رام الله – «القدس العربي»: استضافت بلدية الخليل ولجنة إعمار الخليل ممثلي معظم الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية وآسيا، وذلك لبحث حيثيات وتداعيات قرار إنشاء مجلس بلدي للمستوطنين في قلب المدينة جنوب الضفة الغربية، وذلك بعد أن أقدم وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي على إصدار تصريح بالغ الخطورة بتخويل المستوطنين الإسرائيليين في البلدة القديمة في مدينة الخليل بصلاحية إنشاء مجلس بلدي خاص بهم وبتوفير خدمات ودعم مادي لهم من الحكومة الإسرائيلية.
وأكد عماد حمدان مدير عام لجنة إعمار الخليل أن أهمية مثل هذه الزيارة للدبلوماسيين هي إطلاعهم على معاناة المدينة بشكل عام والبلدة القديمة بشكل خاص في ظل القرار الاستيطاني الخطير الذي لم يحدث من قبل ليس فقط في فلسطين وإنما في أي مكان في العالم.
وأكد في تصريحات لـ «القدس العربي» أن المراد من اللقاء مع الدبلوماسيين، هو أن يقوموا بنقل صورة الأوضاع في المدينة إلى حكوماتهم وكذلك استخدامهم للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل إبطال القرار الاستيطاني وتخفيف معاناة السكان.
وشكر رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة الحضور على استجابتهم للدعوة وقدم تهنئته بالمصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية التي دخلت حيز التنفيذ كما قدم التهنئة بإدراج الخليل على لائحة التراث العالمي، مؤكدا على عدم شرعية المستوطنين في قلب مدينة الخليل. وأشار الى انه بالرغم من ذلك كان لا بد من توقيع اتفاقية الخليل في عام 1997، للمضي قدما في عملية السلام على اعتبار أنها اتفاقية مرحلية مؤقتة وقد التزم الجانب الفلسطيني بها والتزمت بلدية الخليل بها حرفيا بينما خالفها الإسرائيليون على نحو يومي بأشكال مختلفة، إضافة إلى انه تم عزل جزئية كبيرة من المنطقة مثل شارع الشهداء وسوق الخضار وسوق الذهب وتل الرميدة، وذلك لأغراض أمنية بحسب قولهم، ومنعوا الفلسطينيين من الدخول إليها وأغلقوا المحلات هناك والمصالح التجارية. وعلى الرغم من ذلك فقد سمحوا للمستوطنين باستباحتها والعبث بها واستخدامها لأغراض التوسع الاستيطاني، والآن يريدون ان يكرسوا هذا الواقع بإعطائهم الغطاء الإداري أيضا – ليس فقط في المنطقة المعزولة – ولكن على امتداد منطقة H2 كلها مما يعني سلخ هذه المنطقة عن الخليل.
وانهى كلمته بالمطالبة بالضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل التراجع عن هذا القرار لما له من تبعات على مدينة الخليل وعملية السلام برمتها.
كما رحب حمدان بالقناصل والدبلوماسيين الذين يمثلون كلا من الاكوادور واليابان والنرويج والاتحاد الأوروبي وبولندا وفنزويلا وايرلندا ومالطا وتركيا والسويد وبلجيكيا واسبانيا ومنظمة التعاون الإسلامي. وأشار الى أن لجنة إعمار الخليل تستنكر الإجراءات الأخيرة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال وتنظر إلى قرار وزارة جيش الاحتلال بأنه غير قانوني ومخالف لكافة القوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة ومختلف المعاهدات الدولية الأخرى لحقوق الإنسان. وأكد على عدم شرعية وجود المستوطنين في قلب مدينة الخليل. وأضاف أن لجنة إعمار الخليل تعتبر قرار وزارة جيش الاحتلال رضوخا لطلبات المستوطنين المستمرة من أجل إعطائهم صلاحيات إدارة شؤونهم ومحاولاتهم المستمرة لضم البلدة القديمة للأراضي الإسرائيلية.
وأشارت لجنة إعمار الخليل خلال الاجتماع إلى أن خطة دولة لاحتلال بالسيطرة على البلدة القديمة في الخليل تعد قيد التنفيذ منذ عدة سنوات، حيث تقوم بالسيطرة على الحرم الإبراهيمي الشريف ويستولي المستوطنون على بيوت فلسطينية في المنطقة المحيطة من الحرم، كما يتبعون سياسات عدة تهدف لسرقة الممتلكات الفلسطينية مثل إعلان مناطق مغلقة بأوامر عسكرية، وتهجير السكان الفلسطينيين باستخدام مختلف أساليب الضغط وتضييق الخناق عليهم لتسهيل تنفيذ مخططاتهم الهادفة لتهويد المنطقة.
وشهدت الآونة الأخيرة تسارعا في إجراءات جيش الاحتلال والمستوطنين، متمثلة بإطلاق مسميات عبرية على الشوارع والمعالم في البلدة القديمة وإنشاء حواجز عسكرية جديدة على المداخل الرئيسية للبلدة القديمة، ووضع أعلام إسرائيلية في جميع أنحاء البلدة القديمة.
وتأتي موافقة الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين على تشكيل مجلس بلدي رسمي لهم كتعزيز لاستراتيجيتها لضم البلدة القديمة في الخليل وتهجير المنطقة من سكانها الفلسطينيين. ومن المتوقع أن يصاحب إنشاء المجلس البلدي ارتفاع حاد في المحاولات الإسرائيلية لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين بهدف إنشاء مبان بلدية ومواقع «خدمة عامة» أخرى وأن يتوسع نطاق تمويل الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين بشكل كبير.
وحذرت بلدية الخليل ولجنة الإعمار من تداعيات تنفيذ الأمر العسكري على السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم في البلدة القديمة وعلى المسجد الإبراهيمي، حيث من المتوقع أن يزداد تشديد إسرائيل على المنطقة، بما في ذلك فرض قيود إضافية على التنقل والحركة على الفلسطينيين، وإرسال المزيد من القوات العسكرية الإضافية والمستوطنين الجدد إلى المكان.
وتم خلال الاجتماع تقديم عرض مصور يوضح تداعيات القرار من ناحية قانونية، كما تمت الإشارة إلى أن الوحدة القانونية في لجنة إعمار الخليل تقدم خدمات قانونية غير مسبوقة في البلدة القديمة بسبب الوضع الفريد في الخليل مع المستوطنين والوجود العسكري الواسع للاحتلال، وكانت هناك حاجة ماسة لحماية حقوق الفلسطينيين في المنطقة وعليه تم إنشاء الوحدة القانونية، وعلى مدى أكثر من عشر سنوات، خاض طاقم الوحدة معارك قانونية لا حصر لها، وساعد في تقديم مئات الشكاوى للجهات المختصة ودعم الفلسطينيين في قضايا معروضة في نظام المحاكم الإسرائيلية.
وفي نهاية اللقاء تم اصطحاب القناصل والدبلوماسيين في جولة في أسواق البلدة القديمة وأروقتها، والاطلاع على المشاريع التي تقوم لجنة إعمار الخليل بتنفيذها.
فادي أبو سعدى: