ما وراء تقرير «دير شبيغل»: كميات هائلة من الذخيرة أودعها الروس وقوات النخبة تحرس المعسكر الروسي والشيشان حضروا لصالح تنظيم «الدولة»

عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن إخفاء مظاهر التماس التي تتزايد، بالتوازي مع الحضور الروسي العسكري القوي في سوريا، بين بعض حلقات النظام السوري وبعض الحلقات النافذة في الحرس الثوري الإيراني وحتى في «حزب الله» اللبناني الذي تؤكد تقارير معمقة انه يمتثل ميدانيا، خصوصا في تفاصيل الاشتباك العسكري بغالبية المناطق المتواجد فيها لأمر الحرس الثوري الإيراني من دون توازن في التنسيق مع النظام السوري نفسه.
آخر المعلومات التي حصلت عليها «القدس العربي» ومن مصادر موثوقة جدا تشير إلى ان القيادة العسكرية الروسية التي تدير المهام والواجبات داخل سوريا لا تستجيب بالسرعة المطلوبة ميدانيا لرغبة الحرس الثوري الإيراني في التنسيق العملياتي، الأمر الذي يعتبر إشارة تعزز القناعة بوجود إشكالية وحساسية متعددة الأطراف حتى داخل غرفة عمليات التنسيق المركزية.
هذه الحساسيات لاعلاقة لها فقط بما ورد تفصيليا في صحيفة «دير شبيغل» الألمانية مؤخرا بقدر ما لها علاقة بامتناع النظام السوري ومعه القيادة السورية العسكرية الروسية عن الالتزام الحرفي ببروتوكول تنسيقي تم اعتماده في غرفة عمليات لقاء بغداد الشهير الذي حصل قبل الحملة العسكرية الروسية وتشكلت بموجبه هيئة تنسيقية تضم روسيا وسورية والعراق وإيران.
ما أثارته صحيفة «دير شبيغل» أعقب عمليا الجدل الماثل حول ظروف مقتل العميد النافذ في قيادة الحرس لثوري حسين همداني حيث لا زالت ملابسات مقتل الأخير تثير التساؤل وتنطوي على غموض.
ميدانيا أفادت تقارير اطلعت على مضمونها «القدس العربي» بأن طوق كماشة ثلاثي الأبعاد يحرص حاليا معسكر القيادة الروسي الأرضي المركزي الذي يدير تفصيلات الاشتباك والطلعات الجوية.
عدد الروس العسكر في مقر القيادة المركزية قرب اللاذقية يبلغ نحو 1000 عسكري منهم نحو 70 ضابطا برتبة كبيرة ومتوسطة، وجميعهم يرفضون السماح لأي جهة في وزارة الدفاع السورية بالاطلاع على الأجهزة والمعدات اللوجستية المتعلقة بالواجبات العسكرية داخل المعسكر.
لافت جدا للنظر، برأي خبراء عسكريين تصدر عنهم تقارير متابعة ميدانية استخباراتية الطابع، ان مقر القيادة الروسية العسكري لتنسيق العمليات محاط بحزامين عسكريين لأغراض التأمين اللوجستي، فيما يبدوا ان حراسة هذا المرفق العسكري الحيوي المهم أوكلت لفرقة النخبة الرابعة في الجيش السوري مباشرة في الحزام الأول، فيما كلف قطاع يتبع الحرس الجمهوري بتأمين الحزام الثاني من دون أي وجود للشريك الإيراني في مثل هذه الترتيبات.
الانطباع يتزايد بظهور عمليات « تلامس» وفي عدة مراحل بين النظام السوري وتحديدا أجهزته الأمنية وبين فعاليات والأذرع العسكرية والأمنية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وفي بعض المناطق مع معاداة الحدود مع لبنان ظهرت تلامسات تجاذبية مع قوات «حزب الله».
خبراء في المعارضة السورية يتحدثون عن أداء شيعي وطائفي بامتياز يمكن تلمسه من قراءة بعض التحركات والتحشدات العسكرية الإيرانية والتابعة لـ»حزب الله» في العديد من المناطق.
تلك الحساسية أو نقاط التجاذب ظهرت فنيا عندما تعلق الأمر بمحاولة تأمين مواقع الاشتباك الواسعة في محيط الزبداني تحديدا وفي منطقة جسر الشغور بصورة خاصة، ما دفع الكثيرين للاعتقاد بأن الحرس الثوري الإيراني يسعى لتحصين وتعزيز «سندويشته الجيوسياسية» الخاصة داخل «السندويشة» الكبرى التي يحاول انتاجها النظام السوري نفسه.
خصوصا مع الالتفاف الجغرافي الميداني ما بين الزبداني والجزء المتصل من ريف دمشق بمناطق حدود لبنان التي يعتبر «حزب الله» النافذ الأكبر فيها.
العمليات الأمنية التي يقوم بها الحرس الثوري و»حزب الله» في بعض المناطق تتم بمبادرات ذاتية ومن دون تنسيق واضح وتفصيلي مع وزارة الدفاع السورية وحتى في أوساط إعلامية تتبع «حزب الله» استمعت «القدس العربي» مباشرة لآراء تحفظية تتحدث عن نزاعات وصراع أجندات وأوليات متباينة بعد بعض المعارك في مناطق الشريط الحدودي والقرى المحاذية.
جزء من هذه التحفظات يتناول تكريس الخطاب الطائفي تعبويا في نظام الإعلام والتوجيه التابع لـ»حزب الله» وجزء آخر منها يدير النقاش على أساس ان «حزب الله» قدم تضحيات كبيرة ويحق له بالمقابل إقرار السياسات الميدانية بعد تحرير مناطق بعينها.
مثل هذه التلامسات النقاشية تعكس وجود تباين وخلافات خلف الكواليس يخفيها الفرقاء بقدر من الذكاء حتى الآن.
لكنها في الوقت نفسه تلامسات تمنح المصداقية أو بعضها على الأقل للتقارير الإعلامية الغربية التي بدأت تنبش في تفاصيل الحاجة السورية للشريك الروسي القوي تحت عنوان الحد من نفوذ الحرس الثوري و»حزب الله» في معادلة الميدان، خصوصا وأن خطاب التخلي عن المعارضة السورية وإعادة تأهيل النظام السوري في المستوى العربي والإقليمي قد يتطلب في مرحلة لاحقة التخفيف من الذرائع العربية والإسرائيلية والإقليمية التي تستخدم بسبب النفوذ الإيراني وتصرفات الحرس الثوري و»حزب الله» تحت الشعار الطائفي.
التقارير الميدانية تتحدث عن تردد روسي في تدشين خطط الاشتباك البري، خصوصا مع استدعاء للطاقم الشيشاني المقاتل في صفوف «تنظيم الدولة» و»جبهة النصرة» ومع الرسائل التي بدأ «الجيش الحر» يبثها بالروسية للشعب الروسي.
لكن هذا التردد لا يوقف كميات الذخيرة الهائلة التي تم إيداعها في اللاذقية تحديدا وفي بعض مستودعات النظام السوري المخصصة لتخزين الذخيرة وهو تردد في الوقت نفسه لا ينفي رصد معالم شكل من أشكال الصراع على النفوذ الميداني، لأن موسكو معنية بالكثير من الأشياء لكن ليس من بينها حرب طائفية مقدسة تخدم مصالح إيران فقط، في الوقت الذي بدأت فيه أجهزة الاستخبارات الغربية تحصي عدد الحسينيات التي تنمو في معاقل النظام العلوية وتحديدا في اللاذقية ومحيطها.

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد - الاردن:

    هذه مؤشرات أولية لمسلمة من مسلمات الحروب والتحالفات، الحصة الأكبر للطرف الأقوى، والخلافات ستظهر بشكل أكبر بعد خوض المعارك الكبرى التي يطمح لها النظام مع شركائه، وعلى الجميع أخذ التدخل الروسي كمصلحة بعيدة المدى للمعارضة السورية.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    العلويين بشكل عام لا يريدون التشيع الصفوي بل التشيع الروسي (العلماني)
    فايران وميليشياتها بسوريا بدأت بفرض أجندتها العقائدية الغريبة عن العلويين

    فالذي يحرس بشار بقصره الدمشقي هم الايرانيون
    ايران ستستولي على دمشق ثمنا لمساعداتها الضخمة للنظام
    ولهذا استعان بشار بروسيا حتى يخرج من هيمنة الايرانيين وأجنداتهم

    أعتقد بأن هناك عدم ثقة بين المعسكرين بسوريا
    وهما : المعسكر الشيعي والمعسكر العلماني
    فايران تريد الهيمنة وروسيا تريد التحالف
    لهذا اختار الأسد التحالف مع الروس

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول omar:

    الجيش السوري يسيطر على حاجز مزرعة الأمل وكامل قرية مزرعة الأمل في ريف القنيطرة الشمالي

  4. يقول حسام:

    خير إن شاء ” كميات كبيره من الذخيره ” ، هي بإذن الله للمجاهدين غنيمه .

    1. يقول omar:

      إذهبوا إلى فلسطين لتجاهدوا

  5. يقول صقرالصقر-بريطانيا:

    ذرالرماد في العيون ليس الا ،المهم سوريامحمية بروسيا

  6. يقول جزائري و افتخر:

    صحبح التدخل الروسي هو لمصلحة المعارضة على المدى المتوسط فهو يمنحها فرصة التوحد و يكشف عن الانهيار الغير المسبوق للنظام و داعميه

  7. يقول د. راشد - المانيا:

    توقعي اخ كروي أن العلويين سيشدون الى جانب الحسينيات كنائس ارتذوكسية قريبا عرفان بالجميل لروسيا ولا اعرف ماذا سيشيدون للصين إن تدخلت لصالحهم

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      توقع معقول يا دكتور راشد
      مع تحياتي ومحبتي واحترامي لك وللجميع

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول الغريب..:

    الحقيقة الوحيدة ان المعارضة السورية هي من تـتقاتل فيما بينها ،،بينما النظام وحلفاءه متحدون معاً،،

إشترك في قائمتنا البريدية