القاهرة – «القدس العربي»: ظلت المنافسة لسنوات طويلة منحصرة في شهر رمضان بين عدد من نجمات الشباك في السينما ، خاصة بعد أن أغلقت السينما أبوابها وباتت الفرص فيها شحيحة ، وقد تبارت كل منهن للإستحواذ على اهتمام الجمهور المصري والعربي بالاعتماد على التاريخ الفائت لهن ، فنادية الجندي التي لقبت ذات يوم بنجمة الجماهير وامتدت لها الطوابير أمام دور العرض لنحو كيلو متر واستخدمت الكرابيج لتفريق الجموع الغفيرة من الناس لفض الاشتباكات الدائمة ، هي ذاتها التي توارت عنها الأضواء وأصبح ظهورها الموسمي مرهوناً بالمساعي الشخصية والبحث المضني عن فرصة مناسبة لتقديم اللائق بها وبالمرحلة العمرية ، وهو أمر جد صعب على فنانه كانت تملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً وتتخير من بين عشرات السيناريوهات المعروضة ما يلائمها ، وحينئذ يكون الفتح المبين على كاتب السيناريو والمخرج والبطل الذي يقف أمامها .
نبيلة عبيد
ولم تتجاوز المرحلة الراهنة نادية الجندي فحسب ، لكنها تجاوزت كذلك بقية النجمات المنافسات ، فنبيلة عبيد التي قدمت منذ سنوات دورها المهم في مسلسل « العمة نور « وكان لظهورها التليفزيوني وقع خاص ، فقدت جزءاً من بريقها بفعل توافد الأجيال وتقلص المساحة المتاحة لها ، وفي رد فعل طبيعي لحالة الاستياء من تغيّر المناخ وتبديل الفصول الدرامية الموسمية وهبوب رياح الوجوه الجديدة ، ملّت نبيلة عبيد من فكرة البحث عن الحيثية الأولى المفتقدة والتي توافرت لها فترة طويلة ، ويئست من محاولة استرداد المكانة الجماهيرية المتميزة التي كانت عليها وقت أن قدمت أعمالها السينمائية الكبرى: «حارة برجوان» ، «الراقصة والسياسي» ، «الراقصة والطبال» ، «اغتيال مدرسة» ، «كشف المستور» ، «شادر السمك» و «قضية سميحة بدران» إلى آخر قائمة أفلامها المهمة .
وحيث لكل زمن فرسانه كما يقول المثل الشعبي ، فقد كان الاعتراف من جانب النجمتين الكبيرتين بالواقع الجديد هو الفضيلة الحقيقية لهن والذي ترجم في صورة ترفع أو انسحاب هادئ من حلبة المنافسة الشرسة وغوغائية التقييم القائم على معايير الجاذبية والسن من دون النظر إلى المسألة الفنية وتراكم الخبرات والتاريخ الطويل من الإجادة والتميز.
ليلى علوي وإلهام شاهين
والغريب أن ظاهرة الانسحاب أو الانتظار الطويل شملت نجمات أخريات أصغر نسبياً في العمر فضلن الابتعاد بشكل مؤقت عن زحمة رمضان والموسم الدرامي المشحون بالتوترات والانفعالات، فهناك ليلى علوي التي كانت قبل وقت قريب فرس الرهان الرابح دائماً في مثل هذه الأيام ، فهي من قدمت للشاشة الصغيرة أعمالاً متميزة كان آخرها مسلسل «هي ودافنشي» مع خالد الصاوي وأحدثت الصدى المتوقع ، نجدها تفضل هذا العام أن تلعب دور المراقب عن بعد كي تتبين موقعها من الإعراب على الساحة المكتظة بالأبطال والبطلات والنجوم والنجمات من كل الأعمار والأجيال ، وهي خطوة تراها ليلى ضرورية للتقييم الشخصي والمراجعة الذاتية ، وإن كانت هناك آراء ترجح ظهورها في النصف الثاني من الشهر الكريم كنوع من التشويق لتعزيز دورها ومكانتها كنجمة سينمائية كبيرة لا يزال يحسب لها ألف حساب .
المدهش أن برنامج التوقف والمحاسبة من المتوقع أن يشمل إلهام شاهين وهي المنتجة والنجمة وصاحبة الرصيد والخبرة، حيث لم تعد الحسابات التقليدية مضمونة ، سواء في ما يخص رد الفعل الجماهيري أو الضمان الموضوعي لنوعية ما يمكن تقديمه وهو الشيء المميز بالنسبة لفنانة في حجم إلهام شاهين ظلت حريصة على جودة ما تقدمه لسنوات طويلة ومن ثم أصبحت أكثر قلقاً الآن على المستوى الدرامي والفني ، ولهذا لم تعد المشاركة الموسمية في حد ذاتها شغلها الشاغل ، وربما يكون في هذا التأني شيء من الوجاهة لأن العبرة مفترض أن تكون بالكيف وليس الكم عند من يؤمن بأن للفن هدفاً ورسالة.
كمال القاضي