ما هي مهددات الأمن القومي المغربي إسرائيل أم النقاب؟

استفاق المغاربة صبيحة يوم التاسع من يناير الجاري، على عناصر حكومية توزع قرار منع خياطة وتسويق وبيع النقاب، وعلى من يتاجر به أو يبيعه التخلص مما لديه منه خلال 48 ساعة فقط.
أثار هذا القرار جدلا كبيرا في المغرب، كما اهتمت بالموضوع الصحافة العالمية وكتبت عنه كثيرا، بل تنبأت بأن المنع سيزيد من شعبية النقاب، مستشهدين بحادثة الاعتداء التي وقعت في فرنسا تجاه طالبتين مغربيتين كانتا ترتديان الحجاب عام 1989، حيث قفز عدد من يرتدين الحجاب من 70 في كل فرنسا إلى عشرات الآلاف بعد سنة واحدة. ولقد توزعت الآراء بشأن الموضوع بين مؤيد ورافض له من قبل تيارات اجتماعية وسياسية كثيرة، فمنهم من اعتبره مساسا بالحرية الشخصية، وخطوة أولى لمحاربة ملامح معينة أخرى تدل على تمسك صاحبها بالاسلام، كما عبر عن ذلك التيار السلفي المغربي. كما أن عددا من الجمعيات الحقوقية انتقدت القرار، واعتبرته انتهاكا غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير عن الهوية، أو المعتقدات الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية، كما صرح بذلك مرصد الشمال لحقوق الإنسان في المغرب.
غير أن تيارات أخرى رحبت بالقرار ونفت مساسه بالحريات الفردية، حسب قول الجبهة الوطنية المناهضة للتطرف والإرهاب، بل أن بعض الجهات اعتبرت النقاب غريبا على الحالة المغربية، وأنه ليس زيا مغربيا يتحدر من صلات ثقافية واجتماعية لهذا البلد، متناسين أن البدلة الرجالية وربطة العنق، والبنطال النسائي والفساتين، وبعض الأزياء الاخرى التي يرتديها المغاربة من علية القوم وعامتهم، نساءهم ورجالهم، كبارهم وصغارهم، هي أزياء مستوردة من الغرب ولا تمت بصلة إلى الثقافة المغربية، حتى أن البعض تطرف في الرفض معتبرا أن النقاب هو امتداد لايديولوجية العنف، دون أن يعطي سببا مقنعا لذلك، رغم أنه لم تؤشر أي حالة عنف، حتى الان، من قبل امرأة أو رجل ارتديا النقاب ليضللا السلطات الأمنية.
المنطق يقول بأن قرار المنع سيزيد من حالة الانقسام المجتمعي الذي تعانيه المغرب، لان الكثير من النساء في هذا البلد يرتدينه، كما يبدو أنه تمهيد لمنع ملابس أخرى، ثم التحكم بما يلبسه الناس في مراحل لاحقة، إضافة إلى أنه خطوة غير مدروسة ستسبب قطع أرزاق آلاف المواطنين الذين يعتمدون عليه في كسب قوتهم. وإذا كانت وزارة الداخلية لم تصدر قرارا رسميا بذلك، وإنما السلطات المحلية هي التي تولت القيام بالمنع، فمرد ذلك لمحاولة الوزارة التهرب من التساؤلات التي ستوجه لها عن عدم شرعية القرار، لعدم وجود سند قانوني يمنع المواطنين من ارتداء زي محدد، إضافة إلى أنه تحرك سياسي هدفه التغطية على الأزمة السياسية التي تعصف بهذا البلد وتعثر تشكيل الحكومة، فارتأت السلطات المختصة إثارة هذا الموضوع بوجه الاطراف الاسلامية لإحراجها.
الغريب أنه في الوقت الذي ترى فيه السلطات أن النقاب يهدد الأمن القومي المغربي، فإنها تتغاضى تماما عن الوفود المغربية التي بدأت تتقاطر على إسرائيل مؤخرا. فقد نشرت القناة الاسرائيلية الاولى تقريرا تحدث عن مشاركة مثقفين وقادة جمهور ورواد رأي عام من المغاربة في مؤتمر الصداقة اليهودية المغربية المقام في فلسطين المحتلة، وأن برنامج الوفد يتضمن استضافة في الكنيست الاسرائيلي واللقاء بعدد من أعضائه. كما سبق ذلك زيارة عدد من الصحافيين المغاربة إلى إسرائيل بدعوة من وزارة الخارجية الاسرائيلية، وظهرت صورهم مع العديد من المسؤولين الصهاينة في تلك الزيارة. وكانت تصريحاتهم تصب في اتجاه التطبيع معها، وأن معاداتها تمثل امتدادا لإيديولوجيات التطرف في المنطقة حسب رأيهم. بينما لم يخف المسؤولين الاسرائيليين الهدف من الدعوة، مؤكدين على أنهم يأملون أن يفتح هؤلاء كوة لهم في المجتمع المغربي، تمكنهم من خلق حالة تطبيع. وهنا لابد من الاشارة إلى أن ما يقارب 40 ألف سائح إسرائيلي يزورون المغرب سنويا، بينما لا توجد علاقات دبلوماسية تربط المغرب بإسرائيل. السؤال المهم الان هو أليس من الأجدر بالسلطات المغربية تحصين أمن البلد القومي وأمن مواطنيها ضد الاختراقات الصهيونية، بدلا من التحرك ضد الحريات الشخصية والتحكم فيما يلبسه الناس؟ أليس من الغريب حقا أن تكون مواقف الهيئات والجمعيات النقابية والشعبية ضد زيارات الوفود إلى إسرائيل أعلى صوتا من صوت الحكومة، وأكثر جرأة منها في رفض هذه الممارسات؟ وإذا كان صوت السلطات يقول بأن قرار منع النقاب يأتي في إطار قيادة حملة للعودة إلى الاسلام المعتدل، أما كان من الأفضل للسلطات أن تقوم بقيادة حملة لغلق الابواب والنوافذ التي تحاول إسرائيل الدخول منها إلى المغرب؟
المجتمع المغربي وسط فيه حراك سياسي كبير، وعدم مصادرة الحريات الشخصية يرفع من قيمة المنظومة السياسية فيه، بينما خلق المشاكل فيه يؤدي إلى لعب من يعادون المغرب عليها ويستثمرونها لصالحهم. وقد تحسب بعض السلطات العربية أن الاستجابة إلى إملاءات الخارج تعطيهم نقاط تفوق سياسي بمساعدة خارجية، وهذا خطأ وخطر سياسي كبير، لاحظنا نتائجه في حالة ما سمي بالربيع العربي، حيث تخلت أمريكا والغرب عن حلفائهما العرب حين وجدوا أن كراسي هؤلاء اهتزت. فالتسابق لمنع النقاب وما سُمي تشذيب الخطاب الديني في بعض الاقطار العربية، وتغيير المناهج الدراسية والعلوم الدينية، كلها ممارسات هدفها الاستمرار في الحصول على الرضى الغربي والدعم العسكري والمالي الخارجي، بينما أقطارنا العربية كلها تعاني من خلل في مستوى عمل منظومة الأمن القومي، إلى الحد الذي يذهب البعض فيه إلى الاعتقاد بأن سلب حريات المواطنين والتحكم في ملبسهم وطريقة حياتهم هو عملية تحصين أمني. بينما، على سبيل المثال، نرى الغرب يحقق نظرية الأمن ويُحصّن مواطنيه بإجراءت ظاهرة لكنها غير محسوسه وليست استفزازية، كما في حالة منع النقاب مثلا. يقول خبراء الأمن بأن كاميرات المراقبة المنتشرة في شوارع لندن، ودوائرها وشركاتها ووسائط النقل فيها تلتقط لكل شخص بمعدل 5000 صورة يوميا. لذلك هم ليسوا في حاجة إلى استفزاز الناس بقرارات تعطي أحساسا للاخرين بأن هنالك سلطة تمارس عليهم التحكم. فالانسان بالفطرة يخضع لحالة الاقناع ويتمرد في حالة الفرض.
باحث سياسي عراقي

ما هي مهددات الأمن القومي المغربي إسرائيل أم النقاب؟

د. مثنى عبدالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نعيم اسبانيا:

    يبدو لي أن كاتب المقال ،كتب ليكتب فقط.
    وإن كان هذا حقا ما يعتقده،فإنه لا يعي شيئا عن المغرب ولا عن استراتيجياته السياسيةـ
    أولا قضية الصحراء هي المحور الرئيسي للسياسة الخارجية للدولة المغربية منذ الخمسينات،وهي مسألة أمن قومي بالنسبة لها
    ثانيا المغاربة أمازيغ وليسوا عربا.
    ثالثا إسرائيل تهدد فقط طموحات و مصالح القوميين العرب والإسلاميين.
    أما ما يهدد أمن المجتمعات المسلمة في نظري هو تفشي الراديكاليات الدينية التي تنشر الجهل والتخلف وتدعو للقمع والعنف والإستبداد.

  2. يقول Moussalim Ali:

    .
    – الدولة المغربية لم تمنع النقاب بل البرقع .
    .
    – والمنع لم يأتي بالإعتقالات او بالإغتيالات او بخطف المواطنين والمواطنات واستعمل للصورايخ والكيماوي والذبابت …المغاربة يفهمون الأمور وهم واعون بما هو فيه الفائدة للمغرب .
    .
    – ظاهرة البرقع تهم قلة قليلة من السكان ، والأهم في الموضوع هو التحقيق في السبب الذي جعل بهذه الظهيرة تغزو بعض الأسواق ؟ من قام بهذا الغزو ؟ ولأي هدف ؟ . هذا هو الاهم . وإذا ظهر السبب ، بطل العجب .
    .
    – لا علاقة للثقافة وللتقاليد المغربية بالبرقع بل هو من أصل أفغاني ، ليس إلا .

  3. يقول سميرة بن يحيى المغرب:

    الى االطااهر العربي و ابن اللوليد و مسالم علي : اراكم دائما تدافعون بقوة عن اسرائيل و الصهاينة و الغرب و كل ما يعادي امتنا، من انتم بالضبط ؟؟؟ لان ما تقولونه لا يعكس ابدا راي العامة في المغرب بل يعكس المنظمات المشبوهة التي تمولها اسرائيل و الغرب في بلادي و التي تتخصص في الدفاع عن الشواذ و الدعارة و الاجهاض و لزنا و الافطار في رمضان و اللباس العاري من تنانير قصيرة و بكيني و غيرهما، بينما ينددون بالمصلين اذا صلوا خارج المسجد لانهم لم يجدوا مكان داخله و يشهرون بمن تزوج عرفيا لاسباب تخصه و ينتقذون الحجاب و النقاب زاعين بانهم ليسوا من الثقافة المغربية !!

    يعني جداتنا كن يلبسن السراويل الاصقة و الهوت شورت !! ما زالت النسوة الى اليوم يلبسن ما يشبه البرقع في المناطق النائية حيث يخبئن وجوههن و اجسامهن تحت لباس فضفاض و لا يظهرن الا عين واحدة لرؤية فقط الطريق، هذا اثوب يكون اسود في جنوب المغرب و يكون ابيض في الشمال (ليس الجلباب الذي هو في الاصل لباس رجالي محط)

  4. يقول سميرة بن يحيى المغرب:

    ما يعكس اراء المغاربة هو ما كتبه د المثنى عبد الله ، شكرا دكتور على مقالك الذي اظهر حقيقة بعض المعلقين الذين لا يمتون للمغرب بصلة الا من خلال اسمائهم النمطية التي يكتبون بها. طبعا اسرائيل هي الخطر الكبير على المغرب حيث بدات تتغلغل الى بعض المنابر و الجمعيات للتدخل في ما نرى و نسمع و نكتب اضافة الى انها تعبث بتاريخ المغرب عبر خلق عناصر و جمعيات مناوئة لانتماء و هوية المغرب محاولة خلق الفتنة بين المغاربة باستعمال ماجورين عرب و امازيغ كل له هدف معين و قد قالها الستاذ السفياني رئيس الجمعية المغربية لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

  5. يقول سميرة بن يحيى المغرب:

    يجب فتح تحقيق كذلك حول ظاهرة غزو البكيني و الميني جوب و غيرهم الى الاسواق المغربية .من قام بهذا الغزو ؟ ولأي هدف ؟ . كما يجب التحقيق فيه ايضا.
    الى نعيم اسبانيا ” ثانيا المغاربة أمازيغ وليسوا عربا ” شبعنا من هذا الكلام الفارغ و الاسطوانة المشروخة التي يرددونها اعوان بنو صهيون.
    ” منع االنقاب جيوسترايجية ” قتلتني بالضحك.. نكتة هادي والله

    طاطاوي صحراوي مغربي: اللهجة الدارجة التي كتبت بها ليست صحراوية ابدا شوف لك اسم اخر
    هيثم :” فالنقاب والبرقع انتهاك جسيم لحرية المرأة والداعون إليه ظلاميون ينظرون للمرأة نظرة دونية متخلفة ” و ماذا عن تعرية جسم المراة ؟ هي نظرة متقدمة و راقية لها ؟

  6. يقول سميرة بن يحيى المغرب:

    الطاهر العربي : الرجال هم من ينهضوا بالامم و المراة تتبع فاذا كما نقول بالمغربي “عري انت على ذراعك ” (اي استعد للشغل) و انهض انت و غيرك بالامة و ليس بتعرية نسائك . عندما نهض الرجل الغربي بامته كانت الساء في بيوتهن يلبسن تنانير طويلة ويغطين رؤوسهن عند الخروج فلا تخطا فيما يجب تعريته ، تذكر” ذراعك” و ليس شيء اخر…

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      يا سميرة، ربما درس الفلسفة كان قاسيا عليك، رويدا رويدا … يا اخية.
      .
      ان كنت تفكرين كما تقراين، فهذا مشكل جلل، و انا لست من المريخ، بل اكاديمي مغربي قح، لا اقرأ بالعاطفة.
      .
      اراك دائما لا تقرأي جيدا ما اكتب، و تخبطين خبط عشواء يمينا و يسارا.
      .
      ساتحداك الآن لالخص عليك امرك، و نضع حدا لهذه المهزلة، امام الملأ، اعطيني مثل واحد متى دافعت عن اسرائيل؟
      .
      و ان لم تجدي، فانا انتظر اعتذارا، و الا ساعتذر لك امام الجميع. اضن ان هذا مناسب. هات يا سميرة!

    2. يقول الكروي داود النرويج:

      حيا الله أصلك الطيب يا أخت سميرة وحيا الله جميع شرفاء المغرب, رجاله ونسائه, عربه وأمازيغه
      لقد ربط الدكتور الأديب مثنى حفظه الله بين منع النقاب والتطبيع فأجاد وكان الربط بالصميم ولكن يُصعب على البعض إدراك المغزى
      ولا حول ولا قوة الا بالله

    3. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      انا اوافقك ايه المعلق(ة) من النرويج، يصعب عل البعض الفهم و راية اللحوة كاملة.

  7. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    يا سميرة هل انت فعلا مغربية؟ انا لحد الآن لم يحصل لي الشرف بالتعرف على شخصيات مثلك، بذكاء ثاقب طبعا.

  8. يقول م . حسن .:

    هل من جديد لتخفية المرأة المنقبة , ولماذا تريد أن تكون علي شكل شوال من الفحم في حفلة تنكرية ؟ .

  9. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    اضن ان ما قلته حول سبب ارتفاع عدد الزيارات من المطبعين مع اسرائيل قد يصدم الاخوة خصوصا من فلسطين.
    لكنها الحقيقية. مباشرة بعد قمة مالابو وعدم انسحاب فلسطين مساندة للمغرب في قضيته الوطنية صار الكلام على
    ان كل دولة تراعي مصالحها العليا اولا بمن فيهم فلسطين. هذا محزن طبعا، و قد اضعف مناهضي التطبيع في موقفهم
    و نحن نحتاج بعض الوقت لاسترجاع القوة. يقولون اذا كان ساسة فلسطين يخدمون قضيتهم، نحن يجب علينا
    فعل المثل. الديار اولا ثم ديار ذوي القربى. و هذا قد تحسوا به حتى من بعض التعليقات هنا. فرجاءا لا تضعفينا
    اكثر بقنابل العنقودية و الامة و العروبة و الصهيونية … نحن نحتاج بعض الوقت، و كثير من السياسة.

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      تتمة، عادة تخرج تصريحات من الضفة تندد بلغة خشبية بهكذا زيارات، و اخرى صريحة من غزة …
      الآن الجميع ابتلع لسانه و كان على رؤوسهم الطير. المسالة معقدة ايه الاخوة. فلا تزيدو الطين بلة.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية