الناصرة – «القدس العربي» : بعدما فشل ما يعرف باليسار في إسرائيل في تحقيق تسوية الدولتين منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 يتجه بعض قادته ليهود العالم الغربي من أجل الضغط عليها واضطرارها على إنهاء الاحتلال. من هؤلاء سفير إسرائيل في تركيا وجنوب أفريقيا ومدير عام خارجيتها سابقا المحاضر في جامعة تل أبيب د. ألون ليئيل.
وفي محاضرة له أمام ناشطين يهود وعرب داخل أراضي 48 يسعون لبلورة فعاليات متنوعة في الذكرى الخمسين لاحتلال الضفة وغزة قال ليئيل إنه للمرة الأولى يتم فتح قناة كهذه مع جماعات يهودية ليبرالية في العالم وتعارض سياسات إسرائيل واحتلالها. والحديث يدور عن منظمة يهودية عالمية جديدة « siso» بدأت تسعى للقيام بفعاليات مختلفة استعدادا للذكرى الخمسين للاحتلال، منها إبراز الخط الأخضر الذي تحاول إسرائيل طمسه علاوة على فعاليات سياسية وثقافية داخل المدن الإسرائيلية التي يقطنها يهود شرقيون ممن يقترعون عادة لأحزاب اليمين.
ويراهن ليئيل على قدرة المنظمات الأهلية في إسرائيل على إحراز نجاحات في هذا المضمار أكثر من الأحزاب السياسية، معتبرا أن المجتمع المدني أداة فعالة للتأثير على الرأي العام.
ويقدر أن يهود العالم منقسمون حول الاحتلال بين 80% يناهضونه وبين 20%يؤيدونه، داعيا لاستغلال اهتمامهم بالقيم الديمقراطية لاسيما أن عدم إنهاء الاحتلال يعني تحول إسرائيل لدولة يهودية لا ديمقراطية. ليئيل الذي أوضح أمام ناشطين يهود وفلسطينيين في الداخل قال إنه ينتمي لمجموعة إسرائيلية تشكل نحو5% من الإسرائيليين تشعر بأنها معزولة نتيجة سيطرة اليمين وتراجع اليسار. وتابع «أنا شخصيا رفعت يدي من النضال السياسي داخل إسرائيل لإنهاء الاحتلال وتحقيق تسوية الدولتين لأن هذه المواجهة حسمت وانتهت ولا أعتقد أن الحل يكمن بالتوجه للمجتمع الدولي والعالم»، مشيرا الى أن هذه المجموعة قررت المبادرة لفعل ما، فبدأت بالتوجه للجماعات اليهودية في العالم للضغط على إسرائيل بغية إنهاء الاحتلال. وتوقف ليئيل عند» الأهمية الكبيرة «للدورة الحالية في مجلس الأمن التي تشارك فيها الولايات المتحدة. ويضم مجلس الأمن في عضويته لهذه الدورة روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا والسنغال، ومصر، وفنزويلا، وأورغواي، وماليزيا واليابان واوكرانيا واسبانيا، وأنغولا ونيوزيلندا.
يشار الى أن بحث موضوع الدولتين في مجلس الأمن يحتاج لموافقة تسع دول على الأقل وبدون ذلك لا معنى للضغط على واشنطن اليوم للامتناع عن فرض فيتو.
وردا على سؤال دعا ليئيل فلسطينيي الداخل لإسماع صوتهم في العالم بهذا الخصوص وإحراج الولايات المتحدة ودول أوروبية بالتأكيد على كونهم 20 % من المواطنين في إسرائيل ومطالبتهم الرئيس باراك أوباما بعدم فرض الفيتو على قرار بتبني تسوية الدولتين ربما يتخذه مجلس الأمن. وتساءل لماذا لا يبادر قادة فلسطينيي الداخل للقاء سفيرة فرنسا في تل أبيب من أجل تبليغها رسالة حول حيوية نشاط باريس باتجاه إنهاء الاحتلال في الأمم المتحدة وخارجها. ويولي ليئيل أهمية بالغة لهذه «الفرصة الدبلوماسية» التي ربما تنضم فيها الولايات المتحدة فعليا لكل دول العالم قاطبة في تأييد حقيقي لتسوية الدولتين، موضحا أن تصويت مجلس الأمن لصالح تسوية الدولتين ومطالبة إسرائيل بتطبيقها ينطويان على ضغط فعال عليها نحو إنهاء الاحتلال. ويعتبر أن امتناع واشنطن عن التصويت لصالح مثل هذا القرار يشكل تسونامي سياسيا بالنسبة لإسرائيل. ويضيف «وتزداد أهمية مثل هذه القرار الحيوي جدا مع انتخاب هيلاري كلينتون لرئاسة الولايات المتحدة، أما في حال انتخب دونالد ترامب فهذا يعني أنه على الدنيا السلام». وتطرق ليئيل لاتحاد كرة القدم العالمي «فيفا» مشيرا الى منع الاحتلال فرقا رياضية فلسطينية من مغادرة غزة والضفة الغربية أحيانا بهدف المشاركة في مباريات، وفي المقابل تشارك خمسة فرق كرة قدم استيطانية في الدوري الإسرائيلي رغم أن المستوطنات واحدة من الجرائم والانتهاكات الفظة للقانون الدولي. وانتقد ليئيل «فيفا» لتعاونها الفعلي مع إسرائيل بغضها النظر عن الفرق الخمسة الاستيطانية وعن انتهاكاتها لحقوق الفرق الفلسطينية رغم أن فلسطين عضو كامل في اتحاد كرة القدم العالمية. ولفت إلى أن عريضة دولية وقعها مئات آلاف الأشخاص حتى الآن تطالب «فيفا» بمقاطعة فرق كرة القدم الاستيطانية. مبديا استغرابه لعدم انضمام فلسطينيي الداخل لحملة التواقيع هذه في العريضة المنشورة بموقع «عتسوما ك».
الضغط الفعال .. من الداخل وأوروبا خائفة
من الإسلام السياسي
في المقابل يقلل عضو الكنيست اليهودي في القائمة المشتركة دوف حنين من احتمالات وجدوى الضغوط الدولية. وقال في اللقاء المذكور إن الحلبة الفلسطينية منكوبة بانقسام يشغل الفلسطينيين عن النضال ضد الاحتلال والعالم العربي غارق بمشاكله. كما أشار إلى أن الحلبة الدولية أيضا مأزومة ومنشغلة عن الصراع والاحتلال الإسرائيلي. وأبدى حنين اشمئزازه وقلقه مما وصفها قوافل الحجيج التي تقوم بها بعثات من أوروبا لإسرائيل وبرلمانها رغم الاحتلال والاستيطان والانتهاكات اليومية، وسط صمت من جهة اليسار هنا وهناك. وأوضح أن الإسلاموفوبيا المنتشرة في أوروبا هدية ثمينة جدا لإسرائيل. وقال إن اليمين المتطرف في أوروبا لا يشكل أكثر من 40 % من الفعاليات السياسية في أوروبا لكنها هي التي تحدد الأجندة وتقوم بترهيب الوسط واليسار. وتابع «لذا فأنا لا أرى إمكانية لضغط عالمي ناجع واقترح مواصلة التركيز على النضال ضد الاحتلال من الداخل بالأساس داعيا للقيام بفعاليات عبر أدوات جديدة عدا الأحزاب والمنظمات الأهلية متفقا على حيوية مخاطبة اليهود الشرقيين والتقليديين والمتدينين. وردا على سؤال «القدس العربي» قال البروفيسور أسعد غانم أحد المبادرين للقاء الفعاليات العربية اليهودية الراغبة بالمشاركة في فعاليات ضد الاحتلال في ذكراه الخمسين إن هناك برنامجا لتكثيف الفعاليات التي تركز على الشروحات والتوضيح طيلة العام المقبل خاصة في البلدات اليهودية المؤيدة لليمين بالذات حتى الآن، منبها الى أن مسؤولية الواقعين تحت الاحتلال تعني مقاومته ومخاطبة الرأي العام بالطرف الآخر للتأثير عليه نحو تقصير عمر هذا الاحتلال لاسيما أن حكومة إسرائيل ماضية في دعايتها وحملات تضليلها واتهام الفلسطينيين باستمرار حالة الصراع تهربا من إنهاء الاحــتلال.
وديع عواودة
هذا كله ناتج عن الانقسام الفلسطيني ، رغم أن بعض أحبار اليهود يتخوفون من تحول الكيان الصهيوني الى يهودي وهذا يعني زوال دولتهم المزعومة .