولايات المتحدة لمخاطبة الكونغرس وتحريض اعضائه على مضاعفة العقوبات ضد ايران..

٭ كاتب لبناني

د. عصام نعمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ألا يزال هناك من يصدق بمحور المقاولة والممايعه
    ألم ينكشف التآمر الصهيوصفوي على السنة بالعراق وسوريا ولبنان

    ايران واسرائيل مختلفتان بشأن تقسيم العرب بينهما فقط لا غير

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ابوحازم:

    اطمئن سترد في الوقت المناسب والوقت المناسب

  3. يقول رضا الجزائر:

    يبدوا ان هناك من يصدق فلكلور الممانعة والمقاومة لقد سقطت ورقة التوت واتحداكم ان قامت هده الاطراف بالرد
    زعــم الفـرزدق أن سـيقتل مربعـا أبشــر بطــول سـلامة يـا مـربع

إشترك في قائمتنا البريدية