نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في مقر الأمم المتحدة تطرق جون غينغ، مدير شعبة العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، (أوتشا)، إلى ما عاينه في زياراته الأخيرة للسودان وجنوب السودان في الفترة بين 7 و 12 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وقال إن الوضع الحالي في السودان قد طال أمده حيث يحتاج 5.8 مليون شخص إلى نوع من أنواع المساعدة، بمن في ذلك 3.2 مليون شخص ما زالوا مشردين داخليا.
وأضاف غينغ «زرت دارفور حيث تحدثت إلى المشردين داخليا الذين نزحوا مؤخرا. الوضع في دارفور، التي تستضيف أكثر من 2.6 مليون نازح داخليا، قد طال أمده بالنسبة لهؤلاء النازحين الذين يسعون لإيجاد سبل عيش كريم وبناء حياتهم».
وكان غينغ قد زار السودان لتقييم الوضع الإنساني والتواصل مع الشركاء في مجال الإغاثة حول تنفيذ البرامج الهامة، والتحدث إلى المتضررين والسلطات وغيرهم من المعنيين، بما في ذلك الجماعات النسائية. وقد ركز غينغ في زيارته على كيفية ربط المساعدة الإنسانية بالإنماء، قائلا إنه «بالإضافة إلى التحديات الكبيرة في الميدان، يتوقع الناس من المتجمع الدولي أن يساعدهم في عمليات الإنعاش».
وعقب انتهاء زيارته إلى السودان، توجه غينغ إلى جنوب السودان لتقييم الوضع الإنساني والتواصل مع الشركاء في المجال الإنساني حول تنفيذ البرامج الهامة، والتحدث إلى المتضررين والسلطات وغيرهم من المعنيين. وقال إنه من بين الدول الثلاث التي زارها خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، والتي شملت هايتي بالإضافة إلى السودان فإن جنوب السودان ينذر بالخطر الأكبر. بل إنه قد يفوق المأساة السورية خاصة وأن هناك شبح حرب إبادة جماعية.
«في كل عنصر من عناصر العمل في البلاد، هناك تدهور. تدهور في الوضع الإنساني نتيجة تدهور الوضع الأمني وتصاعد القتال. هناك تدهور في الاقتصاد مرتبط أيضا بالتدهور الأمني. هناك تدهور في القدرة على الحكم. فعندما تتخذ القرارات لا يتم تنفيذها وذلك بسبب الانقسامات داخل الهيكل الإداري».
وقال غينغ إنه قام بزيارتين ميدانيتين ليعاين الوضع على أرض الواقع في طويلة بالسودان وياي بجنوب السودان.
وانتقل جون غينيغ إلى الحديث عن هايتي، واستنكر نقص التمويل المتوفر لتقديم المساعدة إلى المتضررين من إعصار ماثيو
وأشار إلى أن إعصار ماثيو الذي عصف بهايتي مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر كان مدمرا جدا، حيث تضرر 1.4 مليون شخص بشكل مباشر.
وأضاف غينغ الذي قام بزيارة ميدانية إلى هايتي مطلع الشهر الحالي: «شرد 175 ألف شخص داخليا كنتيجة مباشرة لإعصار ماثيو، وهم يعيشون الآن في ثلاثمئة وسبعة ملاجئ مؤقتة، بما في ذلك ثمان وستون مدرسة. وما يقدر بثمانمئة ألف شخص بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية لأن الإعصار قضى على كل شيء بالنسبة لهم. وقال فيما كانت تتم مراقبة سير الإعصار، أرسل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية مسبقا موظفين إلى الميدان لتقديم المساعدة في اليوم التالي والتعامل مع مخلفات الإعصار.
وأضاف غينغ أن عمل الموظفين في هذه الظروف ليس سهلا أبدا إذ أن الإعصار ألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية، لكنه أثنى على حسن استعداد وكالات الأمم المتحدة، قائلا إن برنامج الأغذية العالمي تمكن من تقديم الطعام إلى 522,000 شخص من أصل 800,000 تم تحديدهم على أنهم بحاجة إلى المساعدة. وأشار في هذا السياق إلى استمرار الاستجابة الأممية بما في ذلك من قبل منظمة الأغذية والزراعة (فاو) لتدارك الموسم الزراعي حيث يتم تنظيف الأراضي من الركام وتوزيع البذور.
وقال «أحد الأشياء الذي فاجأني أيضا قلة حجم التمويل المتوفر. في العادة، يكون توفير الأموال في حالة الكوارث الطبيعية أمرا أسهل بالمقارنة مع الكوارث الأخرى. أصدرنا نداء صغيرا نسبيا إذا ما نظرنا إلى النداءات العالمية التي تتجاوز العشرين مليارا، إذ كان المطلوب 120 مليونا لمساعدة الأكثر تضررا، ولكن لم نتلق سوى 40 في المئة منه حتى الآن، وهذا لا يتسق مع ما نحصل عليه في العادة في الشهر الأول من إطلاق نداء متعلق بكارثة طبيعية حيث كنّا نحصل على ستين في المئة.
وردا على سؤال لـ«القدس العربي» نفى السيد غينغ أن يكون قد شاهد أو إطلع أو التقى مع ضحايا الهجمات بالأسلحة الكيميائية التي قيل إن السلطات السودانية قد استخدمتها ضد المسلحين في جبل مرة.
وردا على سؤال ثان لـ«القدس العربي» حول عدم زيارته لغزة منذ غادرها عام 2009 ليشهد أكبر كارثة إنسانية لنحو مليوني إنسان في أكبر سجن إنساني، علما أن مسؤولياته التي كانت محصورة في غزة أصبحت عالمية، قال غينغ إنه يقر بأن مسؤولياته الآن لا تختص بمنطقة بل بكل الأزمات الإنسانية وأن اهتمامه بهذه المأساة أو تلك لا يعني أنه يقلل من مأساة ما يجري في فلسطين».فكل حياة تهدر في أي مكان أو زمان بالنسبة لي مهمة وغالية. نعم عندنا برنامج إنساني قوي في الأراضي الفلسطينية وهناك فريق كبير موجود على الأرض وبالتأكيد أنه مهتم في ما يجري بشكل خاص في فلسطين». وقال بعد نهاية المؤتمر الصحافي لـ«القدس العربي»: «شكرا على السؤال إذ إن غزة تحتل مكانا خاصا في قلبي».
عبد الحميد صيام