تحتفل شبكة «أم بي سي» بربع قرن على بثها الأول، الذي أذكره، ولأني رافقت هذا البث كمشاهد، فإنني كما «أم بي سي»، احتفلت وقد تم تثبيت «أم بي سي» كمحطة اليوم المفضلة في عيدها الخامس والعشرين.
المحطة قدمت خدمة إعلامية مهمة طوال ربع قرن، اتفقت أو اختلفت مع أجنداتها المربوطة بمزاج الرياض السياسي، فإنك لا يمكن أن تنكر حضورها وتأثيرها على العالم العربي طوال ربع قرن.. ربع قرن بالضبط هو عمر العالم العربي الحديث بمآسيه وكوارثه وأزماته وليس انتهاء بربيعه المحترق، وكانت بقنواتها طرفا إعلاميا مهما في كل ذلك.
ومع كل ذلك التألق والتميز والإستمرارية ينبثق بدر صالح بعرض مكثف لحاصل جمع برنامجه «الكوميدي»! على الشاشة، ما يفقر الاحتفال ولا يثريه بالعديد من الفقرات غير اللازمة.
المحطة حينما تشطب جورج قرداحي
وبعيدا عن نواقض الفرح والبهجة، إلا أن ربع قرن من الاحتفالية كانت فرصة لـ «صباح الخير يا عرب» لتقديم عرض «نوستالجي» جميل ولطيف في الفقرات الصباحية.
العودة بالذاكرة البصرية أسلوب ناجح في استفزاز ذاكرة المتلقي، والمتلقي أصلا مهموم بواقعه المثقل، وحين تستفز ذاكرته بشيء من صور ووقائع كان جزءا منها وشاهد عيان عليها، فإن القناة بذلك تكون قد اخترعت تلفزيونيا «آلة الزمن» الأسطورية.
المحطة عرضت برومو، أو أكثر بصري صوري سريع اللقطات، لتاريخها بشكل بانورامي مشغول بعناية شديدة إلى درجة أنها لم تنس دس أجندتها حتى في العرض التاريخي، وحين كان البرومو يعرض لأهم برامجها الجماهيرية جدا، مرت على برنامج «من سيربح المليون» بعرض مقدمته الموسيقية وشعار البرنامج مع حذف واضح وشرس لأي صورة لجورج قرداحي، مقدم البرنامج وأيقونته الحقيقية بوسامته وصوته الجهوري.
أختلف مع قرداحي في طروحاته السياسية، لكن لا أفهم كيف يمكن أن أفصل صورته عن برنامج جماهيري أسس له وأنشأه بحضوره الشخصي مثل برنامج «من سيربح المليون»؟
لا أعرف إسم أو عنوان أي برنامج لجورج قرداحي يقدمه الآن، لكن حالما أراه أو أسمع اسمه أربطه فورا ببرنامج «من سيربح المليون»، وهذا يسجل للقناة أنها كانت الرافعة له وللبرنامج.. وكان الأجدى والأكثر مهنية عدم شطبه من البرومو، بل واستضافته بشكل مهني يقفز فوق حواجز الخلاف، ويتماهى مع ذاكرة المتلقي لا محاولة تزويرها.
المذيعة القصيرة وأصبع المنتخِب
بعيدا عن تلك الإحتفالية ندخل في احتفالية «الوطن الأردني وهو ينتخب»، كما يقول شعار الهيئة المستقلة للإنتخاب، وطبعا بحكم أني مهاجر بعيد عن أي صندوق اقتراع، فكان أضعف الإيمان الوطني أن أجازف بمتابعة التلفزيون الأردني، وهو قرار انتحاري لكن ما باليد ولا بالريموت حيلة.
التلفزيون، كعادته في كل مواسمه، يستضيف ضيوفه على الهواء في الاحتفالية الوطنية حسب منهج أمني مدروس!!
لكن أكثر ما يلفت الإنتباه في بؤس الإنتاج التلفزيوني الأردني، هو حاجته الماسة إلى خبراء في ملابس المذيعين والمذيعات العاملين فيه، فالخبرة مطلوبة لوضع الصورة الأفضل في البث، ولا أفهم كيف يمكن لمذيعة قصيرة القامة جدا مثلا (وأنا قصير القامة كذلك) أن ترتدي ما ارتدته مذيعة البث المباشر المكلفة بالشرح أمام شاشة عملاقة في الأستوديو، ملابس عريضة تزيد المشهد كوميديا وتهريجا. الانتقاد ليس موجها للمذيعة الفاضلة، بل للقائمين على تقديم الصورة الأفضل على الشاشة، وهذا يتطلب خبرة وخبراء في العمل التلفزيوني.
لكن، المتعة الأكبر كانت في تحول الشاشة إلى معرض سبابات وأصابع مغموسة بالحبر الانتخابي. فالمذيعون وأغلب ضيوفهم تعودوا دوما على تحريك أياديهم أثناء الحديث قدر الإمكان لإشهار سباباتهم الملونة بالحبر الأسود الانتخابي، إثباتا لمشاركتهم بالعرس الوطني.
من لطائف القدر، أن السبابة هي المطلوبة للحبر قانونا.. وإلا تحول البث إلى خادش للحياء العام لا قدر الله.
حتى الوزير ورئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة، كان في مؤتمره الصحافي المباشر على التلفزيون، حيويا في تحريك يديه أكثر من اللازم، واستخدام إصبع سبابته الملطخة بالحبر، في الإشارة إلى الصحافيين في القاعة وكانت إشارة واضحة أن الرجل قام بممارسة واجبه الوطني الإنتخابي، والدليل.. اصبعه.
إعلامي أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة
” لا أعرف إسم أو عنوان أي برنامج لجورج قرداحي يقدمه الآن، ” أهـ
هناك برنامج إنساني إجتماعي لجورج قرداحي أتابعه بإستمرار على اليوتيوب وهو برنامج المسامح كريم
ولا حول ولا قوة الا بالله
أصبت وأيم الحق فيما يتعلق بجاجة التلفزيون الأردني إلى التطور. صورة المذيعة أمام الشاشة العملاقة كانت تفتقر إلى كثير من اللمسات المهنية.